من الجيل الأعظم إلى "زد" و"ألفا".. إلى أيها تنتمي؟
دائمًا ما نسمع عن "الجيل زد- Generation Z"، أو Gen Z كما يُختَصر، ونلاحظ ارتباط سمعته بالمراهقين ومعاصرتهم، بل وإدمانهم للتكنولوجيا، وهذا صحيحٌ بشكلٍ أو بآخر، حيث ترعرع كثيرون من هذا النشء فعلاً بين أحضان شاشات الهواتف وأجهزة التابلت. ولكن من باب الإنصاف، هناك جيلٌ آخر عاصر التكنولوجيا من بدايتها وحتى تطورها المذهل الذي نعيشه الآن.
وبعيدًا عن التكنولوجيا والجيل Z "دعونا نسمّيه هكذا من الآن فصاعدًا"، هناك أجيالٌ أخرى كثيرة، وبالتحديد 6 أجيال، منها ما انبثق مع مطلع القرن العشرين، ومنها ما يُحسَب على السنوات العشر الأخيرة وحتى العامين القادمين، أي من 2013 إلى 2025، وهذا آخر جيلٍ سنتحدث عنه.
ملحوظة: قبل أن نبدأ، من المهم أن تعرف أن عدد سنوات الجيل ليست ثابتة، وأن قولنا إن جيلاً ما وُلِد أو عاش في الفترة من كذا إلى كذا، لا يعني أن هذه هي الفترة المحددة وما دونها أو فوقها بسنة أو اثنتين هو جيلٌ آخر، إذًا فتعامل مع الأرقام بشيء من المرونة يا عزيزي القارئ.
الجيل الأعظم The Greatest Generation
على مقياس "مُسمّيات الأجيال"، فإن الجيل الأول هو ذلك الجيل الذي وُلِد في الفترة ما بين 1901 و1927. سُمي ذلك الجيل بـ "الجيل الأعظم- The Greatest Generation"، ويُعتَقد أن سبب التسمية يعود إلى المؤلف ومذيع شبكة NBC الأمريكية السابق، توم بروكاو Tom Brokaw، علمًا بأن ذلك الجيل أحيانًا ما يُسمى بـ"جيل الحرب العالمية الثانية- WII Generation" نسبة لدوره في تلك الحرب الشعواء التي اندلعت عام 1939، فضلاً عن معاصرته لفترة "الكساد الكبير- Great Depression" التي عصفت باقتصاد العالم.
شكَّلت تلك الظروف الضارية معدن ذلك الجيل، ما سلّحه بقيم نبيلة منها العمل الجاد والمثابرة، وبسبب إجبارهم على الدفاع عن بلدانهم وأوطانهم، حُقَ لهم أن يُسمَّوا بـ"الجيل الأعظم".
الجيل الصامت The Silent Generation
وُلِد أفراد "الجيل الصامت"، أو "التقليديين- Traditionalists" كما عُرِفوا، في الفترة ما بين 1928 و1945. وإن كان "الجيل الأعظم" قد عاصر الكساد الكبير والحرب العالمية الثانية، فهذا الجيل قد ترعرع في خضميهما مما زوَّدهما بنظرة ليست الأفضل عن العالم الذي تربوا فيه. تميز هؤلاء، والذين يعيش بعضهم بيننا الآن بأعمار تتراوح بين 77 و95 عامًا، بحبهم للعمل أيضًا، وتأخيرهم للمتعة الفورية وإشباع الشهوات تطلّعًا إلى ما هو أسمى وأكثر فائدة، فضلاً عن مرونتهم الكبيرة وإحساسهم بالمسؤولية.
وإذا كنت تفكر في سبب تسميتهم بـ"الجيل الصامت" أو "التقليديين"، فتلك المسمّيات نبعت من سلوكياتهم الهادئة، وبُعدهم عن التمرد رُغم نشأتهم وسط بيئة خصبة تُشجع على ذلك، إذ كانوا دائمًا ما يخشون تحريك المياه الراكدة، ويعملوا في صمت كالموظَّفين النمطيين.
أبناء جيل الطفرة The Baby Boomer Generation
أنجب الجيلان السابقان جيلاً جديدًا عُرِف بـ "أبناء جيل الطفرة- Baby Boomer"، وتعود قصتهم إلى أعقاب الحرب العالمية الثانية، والتي خلَّفت وراءها دمارًا وعدد وفيات غفيرًا. وعليه، حصلت طفرةٌ في أعداد المواليد الجُدد نتيجة لرغبة الآباء الجارفة بتعويض ما فقده العالم من أشخاص.
وتماشيًا مع فترة إعادة الإعمار التي خَلَفت الحرب، ازدهر حال "جيل الطفرة" على عكس الجيلين السابقين، بل كانوا أكثر تفتحًا وانحرافًا عن التقاليد والأعراف. كان لديهم حسٌ واضح بالحرية، ويمكننا أن ندين لهم بالفضل في الثورات الثقافية المضادة في الستينيات والسبعينيات، إذ رفضوا الأعراف التقليدية، وتبنوا أيديولوجيات جديدة تجسدت في أمور كثيرة تبدأ بالسعي وراء الحقوق المدنية في جنوب إفريقيا وحتى حركات الهيبيز.
جدير بالذكر أن الجيل الحالي، والذي سنتحدث عنه لاحقًا، قد فهم جيل الـ Baby Boomer على نحوٍ خاطئ تمامًا، إذ كثيرًا ما نراهم يُسفّهون منهم ويستهزؤون بهم على وسائل التواصل قائلين: "OK boomer!" والتي تعني "اصمت أيها العجوز، أنت غير قادر على فهم عصرنا التكنولوجي". والحقيقة أن هذا لا يصح في حالات عديدة، فذلك الجيل الذي استقبل الحياة منذ 1946 وحتى 1964، كان شاهدًا على الكثير من القفزات التكنولوجيّة، وحتى أن كثيرًا منهم بارعون للغاية في استخدامها.
اقرأ أيضًا:كيف تكسب احترام المحيطين دون تنازلات؟ إليك 10 طرق سحرية
الجيل إكس Generation X
بداية من عام 1965 وحتى 1980، ظهر جيل جديد في ظروفٍ اجتماعية متغيرة وتغيرات ثقافية واضحة شهدت ظهور الإنترنت الذي غيّر كل شيء تقريبًا، ونتيجة لتلك الظروف المتغيرة كان من الصعب حصر ذلك الجيل في نطاق مُعين، وبالتالي وُصِمَ بالحرف "X" كدلالة على "جيل ضائعٍ" لا هوية واضحة له، وهذا ليس بالمعنى السيئ أبدًا، وإنما فقط لوصف حالة عدم الاستقرار، وما شهده العالم وقتها من تطورات تكنولوجية هائلة.
سُمي ذلك الجيل في البداية بجيل "ما بعد جيل الطفرة" أو "post- Baby Boom Generation"، ولكن المصطلح تغير بعد ذلك وذاعت شهرته بفضل كتابِ "الجيل إكس: حكايات من أجل ثقافة متسارعة- Generation X: Tales for an Accelerated Culture".
من المثير بشأن ذلك الجيل أن أبناءه كانوا يعانون الوحدة بسبب انهماك آبائهم في العمل -لا ننسى أن أبناء الأجيال السابقة كانوا يكدون في العمل- ما أكسبهم صفات المسؤولية والاعتماد على النفس، ناهيك عن أنهم كانوا أول جيل يمتلكون حواسيب شخصية، ما أكسبهم أيضًا مهارات تكنولوجية ورّثوها لأبناء الأجيال اللاحقة. وإضافة إلى التسميات السابقة، فالجيل إكس اشتُهِر بأنه "جيلٌ منسي" لأن أعداده تناقصت بسبب انتشار حبوب منع الحمل، ومن ثم لم تكثر حولهم الحكايات مثلما هو الحال مع من سبقوهم.
جيل الألفية Millennials
مثلهم مثل جيل "أبناء الطفرة"، يشيع حول "جيل الألفية" لَغَط واضح وصريح، إذ كثيرًا ما أشاهد أبناء الجيل الحالي ينعتون ممن لا يزالون في بدايات العشرينيات من عمرهم بالـ "Millennial" رُغم أن هؤلاء ولدوا منذ عام 1981 وحتى 1996.
كان "جيل الألفية" حاضرًا بقوة عندما شهد العالم تطور الإنترنت وبداية ظهور وسائل التواصل الاجتماعي. أثر ذلك على قيمهم وسلوكياتهم بالتأكيد، حيث كانوا أول جيلٍ شبابي يعاصر وسائط متعددة ومتنوعة أولها الإنترنت ووسائل التواصل، ومنها الموسيقى، والرياضة، والأفلام، وغيرها من الوسائل التي كثَّفت من معارفهم ووعيهم، مثل الجيل "Z" -الذي سنأتي على ذكره بعد قليل-، إذ دائمًا ما يسعيان نحو الانخراط في المشكلات التي تواجه العالم، ويتطوعون لحلها، فضلاً عن تميزهم بالاحتجاجات وتعبيرهم عن أنفسهم باستمرار.
الجيل زد Generation Z
ها قد أتينا أخيرًا إلى الجيل الحاليّ الذي تطغى شهرته على ما يسبقه من أجيال. الجيل الذي وُلِد بين عامي 1996 و2012، والذي يفعل كل شيء تقريبًا على الإنترنت، كيف لا والآسيويون منهم -على سبيل المثال- يقضون ما لا يقل عن 6 ساعات يوميًا على الشبكة العنكبوتية؟ وهذا رقمٌ قليل مقارنة بما نشهده على أرض الواقع. المشكلة أن التواجد المُفرِط على الإنترنت يُعرض الشخص إلى مشكلات متعلقة بزيادة مستويات القلق والاكتئاب، فضلاً عن قلة الثقة بالنفس، وهذا بغض النظر عن المشكلات الأخرى التي نعرفها جميعًا مثل تأثير الضوء الأزرق على جودة النوم مما يسبب الأرق.
ومع ذلك، لم يجنِ الاستخدام المفرط للإنترنت على الجيل "Z" بالويلات فحسب، إذ كان له فوائد من قبيل محو "الأمية الرقمية- Digital literacy"، ناهيك عن أن أغلبية الجيل "Z" يتقبلون الآخر، وينفتحون على مختلف الثقافات بشكلٍ كنا نتمنى أن نراه في الأجيال الأقدم، وأخيرًا وليس آخرًا، يتميز الكثيرون من الجيل "Z" بالإبداع وقدرتهم الرائعة للتعبير عن أنفسهم.
اقرأ أيضًا:هل تصير حياة البشر بلا أمراض مع تجاوز أعمارهم 120 عامًا؟
الجيل ألفا Generation Alpha
إن كنت تعتقد أن الجيل "Z" هو آخر عنقود الأجيال، فيسعدنا أن نقدم لك الجيل "ألفا". إذا كان بعض المُنتسبين إلى الجيلين الماضيين -جيل الألفية والجيل Z- لم يُعاصرا الإنترنت في أوج تطوره، فكل هذا الجيل الجديد "الجيل ألفا" بلا استثناء، والذي يوجد بيننا منذ عام 2010 وحتى 2025، قد وُلِد وشاهد بأم عينيه تطور الإنترنت المرعب وتدخله في كل مجالات الحياة.
قد يكون الجيل "ألفا" هو الأكثر تشتتًا وعُرضة لمشكلات الإنترنت وتطبيقاته -أبرزها TikTok- ناهيك عن أنه جيلٌ استهلاكي بامتياز، ولكنه في نفس الوقت يتمتع بمزايا عظيمة وتسهيلات لم تكن الأجيال السابقة لتحلم بها، إذ يحظى بتعليم أفضل، ومن المتوقع أن يتمتع بأعمار أطول، كما يُتوقَع لهم أن يؤثروا على المجتمع عمومًا، والاقتصاد على وجه الخصوص، بشكلٍ كبير.