هل تعرف "قيلولة الاكتئاب"؟.. إليك أبرز أسبابها وطرق علاجها
بحسب أغلب الدراسات، ما بين 65% و90% من المُصابين باكتئاب لديهم خلل في النوم، سواء كان في صورة أرق، أو فرط نومٍ أحد أشكاله القيلولة المتكررة خلال النهار رغم عدم الحاجة إليها، أو عدم الشعور بالتعب، وأفاد بعض الخبراء بأنَّ هذه القيلولة طريقة للتعايُش مع الاكتئاب، أو وسيلة للهروب من عقبات الحياة، ومع ذلك فهي ذات فوائد للذاكرة، لكنّها قد تُعرقِل معاش الإنسان، وتُؤثِّر على قدرته على إنجاز مهامه اليومية، فما هي قيلولة الاكتئاب؟ وما الفرق بينها وبين القيلولة العادية؟
العلاقة بين النوم والصحة النفسية
النوم والصحة النفسية مترابطان بدرجةٍ لا تُوصَف؛ فالنوم لفترات طويلة من الوقت يتسق مع تشخيصات الاكتئاب عادةً، بل أشارت عِدّة دراسات، حسب "verywellhealth"، إلى أنَّ 65 - 90% من المُصابين باكتئابٍ شديد يُعانُون خلل النوم في أي صورةٍ من صوره، وتُعد قيلولة الاكتئاب التي تمتد فترات طويلة إحدى هذه الصور.
ما هي قيلولة الاكتئاب؟
يُشِير هذا الاصطلاح إلى فرط النوم في محاولة التعايُش مع الاكتئاب الجاثم على عقل الإنسان، وعادةً ما تكون هذه القيلولة بالنهار، ويُعانِيها كثيرٌ مِمَّن شُخِّصوا بالاكتئاب مسبقًا.
وقد انتشر مُصطلح "قيلولة الاكتئاب" عبر منصات التواصل الاجتماعي، لكن هل هذا المُصطَلح حقيقي يُعبِّر عن معناه؟ الأمر وما فيه أنَّ الشعور بالتعب أو الإرهاق شائع مع المعاناة من اكتئاب، بل إنَّ أكثر من 90% من المُصابِين باكتئابٍ أوردوا شعورهم بالتعب، ومِنْ ثَمَّ فقد يكون ذلك سر الرغبة في الحصول على قيلولة.
مشكلات النوم والاكتئاب
فرط النوم من الأعراض الشائعة التي تصحب الاكتئاب وغيره من اضطرابات المزاج، وفرط النوم أحد الاضطرابات التي تجعل الجسم ينام ساعات طويلة خلال الليل، مع رغبة شديدة لا تُقاوَم أيضًا في النوم طوال اليوم.
لذا قد ينتاب بعض المُكتئبين رغبة في أخذ قيلولة بانتظام، لكنّ اضطراب النوم المُصاحب للاكتئاب يغلب عليه الأرق أو عدم القدرة على النوم عمومًا.
وحسب دراسةٍ، فإنَّ الذين يُعانُون نوبات اكتئاب شديدة:
- أورد 48.5% منهم معاناتهم الأرق.
- أفاد 13.7% معاناتهم فرط النوم.
- أقرّ 30.2% منهم معاناتهم الأرق وفرط النوم.
أسباب القيلولة المتكررة خلال النهار
طبيعيٌ أن يرغب المرء في أخذ قيلولة عند التعب، أمَّا أخذ قيلولة خلال النهار بصفة مُتكرِّرة تزامنًا مع فرط النوم خلال الليل في فترةٍ لا تتجاوز 24 ساعة، فهذا من أعراض الاكتئاب.
تكمن أهمية النوم في حفاظه على الدماغ والحالة المزاجية للإنسان، إلى جانب استعادة أعضاء الجسم لنشاطها من خلاله، لكن الاكتئاب قد لا يكون السبب الوحيد وراء قيلولة الاكتئاب، وتفصيل ذلك فيما يلي:
1- الاكتئاب
قد يُؤدِّي الاكتئاب إلى زيادة القيلولة، إذ تكون إحدى طرق تعايُش الإنسان مع اكتئابه، وكما أنَّ النوم مُنعِش لنشاط الجسم، فكذلك قد يكون آلية التأقلم الوحيدة التي يعرفها بعض الناس للتعايُش مع الاكتئاب.
2- عادات النوم الليلي
ليس تكرُّر القيلولة خلال اليوم محصورًا في سبب واحد؛ وهو الاكتئاب، بل قد ينشأ بسبب روتين النوم الليلي السيئ، مثل عدم النوم ما يكفي من الساعات، أو كثرة الاستيقاظ خلال الليل، ما يجعل الإنسان متعبًا خلال اليوم، وسريع الانفعال إثر قلة نومه بالليل.
3- اضطرابات النوم الليلي
سواء كان فرط النوم أم الأرق، فأي منهما سيجعلك تشعر بالتعب في أثناء النهار؛ فالجسم لا يتمكَّن من ضبط الحالة المزاجية للإنسان طالما أنَّ نومه كان سيئًا للغاية، ما قد يُسبِّب الاكتئاب وقيلولة الاكتئاب.
اقرأ أيضًا:هل تسهر رغمًا عنك؟ تعرف على اضطراب "طور النوم المتأخر"
4- المشكلات الصحية
قد ترتبط بعض المشكلات الصحية بقيلولة الاكتئاب، مثل انقطاع النفس في أثناء النوم وأمراض القلب؛ إذ تتسبَّب هذه الأمراض في مشكلات النوم ابتداءً، ثُمَّ تزيد مشكلات النوم خطر الإصابة بالاكتئاب، ما قد يُفضِي إلى قيلولة الاكتئاب.
5- الرغبة في الهروب
يجد بعض الناس في النوم أو القيلولة غايتهم للهروب من المشكلات المعيشية ومنح أنفسهم بعض الوقت، خاصةً عندما يُهاجِمهم التوتر ويتسلَّل الإرهاق إلى جفونهم.
الفرق بين قيلولة الاكتئاب وعادات النوم الأخرى
ليست كل قيلولة هي حتمًا بسبب اكتئابٍ ألمَّ بالإنسان، وإنَّما قد تكون القيلولة مرتبطة بأمورٍ أخرى، كما يتضح فيما يلي:
1- الإجهاد والتعب
قد يُؤدِّي التعب والإرهاق إلى أخذ قيلولة ممتدة خلال اليوم حتى لو لم يكن الإنسان مُكتئبًا، كما قد يحدث مع:
- ساعات العمل الطويلة.
- الالتزامات العائلية الكثيرة.
- كثرة ممارسة التمارين الرياضية.
- التوتر اليومي المُعتاد أو السهر إلى أوقات متأخرة.
فكل ذلك قد يُفضِي إلى الإرهاق، ومِنْ ثَمَّ الرغبة في أخذ قيلولة عند القدرة على ذلك.
2- اضطرابات النوم
هناك أكثر من 80 نوعًا من اضطرابات النوم، ويمكن أن يتداخل بعضها مع بعض مشكلات الصحة النفسية، مثل الاكتئاب، بل إنَّ بعض اضطرابات النوم قد تُؤدِّي بنفسها إلى الاكتئاب؛ إذ الجسم بحاجةٍ إلى نومٍ جيد كي يتمكَّن من الحفاظ على الصحة النفسية والحالة المزاجية؛ لذا ينبغي أن تكون على درايةٍ بإصابتك بأي نوع من اضطرابات النوم من عدمه قبل اتّهام الاكتئاب الذي قد يكون بريئًا.
3- قيلولة الاكتئاب
قد يصعب التمييز بين القيلولة العادية وقيلولة الاكتئاب؛ لأنَّ الإرهاق قد يُصِيب المرء سواء كان مُكتئبًا أم لا، لكن إذا كُنتَ تُعانِي أعراض الاكتئاب الأخرى، فغالبًا تكون القيلولة مرتبطة بالاكتئاب، ومن أعراض الاكتئاب:
- هبوط طاقة الجسم.
- فقدان الشغف في الأنشطة اليومية المُعتادة، أو فيما كُنتَ شغوفًا به من قبل.
- الشعور باليأس.
- فقدان الشهية.
- الأفكار الانتحارية.
اقرأ أيضًا:هل تعلم أن نقص هرمون السعادة ليس سببًا في الاكتئاب؟ إليك التفاصيل
فوائد قيلولة الاكتئاب
أشار موقع "psychcentral" إلى بعض فوائد قيلولة الاكتئاب للجسم، فهي ليست طريقة للتعايُش مع الاكتئاب فقط، بل إنَّ لها فوائد أيضًا، مثل:
1- الذاكرة
قد تُساعِد القيلولة في عمليات معالجة الذاكرة، وحسب دراسةٍ أُجريت عام 2021، فإنَّها قد تكون مفيدة لاستدعاء الذاكرة عند بعض الناس، وهي عملية حيوية تساعد في استرجاع المعلومات من الماضي.
وقد لاحظ الباحثون أنَّ المُحرزين لدرجات اكتئاب عالية لديهم قدرة فائقة على استدعاء الذاكرة بعد القيلولة.
2- مُعالجة المعلومات الوجدانية
قد يرى المكتئب كل شيء من حوله سلبيًا بائسًا، وقد تُساعد القيلولة في حلحلة هذه النظرة التشاؤمية ولو قليلاً، فحسب دراسةٍ أُجريت لفحص معالجة المعلومات الوجدانية في حالة الاكتئاب، وجد الباحثون أنَّ القيلولة كانت ذات فائدة في مقاطعة التركيز المفرط للإنسان على الأمور الحزينة.
3- تحسين الصحة الجسدية
تُساعِد القيلولة في تحصيل الجسم الراحة التي يحتاج إليها، وكذلك التعامل مع المشكلات الصحية التي يُعانِيها الإنسان، ما يُعزِّز الصحة الجسدية عمومًا.
نصائح للتعامل مع قيلولة الاكتئاب
يُفضَّل اتّباع النصائح الآتية للتعامل مع قيلولة الاكتئاب وجعلها لا تُؤثِّر كثيرًا على حياتك الشخصية وأعمالك اليومية:
- الالتزام بموعد ثابت للنوم والاستيقاظ: فهذا الروتين الثابت كل يوم يُعلِّم الجسم الانتظام في أوقات النوم والاستيقاظ على الدوام، ما قد يُقلِّل القيلولة خلال اليوم.
- تجنُّب الأكل قبل النوم: قد يُؤدِّي الأكل خلال الليل إلى زيادة سكر الدم ورفع درجة حرارة الجسم، ما قد يُصعِّب النوم، ويزيد الحاجة إلى القيلولة خلال النهار.
- الابتعاد عن الشاشات الإلكترونية: فهي تبعث الضوء الأزرق الذي يمنع الإنسان من الدخول في النوم، ومِنْ ثَمَّ يُفضَّل تجنُّبها قبل النوم.
- الحصول على مشورة طبية: قد يكون مفيدًا استشارة طبيب نفسي للتعامل مع الاكتئاب ومشكلات النوم.
متى تزور الطبيب؟
قد يكون لقيلولة الاكتئاب فوائد، لكنّ لها أيضًا بعض التوابع التي قد تضر الإنسان، فإنَّ كثرة النوم تزيد خطر الإصابة بزيادة الوزن والمعاناة من اضطرابات نفسية إضافية؛ لذا إن تكرّرت القيلولة بنمط غير مُعتاد، أو عانيت إحدى المشكلات الآتية، فلا تتردَّد في مشورة الطبيب:
- صعوبة التحكُّم في النوم عمومًا.
- الشعور بالتعب دون سببٍ معقول.
- عدم القدرة على إنجاز المهام اليومية.
- النوم بصفة مزمنة أكثر من أي وقتٍ مضى.
- الشعور بأنَّ النوم ليلاً لم يعد كافيًا لك.
- الإكثار من القيلولة لتجنُّب مواجهة أعباء الحياة.