بعد بلوغ "الأربعين".. هل يظل عقل الرجل كما هو؟
مع تقدم الرجال في العمر، تختلف الطباع وتتغير الصفات، فما كان يحدث في العشرينات من العمر، قد لا يصلح للثلاثينات أو الأربعينات، ولأن لكل مرحلة عمرية خصائصها المختلفة، فإن هناك عوامل عديدة تؤثر في تلك الخصائص، وتجعلها أكثر اختلافًا.
تنكمش الخلايا العصبية تدريجيًّا بعد بلوغ الرجل أشدّه، كما يقل حجم المخ بنسبة 5% كل عشر سنواتٍ تمر من العمر بعد بلوغ الأربعين، وتُؤثِّر قلة النوم التي تنتاب بعض الرجال في منتصف العمر على القدرات الذهنية؛ لذا لنعرج سريعًا على هذه التغيُّرات، وسبل الوقاية منها؛ للتمتُّع بكُهولة صحية.
بنية الدماغ ووظيفته
يتكوَّن المخ من خلايا عصبية، تتصِّل ببعضها البعض عبر نواقل عصبية "مُركَّبات كيميائية"، تُؤدِّي في النهاية إلى استجابةٍ مُعيَّنة.
أضف إلى ذلك، فإنَّ غمد المايلين المُحِيط بالخلايا العصبية، يُسرِّع نقل الإشارة العصبية، وتُعرَف هذه الخلايا العصبية بالمادة البيضاء، بينما الخالية من غمد المايلين تُعرَف بالمادة الرمادية.
التغيرات الجسدية في الدماغ
تسبق التغيُّرات الجسدية في الدماغ التغيُّرات العقلية أو النفسية التي تأتي مع مضي العمر؛ إذ ينخفض حجم المخ ووزنه بنسبة 5% كل عقد بعد تمام الأربعين عامًا، وذلك نتيجة الموت التدريجي أو انكماش الخلايا العصبية في المادة الرمادية.
كذلك، تتأثَّر المادة البيضاء؛ إذ يتدهوَّر غمد المايلين بعد بلوغ الأربعين؛ مُؤثِّرًا على الخلايا العصبية في الفص الجبهي من المخ "المسؤول عن المهارات المعرفية، والتخطيط، ومراقبة الذات، وغيرها".
يُمكِن تقليل مُعدّل حدوث هذه التغيُّرات بالحصول على مكملات أوميغا-3، أو تناول الأطعمة الغنية بها؛ إذ تُساعِد على إصلاح المخ، وتعزيز تكوين الخلايا العصبية.
كيف يتغيَّر عقل الرجل بعد سن الأربعين؟
لنُسلِّط مزيدًا من الضوء على التغيُّرات الطارئة على عقل الرجل بعد سن الأربعين؛ إذ أبرزها:
1- تراجع سرعة المُعالَجة
يتلقَّى المخ أي مُؤثِّرٍ يتعرَّض لنا، يستوي في ذلك المُؤثِّر السمعي، البصري، أو حتى اللمسي، والذي يبدأ في معالجة هذه المُؤثِّرات؛ لإعطاء استجابةٍ مناسبةٍ لما استقبله.
سرعة المخ في القيام برد الفعل، هو ما يُعرَف بـ "سرعة المُعالَجة"، والتي تتراجع مع تقدُّم العمر، ويُمكِن الحفاظ على سرعة المخ في أقصاها بالحصول على مكملات الليوتين والزيكسانثين.
وتُعزِّز هذه المكملات الوظائف المعرفية، سرعة المُعالَجة، عبر تعزيز التواصل بين الخلايا العصبية.
اقرأ أيضًا: 7 سمات عليك تطويرها لتحسين قواك العقلية والتمتع بحياة أفضل
2- تدهور الذاكرة
عادةً، لا يُعانِي الرجال مشكلاتٍ خطيرةٍ بالذاكرة عند بلوغ الأربعين، لكن تبدأ أولى علامات تدهور الذاكرة في الظهور بين 45 - 49 عامًا.
تُوجَد أنواعٌ فرعية مختلفة من الذاكرة في مناطق مختلفة من المخ، وأبرزها الحُصَين "hippocampus"؛ إذ تُفقَد خلاياه بمرور العُمر، ما يُفسِّر أحد أسباب تراجع الذاكرة، وهذ الفقد الخلوي أمرٌ طبيعي مع الزمن، لكنَّه قد يُسبِّب أحيانًا مرض ألزهايمر.
كذلك، من أسباب تدهور الذاكرة مع تقدُّم العمر، انخفاض مستويات الدوبامين؛ إذ تنخفض بمُعدّل 10% كل عقد، بدءًا من أوائل مرحلة البلوغ.
يُسهِم الدوبامين في مُعالَجة الذاكرة داخل الحُصين، ومِنْ ثَمَّ فنقص مستواه، مُضعِف للذاكرة.
يُمكِن تعزيز مستويات الدوبامين لديك عبر العلاج بالتدليك؛ إذ يُعزِّز إنتاج الدوبامين بنسبة 31%، كما أنَّ الحصول على أوميغا-3، يُخلِّص المخ من بروتين بيتا- أميلويد "أحد أسباب ألزهايمر"، ما يُعزِّز الذاكرة.
3- قلة النوم
يرتبط النوم ارتباطًا وثيقًا بالصحة العقلية، فليست أعراض قلة النوم مقتصرة فقط على النوم خلال اليوم، بل إنَّها تمتد لتشمل الاكتئاب، وضعف الذاكرة، وقلة التركيز.
يقل النوم تدريجيًا مع التقدُّم في العمر، وذلك مُسهم مباشر في الإرهاق والاكتئاب، كما أنَّ الأرق الذي يُصِيب الرجال في منتصف العمر، مصحوبًا بزيادة التوتر النفسي، يجعلهم أكثر عُرضةً لاضطرابات النوم.
قد تُساعِد مكملات الزنك على تحسين جودة النوم، ومدته، وكذلك مكملات الميلاتونين، لكن يُفضَّل استشارة الطبيب أولًا قبل تناولها.
اقرأ أيضًا: التصلب اللويحي.. تأثيرات خطرة على المخ والنخاع الشوكي
4- تغيُّر مستويات التستوستيرون
يتراجع مستوى التستوستيرون لدى الرجل بمُعدّل 1 - 2% كل سنةٍ بعد بلوغه 30 - 40 عامًا، وللتستوستيرون تأثيرٌ لا يسع تجاهله فيما يتعلَّق بالقدرات المعرفية، فقد بيَّن بحثٌ على رجال في منتصف أعمارهم، وجود رابطة بين انخفاض مستويات التستوستيرون وضعف الإدراك، وفقد الذاكرة، والإرهاق، والاكتئاب، حسب "Maturitas".
كذلك، تبيَّن للباحثين أنَّ الحصول على التستوستيرون، يُعزِّز الوظائف المعرفية، ويقللل الاكتئاب لدى الرجال، لكن استخدامه طبيًّا لهذا الغرض لا يصلح إلَّا بمشورةٍ طبيةٍ؛ لأنَّ التستوستيرون الخارجي قد يُسبِّب أضرارًا جانبية عديدة.
يُمكِن الوقاية من تراجع مستويات التستوستيرون عبر الحفاظ على الوزن، والحصول على قسطٍ كافٍ من النوم، بالإضافة إلى الحدّ من التوتر.
تعزيز الصحة النفسية بعد سن الأربعين
نختم ببعض النصائح التي تُساعدك في استدامة الصحة النفسية في أوجها بعد سن الأربعين:
- تناول وجبات غذائية صحية، مثل حمية البحر الأبيض المتوسط، التي تُقلِّل من التدهور المعرفي.
- ممارسة التمارين الرياضية بانتظام، من أجل تقوية الجسم، وتعزيز صحة المخ أيضًا، كما أنَّها تحمي الخلايا العصبية من التدهور بمرور العمر.
- تمارين الكارديو؛ إذ تُحسِّن تدفُّق الدم ووصول الأكسجين إلى المخ، ما يُسهِم في تكوين الخلايا العصبية، والحفاظ على حجم المخ دون تناقص.