ماذا يحدث عند ارتجاج الدماغ؟ وكم يستمر أثره؟
قد يتعرَّض أي إنسانٍ في أي لحظةٍ إلى ضربةٍ بالرأس أو السقوط، وهذا قد يُسبِّب ارتجاج الدماغ، إذ يتحرّك المخ فجأة داخل الجمجمة، ما يُؤثِّر في الخلايا العصبية سلبًا، وهذا بدوره قد يُؤدِّي إلى أعراض ارتجاج الدماغ، مثل الصداع، ومشكلات النوم، والتعب، وقد تستمر الأعراض حتى 6 أشهر بعد الإصابة عند 50% من المُصابِين، فما الذي يحدث عند ارتجاج الدماغ تحديدًا؟ وكيف تحمي نفسك منه؟
ما هو ارتجاج الدماغ؟
إصابة دماغية خفيفة تنجم عن ضربة في الرأس أو هزّة عنيفة لها، أو غير ذلك مِمّا يُؤثِّر في وظائف المخ الطبيعية، كما قد يحدث ارتجاج الدماغ مع الإصابات القوية للجسم، والتي تكفي لهزّ الرأس بقوة للخلف أو الأمام أو الجانب.
يتسبَّب الارتجاج في تمدُّد وكدمات الأعصاب والأوعية الدموية، وبعض التغيُّرات الكيميائية في الدماغ، ما يُفقِد المخ قدرته على أداء وظائفه الطبيعية مُؤقتًا، وتشتد الخطورة مع تكرُّر ارتجاجات الدماغ على مدار العُمر، فقد تُؤدِّي إلى تغيُّرٍ في بِنية الدماغ.
من الأكثر عُرضةً لارتجاج الدماغ؟
حسب موقع "clevelandclinic"، فإنَّ أكثر الناس عُرضةً للإصابة بارتجاج الدماغ هم:
- كبار السن والأطفال الذين تبلغ أعمارهم 4 سنوات أو أقل؛ بسبب كثرة تعرُّضهم للسقوط.
- المراهقون بسبب حوادث الدرّاجات، أو إصابات الرأس المرتبطة بالرياضة.
- التعرُّض لحوادث السيارات.
- العسكريون بسبب تعرُّضهم لأجهزة مُتفجِّرة.
- أي شخصٍ أُصِيب بارتجاج الدماغ مُسبقًا.
ويُعدّ المراهقون أكثر عُرضةً لارتجاج الدماغ أكثر من أي فئة عُمرية أخرى، ويظنُّ الباحثون أنّ ذلك عائد إلى أنّ أدمغتهم لا تزال في طور النمو، ولا يزال الدماغ يرسم مساره العصبي في هذه الفترة، وإلى جانب ذلك فإنّ العنق "الرقبة" في هذه السن تكون أضعف، مقارنةً مع الشباب أو كبار السن.
أعراض ارتجاج الدماغ
تشمل أهم أعراض ارتجاج الدماغ ما يلي:
- الصداع "أكثر الأعراض شيوعًا".
- الغثيان أو القيء.
- فقدان مؤقت للوعي.
- تغيُّم الرؤية.
- الحساسية تجاه الأضواء والضوضاء.
- تغيُّر في عادات النوم؛ إمّا بزيادته أو النوم أقل من المُعتاد.
- الاكتئاب والحزن.
- سرعة الانفعال.
- صعوبة الانتباه وضعف الذاكرة.
ومن الشائع أن تُصاب أدمغة الأطفال، لكن من الصعب تشخيص ارتجاج الدماغ عندهم؛ نظرًا لعدم قدرتهم على توضيح الأعراض التي يُعانُونها، ومن أهم العلامات التي قد تظهر على الأطفال عند ارتجاج الدماغ:
- نتوءات على الرأس.
- القيء.
- تهيُّج الطفل.
- صعوبة الرضاعة أو عدم تناول الطفل للطعام.
- النوم في غير الأوقات المُعتادة للطفل.
- أكثر إزعاجًا من ذي قبل، فلا يتوقّف عن البكاء حتى لو توفّر له ما يجعله مرتاحًا.
- التحديق الفارغ "النظر فيك طويلاً".
متى تظهر أعراض ارتجاج الدماغ؟
تظهر أعراض ارتجاج الدماغ في غضون دقائق منذ إصابة الرأس، لكنها قد تستغرق أيضًا بضع ساعات للظهور، كما قد تتغيَّر بعض الأعراض في الأيام اللاحقة.
مِمّ يتكوّن الدماغ؟
يتكوّن الدماغ من خلايا عصبية، تحتوي على محاور، تربط هذه الخلايا ببعضها، وتُساعِدها على التواصل فيما بينها، وتخلق الاتصالات بين مليارات الخلايا العصبية في الدماغ شبكة مُعقّدة من المسارات لخلاياك للتواصل مع بعضها، وأداء العديد من المهام، مثل تعلُّم لغةٍ جديدة، أو معالجة المشاعر، أو التفكير، أو غير ذلك.
اقرأ أيضًا:التفكير المنطقي.. ما هو؟ وما أنواعه ومراحله وخصائصه؟
ماذا يفعل الارتجاج بالدماغ؟
قد يتعرّض الإنسان لضربة في الرأس أو السقوط، أو حوادث السيارات، أو ضربة قوية للجسم تكفي لهزّ الرأس بقوة في أي اتجاه، وهذا كلُّه يُؤدِّي إلى تحرُّك الدماغ فجأة داخل الجمجمة، وتُؤدِّي هذه الحركة إلى إصابة الخلايا العصبية، إذ تتمدَّد وربّما تتمزّق أوصالها، وذلك يُوصَف بـ"ارتجاج الدماغ".
ماذا يحدث لك عند ارتجاج الدماغ؟
يمرُّ الإنسان بتقلُّبات عديدة عند ارتجاج الدماغ، فلا يتوقّف الأمر فقط على تمدُّد الخلايا العصبية وتحرُّك الدماغ داخل الجمجمة، لكن قد يُعانِي المرء أيضًا أيًّا مما يلي:
1. قلة إنتاج الدماغ للطاقة
يحمل الدم المتدفِّق إلى الدماغ العناصر الغذائية الغنية بالطاقة، لكن مع الارتجاج قد يقل تدفُّق الدم عن المُعتاد، وهذا يعني ضعف إمدادات الطاقة إلى الدماغ.
وإلى جانب ذلك، فإنّ الخلايا العصبية المُصابة تُطلِق مواد كيميائية تضرُّ الميتوكوندريا؛ التي هي مركز إنتاج الطاقة في كل خلية، لذلك تعجز الخلايا العصبية المُصابة عن إنتاج نفس القدر من الطاقة، ما يُفسِّر قلة إنتاج الدماغ للطاقة بعد الارتجاج.
2. الشعور بالتعب
يُضعِف الارتجاج قدرة الدماغ على إنتاج الطاقة وتوفيرها للشفاء، بل إنّ دماغ المُصاب تحتاج إلى طاقةٍ أكبر من المُعتادة لاستعادة التوازن والتماثل إلى الشفاء، وهذه الفجوة بين إمدادات الطاقة إلى الدماغ وزيادة حاجته إليها، تُفسِّر الشعور بالتعب الشديد بعد ارتجاج الدماغ.
وعلاوةً على هذا النقص في الطاقة، فإنّ الدماغ يُعطِي الأولوية في توجيه الطاقة "المحدودة" للشفاء، ما يعني قلة الطاقة المتاحة لأداء المهام اليومية المُعتادة، ومِنْ ثَمّ الشعور بالتعب.
اقرأ أيضًا:أهم أسباب فقدان الذاكرة المفاجئ.. وهذه هي وسائل العلاج
3. تفاقُم الأعراض عند ارتجاج الدماغ ثانيةً
من الضروري حماية الدماغ من أي ارتجاجٍ آخر في أثناء نقص الطاقة، فقد أظهرت الأبحاث أنّه بعد حدوث ارتجاجٍ ثان، يستغرق التعافي وقتًا أطول، كما قد تزداد الأعراض كمًّا وشِدّة، بل في حالات نادرة، قد يُؤدِّي الارتجاج الثاني الآتي في أعقاب الأول إلى متلازمة التأثير الثاني، التي قد تُؤدِّي إلى الغيبوبة أو الوفاة.
آثار ارتجاج الدماغ على المدى الطويل
عادةً لا تستمر أعراض ارتجاج الدماغ طويلاً، ويتعافى المُصاب تمامًا في غضون 3 أشهر، ومع ذلك فإنّ ما يقرب من 50% من المُصابِين بارتجاج الدماغ، لا تزال تظهر عليهم أعراض بعد انقضاء 6 أشهر منذ وقت الإصابة، ونحو 15 - 30%، تستمر الأعراض لديهم حتى 12 شهرًا منذ وقت الإصابة.
وفي هذا الصدد، فإنّ من آثار ارتجاج الدماغ على المدى الطويل ما يلي:
1. صداع ما بعد الصدمة
الصداع من الأعراض المتوقّع استمرارها على المدى الطويل بعد ارتجاج المخ، وقد يُعانِي المريض أنواعًا مختلفة من الصداع، مثل صداع التوتر والصداع النصفي، وغير ذلك.
2. قصور إدراكي
عادةً يتسبَّب ارتجاج الدماغ في عجزٍ إدراكيٍ طويل الأمد، مثل ضباب الدماغ، وفقدان الذاكرة، وضعف التركيز، وتدنّي التفكير ومهارات حل المشكلات لدى الإنسان.
3. مشكلات الرؤية
تُصِيب مشكلات الرؤية نحو 80% مِمّن عانوا ارتجاج المخ، ومشكلات الرؤية الشائعة لديهم، تغيُّم الرؤية أو ازدواجها، وآلام العين، وحركات العين غير الطبيعية، والحساسية تجاه الضوء، وغير ذلك.
اقرأ أيضًا:"صحة أفضل وعقل أقوى".. لماذا يجب شُرب الماء الطيني؟
4. مشكلات الاتزان
نحو 70% من المُصابِين بارتجاج الدماغ يُعانُون مشكلات التوازن، ومِنْ ثمّ فقد يُعانُون بعض الأعراض، مثل:
- الدوخة.
- الدوار.
- عدم التوازن.
- الغثيان.
- المشية غير المستقرة.
5. التعب والإرهاق
كذلك قد يظهر التعب بعد التعرُّض لارتجاج الدماغ، ولا يزول ذلك التعب حتى مع الراحة أو النوم، ويُؤثِّر على نحو 70% من مرضى متلازمة ما بعد الارتجاج.
6. اضطرابات النوم
كذلك من الآثار طويلة الأمد لارتجاج الدماغ اضطرابات النوم، مثل الأرق أو فرط النوم، وقد تُؤدِّي هذه الاضطرابات إلى تفاقُم بعض الأعراض الأخرى للإصابة، كما تُؤثِّر في الحالة المزاجية للإنسان.
7. الاكتئاب والقلق
على الأمد الطويل، قد يُؤدِّي ارتجاج المخ أيضًا إلى الاكتئاب والقلق، إذ يتأثّر أكثر من 30% من المرضى بالاكتئاب خلال السنة الأولى بعد الإصابة.
نصائح للوقاية من ارتجاج الدماغ
يُفضّل اتّباع النصائح الآتية للوقاية من ارتجاج الدماغ:
- استخدام أحزمة الأمان في السيارة باستمرار.
- ارتداء خوذة عند ركوب الدراجات أو ركوب الخيل، أو ممارسة الرياضات الاحتكاكية.
- تجنُّب السقوط على السلالم عن طريق وضع درابزين.
- تحسين إضاءة المنزل.
- تقوية عضلات الرقبة عبر ممارسة تمارين مُخصَّصة لها، فقد تُساعِد في امتصاص تأثير بعض ضربات الرأس، وتقليل خطر الإصابة بارتجاج الدماغ.