ماذا تعرف عن رهاب الخضراوات؟ وما أسبابه وطرق التعامل معه؟
رغم أنّ الخضراوات زاخرة بالمعادن والفيتامينات والألياف، فإنّ بعض الناس لا يرغبون في تناولها، فالأذواق متفاوتة بين الناس، لكن ثمّة آخرين يخافون الخضراوات، بل يشعرون بقلق عند وجودها بمرأى أعينهم، فهي ليست كراهة عابرة لنوع من الطعام، بل خوف يُعرَف برُهاب الخضراوات "Lachanophobia"، فما أسباب ذلك الرهاب؟ وكيف يمكن التغلب عليه؟
ما هو رهاب الخضراوات؟
خوف غير منطقي من الخضراوات، إذ يقلق المُصاب بهذا الرهاب في وجود الخضراوات أو مُجرّد التفكير فيها، وهذا ليس مُجرّد كراهة تناول الخضراوات أو السخرية من ذلك النوع من الطعام، بل رهاب الخضراوات منطوٍ على قلق هائل من مجرّد رؤية الخضراوات على مائدة الطعام.
وقد يُعانِي ذلك المُصاب برُهاب الخضراوات قلقًا شديدًا قد يصل أحيانًا إلى نوبات هلع، وهذا وإن لم يكن شائعًا، لكنّه مُحتمَل الحدوث، خاصةً أنّ القلق في العادة قد يتطوّر إلى نوبة هلع.
وليست المشكلة هنا في الخوف من الخضراوات فحسب، بل إنّ ذلك قد يُعرِّض الإنسان لسوء تغذية، ونقص في بعض العناصر الغذائية الضرورية له، فهي من أغنى مصادر الفيتامينات والمعادن.
أعراض رهاب الخضراوات
القلق هو العرَض الأوضح والأكثر تجلّيًا لرهاب الخضراوات، وفي بعض الأحيان قد يُعانِي المُصاب نوبات قلقٍ شديدة بمُجرّد رؤية الخضراوات في محل بقالة أو مطعم مثلاً، وإلى جانب ذلك، فهم لا يُدرِكون أنّ ذلك الخوف من الخضراوات غير منطقي.
وفي الحالات الأشدّ من ذلك الاضطراب، قد يتجنّب المُصاب الطرق السريعة مثلاً التي تمر عبر حقول الخضار، أو يمرّ بعيدًا عن محلات البقالة كي لا يرى الخضراوات، وقد يصل ببعضهم الحال إلى إقناع أنفسهم بأنّ الخضراوات لا تحتوي على فيتامينات ومعادن صحية!
وتشمل أبرز أعراض رهاب الخضراوات عمومًا عند المُصابِين بها ما يلي:
- القلق الشديد بمُجرّد النظر إلى الخضراوات.
- القلق عند التفكير في الخضراوات.
- إنكار الفوائد الصحية للخضراوات.
- عدم القدرة على احتواء مشاعر القلق.
- المعاناة من سوء التغذية.
- نوبات الهلع في بعض الأحيان.
نظرة أعمق لأعراض رهاب الخضراوات
لا تتوحَّد أعراض رهاب الخضروات عند كلّ المُصابِين به، لكنّها قد تتضمَّن أي شكلٍ من الأشكال الآتية حسب شدة خوف الإنسان من الخضراوات:
- البكاء أو الهروب عند رؤية الخضار، بما قد يُشبِه نوبة قلق أو هلع، ويميل بعض الناس إلى القيء، أو يُعانُون اضطرابات الجهاز الهضمي عند رؤية الخضراوات فقط.
- أغلب البالغين المُصابِين برُهاب الخضراوات، يخافون من خضراوات معينة فقط، فمثلاً قد يتحمّل بعضهم تناول البطاطس، ومع ذلك لا يتحمّل آخرون التعامل مع أي نوعٍ من الخضراوات، وهذا يختلف من إنسانٍ لآخر.
- قد تكون بعض الأنشطة - التي تكون الخضراوات جزءًا منها - صعبة على المُصابِين برهاب الخضراوات، مثل الطهي، أو تناول الطعام في الخارج، أو حتى الذهاب إلى محل البقالة.
اقرأ أيضًا:فوائد «العصفر» للخوف والقلق.. هل هي حقيقية أم محض خرافات؟
أسباب رهاب الخضراوات
لا يُوجَد سبب معروف لرهاب الخضراوات، ومع ذلك قد يكون للجينات والعوامل البيئية دورٌ في المعاناة من ذلك الرهاب، خاصةً إذا سبقت معاناة أحد أفراد الأسرة من اضطرابات نفسية، مثل اضطرابات القلق.
وإذا كان هناك ذلك الاستعداد الجيني في جينات المُصاب، فيكفي فقط أن يمرّ بتجربة غير سارّة تُسبِّب له رهاب الخضراوات، مثل أن يُصاب بمرضٍ شديد بعد تناول الخضراوات مرة واحدة، أو ربّما وجد أنّ الخضراوات التي كان يتناولها تحتوي على حشراتٍ بداخلها، وبغض النظر عن تفاصيل التجربة التي تختلف من إنسانٍ لآخر، فإنّها كافية لأن يخاف من الخضراوات بعد ذلك.
ومن الأسباب المحتملة أيضًا للمعاناة من رهاب الخضراوات ما يلي:
- نشأة الخوف من الخضراوات في مرحلة الطفولة، واستمراره بعد البلوغ، وربّما يكون ذلك بسبب اختناق الطفل مع بلع البازلاء، أو الجزر، أو لأي تجربة غير سارّة له مع الخضراوات.
- مشاهدة أحد الوالدين في حالة اشمئزاز من بعض الخضراوات، فقد يتعلّم الطفل تلك الاستجابة وتصير سجية له، ومعلومٌ أنّ الخوف من الخضراوات منتشر في بعض العائلات.
- التوتر والقلق، فمن يُعانِي أصلاً اضطرابات القلق أو الرهاب، مثل رهاب الأكل، أو رهاب الاختناق، أو القيء، أو الخوف من كل هذه الأمور مجتمعة، فقد يُعانِي أيضًا رهاب الخضراوات.
- بعض الخضراوات لها ملمس غريب، وبعضها قد تكون رائحته غير لطيفة، خاصةً بعد الطهي، وهذه العوامل قد تُسهِم أيضًا في الخوف من الخضراوات عند بعض الناس.
كيف تتعامل مع رهاب الخضراوات؟
ما دام السبب مجهولاً، فالتعامل قد يكون صعبًا بعض الشيء مع رهاب الخضراوات، كما أنّه ليس هناك علاج مُحدّد يُناسِب كل المُصابِين برهاب الخضراوات، بل قد تختلف طريقة العلاج الأنسب من إنسانٍ لآخر حسب حالته، وربّما تُخلَط بعض الخيارات العلاجية معًا للوصول إلى أفضل نتيجةٍ. على كل فإنّ سُبل علاج رهاب الخضراوات تشمل ما يلي:
1. العلاج بالتعرُّض "Exposure therapy"
العلاج بالتعرُّض إحدى السبل المتاحة للتغلب على رهاب الخضراوات، وهو من طرق العلاج الفعّالة للرُهاب عمومًا "phobia"، وكما يتضح من اسمه، فإنّ المُعالِج سيُعرِّض المُصاب لمخاوفه لكن بتدرُّج وببطء، والهدف النهائي من هذا العلاج هو نزع الخوف غير المُبرّر من الخضراوات، فكُلّما واجه المريض خوفه - بتدرُّج - خفّ قلقه وخوفه من الخضراوات.
2. العلاج السلوكي الجدلي "DBT"
أثبت العلاج السلوكي الجدلي فاعليّته لمن يُعانُون خللاً في مشاعرهم بسبب الرهاب، إذ يتعلّم المريض الذي يخضع لهذا النوع من العلاج مجموعة متنوعة من مهارات التأقلم، مثل التفكير في ما يُخِيفه، ثُمّ الابتسام قليلاً أو خفيفًا، بهدف وقف مشاعر الخوف والقلق وإحلال مشاعر طيبة بدلاً منها، بما قد يُساعِد على تجاوز رهاب الخضراوات.
3. العلاج المعرفي السلوكي "CBT"
نمط علاجي يهدف إلى تغيير أفكار وسلوك المريض، وتحسين قدرته على فهم سبب تصرُّفاته ومعرفة الطرق المثلى لمواجهة ذلك الرهاب أو الخوف غير العقلاني، وذلك بمساعدة طبيبٍ مُختص.
4. التأمل
التأمل من الوسائل التي قد تُساعِد المريض على تجاوز مخاوفه، إذ ثبت أنّ ممارسة التأمل بانتظام تُساعِد المريض في التعامل مع رهابه، وتخفيف توتره، والتفكير بصورةٍ أوضح، وهذا مُفيد لمن يُعانُون رهاب الخضراوات، خاصةً إذا كانت تأتيهم نوبات هلع.
5. ممارسة التمارين الرياضية
تُعدّ ممارسة التمارين الرياضية إحدى أفضل الطرق للتعامل مع القلق والتوتر، بل قد ثبت أنّها مفيدة لمن يُعانُون اضطرابات القلق، مثل رهاب الخضراوات، ومن أفضل التمارين الرياضية لذلك الغرض المشي الخفيف والركض، وممارسة الألعاب الرياضية، وركوب الدراجات، والسباحة، وغيرها.
ومن المهم استشارة الطبيب ما دام المريض لا يتحسَّن ولا يتمكّن من تجاوز مخاوفه، خاصةً إذا أدّى ذلك إلى سوء التغذية، إذ الخضراوات منجم الفيتامينات والمعادن والألياف.