الخطاط السعودي سعود خان: تعلمت الفن لأرسم طريقًا لنفسي.. وصنعت ريشتي من صناديق الشاي
يعشق الجمال مستمعًا لعزف مذهل من أنامله، الخطاط سعود شاكر خان بدأ رحلته مع الخط العربي حين رأى أستاذه يكتب على السبورة عبارة بخط الثلث، سحره تنوع الخطوط وجمالها، فذهب يبحث عن شغفه لدى أشهر معلمي الخط العربي.
حصد المركز الأول في المسابقة الدولية "بحب مكة نلتقي" حين صمم جدارية 450 مترًا مربعًا من الفسيفساء فدخلت ضمن قائمة موسوعة جينيس في مكة المكرمة.
منصة "الرجل" زارت جاليري الخطاط "عزف الحروف" سعود شاكر خان لتستمع إلى العزف المنفرد على الخط العربي من أنامل فنان متميز، وعضو جمعية الثقافة والفنون السعودية بجدة، ومدير نادي الخط العربي بمركز تسامي للفنون البصرية.
البطاقة التعريفية
الاسم: سعود شاكر عبدالله خان
مكان وتاريخ الميلاد: مكة المكرمة 1960م
المهنة: خطاط تشكيلي
الحالة الاجتماعية: متزوج
العمل السابق: متقاعد من وظيفة في الخطوط السعودية.
بدأت من المدرسة
كيف تقدم نفسك؟ من هو سعود شاكر خان؟ ما هي البدايات البعيدة للفنان المتميز الذي نراه اليوم؟
إنسان بسيط جدًّا. عشقتُ الخط العربي بفضل من الله تعالى ولكوني من عائلة مميزة بالفن. والدي رحمه الله ورغم أنه لا يقرأ ولا يكتب فإنه كان يعمل بالحرم المكي في النحت والتصميم لمجسمات لفظ الجلالة، وضالعًا بخلط الألوان الجميلة والأصباغ، فكانت طفولتي على هذا الفن الجميل، وبدأتْ رحلتي الفنية من المرحلة الابتدائية حين طلب مني أستاذ التربية الفنية أرسم دبابة فلم أفلح. ذهبت لوالدي فأخذني لفنان بالحي رسم أمامي الدبابة، ومنذ ذلك اليوم عيني ألفت الفن وعشقته وتعلمته.
كيف كانت نقطة الانطلاق مع الخط العربي؟
كنت في المرحلة الإعدادية حين رأيت الأستاذ يكتب على السبورة بخط الثلث "وقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ" ذُهلت بجمالها، واشتعل فكري بحرف العين الذي يُعتبر أجمل الحروف مع حرف الواو بالوقت الذي لم يكن هناك قصب للكتابة بل كنت أقطع من صناديق الشاي وأنحتها بشكل ريشة لأكتب بها، واشتغلت على نفسي إلى أن تخرجت في الثانوية، وتوظفت في الخطوط السعودية.
لماذا انقطعت فترة عن ذاك العشق؟
انقطعت 6 سنوات، بسبب العمل، عن ممارسة الخط العربي، وعدت بشكل أقوى، لقيت الخطاط الأستاذ مسعد خضير البورسعيدي في القاهرة، محاولاً الوصول إلى مرحلة ممتازة بهذا الفن، وساعيًا لأجد أستاذًا عريقًا بالخط العربي ليأخذ بيدي ويصحح ما كنت أخطّه، فاختار مجموعة جيدة لي، وبدأتُ العمل معه لمدة ثلاثة أشهر متواصلة بمكتبه، فعلمني ما كنت أطمح له من جمال، ولي الشرف بالتعلم منه وعلى يديه، جزاه الله خيرًا.
عشقي للحرف العربي
ما الذي استهواك بحروف اللغة العربية حتى عزفت عليه أجمل السمفونيات؟
جمالها الأخّاذ، من يعشق الحرف العربي لا يسلاه، ومن هذا العشق صنعتُ الجمال، حيث كانت البداية مع الأستاذ إبراهيم العرافي، لبناء صرح معتّق بالجمال.
كل هذا السعي من أجل ماذا؟
بعدما نهلت من الخطاطين القدماء الجمال ودرست القاعدة المثالية للحرف العربي وبجانبي أستاذي العرافي مضيت قُدمًا للإبداع لأكون أو لا أكون بكل ثقة، فتعلمت الفن لأكون سعود خان، وأرسم شخصية وطريقًا لنفسي، وليس الخطاط سعود خان، حتى بنيت اسمًا جميلاً في عالم الفن التشكيلي للخط العربي.
اقرأ أيضًا: الفنان فايز جريس لـ«الرجل»: أشجع الهلال.. وأدعو للإغراق في المحلية
من الخط إلى التشكيلي
ما النقلة النوعية التي صنعها سعود خان في الخط العربي؟
جمعت الخط مع الفن التشكيلي لأخرج بعمل إبداعي مميز وهذا يعود للتعاون الفكري المشترك بيني وبين الأستاذ العرافي، واستمرّت الاستشارات حتى انطلقنا من جمعية الثقافة والفنون في مدينة جدة برحلة ثقافية فنية مميزة إلى أن بنينا جاليري "عزف الحروف". ورحلة الألف ميل تبدأ بخطوة وتستمر بحضورنا القوي على الساحة الفنية بمشاركات وطنية وورشات عمل فعالة أمام الجمهور لبناء أسمائنا بكل فخر.
آفاق كبيرة
مررت بعدة مراحل في رحلتك مع الخط، ما أهم مرحلة في حياتك؟
أعتبر كل مرحلة مهمة في حياتي والمرحلة التي زادتني فخرًا واعتزازًا حين أرسلتنا وزارة الثقافة ونحن مجموعة خطاطين فنيين لتمثيل المملكة العربية السعودية في الخارج، حيث فُتحت لنا آفاق كبيرة وجميلة وملهمة وشاهدنا الناس المتعطشة لجمال الحرف العربي، ومعرفة ماهيته، والإسراع لكتابة حرف واحد من أسمائها، ما أشعرنا بالفخر والاعتزاز كوننا نمثل الوطن خير تمثيل في الخط العربي خارج المملكة.
فخر واعتزاز
كيف كان شعورك وأنت تمثل وطنك في الخارج؟
كان شعورًا ممزوجًا بين الدموع والفرح وخصوصًا حين عُزف السلام الملكي وملأ صداه الأركان، شعرت بالفخر والاعتزاز وأنا أمثل وطنًا عزيزًا ومملكة عظيمة، وكنت خير رسول أدبيًّا وخلقيًّا وثقافيًّا في مجالي الفني كي أصل برسالتي لكل إنسان شاهد أعمالي.
ما الأسلوب الذي استخدمته لجعل الخط لوحات فنية؟
حين بدأنا معًا أنا والأستاذ إبراهيم نعمل على أسلوب التشكيل بالخط العربي الذي أخذه من أستاذه زهير ماليباري في مكة المكرمة تحت اسم "التلقائية والمقصود" أي تلقائية الألوان التي سَتُسْكَب على اللوحة وتأخذ مجراها التشكيلي وتعطيني الصورة الأخيرة، وما الذي سأسكبه على الخلفية لإظهار الجمال، والمقصود يعود للعبارة التي سأنقشها على اللوحة، وأخرج بعمل فني مميز.
اقرأ أيضًا:نصير شمة لـ «الرجل»: يخيفني توقف الحلم.. والعود شرفة أطل منها على العالم
تحديات فنية
ما التحدي الذي واجهته بدخول الخط العربي مرحلة الفن التشكيلي؟
تحديات كبيرة وواسعة النطاق، كوني انتقلت للمرحلة الفنية وأظهرت لهم أن قواعد الخط العربي لم تتغير، الحرف صحيح، والعبارة جيدة، والميزان مستقيم، حتى أصبح الخط العربي أكثر جمالًا بثوبه الجديد، والكل يعزف عليه، كون هذا الفن جاء من دراسة وإصرار وتحدٍّ كبير.
بحب مكة نلتقي
أهم مقتنياتك محليًّا ودوليًّا؟
هناك أعمال تم اقتناؤها دوليًّا مثل مصر وكازاخستان وروما، وفي التشيك كنت مشاركًا بثلاثة أعمال في معرض الكتاب جرى اقتناؤها. أما محليًّا ففي الوزارات والمتاحف مثل متحف عبدالرؤوف خليل، وفي مطار الملك عبد العزيز جدارية ضخمة، ولي جدارية "بحب مكة نلتقي" التي تركت أثرًا كبيرًا في روحي، حيث كان مخصصًا للمركز الأول خمس جوائز، وأنا حصدت واحدة من هذه الجوائز.
لمن أهديت هذا العمل "بحب مكة نلتقي"؟
كان لي الفخر والاعتزاز أن أهدي هذا العمل لوالديّ الكريمين وأهلي وأصدقائي في مكة المكرمة مخلِّدًا وموثِّقًا اسمي عليه، كما أفتخر بجدارية المطار.
فوزك في مسابقة "بحب مكة نلتقي" 2010 ماذا تركت في روحك؟
أجمل ما كان في الفوز "النزاهة في التحكيم"، ومن أعضاء لجنة التحكيم د. محمد سعيد فاسي، ولما دعينا بوصفنا مشاركين للحفل من الوزارة على شرف صاحب السمو الملكي خالد الفيصل لا نعلم عنه أي شيء، وجرى الفوز بسلاسة، وترك أثرًا كبيرًا في روحي نظرًا لحضور والدي رحمه الله الذي شاركني فرحة الفوز.
دعم مادي ومعنوي
الدعم المادي والمعنوي من يحققه لكم؟
حكومتنا الرشيدة لا تقصر معنا، والوزارات تبذل ما في وسعها، وأحيانًا أخرى دعوات من السفارات توجه إلينا جميعا بوصفنا خطاطين فنيين، والرؤية الحكيمة 2030 منحتنا مساحة كبيرة للتألق والانفتاح على الآخر، ونحن نطلب من الله الصحة والعافية لاستمرار تلك المسيرة كي نحقق مزيدًا من الجمال والإبداع للوطن، حتى يصبح حرفنا العربي منارة بكل بيت في العالم كي نصل إلى الرؤية الواعدة 2030 بأجمل صورة فنية واعدة.
أسست ناديًا للخط العربي لتقييم دورات فنية وورش عمل ماذا أنتجت تلك الدورات؟
صداه رائع جدًّا ومميز وما زال موجودًا، أنتجُ مع توأم الفن إبراهيم العرافي ونعلّم معًا جماليات الخط العربي، حتى حققنا قاعدة جميلة ورائعة من خلال الدورات المتواصلة بعشق وحب.
الديواني فتاة مدللة
كل خطاط يهوى خطًّا مميزًا ما هو الأقرب لروح الخطاط سعود؟
أحببت الخط الديواني وكنا نطلق عليه الفتاة المدللة للخط العربي، وأنا متمرّس به وبكل أنواعه وأستطيع التغيير فيه بالنسبة للتاج والآية التي أريدها.
ما هي طموحاتك المستقبلية؟
طموحاتي كبيرة جدًّا أن نصل إلى أعلى مستوى بتقنية الحرف العربي وإيصاله للمدارس والمعاهد والجامعات في وطني الحبيب، متمنيًا أن يدرك كل فرد على امتداد العالم قيمة الخط العربي وتعلّمه وإتقانه ليرى جمال روحه.
مَن وراء نجاحك كونك فنانًا له حضور محلي وعالمي؟
إصراري وتركيزي لأكون أو لا أكون مقرونًا بدعاء الوالدين رحمهما الله ورضاهما، وزوجتي أدامها الله ذخرًا لي وجبر خاطرها، وأولادي حفظهم الله.