كيف تختم القرآن كاملاً في رمضان؟ وما أقل مدة لذلك؟
يحاول الكثير من المسلمين اغتنام شهر رمضان والتقرب إلى الله تعالى فيه بالعبادات المُختلفة، وتأتي تلاوة القرآن الكريم وختمه في مُقدمتها. وقد حث الله عباده بأن يقرأوا كتابَه ويرتلوه ترتيلاً، قال تعالى: {ورتل القرآن ترتيلا}، أي اقرأه على تمهلٍ حتى تفهم معانيه وتتدبر مقاصده. ومن المعروف أن قراءة القرآن تشفع لصاحبها يوم القيامة، ناهيك بالأجر العظيم المُضاعف الذي يعود على قارئه، فرسولنا الكريم يقول: "من قرأ حرفًا من كتابِ الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول ألم حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف".
علاوة على ذلك، فلقد ارتبط كتاب الله بالشهر الفضيل لأن هناك العديد من الآيات والأحاديث عن شهر رمضان، ويكفي أن القرآن قد أُنزِل في هذا الشهر.. يقول تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ}، وفي سورة القدر: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا}.
لهذه الأسباب، وغيرها، جئناكم بأكثر من طريقة لختم القرآن الكريم كاملاً في شهر رمضان، بل ولأكثر من مرة.
كيف تختم القرآن كاملاً في شهر رمضان؟
مرة واحدة
نبدأ بالطريقة الأولى؛ المُباشرة والتي يُمكن أن نختم بها القرآن الكريم كاملاً بسهولة تامة ولمرة واحدة على الأقل في شهر رمضان.
نعرف جميعًا أن عدد أجزاء القرآن يتوافق مع عدد أيام الشهر الثلاثين -على اعتبار أن الشهر سيكون 30 يومًا-، وبالتالي فإن تقسيم القرآن كاملاً على عدد هذه الأيام سيكون أسهل ما يكون، بحيث يُقرَأ جزءٌ واحد يوميًا، والجزء بدوره مكون من 20 صفحة تقريبًا، أي يمكن تقسيمه على 4 أو 5 مرّات في اليوم بسهولة، فإذا خصصنا لكل صلاة من الخمس صلوات 4 صفحات أو لأربع صلوات منهم 5 صفحات يوميًا على مدار الشهر، فسنكون قد ختمنا القرآن كاملاً في رمضان وبطريقة ليس هناك أبسط منها.
مرتان
بمضاعفة مجهودنا المبذول في الطريقة الأولى، هذا إن كان مجهودًا من الأساس، سنستطيع أن نختم القرآن الكريم كاملاً لمرتين في شهر رمضان، وذلك بقراءة جزأين في اليوم الواحد على مدار الأيام الثلاثين، كيف؟ بتخصيص 10 صفحات لأربع صلوات أو أوقات مختلفة من اليوم، أو بتخصيص 8 صفحات لكل صلاة من الفروض الخمسة أو بين كل أذانٍ وإقامة.
ثلاث مرات
بحسبةٍ بسيطة؛ لقراءة القرآن كاملاً في شهر رمضان، ولثلاثِ مرات، سيتعين علينا أن نقرأ 60 صفحة في اليوم، أي ما يُعادل 3 أجزاء، أو تقريبًا ساعة ونصف الساعة يوميًا كمتوسط. تستطيع أن تُقسّم الـ 60 صفحة كما تشاء على مدار اليوم، إذ بإمكانك أن تقرأ جزءًا كاملاً في أول اليوم وآخر في مُنتصف اليوم والثالث بنهاية اليوم، أو يمكنك أن تقرأ 12 صفحة لخمس مرات في اليوم بواقع 6 صفحات قبل كل صلاة و6 أخرى بعدها في حال ما إذا أردت أن تربط الموضوع بفروضك.
اقرأ أيضًا: طريقة عمل ركن للصلاة في المنزل لأجواء رمضان الروحانية
هل يمكن أن نختم القرآن أكثر من 3 مرات في الشهر؟
بالطبع، ولكن إلى حدٍ مُعين حتى يُفقَه، وهذا الحد هو 10 مرات في الشهر، أي مرة كل 3 أيام تقريبًا، إذ ورد عن عبد الله بن عمرو أنه سأل النبي -صلَّ الله عليه وسلّم- قائلًا: "يا رسولَ اللهِ، في كَمْ أَقرَأُ القرآنَ؟ قال: اقرَأْه في كلِّ شهرٍ، قال: قُلتُ: إنِّي أقوَى على أكثرَ مِن ذلك، قال: اقرَأْه في خمسٍ وعشرينَ، قُلتُ: إنِّي أقوَى على أكثرَ مِن ذلك، قال: اقرَأْه في عشرينَ، قال: قُلتُ: إنِّي أقوَى على أكثرَ مِن ذلك، قال: اقرَأْه في خمسَ عشْرةَ، قال: قُلتُ: إنِّي أقوَى على أكثرَ مِن ذلك، قال: اقرَأْه في عَشرٍ، قال: قُلتُ: إنِّي أقوَى على أكثرَ مِن ذلك، قال: اقرَأْه في سَبعٍ، قال: قُلتُ: إنِّي أقوَى على أكثرَ مِن ذلك، قال: لا يفقَهُه مَن يقرَؤُه في أقلَّ مِن ثلاثٍ."
بشكلٍ عام، فإن قراءة القرآن بكثرة هو أمرٌ مستحب ولا خلاف في ذلك؛ قال تعالى: "يتلون آيات الله آناء الليل"، وقال سيدنا مُحمد صلى الله عليه وسلم: "لا حسد إلا في اثنتين، رجلٌ آتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار". أما عن ختم القرآن بالتحديد، فقال بعض العلماء إن إطالة المُدة عن أربعين يومًا هو أمرٌ مكروه لِما ورد عن عبد الله بن عمر عندما سأل النبي عن المدة التي يقرأ فيها القرآن، فأجابه عليه الصلاة والسلام: "في أربعين يوما ثم قال في شهر ثم قال في عشرين ثم قال في خمسة عشر ثم قال في عشرة ثم قال في سبعة لو ينزل من سبع".
ويقول الإمام أحمد: أكثر ما سمعت أن يُختم القرآن في أربعين، ولأن تأخيره أكثر من ذلك يفضي إلى نسيان القرآن والتهاون به.
تحزيب القرآن الكريم: ختم القرآن كاملاً في أسبوع
يُراد بتحزيب القرآن معنيان؛ الأول يُراد به المعنى المعروف للحزب، وهو نصف الجزء، وعليه، فإن القرآن يحتوي على 60 حزبًا، إذ به 30 جزءًا وكل جزء حزبان.
أما المعنى الثاني، وهو الذي كان شائعًا بين السلف الصالح من الصحابة على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، فيعني الحزب فيه الوِرد أو الكمية التي يقرؤها الشخص كل ليلة حتى يختم القرآن كاملاً، والتي تختلف من شخصٍ لآخر لا ريب.
كان الصحابة يُقسّمون القرآن كاملاً إلى 7 أحزاب ويجعلون لكل يومٍ حزب، بحيث يُتمموا قراءة كتاب الله كاملاً مرةً في الأسبوع و4 مرات تقريبًا في الشهر.
ولم يكن هذا التقسيم هو الوحيد الشائع بين الصحابة، إذ كانوا يُقسّمون الحزب أحيانًا إلى 3 سور وأحيانًا أخرى إلى 5 ومرات إلى 7 وغيرها، حيث روي عن عثمان بن عبد الله بن أوس الثقفي، عن جده أوس بن حذيفة قال: كنت في الوفد الذين أتوا النبي صلى الله عليه وسلم أسلموا من ثقيف، من بني مالك، أنزلنا في قبة له، فكان يختلف إلينا بين بيوته، وبين المسجد، فإذا صلى العشاء الآخرة انصرف إلينا، ولا نبرح حتى يحدثنا، ويشتكي قريشا، ويشتكي أهل مكة، ثم يقول: "لا سواء، كنا بمكة مستذلين، ومستضعفين، فلما خرجنا إلى المدينة كانت سجال الحرب علينا، ولنا "فمكث عنا ليلة لم يأتنا حتى طال ذلك علينا بعد العشاء، قال: قلنا: ما أمكثك عنا يا رسول الله؟ قال: " طرأ علي حزب من القرآن، فأردت أن لا أخرج حتى أقضيه"، قال: فسألنا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أصبحنا، قال: قلنا: كيف تحزبون القرآن؟ قالوا: نحزبه ثلاث سور، وخمس سور، وسبع سور، وتسع سور، وإحدى عشرة سورة، وثلاث عشرة سورة، وحزب المفصل من قاف حتى يختم.
خلاصة: يُمكن أن يُختَم القرآن كاملاً في رمضان، ولأكثر من مرة، وبخاصة إذا كُنا نتحدث عن ختمه مرة واحدة فقط، فالأمر سهلٌ للغاية ولا يحتاج سوى قراءة 4 صفحات عند كل صلاة مفروضة أو 5 صفحات لأربعة صلوات.