أيهما أفضل.. متصفح "غوغل كروم" أم "مايكروسوفت إيدج"؟
قبل عام 2008، كان متصفح إنترنت إكسبلورر العتيق يسيطر على 95% من حصة السوق، ولكن بمجرد حلول العام المذكور ورؤية متصفح غوغل كروم Google Chrome للنور، بدأت الأمور تتغير وانقلبت رأسًا على عقب وأصبحت الغلبة للمتصفح الشهير المملوك لـ"غوغل"، إذ يمتلك "غوغل كروم" أكثر من 65% من السوق الآن، بينما تَخلَّف إنترنت إكسبلورر عن ركب الصدارة بأميال، فنسبته الآن لا تكاد تُذكر؛ بالكاد 0.61%!
كان من المُقرر أن يصدر غوغل كروم على نظام تشغيل ويندوز فحسب، ولكنه لاحقًا صدر على أنظمة التشغيل المختلفة من اللينكس Linux والماك OS وحتى الأندرويد والـ iOS. بُنيَ غوغل كروم على نواة كروميوم Chromium مفتوحة المصدر من شركة غوغل والآن يستخدمه أكثر من 3 مليارات و200 مليون مستخدم حول العالم!
بالطبع لم تُستتب هذه السيطرة لشركة غوغل ومتصفحها القوي، حيث اقتحمت مايكروسوفت المجال بقوة وعادت في 2015 بنسخة مُحسنة من إنترنت إكسبلورر الذي عفا عليه الزمن. هذه النسخة هي المتصفح الذي نعرفه جميعًا الآن باسم مايكروسوفت إيدج Microsoft Edge، والذي صدر وقتها على نظامي ويندوز 10 وكونسول ألعاب مايكروسوفت من الجيل الماضي Xbox One. لم يُستبدل مايكروسوفت إيدج إنترنت إكسبلورر وقتها كُليًا، وإنما كان المتصفحان موجودين.
في 2022 أعلنت مايكروسوفت انتهاء حقبة المتصفح الصنديد إنترنت إكسبلورر رسميًا، وأن مايكروسوفت إيدج سيخلفه مُكملاً المسيرة. في البداية كان مايكروسوفت إيدج مبنيًا على اللغة البرمجية HTML، ولكن سُرعان ما صدرت منه نسخة جديدة في 2020 مبنية على نواة الكروميوم مفتوحة المصدر "مثل غوغل كروم". الآن يعمل متصفح مايكروسوفت إيدج على المنصات نفسها التي يعمل عليها غوغل كروم "تقريبًا"، وعلى الرغم من أنه لا يزال يمتلك حصة ضئيلة من السوق مقارنة بحصة غوغل كروم، لكن صيته ذائع والعديد من المستخدمين يفضلونه على غوغل كروم، فلمن الغلبة فعلاً وأيهما تختار؟
نظرة عامة على أهم المميزات
نظرًا لأن المتصفحين مبنيان على نفس الأساس؛ نواة الكروميوم، فمن البديهي أن يتميزا بالخصائص نفسها، وإذا كنت تبحث عن ميزة ما ولم تجدها موجودة بشكل افتراضي ضمن المميزات المُقدَّمة، ستجد لها إضافة Extension -بنسبة كبيرة- على المتجر الرسمي هنا أو هناك.
لو أخذنا من شريط العنوان Address bar ونتائج البحث مثالاً للمقارنة، سنجد تشابهًا كبيرًا بين هذا وذاك؛ قد يكون الفارق الرئيس الوحيد أن نتائج بحث "كروم" مختلفة قليلاً عن "إيدج" نظرًا لاعتماد الأول على نتائج محرك غوغل في حين أن الثاني يعتمد على نتائج بحث محرك "بينجط، والذي تطور مؤخرًا بشكل ملحوظ بعد دمجه بـ ChatGPT. لا ننسى أيضًا أن غوغل أصبح يتمتع بـ Bard، ومن ثم يمكننا أن نقول إن الكفة متساوية في هذه الجزئية، خصوصًا مع إمكانية تخصيص محرك البحث في "كروم" أو "إيدج".
بما أننا تحدثنا عن شريط العنوان ونتائج البحث، لا بد أن نتحدث عن التبويبات Tabs وإدارتها، وهنا نرى أن المتصفحين يُقدمان التجربة نفسها -تقريبًا- أيضًا، فكلاهما يتيح للمستخدمين إمكانية تنظيم وتثبيت التبويبات المختلفة، فضلاً عن حصرهم في مجموعات Tab groups. لعل الفارق الوحيد الذي قد يرجّح الكفة لصالح مايكروسوفت إيدج أن هذا المتصفح يتيح إمكانية فتح التبويبات بشكلٍ عمودي!
إذا كنت مستخدمًا لهواتف الأندرويد وتريد أن تُدير كلمات السر الخاصة بك بأفضل وأسهل طريقة ممكنة، فننصحك باستخدام متصفح غوغل كروم، حيث يتيح لمستخدمي الأندرويد إمكانية مزامنة كلمات السر عن طريق حساب غوغل Google Account وهذا يوفر عليهم الكثير، ولكن هل هذا يعني أن مايكروسوفت إيدج يُدير كلمات السر بشكلٍ سيئ؟ أبدًا، فهذا المتصفح -مثل غوغل كروم- يقترح كلمات سر معقدة ويتيح إمكانية حفظها وتعبئتها تلقائيًّا Autofill مما يجنّبك عناء حفظها.
حديثًا عن المزامنة، وهذه نقطة مهمة جدًا في تحديد متصفحك المفضل؛ إذا كنت تعتمد على حساب مايكروسوفت Microsoft Account، فمتصفح "إيدج" سيكون الأفضل، أما إذا كان اعتمادك الأكبر على حساب غوغل Google Account، فاذهب مع غوغل كروم وأنت مُطمئن. الشاهد أن المزامنة في كل متصفح تعتمد على الحساب الذي تستخدمه.
هل كنت تعرف أن متصفحي غوغل كروم ومايكروسوفت إيدج يتيحان إمكانية استخدام أكثر من حساب مستخدم User profile في الوقت نفسه؟ بفضل هذه الميزة تستطيع تخصيص متصفح للأعمال وآخر للاستخدام العادي Casual.
على مستوى الخصوصية والأمان، فالغلبة لصالح مايكروسوفت إيدج نظرًا لأنه يتيح للمستخدمين خيارات أكثر مثل إمكانية تخصيص الإعلانات واستبعاد التحميلات والمواقع المُلغّمة، صحيحٌ أن غوغل كروم به المميزات نفسها تقريبًا، ولكنه لا يتيح للمستخدم التحكم فيها كما هو الحال في مايكروسوفت إيدج.
إذا كنت عادة ما تبث محتوى من جهازٍ لآخر، فلا بد وأن تضع ميزة الـ "Casting" في الاعتبار؛ ولحُسن الحظ أن كِلا المتصفحين يبرع في هذه الميزة.
اقرأ أيضًا:نموذج الذكاء الاصطناعي "Gemini".. خارق حقًا ولكن هل خدعتنا "غوغل"؟
ماذا عن واجهة المستخدم؟
بعيدًا عن مميزات المتصفحين العامة، تُرجّح واجهة المستخدم User interface كفة الكثير من المواقع على حساب الأخرى، والمتصفحات ليست استثناءً، فبالنسبة لغوغل كروم ومايكروسوفت إيدج، تلعب واجهة المستخدم دورًا كبيرًا في التأثير على قرار المستخدمين في تفضيل أحدهما على الآخر.
بنظرة سريعة على واجهتي المستخدم للمتصفحين، ستلاحظ أن هناك الكثير من التشابهات فيما يتعلق بالتنسيق العام وأماكن الأيقونات وما إلى ذلك، صحيح أن هناك اختلافات واضحة -أيضًا- بينهما، ولكن إذا أراد شخص أن ينتقل من أحدهما للآخر، فعلى الأرجح أنه لن يواجه مشكلة في الاستخدام.
ومع ذلك، من المهم أن تعرف أن واجهة غوغل كروم أبسط بفارقٍ واضح من واجهة مايكروسوفت إيدج؛ فعلى سبيل المثال يُوجَد بالواجهة الرئيسة لهذا الأخير ما يُسمى بـ "موجَز العمل- News Feed" وهو عبارة عن أخبار عشوائية يتم تخصيصها للمستخدمين، وبأسفلها هناك قسمٌ لدرجات الحرارة وآخر لمتابعة الأسهم والبورصة، علاوة على ذلك، هناك شريط جانبي بمايكروسوفت إيدج يحتوي على عدة أدوات منها Copilot، وMicrosoft 365، وOutlook، وغيرها. بالطبع تستطيع تخصيص كل هذا، ولكن بالنسبة لشخصٍ يحب البساطة والوضوح، فمتصفح كروم ذي الواجهة البسيطة -القابلة للتخصيص أيضًا- ستكون له الغلبة بلا ريب.
إذن؛ لو كنت شخصًا يحب واجهات المستخدم البسيطة، فاستخدم غوغل كروم، أما إذا كنت تبحث عن التعقيد وكثرة الأدوات، فمايكروسوفت إيدج هو خيارك المناسب. جديرٌ بالذكر أن كلا المتصفحين يتيح باقة واسعة من الأشكال/ الثيمات Themes عبر متجره الخاص، بما في ذلك وضع النمط الداكن Dark mode.
ملحوظة: يتغير السياق في الهواتف المحمولة، حيث سيجد البعض أن واجهة غوغل كروم أكثر تعقيدًا من واجهة مايكروسوفت إيدج.
اقرأ أيضًا:ChatGPT.. هل نثق به في الوصول إلى نظام غذائي مناسب؟
الأداء: تفوق واضح لمايكروسوفت إيدج
إذا لم تجد الشيء الذي يجعلك تُفضّل أحد المتصفحين على الآخر حتى الآن، فربما سيحسم الأداء الأمر بالنسبة إليك. بشكلٍ عام، وعلى معظم مقاييس "البنشمارك"، يُبلي المتصفحان بلاءً حسنًا فيما يتعلق بسرعة الأداء، ولكن هناك نقطة جوهرية تُميز متصفح مايكروسوفت إيدج عن غوغل كروم وتجعل الكثيرين يُفضلون استخدامه، وهذه النقطة هي استهلاك الرامات، فمن المعروف عن غوغل كروم أنه يستهلك الرامات بشدة، وهذا واضح في مُعظم "الميمز" التي تُصنَع على حساب هذا الأمر، فإذا كانت رامات الجهاز غير كافية، استخدم مايكروسوفت إيدج.
القول الفصل: هل تستخدم غوغل كروم أم مايكروسوفت إيدج؟
تُطور مايكروسوفت متصفحها -مايكروسوفت إيدج- بشكلٍ لا جدال فيه، فأي شيء يقوم به غوغل كروم، يستطيع متصفح مايكروسوفت أن يفعله الآن. الشيء الوحيد الذي قد يتفوق فيه غوغل كروم، على الأقل بالنسبة للكثيرين، هي ميزة مزامنة حسابات غوغل على مختلف الأجهزة، وهذا شيء محوري كوننا جميعًا -تقريبًا- نعتمد على هذه الحسابات، لا سيما مستخدمي الأندرويد منا، عدا ذلك يمكن القول إن مايكروسوفت إيدج أفضل، على الأقل من حيث الأداء والمرونة "إلى الآن". إذا لم تكن تواجه أي مشكلة مع غوغل كروم، فاستخدام إيدج لن يكون أفضل خيار، ولكن على كل حال، لا بأس من تجربة مايكروسوفت إيدج.