مزارات المدينة المنورة.. الدين والتاريخ والإبداع في أجواء رمضانية خالصة
تتجه أنظار العالم الإسلامي خلال الشهور الفضيلة من كل عام إلى الأماكن المقدسة في بلاد الحرمين الشريفين، وهنا يبدو لرمضان سحر روحي آخر، تحيطه أجواء لا توجد في أي مكانٍ آخر على وجه المعمورة، وبينما يمكن لزوار المملكة العربية السعودية الاستمتاع بمناطقها المختلفة طوال العام، فإنّ نفحات الشهر الكريم تتجلى هنا في أقدس بقاع الأرض حول الحرمين، وقد اختارت مجلة "الرجل" أن تصحبكم بجولة سريعة خلال هذه السطور بين بعض مزارات المدينة المنورة، التي ستكتمل بزيارتها أجواء رمضان، إذ يمتزج فيها الدين بالتاريخ والإبداع.
لسنا هنا في محل استعراض تلك المعالم التي تعجز الكلمات عن وصف أجوائها، وما يمكن أن تشعر به خلال زيارتها، كالمسجد النبوي وروضته الشريفة، والمنبر، والمحراب النبوي، والحجرة الشريفة وأبوابها، أو الحديث عن ذلك السحر الخاص الذي ستلمسه بمتابعة عمارة المسجد وقبابه ومناراته، ولكننا نستعرض بعض مزارات المدينة الأخرى، التي ستمنحك مساحة إضافية من الصفاء.
مسجد قباء
يعد مسجد قباء أول مسجد بُني في الإسلام، إذ أسسه النبي "صلى الله عليه وسلم" في بداية دخوله المدينة، حيث أقام في قباء 4 أيام، قبل أن يسير نحو المدينة في اليوم الخامس، ويقع المسجد اليوم في جنوب غربي المدينة، في منطقة غنية بمزارع النخيل، وجاء مشروع الملك سلمان لتوسعة المسجد عام 1443هـ، الذي أطلقه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، بهدف رفع مساحة المسجد إلى 72,000 م2، وزيادة استيعابه من نحو 25,000 إلى نحو 66,000 مصلٍ، مع تطوير المنطقة المحيطة به، بما في ذلك المسارات التاريخية الفريدة التي تربطه ببعض المواقع التاريخية، محققًا جانبًا من رؤية المملكة 2030، ما يجعل من زيارة المسجد رحلة روحانية لا تُنسى.
مسجد الغمامة
أُقيم مسجد المصلى أو الغمامة في الموضع الذي صلى فيه رسول الله "صلى الله عليه وسلم" صلاة العيد والاستسقاء، في موقع يبعد عن المسجد النبوي بنحو 500 متر من الناحية الجنوبية الغربية، وقد بُني المسجد خلال ولاية الخليفة عمر بن عبدالعزيز على المدينة، وعلى مر العصور شهد إصلاحات متتابعة، ويمكن لزائر المدينة المنورة أن يعمر المسجد بالصلاة، إذ تُقام هنا الصلوات الخمس، عدا صلاة الجمعة، بينما يمكنه الاسترخاء في أجواء السكينة التي تغلف المكان العطر بنفحات سيرة المصطفى، بينما يشاهد ذلك الطراز المعماري الفريد، الذي حرصت المملكة أن يحظى بما يستحقه من الاهتمام والحفظ، ليستمتع به ضيوف الرحمن.
المساجد السبعة
يستطيع زوار المدينة المنورة كذلك الاستمتاع بأكبر عدد من المزارات في مكان واحد، بزيارة المساجد السبعة، وهي الزيارة التي تكمل أجواء رمضان بينما نستلهم الدروس من غزوة الأحزاب، وتقع المساجد السبعة أو مساجد الخندق في الجهة الغربية من جبل سَلْع، عند جزء من موقع غزوة الخندق "غزوة الأحزاب"، وهي في الحقيقة ستة مساجد صغيرة يحمل عددًا منها أسماء صحابة وخلفاء النبي رضي الله عنهم جميعًا، يُضاف إليها مسجد القبلتين الذي يبعد نحو 4 كيلومترات عن المسجد النبوي الشريف، وتضم:
- مسجد الفتح "الخندق – الأحزاب"، الذي بناه الخليفة عمر بن عبدالعزيز.
- مسجد سلمان الفارسي، ويقع في جنوب مسجد الفتح، على بُعد 20 مترًا منه.
- مسجد أبي بكر الصديق، ويقع على بُعد 15 مترًا جنوب غربي مسجد سلمان الفارسي.
- مسجد عمر بن الخطاب، على بُعد 10 أمتار جنوب مسجد أبي بكر الصديق.
- مسجد فاطمة الزهراء، ويسمى أيضًا بمسجد سعد بن معاذ، وهو أصغر هذه المساجد.
- مسجد علي بن أبي طالب، ويقع شرقي مسجد فاطمة الزهراء، على رابية مرتفعة.
- مسجد القبلتين، وهو المسجد الشهير الذي حصل فيه تحويل القبلة.
اقرأ أيضًا: سحر "الأنان" في نيوم.. رحلة استثنائية في أحضان الطبيعة الخلّابة
مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف
يفتح المجمع أبوابه لاستقبال الزوار يوم السبت من كل أسبوع، خلال فترتين صباحية ومسائية، تبدأ من الساعة الثامنة صباحًا حتى الثانية عشرة ظهرًا، ومن الرابعة عصرًا وحتى الثامنة مساءً، ومن ثم سيتمكن زوار المدينة المنورة من الاطلاع على الجهود التي تقدمها المملكة في مجال طباعة ونشر القرآن الكريم، مع الاطلاع على تاريخ هذا الصرح وتطور تقنياته لخدمة كتاب الله، وترجمة ونشر معانيه بمختلف اللغات وبمختلف الوسائل، مع وجود أكبر مطبعة في العالم لطباعة المصحف الشريف، إذ تطبع قرابة 20 مليون نسخة سنويًا، مع إصدار وطباعة المصحف بأكثر من 70 لغة تغطي العالم.
المعرض والمتحف الدولي للسيرة النبوية والحضارة الإسلامية
زيارة هذا المعرض كأحد مزارات المدينة المنورة، ستشكل إضافة رائعة لأجواء رمضان، إذ يُعنى المتحف بالتعريف الحضاري الشامل بالنبي "صلى الله عليه وسلم" وآدابه وشريعته، من خلال استخدام منهجٍ علمي متميز، وعرض إبداعي مبتكر، يتفرد به المعرض الواقع في المنطقة الجنوبية المواجهة لقبلة المسجد النبوي، والذي تأتي على رأس أهدافه التعريف بالله عز وجل، وأسمائه وصفاته، ودلائل قدرته، والإسلام وقيمه ومبادئه، وعرض سيرة نبينا الكريم "صلى الله عليه وسلم"، والتعريف بالأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام، وكذلك التعريف بالآثار والمعالم الحضارية الإسلامية.
معرض عمارة المسجد النبوي
عبر 12 مجسمًا يستعرض المعرض المقابل للمسجد النبوي من الجهة الجنوبية تاريخ عمارة المسجد النبوي الشريف منذ بنائه الأول، مرورًا بالتوسعات عبر التاريخ والشواهد الواضحة على روعة ودقة العمارة الإسلامية، وما يحويه المسجد من إرث عريق، ومن ثم تعد زيارة المعرض تجربة غنية ومليئة بالمعرفة والتفكر لزائر المدينة المنورة، ومسجد رسولنا الكريم وما يقدمه لعموم المسلمين، بينما يثري المعرض تلك التجربة بالحديث عن معالم المسجد، كالمنبر والمحراب والقباب والمظلات والأبواب والمآذن والمنارات، ويقدم محتواه بأحدث طرق العرض وبعدة لغات.
اقرأ أيضًا: القرى التراثية في الباحة.. رحلة عبر الزمن إلى ثقافة وإرث الأجداد
متحف دار المدينة للتراث العمراني والحضاري
تعد زيارة متحف دار المدينة للتراث العمراني والحضاري تجربة يجب الحرص على المرور بها، إذ يعد أول متحف متخصص في عرض التاريخ الحضاري والثقافي والإسلامي للمدينة المنورة، بدءًا من الهجرة النبوية إلى حاضرنا، وينقل المتحف زائره في تجربة ثرية عبر تاريخ المدينة والمسجد النبوي وسيرة رسولنا الكريم "صلى الله عليه وسلم"، فيما يقوم المرشدون هنا بتوضيح وشرح المعلومات باللغات المختلفة، وإعطاء بيانات حول عدد المقتنيات التاريخية والأثرية، والمجسمات التاريخية، والصور والرسوم، والنقوش، والكتابات، والمخطوطات، وغيرها من الكنوز التي يضمها المتحف، الذي يعد مزارًا رائعًا يكمل أجواء رمضان.