هل يمكن أن يُسبِّب نقص فيتامين ب12 اضطرابات نفسية؟
عُرِف فيتامين ب12 دومًا بدوره في حماية الأعصاب وإنتاج كرات الدم الحمراء والوقاية من فقر الدم، لكن حصْر مهامه في هذه الأمور فقط تقليل من شأنه، واستصغار لدوره، إذ ثبت أنّ نقص فيتامين ب12 مُرتبط بالاكتئاب، بل كُلّما انخفضت مستوياته في الدم، كان الاكتئاب أشدّ، ما كشف عن دورٍ آخر لفيتامين ب12 في تحسين الصحة النفسية، فما هي طبيعة هذا الدور؟ وهل يُمكِن أن يُساعِد فيتامين ب12 في علاج الاكتئاب؟
علاقة نقص فيتامين ب12 بالاكتئاب
مجموعة فيتامين ب، خاصةً فيتامين ب12، مُرتبطة بالاكتئاب، فقد وجد الباحثون حسب مقال نُشِر عام 2005 في مجلة علم الأدوية النفسية "Journal of Psychopharmacology" أدلة قوية على ارتباط نقص فيتامين ب12 في الدم بزيادة خطر الإصابة بالاكتئاب.
وذكروا أيضًا أنّ زيادة مستويات فيتامين ب12 في الدم قد يُساعِد في تحسين نتائج علاج الاكتئاب، ومِنْ ثَمّ اقترح الباحثون تناول المُصابِين بالاكتئاب مُكمّلًا قدره 1 مغم من فيتامين ب12 يوميًا، لكن لا تزال هناك حاجة إلى مزيدٍ من البحث لفهم الصلة بين فيتامين ب12 والاكتئاب.
كيف يُسبِّب نقص فيتامين ب12 الاكتئاب؟
أحد الارتباطات المحتملة هو تأثير فيتامين ب12 في مستويات السيروتونين في الدماغ، والسيروتونين يضبط مزاج الإنسان، وانخفاض مستوياته مُرتبط بالاكتئاب، ومع ذلك فقد أشارت الأبحاث الحديثة إلى أنّ السيروتونين قد يكون دوره محدودًا في الاكتئاب عمّا كان مُعتقدًا في السابق.
هل يُعالِج فيتامين ب12 الاكتئاب؟
أظهر بحثٌ، حسب موقع "psychcentral"، أنَّ فيتامين ب12 قد يكون مُفيدًا في تحسين الحالة المزاجية وتخفيف أعراض الاكتئاب عند بعض الناس، خاصةً أنّ نقص فيتامين ب12 قد يُؤدِّي إلى اضطرابات نفسية وعصبية، بما في ذلك الاكتئاب والتهيّج وفقدان الذاكرة.
كما أظهرت نتائج الدراسات أنّ أعراض الاكتئاب الشديدة مرتبطة بانخفاض مستويات فيتامين ب12، ولذلك فإنّ الحصول على فيتامين ب12 - حال ثبوت نقصه - قد يُساعِد في التغلُّب على الاكتئاب.
اقرأ أيضًا:نقص فيتامين B12: مفهومه.. أسبابه.. أعراضه.. وكيفية علاجه
نقص فيتامين ب12 والتشوش الذهني
يُعدّ الخرف من الأمراض النفسية العصبية، ولطالما اهتمّ الباحثون بالعلاقة بين نقص فيتامين ب12 والخرف، إذ يتسبَّب نقص فيتامين ب12 في تراكُم الهوموسيستين في الدم، ما قد يُؤثِّر سلبًا في صحة الجهاز العصبي، ومِنْ ثَمّ الحالة النفسية.
وقد وجدت الدراسات علاقة طردية بين زيادة مستويات الهوموسيستين وزيادة خطر الإصابة بمرض ألزهايمر والخرف، كما ارتبط نقص فيتامين ب12 بالتدهور المعرفي.
أسباب نقص فيتامين ب12
قد تزداد فرص الإصابة بنقص فيتامين ب12 في بعض الحالات، منها:
- غياب فيتامين ب12 من النظام الغذائي، إذ يتوفّر في الأسماك واللحوم ومنتجات الألبان، ومِنْ ثَمّ فقد يكون النباتيُّون أكثر عُرضةً لنقص فيتامين ب12.
- اضطرابات الجهاز الهضمي التي تُضعِف امتصاص فيتامين ب12، مثل مرض كرون أو مرض السيلياك.
- عمليات السمنة أو العمليات الجراحية التي تتضمّن استئصال جزءٍ من المعدة أو الأمعاء.
- الإسراف في شُرب الكحول، إذ يتداخل مع امتصاص وتخزين فيتامين ب12.
- فقر الدم الخبيث، وهو اضطراب مناعي ذاتي يُؤثِّر في قدرة الجسم على امتصاص فيتامين ب12.
- تناول بعض الأدوية التي تتداخل مع امتصاص فيتامين ب12، مثل ميتفورمين "دواء السكري"، ومُثبِّطات مضخة البروتون، مثل أوميبرازول، وحاصرات مُستقبلات الهيستامين H2، مثل أنتودين، والأخيران من الأدوية المُستخدَمة في علاج الحموضة وقرحة المعدة.
- التقدُّم في العُمر، إذ تنخفض قدرة الجسم على امتصاص فيتامين ب12 مع تقدُّم العمر.
وحال المعاناة من أي من هذه الأسباب، فقد يُعانِي المرء نقص فيتامين ب12، ومِنْ ثَمّ قد يزداد خطر إصابته بالاكتئاب أو مشكلات الصحة النفسية.
علامات نقص فيتامين ب12
لئلّا تتهم نقص فيتامين ب12 بأنّه السبب المُباشر وراء الاكتئاب، فإنّ الاكتئاب أولًا عوامله مُعقّدة ومُتشابكة وقد يتداخل في حدوثه العديد من الأسباب معًا، وليس نقص فيتامين ب12 فقط.
أيضًا لنقص فيتامين ب12 علامات أخرى غير الاكتئاب، ينبغي الإلمام بها، ومنها على سبيل المثال لا الحصر:
- التعب والإرهاق.
- زيادة مُعدّل ضربات القلب دون بذل مجهود.
- ضبابية الدماغ أو صعوبة التركيز.
- الضعف.
- الدوخة.
- تنميل أو وخز في اليدين أو القدمين.
- ضعف الذاكرة.
- التهيّج أو القلق أو غيره من التقلّبات المزاجية.
مصادر فيتامين ب12 الطبيعية
إذا شكّكت في نقص فيتامين ب12 لديك، وكُنت تظنُّ أنّه سبب الاكتئاب، وأجريت تحليلًا فتبيّن لك نقصه بالفعل، فأمامك مصادر فيتامين ب12 الطبيعية أو مكملات فيتامين ب12 لتعويض نقصه، ومن مصادره الطبيعية:
- الكبد.
- سمك السلمون أو التونة أو السردين.
- اللحم.
- الدواجن.
- البيض.
- منتجات الألبان.
- الحليب والحبوب النباتية المُدعّمة.
اقرأ أيضًا:كيف يمكنك معرفة نقص فيتامين B12 في جسمك؟.. 13 علامة تُخبرك
علاج نقص فيتامين ب12
قد يحتاج بعض الناس إلى علاج نقص فيتامين ب12، خاصةً إذا كانت مستوياته في الدم أقل من 200 بيكوغرام/مل، والعلاج يتضمّن الحصول على مكملات فيتامين ب12، حسب إرشادات الطبيب، ومن الطرق الشائعة للحصول على تلك المكملات:
- حقن فيتامين ب12: حُقن لحالات نقص فيتامين ب12 الشديدة، تُعطَى بالعضل مرة واحدة في الأسبوع ولعدة أسابيع، حتى تُجدَّد مخازن فيتامين ب12 في الجسم، ويُمكِن تقليل عدد مرات الحقن بعد ذلك بما يكفي للحفاظ على مستويات فيتامين ب12 في الجسم.
- المُكمّلات الفموية: تتوفَّر بأشكال مختلفة كالأقراص والكبسولات والمستحلبات، وتعتمد الجرعة المُوصَى بها ومُدة العلاج على الاحتياجات ومدى نقص فيتامين ب12.
- رذاذ الأنف: كذلك يتوفَّر رذاذ أنف فيتامين ب12 لمن لا يستطيعون الحصول على الحقن أو المكملات الفموية.
وقد وجدت مُراجعة في مجلة "Cureus" أنَّ الحصول على مكملات فيتامين ب12 باكرًا بما فيه الكفاية، يُمكِن أن يُؤخِّر ظهور الاكتئاب، كما يُحسِّن نتائج الأدوية المُضادة للاكتئاب.
هل يمكن تناول مكملات فيتامين ب12 وأدوية الاكتئاب معًا؟
حسب موقع "psychcentral"، فإنَّ من الآمن تناول مكملات فيتامين ب12 مع أدوية الاكتئاب، بل تُشِير بعض الأدلة إلى أنّها قد تُعزِّز فعالية تلك الأدوية.
فقد وجدت دراسةٌ أُجريت على 153 مشاركًا، أنّ مكملات فيتامين ب12 وب6 وحمض الفوليك، عزّزت وأبقت على فعالية مضادات الاكتئاب على مدار عام واحد.
لكن من الضروري الانتباه إلى أنّ بعض الأدوية قد تتفاعل مع المكملات الغذائية وتُسبِّب آثارًا جانبية غير مرغوب فيها، لذلك يجب استشارة الطبيب قبل تناول أي دواء أو مكمل غذائي، فضلًا عن تناولهما معًا.