"فروق طفيفة لكنها مؤثرة".. كيف تتلاعب بك الشركات نفسيًا كي تشتري أكثر؟
تتصارع الشركات في سوق المبيعات، وتوظف كل منها خبراء الدعاية والإعلان كي تجعلك تشتري أكثر، تشتري أكثر من حاجتك أحيانًا، بل تخلق عنده الحاجة وتشعره بالنقص كي يشتري. قد يتصور البعض أن الموضوع يقتصر على إعلانات التلفزيون، أو يوتيوب، أو حتى الإعلانات الممولة على منصات التواصل الاجتماعي، لكن الموضوع أكبر من ذلك بكثير. هناك أشياء غير مباشرة لا تتصورها قد تخدعك بها الشركات كي تؤثر عليك نفسيًا لتشتري المنتج. فلنعرف على بعض منها:
1- التلاعب في شكل كتابة السعر على البطاقة
كتابة السعر أقل برقم واحد تحت العشرة
على سبيل المثال قد يكتب لك المتجر السعر 9.99 دولار بدلاً من 10 دولارات، وذلك لأن الدراسات النفسية أثبتت أن المخ يترجم الأرقام بسرعة، ويعتبر أن السنت الناقص كافٍ لكي يجعل المنتج سعره معقولاً وأرخص من المعتاد. فلو كتب لك المتجر أن السترة سعرها 300 دولار سيعتبرها المخ أغلى مما لو كتبها لك 299 مثلاً، لأنه يعتبر الرقم الأول دخل في فئة والثاني في فئة أقل لأن رقم 2 المكتوب أقل من رقم 3.
طريقة كتابة الأرقام المكونة للمبلغ الإجمالي
أثبتت الدراسات أيضًا أن استخدام أرقام تُنطق بمقاطع صوت أقصر من شأنه أن يشعر المشتري أن السعر أقل مما لو استخدم المتجر أرقامًا تُنطق بمقاطع أطول، وكذلك إزالة الفاصلة بين الأرقام تجعل السعر يبدو أقل مما لو تركتها، "تُكتب 1600 بدلاً من 1.600". وبالمثل فإنه يقال أن الأرقام الفردية أكثر راحة لعين العميل من الأرقام الزوجية، لذا إذا أراد المتجر أن يشتري العميل أكثر فسيقول إن السعر 9.7 وليس 9.8 دولار.
كتابة سعر القسط الواحد بدلاً من الإجمالي دفعة واحدة
كما ذكرنا سلفًا، ينجذب العميل للسعر الأقل دائمًا، فلو كتبت له "ادفع 1000 دولار شهريًا واحصل على كمبيوتر منزلي بأحدث المواصفات العالمية" ستكون احتمالية شراؤه المنتج أعلى مما لو كتبت له "ادفع 18000 دولار واشتر كمبيوتر شخصي". الرقم الأول أهون وأقل وقعًا عليه من الثاني بكثير، مع أن سعر المنتج بالتقسيط مضافًا إليه الفوائد على القسط قد يصل في النهاية إلى إجمالي سعر أعلى بكثير من الكاش.
اقرأ أيضًا:"الثقوب الدودية".. هل تكون وسيلتك الوحيدة للسفر عبر الزمن؟
مقارنة السعر بتكاليف يومية زهيدة
كأن تُقسم السعر الإجمالي على الأيام، فلو كان سعر الكمبيوتر المنزلي مثلاً 12 ألف دولار ويمكن تقسيطه على عام، فإن الشركة قد تتلاعب بالسعر الإجمالي وتقول للعميل في الإعلان "استغن عن كوب قهوة واحد يوميًا وادخر ثمنه لتحصل على كمبيوتر منزلي"، فهو بذلك اعتبر أن كوب القهوة اليومي بمبلغ 33 دولار مثلاً، فلو ضربت 33 دولار * 30 يومًا * 12 شهرًا سيتجمع لديك مبلغ أقرب ما يكون لثمن الكمبيوتر الأصلي، وبذلك سيهون على العميل دفع المبلغ وشراء المنتج لأنه سيشعر أن الأمر بسيط، إنه مجرد كوب قهوة.
كتابة السعر قبل وبعد
كتابة السعر قبل الخصم وبعده يجعل العميل يقارن ويحسب كم سيوفر إذا اشترى المنتج حالاً، الفكرة أن الخصم قد لا يكون حقيقيًّا من الأساس، فبعض المتاجر تضع سعرًا أوليًا وهميًا ثم تضع نسبة خصم وهمية أيضًا ويكون السعر بعد الخصم هو السعر الحقيقي للمنتج من الأساس.
2- الجو العام في المتاجر
تصميم المتجر
تُصمم المتاجر الضخمة ومحلات السوبر ماركت لتبدو مثل المتاهة، كلها ممرات تؤدي إلى بعضها البعض ظاهريًا كي تكون البضائع منظمة وتجد حاجتك فيها بسهولة، لكن الحقيقة أن الأمر يجعلك تخرج من ممر لتدخل في آخر ولا تعرف طريقًا سهلاً للخروج من حيث أتيت فترى معروضات أكثر أمامك، وتجذب عينيك الكثير من المغريات، فتزيد احتمالية أن تشتري منتجات أكثر قد لا تكون على خطتك من الأساس.
موسيقى هادئة
الموسيقى الهادئة البطيئة الخافتة تشجع الناس على البقاء لفترة أطول في المكان، وعلى العكس تمامًا، الموسيقى ذات الرتم السريع تعلي من ضربات القلب وتشجع الناس على التحرك أسرع والخروج من المكان.
ألوان براقة
عادة ما تملأ المتاجر مداخلها ببضائع لها ألوان زاهية وبراقة حتى يشعر العميل بالبهجة ويتحسن مزاجه، ومن ثم ينفق أموالاً أكثر تحت تأثير هذا الشعور.
اقرأ أيضًا:أين يوجد توأمك المماثل؟ إليك الإجابة في فرضية الأكوان المتعددة
طريقة ترتيب المنتجات
هناك متخصصون في ترتيب المنتجات داخل المتاجر الضخمة، فالأمر ليس بالسهولة التي يتوقعها البعض، ولا هو مجرد "رص" منتجات بنظام وشكل مريح. المكان الذي تضع فيه المنتج يعتمد بالأساس على قواعد علم النفس، توضع عادة الاحتياجات الأساسية مثل الألبان والمخبوزات والبيض والخضراوات في آخر المتجر، حتى يقضي العميل فترة داخل المتجر ويمر على ممرات أخرى في طريقه إليها فتزيد احتمالية أن يلفت نظره منتجات أكثر.
بالمثل فإن رفوف العرض نفسها لها طريقة معينة للترتيب، ما الذي يجعل مبيعات علامة تجارية معينة أكثر من مثيلاتها للمنتج نفسه؟ ليس الجودة والسعر هما العاملان الوحيدان، إذ إن وضع المنتج في مستوى نظر العميل يلعب دورًا كبيرًا ويرفع احتمالية أن يلتقط تلك العلامة ويضعها في عربة تسوقه أكثر من الموضوعة في رف أعلى أو أقل من مستوى نظره، فالشركة التي تدفع أكثر للمتجر تختار مكانًا مميزًا على الرفوف أكثر من تلك التي تدفع أقل.
3- وصف المنتج
وصف المنتج بأنه موفر بشكل ما
ليست كل مواصفات المنتج حتى لو كانت كلها ذات قيمة حقيقية ستحقق له مبيعات عالية، فمثلاً وصف المنتج بأنه منخفض السعر، أو تكاليف صيانته منخفضة يجذب الناس لشرائه أكثر من وصفه بأنه عالي الأداء مثلاً، مع أن الصفتين لهما أهميتهما بل قد تفوق الصفة الثانية الصفة الأولى من حيث الأهمية في السيارات مثلاً، أو الأجهزة الكهربائية. إلا أن المشتري بطبعه يشعر بالإنجاز ويرتفع عنده هرمون السعادة إذا شعر أنه وفر في المنتج حالاً، أو أن ذلك المنتج سيوفر له لاحقًا قدرًا من المال، فالقلاية الكهربائية على سبيل المثال، عدد الناس الذين يشترونها لأنها توفر الزيت أو توفر الوقت أكبر بكثير من عدد الناس الذين يشترونها لأنها تطهي طعامًا صحيًا.
4- اللعب على المشاعر
إعطاء شعور مزيف بالإلحاح
عبارات مثل "كمية محدودة" أو "الحق العرض قبل نفاد الكمية" أو "تخفيضات حتى نفاد الكمية" أو حتى "متبقٍ في المخزن 3 قطع فقط" أو "اشترى ذلك المنتج 500 عميل" تخلق شعورًا بالحاجة إلى الإسراع واغتنام الفرصة قبل فوات الأوان. يشعر حينها الفرد أنه بحاجة إلى شراء المنتج مثل غيره من الزبائن قبل نفاد الكمية دون أن يفكر هل هو يحتاج إليها فعلاً أم لا؟ وهل السعر مناسب والتخفيض حقيقي أم أن الأمر برمته مجرد خدعة لفظية؟.
النوستالجيا
يميل الناس إلى تقدير القديم ودفع أموال في الأشياء التي تذكرهم بذكرياتهم الحلوة، لذا إذا استطاعت الشركة المعلنة ربط منتجاتها بذكرى معينة لدى العميل فإنه سيكون أميل إلى شرائها دون النظر إلى غلو سعرها من عدمه، فالذكرى عنده ستكون أفضل من المال.
اللعب على "إحساس الفقد"
إن لم تشتر هذا المنتج ستخسر الكثير، هذا هو الشعور الذي يسعى المعلن لأن يوصله للعميل، غالبًا ما تُستخدم في المجالات المتعلقة بالأمن والسلامة الشخصية والصحة، فإن لم تشتر منتجنا ستكون في خطر، أو حتى إن تعرضت لخطر فلن تستطيع الدفاع عن نفسك.
وأخيرًا هذه الحيل تخلق لدى الناس احتياجات لم تكن لتوجد لديهم ما لم يشعرهم أحد بها، لذا على العميل أن يتيقظ جيدًا ويفهم كيف يفكر المعلنون وأصحاب المتاجر والعلامات التجارية لكي يتجنب الخداع قدر الإمكان ويشتري ما يحتاج إليه بالسعر الحقيقي وليس بسعر خادع. الأمر لا يقتصر على مجرد إعلان تشاهده على التلفزيون بل ميزانيات ودراسات وحيل نفسية تهدف لأن تجعلك تشتري أكثر.