الحقيقة وراء تمارين الكارديو.. هل تُعيق نموّ العضلات؟
يُعدّ الخوف من تدمير تمارين الكارديو للضخامة العضلية أحد أهم الهواجس التي تُعيق لاعبي كمال الأجسام عن ممارستها، خوفًا من التأثير سلبًا على مكتسباتهم العضلية.
لكن ماذا لو أخبرتك أنّ العلم يُشير إلى عكس ذلك؟ في هذا المقال، سنُغوص في رحلةٍ لمعرفة التأثير الحقيقي لممارسة تمارين الكارديو على الضخامة العضلية، ونُفند الخرافات ونُبرز الحقائق.
لماذا يعتقد البعض بخطورة تمارين الكارديو على الضخامة العضلية ؟
يُعدّ مجال بناء العضلات من المجالات العلمية التي تشهد تطورًا مُستمرًا، وتُكشف حقائق جديدة تُغيّر المفاهيم السائدة. ففي ثمانينات القرن الماضي، كان يُعتقد أنّ ممارسة تمارين الكارديو تُؤثّر سلبًا على نموّ العضلات، ممّا دفع الكثيرين إلى تجنّبها.
لكن تجربةٌ علميةٌ تُفند الخرافة، إذ أُجريت دراسةٌ علميةٌ على مدار 10 أسابيع، شملت تقسيم المتدربين إلى ثلاث مجموعاتٍ:
المجموعة الأولى: مارسوا تمارين الكارديو فقط.
المجموعة الثانية: مارسوا تمارين المقاومة باستخدام الأوزان فقط.
المجموعة الثالثة: جمعوا بين تمارين الكارديو والمقاومة.
أظهرت نتائج الدراسة
حققت جميع المجموعات نموًا عضليًا ملحوظًا، ولم تُؤثّر تمارين الكارديو سلبًا على نموّ العضلات في أيّ من المجموعات، بل على العكس، حققت المجموعة التي جمعت بين تمارين الكارديو والمقاومة أفضل النتائج من حيث نموّ العضلات.
ولحدوث هذا الانخفاض في مستويات الضخامة العضلية لدى متدربي المجموعة الثالثة خلال الأسابيع الثلاث الأخيرة تفسير منطقي وهو خضوع المشاركين لـ4 دقائق من تمارين الكارديو المكثفة 6 أيام أسبوعيًا، بالإضافة إلى 30-40 دقيقة من تدريبات المقاومة، أدى إلى إرهاقٍ جسديٍ كبيرٍ، ممّا أثر سلبًا على قدرة الجسم على بناء العضلات.
ويُعدّ البروتين عنصرًا أساسيًا لنموّ العضلات بعد التمرين، حيث يحتاج الجسم إلى تخليق بروتيناتٍ جديدةٍ لتعويض ما فقدته الأنسجة والألياف العضلية من بروتيناتٍ خلال ممارسة التمارين الرياضية، ويُتيح هذا التعويض فرصةً لإعادة ترميم العضلات وإعادة بنائها، ممّا يُساعد على نموها واكتساب الضخامة العضلية.
أضرار الإفراط في ممارسة تمارين الكارديو
لا ينحصر تأثير الإفراط في ممارسة التمارين الرياضية على انهيار بروتينات العضلات فقط، بل يُؤدّي إلى عواقب وخيمة أخرى، تشمل ارتفاع احتمالية التعرض للإصابات والتمزقات العضلية، واستنزاف العناصر الغذائية الهامة، وزيادة هرمون الكورتيزول، المعروف باسم "هرمون التوتر"، ممّا قد يُؤثّر سلبًا على نموّ العضلات ووظائف الجسم الأخرى.
الاعتدال هو مفتاح النجاح
يُمكن الاستفادة من فوائد تمارين الكارديو دون التأثير على الضخامة العضلية ومكتسبات القوة البدنية، وذلك من خلال ممارستها باعتدالٍ، وتجنّب الإفراط فيها، والتأكد من حصول الجسم على الراحة الكافية والتغذية المناسبة.
اقرأ أيضًا: مجموعات "الكلاستر سيت".. قوة انفجارية عضلية مذهلة
تمارين الكارديو والضخامة العضلية
أظهرت الدراسات العملية الحديثة أهمية تمارين الكارديو في الحصول على الضخامة العضلية، حيث شارك متدربون في دراسة استمرت لمدة 21 أسبوعًا تم تقسيمهم إلى ثلاث مجموعات مختلفة. فقامت المجموعة الأولى بممارسة تمارين الكارديو فقط، بينما قامت المجموعة الثانية بتمارين المقاومة باستخدام الأوزان الحديدية، ودمج رياضيو المجموعة الثالثة تمارين الكارديو مع تدريبات المقاومة بشكل متوازن وعلمي.
أظهرت النتائج أن الجمع بين تمارين الكارديو وتمارين المقاومة له تأثير رائع على اكتساب الضخامة العضلية. فقد اكتسب متدربو المجموعة الأولى كتلة عضلية بنسبة 2%، بينما ازدادت كتلة العضلات لدى المجموعة الثانية بنسبة 6%. أما المجموعة الثالثة فقد ازدادت كتلة عضلاتها بنسبة 11%.
بناءً على ذلك، فإن ممارسة تمارين الكارديو بشكل معتدل لمدة يومين أسبوعيًا مع تمارين المقاومة يمكن أن تكون له تأثيرات فعالة وإيجابية على اكتساب الضخامة العضلية.
ويظهر التحليل أن ممارسة تمارين الكارديو بشكل معتدل لمدة يومين في الأسبوع، على الأكثر، مع تمارين المقاومة، تمتلك تأثيرات فعّالة وإيجابية على مستوى اكتساب الضخامة العضلية.
كيفية الجمع بين تمارين الكارديو والمقاومة بشكل صحيح
هناك عدة عوامل تؤثر على عملية الجمع والدمج الصحيح بين تمارين الكارديو وتدريبات المقاومة لتحقيق أقصى ضخامة عضلية ممكنة. من بين هذه العوامل:
الترتيب والتوقيت
يجب أن يتم تحديد فترات التدريب بعناية خلال الأسبوع. للراغبين في اكتساب الضخامة العضلية، ينصح بممارسة تمارين الكارديو لا يتجاوز مرتين في الأسبوع، بحد أقصى ثلاث مرات. كما يجب أن لا تتجاوز مدة تمارين الكارديو الـ 30 دقيقة لتجنب فقدان العضلات والضخامة العضلية.
الكثافة:
تلعب كثافة ممارسة تمارين الكارديو دورًا هامًا في تحديد قدرة الجسم على اكتساب العضلات. يجب أداء تمارين الكارديو بكثافة متوسطة إلى عالية لتعزيز نمو العضلات. على سبيل المثال، يُعتبر الركض والمشي بكثافة ثابتة لمدة 30-60 دقيقة أسوأ الطرق لنمو العضلات، بينما يُفضل أداء تمارين الكارديو بكثافة أكبر لاكتساب العضلات.
التوازن:
يجب السعي للتوازن بين تمارين الكارديو وتدريبات المقاومة. يُفضل دمجهما بشكل مناسب وتنظيمهما بناءً على أهدافك الشخصية ومستوى لياقتك البدنية.
التغذية:
يجب الاهتمام بتناول الغذاء الملائم لتحقيق أهدافك في بناء العضلات وتحسين أداء التمارين. تناول البروتين والكربوهيدرات بشكل مناسب يلعب دورًا هامًا في تعزيز نمو العضلات واستعادة الطاقة بعد التمرينات.
بالاهتمام بتوقيت التمارين، وتنظيمها بالشكل الصحيح، والتوازن بين الكارديو والمقاومة، والتغذية الملائمة، يمكن تحقيق أقصى فوائد للضخامة العضلية.
هل يجب أن يمارس الجميع تمارين الكارديو ؟
تمارين الكارديو صالحة لجميع الأشخاص ولا تقتصر ممارستها على فئة معينة، حيث تختلف شدة وحجم ممارستها وفقًا لأهداف الرياضيين المختلفة. حتى الأشخاص الذين يعانون من النحافة يمكنهم الاستفادة من تمارين الكارديو بشكل صحيح، حيث تقوم بتحسين كفاءة وقوة عضلة القلب والأوعية الدموية، وتعزيز عملية التمثيل الغذائي، وتحفيز الجسم على بناء المزيد من الألياف العضلية عند دمجها مع تمارين المقاومة.
تساهم تمارين الكارديو أيضًا في زيادة كفاءة الاستشفاء العضلي، وتحسين مرونة المفاصل، وتعزيز القدرات العقلية من خلال زيادة إفراز هرمون الإندورفين، مما يساهم في تقليل الشعور بالتوتر والضغط النفسي.
اقرأ أيضًا:وزن الجسم يكفي لعضلات رائعة.. كل ما تريد معرفته عن تمارين "الكالستنكس"
ترتيب تمارين الكارديو والمقاومة
الجمع بين تمارين الكارديو وتدريبات المقاومة ينعكس إيجابيًا على الضخامة العضلية، ولكن يتطلب تحقيق ذلك معرفة الترتيب الأمثل للجمع بينهما. إذا كان الهدف هو الضخامة العضلية وبناء العضلات، فالأفضل هو تخصيص يوم لتدريبات المقاومة، يليه يوم خاص لأداء تمارين الكارديو، أو على الأقل الفصل بينهما لمدة لا تقل عن 6 ساعات.
في حالة دمج تمارين الكارديو مع تدريبات المقاومة، يجب على المتدرب الاستفادة من نشاط العضلات وقوتها من خلال ممارسة تدريبات المقاومة أولًا، ثم أداء تمارين الكارديو.
وبالطبع، ينطبق العكس على الراغبين في فقدان الدهون والتخلص من الوزن الزائد، حيث تكون تمارين الكارديو لهم الأولوية، تليها تدريبات المقاومة.