هل هناك علاقة بين خصوبة الرجل وصحته النفسية؟
للتوتر سطوة على جسم الإنسان، لا يكاد يفلت منها أحد. والحالة النفسية للرجل تنعكس في خصوبته سلبًا وإيجابًا. والواقع أنّ خصوبة الرجل مرهونة بإنتاج هرمون التستوستيرون، وقد يؤدي نقص ذلك الهرمون بفعل التوتر مثلًا إلى نقص الحيوانات المنوية، وأيضًا التقلبات المزاجية. بل إنّ التوتر قد يدفع الرجل نحو عادات غير صحية تقضي على ما تبقى من خصوبته، مثل التدخين وقلة النوم. فما طبيعة العلاقة بين الخصوبة والصحة النفسية؟ وكيف تتعامل مع التوتر بما يُحافظ على خصوبتك؟
الهرمونات وصحة الرجل النفسية
تتحكّم الهرمونات في وظائف الجسم كافة، بما في ذلك إنتاج الحيوانات المنوية، وقد يُؤدِّي اختلال مستويات الهرمونات إلى تأثُّر الوظيفة الجنسية للرجال ونقص عدد الحيوانات المنوية، بل والشعور بالإحباط والاكتئاب.
وقد تضطرب مستويات الهرمونات عند الرجال لأسبابٍ عديدة، مثل الشيخوخة، أو سوء التغذية، أو قلة الحركة، أو غيرها، بل وقد تُؤدِّي بعض العوامل الأخرى إلى تفاقم مشكلة الهرمونات، ما يُؤثِّر في الصحة النفسية، مثل التوتر والسمنة، وبعض الأمراض مثل مرض السكري.
وقد تظهر أعراض ذلك في صورٍ مُتنوِّعة، مثل:
- التقلبات المزاجية.
- التعب المستمر.
- سرعة الانفعال.
- الاكتئاب.
وذلك إلى جانب اضطراب إنتاج الحيوانات المنوية بالكفاءة المطلوبة إثر اختلال توازن الهرمونات الذكرية عند الرجل.
دور الهرمونات في إنتاج الحيوانات المنوية
تُسهِم الهرمونات في إنتاج الحيوانات المنوية، فهي المُسيطرة على تلك العملية، ولا يُمكِن تمامها بدونها، وأهم هذه الهرمونات:
- الهرمون المُنبِّه للجُريب (FSH).
- الهرمون الملوتن (LH).
- التستوستيرون.
فاتّزان هذه الهرمونات وتناغمها معًا، يعني إنتاج الحيوانات المنوية بصورةٍ أفضل، واختلال توازنها يُضعِف إنتاج الحيوانات المنوية بلا شك، ومع نقص الحيوانات المنوية، قد تتأثَّر صحة الرجل النفسية.
تأثير نقص الحيوانات المنوية في صحة الرجل النفسية
قد يُؤدِّي نقص الحيوانات المنوية وعدم توازن مستويات الهرمونات لدى الرجل إلى المعاناة من بعض المشكلات، مثل:
1. التقلُّبات المزاجية
قد يُؤدِّي نقص الحيوانات المنوية بفعل اختلال الهرمونات، خاصةً نقص هرمون التستوستيرون، إلى تقلُّبات مزاجية، وسرعة الانفعال، وربّما زيادة فرص الإصابة بالاكتئاب والقلق.
وهذه الاضطرابات النفسية مجتمعة كانت أم منفردة، ذات أثر كبيرٍ في صحة الرجل النفسية بلا شك.
2. تدنِّي احترام الذات
قد يشعر الرجل بالدونية والقلق، مع نقص عدد الحيوانات المنوية، ويتفاقم ذلك الأمر إن كان يُعانِي مشكلات في القدرة الجنسية، ما قد يُؤدِّي إلى الاكتئاب والقلق، وتفاقُم اضطرابات الصحة النفسية الأخرى.
3. الإرهاق والتعب
قد يُؤدِّي عدم اتّزان الهرمونات ونقص الحيوانات المنوية إلى الشعور بالتعب المستمر وانحدار مستويات الطاقة في الجسم، ما يُؤثِّر سلبًا في قدرة الرجل على أداء مهامه اليومية.
4. تفاقُم التوتر والقلق
قد تضعف قدرة الرجل على التعامل مع التوتر والقلق مع معرفته بنقص عدد الحيوانات المنوية لديه، أو معاناته من اختلال توازن الهرمونات في الجسم.
تأثير التوتر والقلق في الخصوبة
لنُدِير الدفّة ناحية الجهة الأخرى، ونتناول أثر الحالة النفسية السلبية، مثل التوتر والقلق، في خصوبة الرجل، فقد وجدت دراسةٌ، حسب موقع "medicalnewstoday"، أنَّ الرجال الذين مرّوا بحادثتين أو أكثر من حوادث الحياة المؤلمة بالنسبة لهم في العام الماضي للدراسة، كانت لديهم نسبة أقل في حركة الحيوانات المنوية، وفي الشكل الطبيعي لها، وذلك مقارنةً مع الرجال الذين لم يمرُّوا بأي حوادث صعبة في حياتهم.
كيف يؤثر التوتر في جودة السائل المنوي؟
رغم عجز الباحثين عن الوصول إلى طريقة تأثير التوتر على جودة السائل المنوي، إلّا إنّ هناك نظريات تُفسِر ذلك الأمر، فإنّ التوتر يُنشِّط إطلاق الكورتيزول، وهو هرمون يُؤثِّر في التمثيل الغذائي للكربوهيدرات والبروتين والدهون، وقد يُؤدِّي ذلك إلى انخفاض مستويات التستوستيرون، وضعف إنتاج الحيوانات المنوية.
كذلك فإنّ التوتر يُنشِّط الإجهاد التأكسدي، وهو تلف الخلايا بفعل الشوارد الحرة في غياب مضادات الأكسدة الكافية لدحرها، ونشاط الإجهاد التأكسدي، يُؤثِّر سلبًا في جودة السائل المنوي وخصوبة الرجال، ويمكن التغلب عليه بالحصول على مضادات الأكسدة، مثل فيتامين ج وفيتامين هـ، والسيلينيوم.
التوتر والمادة الوراثية للحيوان المنوي
ربط بحثٌ بين تكسُّر المادة الوراثية للحيوانات المنوية والتوتر، فحسب دراسةٍ منشورةٍ في المجلة الدولية لأبحاث العجز الجنسي "International Journal of Impotence Research"، فإنَّ أولئك الرجال الذين عانوا مستويات متوسطة إلى مرتفعة من التوتر المرتبط بالعمل، كانت لديهم مُعدّلات أعلى لتكسُّر المادة الوراثية للحيوانات المنوية.
جدير بالذكر أيضًا أنّ ما يقرب من ¾ الرجال في الدراسة كانوا مُصابين بالسمنة أو زيادة الوزن، وهذه أيضًا من العوامل المُؤثِّرة سلبًا في الخصوبة.
تأثير التوتر في نمط المعيشة وخصوبة الرجل
قد يزداد التوتر بسبب نمط المعيشة الذي اعتاده الرجل، كما يحدث مع قلة النوم، أو قلة ممارسة التمارين الرياضية، أو عدم الاهتمام بتناول طعامٍ صحي.
وعلى عكس ذلك فإنّ التوتر نفسه قد يتداخل مع أنشطة الرجل اليومية، ويجعل من الصعب الالتزام بعادات معيشة صحية، ما يُؤثِّر سلبًا في خصوبة الرجل، وأبرز الأمثلة على ذلك:
1. الحمية ونوع الطعام
أحد الاستجابات الشائعة والمتوقعة للتوتر، هي الرغبة الشديدة في تناول الأطعمة عالية السعرات الحرارية، والمليئة بدهونٍ غير صحية، وكُلّما كان الطعام غير صحي، كالمقليات أو الأطعمة المليئة بالسكر المضاف، تدنَّت جودة الحيوانات المنوية، وضعُفت خصوبة الرجل.
2. وزن الجسم
عندما يتوتّر الإنسان فمن المُرجّح أن يُخزِّن جسمه قدرًا أكبر من الدهون، خاصةً إذا كان ذلك التوتر مزمنًا، وهذا التوتر مع تراكُم الدهون، قد يزيد وزن الجسم، أو يُؤدِّي إلى الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني، أو ارتفاع ضغط الدم، أو أمراض القلب، وبلا شك ستضعف خصوبة الرجل.
اقرأ أيضًا: "يُصيب 1 % من الذكور".. 9 أسباب لانعدام الحيوانات المنوية عند الرجال
3. قلة النوم
قد تعتقد أنّه بإمكانك إهمال بعض ساعات النوم، والاعتماد على فنجان من القهوة كي تظل يقظًا تلك الساعات، لكن ذلك لا يُفلِح على الأمد البعيد؛ إذ لا يزال الجسم بعيدًا عن تحصيل كفايته من الراحة، والنوم المريح ضروري للحفاظ على صحتك، بما في ذلك صحة الحيوانات المنوية.
جديرٌ بالذكر أنّ قلة النوم تُؤدِّي إلى التوتر، وقد عرفتَ بعض تأثيراته في النقاط السابقة، وبصورةٍ عامة فقد ارتبط النوم أقل من 7 ساعات كل ليلة، بنقص عدد الحيوانات المنوية، وضعف حركتها، إضافةً إلى زيادة فرص تشوهاتها.
4. التدخين وشُرب الكحول
وجدت دراسةٌ أنّ الأشخاص الذين يُدخِّنون كمية كبيرة من السجائر أو يتناولون قدرًا هائلًا من الكحول، أكثرهم يُعانِي توترًا مرتبطًا بالعمل، فالتوتر ساعد في زيادة التدخين وشُرب الكحول حسب تلك الدراسة.
والتدخين وحده من أسباب العقم، إذ يُؤدِّي إلى نقص عدد الحيوانات المنوية وضعف حركتها، وكُلّما زاد التدخين، ضعفت الحيوانات المنوية.
نصائح للتعامل مع التوتر والحفاظ على اتزانك النفسي وخصوبتك
ختامًا، إليك أهم النصائح التي تُساعِدك في التعامل مع التوتر، كي لا يُؤثِّر في خصوبتك:
- الابتعاد عن الأمور التي تُحفِّز ذلك التوتر أو تقليل التعرُّض لها.
- تناول وجبات غذائية صحية على مدار اليوم، والابتعاد عن الطعام غير الصحي، كالمقليات والسكر المضاف.
- المشي خارج المنزل يوميًا تحت ضوء الشمس للحصول على فيتامين د، فالحركة وفيتامين د يُقلِّلان التوتر بدرجةٍ كبيرة.
- ممارسة التمارين الرياضية بانتظام؛ إذ تُحسِّن المزاج وتُخفِّف التوتر والقلق، كما أنّها ذات أثر إيجابي في الخصوبة، لكن لا تُفرِط في أداء التمارين الرياضية.
- التوقف عن التدخين.
- بحث سبل التغلب على نقص الحيوانات المنوية أو العقم مع الشريك بدلًا من التوتر، فإنّه لن يُؤدِّي إلّا إلى مزيدٍ من التدهور.