الصيام والوقاية من نزلات البرد!
يترك الصيام بصمته في جسم الإنسان، أو بالأحرى في كل خليةٍ من خلاياه، كما يفعل في وجدانه، وما قد لا تلحظه هو أثر الصيام في تقوية مناعتك بل حمايتك من نزلات البرد، لكن كي تكتمل الثمرة وتصير مُحصّنًا ضد نزلات البرد، قد تحتاج إلى أطعمة مُعيّنة في فطورك أو سحورك إلى جانب فوائد الصيام المُتحقِّقة في نهارك.
الصيام والمناعة
يُساعِد الصيام على تعزيز نشاط المناعة تجاه الأمراض؛ إذ يُجبِر الجسم على الاعتماد على مخازن الطاقة به لأداء وظائفه الأساسية، والغلوكوز هو مصدر الطاقة الرئيس، وهو يُخزَّن في الكبد والعضلات في صورة جليكوجين.
فإن نفد الجليكوجين بعد مرور بضع ساعات من الصيام، فإنّ الجسم يبدأ في استهلاك الدهون للحصول على الطاقة، مع الحصول على منتجات ثانوية تُسمَّى "الأجسام الكيتونية"، التي يستخدمها الجسم والدماغ مصدرًا للطاقة.
وأحد هذه الأجسام الكيتونية "بيتا هيدروكسي بوتيرات" يُفِيد جهاز المناعة، رغم أنّ آلية عمله غير مفهومة بعد، وادّعت إحدى النظريات أنّه يُخفِّف الالتهابات في الجسم والإجهاد التأكسدي، وهذه الوظيفة جزء من عمل جهاز المناعة الفطري، وتُساعِد على الوقاية من الأمراض.
بل على الحقيقة لاحظ باحثون في كلية الطب بجامعة ييل أنّ تعريض الخلايا المناعية البشرية لـ"بيتا هيدروكسي بوتيرات" بكميات مُعيّنة، أدّى إلى تراجُع الالتهابات في الجسم، كما أشارت بعض الأبحاث إلى أنّ الصيام قد يُساعِد على إنتاج وتجديد الخلايا المناعية أيضًا.
الصيام ونزلات البرد
جهاز المناعة هو حائط الصد الأول ضد نزلات البرد، والصيام يُعزِّزه ويُقوِّي حصونه وإن لم يفهم الباحثون آلية عمله بالدقة الكافية بعد، لكن عند الحديث عن نزلات البرد والإنفلونزا، فإنّها تنشأ عن عدوى فيروسية، وفي وقت إصابة المرء بعدوى فيروسية، قد تزداد فرص إصابته بعدوى بكتيرية أيضًا، قد لا تختلف أعراضها كثيرًا عن أعراض الفيروس الأولية.
وغالبًا ما يُعانِي الناس قلة الشهية في الأيام الأولى من المرض، وهو تكيُّف طبيعي مع العدوى، إذ يُطلِق الجهاز المناعي بعض المواد الكيميائية المُسبِّبة لذلك الشعور، كما أنّ غياب الجوع يُقلِّل احتياج الجسم للطاقة لأجل الهضم، وتجعله يُركِّز طاقته على مُحاربة العدوى.
لعلّك قد فهمت النظرية، فبينما أنت صائم، لا تتناول طعامًا ولا يستهلك الجهاز الهضمي طاقة كبيرة، ومِنْ ثَمّ فالجسم يُركِّز طاقته - نظريًا - لمحاربة العدوى الموجودة، التي قد تكون نزلات البرد، كما أنّ الامتناع عن الأكل يحجب إمدادات العناصر الغذائية التي قد تُغذِّي العدوى، ما قد يُساعِد على القضاء عليها.
أخيرًا وليس آخرًا، فإنّ الصيام يُشجِّع الالتهام الذاتي "autophagy"، وهي عملية يُزِيل من خلالها الجسم الخلايا غير الصحية ويُنتِج خلايا جديدة، وهذا يُعزِّز نشاط الجسم تجاه العدوى بلا شك.
ماذا تأكل في الإفطار أو السحور لمنع نزلات البرد؟
رغم أنّ الأبحاث التي تناولت فوائد الصيام للوقاية من نزلات البرد لا تزال في بدايتها، وهي واعدة للغاية، إذ الصيام مُقوٍ للمناعة عمومًا، لكن على صعيدٍ آخر يُمكِنك التمتّع في الإفطار أو السحور بأنواع الطعام التي تحميك من نزلات البرد خلال الشهر الكريم مثل:
حساء الدجاج وهو من الوجبات الشهيرة في تخفيف أعراض البرد والإنفلونزا، إذ تمدّ الجسم بالسوائل والمعادن والفيتامينات والبروتين لمُجابهة العدوى، والسوائل الدافئة عمومًا مِمّا يُنصَح به لتخفيف أعراض البرد.
وفي حال المعاناة من أعراض الجهاز الهضمي المرتبطة بالإنفلونزا، يُفضّل تناول أطعمة يسيرة الهضم، مثل الأطعمة الغنية بالنشويات، مثل الأرز أو البطاطس، كما يُنصَح بتجنُّب القهوة والأطعمة الحارّة، وكذلك الأطعمة الدهنية، لأنّها تستغرق وقتًا طويلًا في الهضم.
اقرأ أيضًا: لماذا تزداد أعراض البرد والسعال خلال الليل؟ وكيف توقف زحفها؟
أطعمة تعزز المناعة
المفاجأة هي أنّ الجهاز الهضمي يُشكِّل أكثر من 70% من جهاز المناعة، ويتأثَّر بالبكتيريا النافعة التي تقطن الأمعاء، وهذه البكتيريا يسهل دعمها من خلال تناول الأطعمة الغنية بالبروبيوتيك، مثل:
- الزبادي.
- الموز.
- الهندباء الخضراء.
- البصل.
جدير بالذكر أنّ إحدى الدراسات أظهرت انخفاضًا كبيرًا في أعراض الإنفلونزا وعدوى الجهاز التنفس العلوي عند المُشاركِين الذين تناولوا مشروبًا غنيًا بالبروبيوتيك لمدة 12 أسبوعًا، ما يُوضِّح أهميته في تعزيز المناعة وتخفيف أعراض البرد مع المواظبة عليه.
وأخرى تخفف أعراض نزلات البرد
كذلك ينبغي تناول الأطعمة الغنية بفيتامين ج، فهو فيتامين أساسي في مواجهة نزلات البرد وتقوية المناعة عمومًا، بل قد يُساعِد على تخفيف أعراض نزلات البرد ومُدّة استمرار تلك الأعراض، ومن أبرز مصادره:
- البرتقال.
- المانجو.
- البابايا.
- الكيوي.
- الشمام.
أيضًا، الثوم من الأطعمة المُفِيدة جدًا في الوقاية من نزلات البرد، فهو أولًا غني بالبروبيوتيك، كما يحتوي على مُركّبات تُساعِد في منع العدوى وتُعزِّز دفاعات الجسم تجاه نزلات البرد والإنفلونزا، لكن لا تزال هناك حاجة إلى أبحاث ذات جودة أعلى.