هل يُعالِج الصيام متلازمة الأيض؟
يُعانِي ربع البشر حول العالم، أو ربَّما أكثر متلازمة الأيض، وكما يتضِّح من اسمها، فهي تتضمَّن اضطرابًا في التمثيل الغذائي، وعدم تعامل الجسم مع السكر والدهون بأمثل طريقة، ما يزيد فرص التعرُّض لأمراضٍ خطيرةٍ كالسكري، أو أمراض القلب.
وقد أظهر الصيام دورًا مُؤثِّرًا في هدِّ بُنيان متلازمة الأيض عبر خسارة الوزن، وزيادة حساسية الأنسولين، ومِنْ ثَمَّ استهلاك السكر المتراكم في الدم، بالإضافة إلى تقليل ضغط الدم المُرتفع، فهل يُمكِن أن يكون علاجًا لتلك المتلازمة؟
ما هي متلازمة الأيض؟
مجموعة من الاضطرابات المتزامنة معًا، وهي:
- ارتفاع ضغط الدم.
- زيادة مستويات السكر في الدم (مقاومة الأنسولين).
- تراكم الدهون حول الخصر.
- ارتفاع مستويات الكوليسترول، أو الدهون الثلاثية في الدم.
ويُؤدِّي مجموع هذه الاضطرابات لاحقًا إلى إصابةٍ مُحتمَلة بمرض السكري من النوع الثاني، أو أمراض القلب، أو السكتة الدماغية.
تأثير الحمية الغذائية في متلازمة الأيض
قد ثبت أنَّ الحمية الغذائية المُعتمدة على تناول كمياتٍ كبيرة من اللحوم الحمراء والمُصنَّعة، والحلويات، والمشروبات السُّكرية، تزيد فرص الإصابة بمتلازمة الأيض؛ إذ هذا النظام الغذائي مُتخَم بالسعرات الحرارية، غني بالأحماض الدهنية قصيرة السلسلة، وغيرها من العناصر الغذائية المُساهِمة في:
- تحفيز الالتهابات.
- عرقلة ميكروبات الأمعاء.
- إضعاف حساسية الأنسولين، ومِنْ ثَمَّ التهيئة للإصابة بمرض السكري.
لذا فمن المُتوقَّع أن يكون الامتناع عن هذه الأطعمة، أو الصيام ذو تأثيرٍ جيدٍ على الصحة.
كيف يُحافِظ الصيام على أيض الجسم؟
بداخل أجسامنا ساعة بيولوجية مُنظِّمة للأيض؛ إذ تُوازِن بين البناء والتقويض، ويُؤدِّي الالتزام اليومي بأوقاتٍ مُعيَّنة لتناول الطعام والامتناع عنه في الحفاظ على توازن البروتينات، مِمَّا يضبط العديد من العمليات الحيوية المُختلِفة، مثل تحلل الجلوكوز، أو تصنيع البروتينات.
في غير أوقات الصيام، لا ننتظم على موعدٍ ثابتٍ لتناول الطعام، أو الامتناع عنه، ومِنْ ثَمَّ في خضم تلك الفوضى، تضطرب الساعة البيولوجية المذكورة سلفًا، مِمَّا يُؤثِّر سلبًا على الأيض، وذلك من خلال:
- تعزيز الإجهاد التأكسدي (زيادة نشاط الجذور الحرة المُتلِفة لخلايا الجسم، والتي تجابهها مضادات الأكسدة على وجه التحديد).
- زيادة مقاومة الأنسولين.
- اختلال الإفراز الهرموني.
وقد أظهرت دراسات صغيرة فوائد مُتعدِّدة للصيام (تناول الطعام المُقيَّد زمنيًا)، مثل:
- خسارة قدرٍ من الوزن والدهون.
- تراجع ضغط الدم.
- انخفاض مستويات السكر، والدهون الثلاثية في الدم.
وهذا كله ناجِمٌ عن تحسُّن الأيض داخل خلايا الجسم المُتنوِّعة.
اقرأ أيضًا: إليك 7 هدايا.. هكذا يحميك الصيام من السرطان
الصيام وخسارة الوزن
السمنة، أو تراكم الدهون حول الخصر أحد أعمدة متلازمة الأيض، كما تُساهِم الأنسجة الدهنية في إفراز الأديبوكينات "adipokines"، ومنها ما هو مُعزِّز للالتهاب، مثل اللبتين "Leptin"، أو مضادٌّ لها، مثل: أديبونكتين "Adiponectin".
يُساهِم اللبتين تحديدًا في تنظيم وزن الجسم عبر سدِّ الشهية، وزيادة استهلاك الطاقة، كما يعمل الأديبونكتين بالتوازي على مُستقبِلات مُختلِفة في الجسم، مُؤكسِدًا الأحماض الدهنية.
تتناسب مستويات الأديبونكتين عكسيًّا مع دهون الأحشاء؛ إذ كُلَّما تراكمت وزادت، قلَّ مستوى هرمون الأديبونكتين، ومِنْ ثَمَّ تراجعت أكسدة (حرق) الأحماض الدهنية.
أظهر الصيام فعَّالية بارزة في وقف السمنة عند حدِّها؛ إذ لا يتوفَّر الجلوكوز بما يكفي لإنتاج الطاقة، ومِنْ ثَمَّ يتحوَّل الجسم إلى أكسدة الأحماض الدهنية كمصدرٍ للطاقة، كما تتحسَّن مستويات اللبتين، والأديبونكتين، ما يُؤدِّي إلى مزيدٍ من ضبط الشهية.
الصيام ومقاومة الأنسولين
ترتبط مقاومة الأنسولين بالسمنة بما لا يترك مسافةً لفصلهما عن بعضهما؛ إذ مع تراكم الدهون، تتفاقم الالتهابات المزمنة في شتَّى أنحاء الجسم، ومِنْ ثَمَّ تبرز مقاومة الأنسولين على السطح.
يعتقد الباحثون أنَّ الصيام يكبح مقاومة الأنسولين عن طريق:
- خسارة الدهون الناجمة عن تراجع قدر السعرات الحرارية الداخل إلى الجسم، وحرق الجسم لهذه الدهون لإنتاج الطاقة.
- أو أنَّ امتداد ساعات الصيام مع عدم دخول أي سُكرٍ إلى الجسم، يخفض بدوره إفراز الأنسولين، ما يُؤدِّي ضرورةً إلى زيادة حساسية الخلايا تجاهه، وإضعاف مقاومته.
دور الأنسولين باختصار هو إدخال سكر الجلوكوز إلى الخلايا، فقد يُوجَد الأنسولين بالدم، لكن الخلايا تمتنع عنه عن طريق تقليل عدد مُستقبِلات الأنسولين على سطحها، وهذه هي مقاومة الأنسولين، المُؤدِّية حتمًا - ما لم تُعالَج باكرًا - إلى زيادة مستويات السكر في الدم، ومِنْ ثَمَّ مرض السكري.
الصيام وأمراض القلب والأوعية الدموية
تصحب مقاومة الأنسولين زيادة في التهابات الجسم، التي قد تؤول في نهايتها إلى تصلُّب الشرايين، وربَّما قصور الشريان التاجي، كما أنَّ زيادة الأنسولين في الدم (بسبب مقاومة الأنسولين)، تُعزِّز ارتفاع دهون الدم، وكذلك احتباس سوائل الجسم (قد تُسبِّب قصور القلب الاحتقاني)؛ لذا فإنَّ تراجع مستويات الأنسولين يُؤدِّي ضرورةً إلى انخفاض مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، وهذا ما يحدث مع الصيام.
هل يُعالِج الصيام متلازمة الأيض؟
خلاصة ما سبق أنَّ الصيام خافِضٌ للوزن، مُعزِّز لحساسية الأنسولين، ضابط لمستويات السكر والدهون في الدم، بالإضافة إلى قدرته على خفض ضغط الدم المرتفع، كما بلغت خسارة الوزن وفق دراسةٍ استمرَّت ثلاثة أشهر نحو 3% من الوزن الأصلي، ومِنْ ثَمَّ فهو مُسهِم رئيس في علاج متلازمة الأيض.
اقرأ أيضًا: كيف يساعد الصيام على زيادة نضارة بشرتك؟
طرق الوقاية من متلازمة الأيض
إضافةً إلى الصيام، يُمكِن الوقاية من متلازمة الأيض باتِّباع النصائح الآتية:
- تناول الأطعمة الغنية بالألياف، مثل: الفواكه والخضراوات، أو الحبوب الكاملة، مثل الشوفان.
- اختيار البروتين النباتي لنظامك الغذائي اليومي، فهو مُتوفِّر في البقوليات، والمكسرات، والبذور، وذلك لما يمتاز به ألياف، ونسبة منخفضة من الدهون المُشبَّعة مقارنةً بغيره من أنواع الطعام الغنية بالبروتين عمومًا.
- تجنُّب الأطعمة المُصنَّعة قدر الوسع؛ إذ غالبًا ما تحتوي على قدرٍ زائدٍ من الأملاح، والسكريَّات، بالإضافة إلى الدهون المُشبَّعة.
- إبقاء الدهون المُشبَّعة والمُتحولة في أدنى مستوياتها عبر تقليل تناول الوجبات السريعة، واللحوم الدهنية.
- إضافة الدهون الصحية إلى نظامك الغذائي، مثل: زيت الزيتون.
- النشاط البدني وممارسة التمارين الرياضية ما لا يقل عن 150 دقيقة أسبوعيًا.
- التوقُّف عن التدخين.
- الحد من التوتر.
- الحصول على قسطٍ كافٍ من النوم.