أعراض «الرهاب الاجتماعي» الأكثر شيوعًا.. وطرق فعّالة للتغلب عليها
يشعر البعض بالقلق والارتباك عند التعامل مع الأشخاص الآخرين خاصةً إذا كانوا غرباء، أو غير مألوفين، بل إنَّ الأمر قد يصل إلى زيادة مُعدَّل ضربات القلب، وربَّما التنفس السريع، والغثيان فيما يُعرَف بأعراض «الرهاب الاجتماعي» التي قد تختلف من شخصٍ إلى آخر، وتتراوح بين أعراضٍ خفيفةٍ وأُخرى شديدة، فكيف يُمكِن التغلُّب على الرهاب الاجتماعي والتعامل مع الناس بلا خوف؟
ما هو الرهاب الاجتماعي؟
الرهاب الاجتماعي أحد أبرز الاضطرابات النفسية التي تختص بالقلق، أو الخوف في المواقف الاجتماعية، أو عند وجود أشخاص مُحِيطين بالإنسان.
أنواع الرهاب الاجتماعي
تتضمَّن أنواع الرهاب الاجتماعي التي قد تظهر على الإنسان ما يلي:
1- الرهاب الاجتماعي الخفيف
يشعر الشخص المُصاب بهذا النوع من الرهاب ببعض الأعراض النفسية، أو الجسدية الخفيفة حال المشاركة في المواقف الاجتماعية، لكنَّه يظل قادرًا على المشاركة، كما أنَّ الأعراض لا تنتابه إلَّا في مواقف مُعيَّنة فقط.
2- الرهاب الاجتماعي المتوسط
تظهر أعراض الرهاب الاجتماعي النفسية والجسدية حال التعرُّض لمواقف اجتماعية معينة، ويكون المرء قادرًا أيضًا على المشاركة في البعض منها، لكنَّه يتجنَّب تمامًا أنواعًا أخرى من المواقف الاجتماعية التي قد يتعرَّض لها.
3- الرهاب الاجتماعي الشديد
يُعانِي المُصاب بالرهاب الاجتماعي الشديد أعراضًٍا شديدةٍ، مثل نوبات الهلع عند التعرُّض لأفراد المجتمع، ومِنْ ثَمَّ فهذا الشخص يتجنَّب أي لقاء اجتماعي بأي ثمن.
اقرأ أيضًا: نصائح عملية للتخلص من الضغط النفسي
هل يُمكن أن تظهر أنواع الرهاب الاجتماعي في شخصٍ واحد؟
يختلف ظهور أعراض الرهاب الاجتماعي الشديدة، أو الخفيفة من شخصٍ إلى آخر، وربَّما تجتمع في الشخص الواحد حسب اختلاف المواقف التي يتعرَّض لها، فقد تكون استجابته في أحد المواقف خفيفة، وربَّما تكون شديدة في مواقف مُعيَّنة أخرى، فهي نسبية تختلف حسب ما يخشاه المرء.
أعراض الرهاب الاجتماعي الخفيف
تشمل أعراض الرهاب الاجتماعي الخفيف حسب ما ذكره موقع «كليفلاند كلينيك» ما يلي:
أعراض جسدية
- احمرار الوجه خجلًا.
- زيادة مُعدَّل ضربات القلب.
- تسارع التنفُّس.
- تعرُّق اليدين.
- الغثيان.
- جفاف الحلق.
- ألم المعدة.
- الشعور بدوخة.
بالطبع قد لا تظهر كل هذه الأعراض معًا، وإنَّما قد يظهر بعضها فقط في بعض الأشخاص دون البعض الآخر.
أعراض نفسية
علامات الرهاب الاجتماعي كثيرة، وقد لا يتفق اثنان عليها، لكن هذه أبرز الأعراض وأكثرها شيوعًا:
- الشعور بالعصبية حيال الموقف الذي يتواجد فيه الإنسان.
- ضعف التواصل البصري مع الأشخاص الآخرين.
- الإحساس بالارتباك.
- عدم معرفة أي شيءٍ تقوله للأشخاص المُحِيطين.
- الخوف الشديد من رأي الآخرين بك أو حكمهم عليك.
- الخوف من التواجد بجوار الغرباء.
- الابتعاد عن الأماكن المزدحمة بالناس.
- الشك في الذات وعدم الثقة فيما تقول.
- صعوبة التركيز في أي شيء سوى الأعراض الجسدية التي انتابت المرء في أثناء التعامل مع الناس.
أعراض الرهاب الاجتماعي الشديد
قد يُصبِح الرهاب الاجتماعي شديدًا ومُؤثِّرًا على نمط حياة الإنسان، ومِنْ ثَمَّ تكون الأعراض في تلك الحالة على النحو التالي:
- نوبات الهلع عند التواجد بالقرب من الناس، أو في المناسبات الاجتماعية.
- صعوبة إقامة صداقات أو علاقات قوية مع الناس.
- الاكتئاب.
- أفكار انتحارية.
- العزلة عن العائلة والأصدقاء المحيطين.
- كراهية الخروج من المنزل مطلقًا.
أعراض الرهاب الاجتماعي عند الكبار
لا تختلف أعراض الرهاب الاجتماعي عند الكبار عن غيرهم من صغار السن، إذ تضمُّ أيضًا ما يلي:
- العصبية حيال الموقف الاجتماعي الذي يمر به.
- الارتباك.
- الخوف من آراء الآخرين.
- الابتعاد عن الغرباء.
- القلق المفرط.
- زيادة مُعدَّل ضربات القلب.
- الغثيان.
اقرأ أيضًا: الاكتئاب أخطر الأمراض النفسية.. الأسباب والأعراض وطرق العلاج
أسباب الرهاب الاجتماعي
لا يزال الباحثون يحاولون الوصول إلى أسباب مرض الرهاب الاجتماعي، فقد يكون وراثيًّا في بعض العائلات، إذ تُساهِم أجزاء مُتعددة في المخ في الشعور بالقلق والخوف، ومِنْ ثَمَّ فقد يصعب الوصول إلى السبب حسب ما ذكره موقع «كليفلاند كلينيك».
ربَّما يكون الرهاب الاجتماعي عائدًا إلى عوامل مُتعلقة بالبيئة المُحِيطة بالإنسان، وهذا يختلف من إنسانٍ إلى آخر بالطبع بحسب الأمور التي تُسبِّب له القلق.
قد تظهر أعراض رهاب اجتماعي في حالة:
- مقابلة أشخاص غير مألوفين بالنسبة إليك.
- التحدُّث مع الناس في مكان العمل.
- الحاجة إلى التكلُّم مع البائع مثلًا.
- أن يراك أحد في أثناء تناول الطعام أو الشراب.
- الحاجة إلى ممارسة بعض الأشياء أمام الناس.
الفرق بين الرهاب الاجتماعي والقلق الاجتماعي
مُؤخرًا جرى استبدال مصطلح القلق الاجتماعي بـ«الرهاب الاجتماعي» على أنَّه أدق ومعبر بشكلٍ أفضل عن الحالة النفسية وتشخيصها طبقًا لموقع «فورهيرز»؛ لأنَّ أعراض القلق الاجتماعي عادةً ما تتطور إلى ما يشبه أعراض الرهاب ولا تبقى على حالها، ومِنْ ثَمَّ فالفرق في النهاية لفظي.
علاج الرهاب الاجتماعي
يُمكِن علاج الرهاب الاجتماعي خاصةً عبر العلاج المعرفي السلوكي، أو قد يحتاج البعض إلى الحصول على حبوب الرهاب الاجتماعي التي تُخفِّف أعراض القلق.
تتضمَّن طرق علاج الرهاب الاجتماعي ما يلي:
1- العلاج المعرفي السلوكي
يجري العلاج المعرفي السلوكي لأعراض الرهاب الاجتماعي عبر عِدَّة جلساتٍ تُجرَى مع الطبيب النفسي، إذ يُساعِد الشخص المُصاب على تعديل الأفكار والأعراض المصاحبة للرهاب الاجتماعي، ومِنْ ثَمَّ تتحسَّن الاستجابة حال التعرُّض للمواقف الاجتماعية.
2- الأدوية
تختلف أنواع الأدوية التي يُمكِن استخدامها في تخفيف أعراض الرهاب الاجتماعي، إذ تشمل طبقًا لموقع «ميديكال نيوز توداي» ما يلي:
أدوية الاكتئاب
لا تُعالِج الاكتئاب فحسب بل إنَّ لها دورًا في علاج اضطرابات القلق، مثل: الرهاب الاجتماعي، فهي الخيار العلاجي الأول، ومِنْ أمثلة هذه الأدوية:
- مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية «SSRIs»: تزيد مستويات السيروتونين، مَّا يُقلِّل أعراض القلق، مثل: فلوكسيتين، وسيرترالين.
- مثبطات امتصاص السيروتونين والنورابينفرين «SNRIs»: نوع آخر من الأدوية يُخفِّف أعراض الرهاب الاجتماعي، مثل: فينلافاكسين.
اقرأ أيضًا: أعراض نقص فيتامين د النفسية وعوامل الخطر
المهدئات
تُستخدَم المهدئات لفترةٍ قصيرةٍ من الوقت بعكس أدوية الاكتئاب التي قد يمتد استخدامها إلى عِدَّة أسابيع، ومِنْ أمثلة المهدئات التي قد يصفها الطبيب: لورازيبام.
أدوية الضغط «حاصرات بيتا»
غالبًا ما تنشأ بعض الأعراض، مثل: القلق والتوتر؛ نتيجة نشاط الجهاز العصبي السمبثاوي الذي يعمل عبر مستقبلات بيتا، ومِنْ ثَمَّ فإنَّ منع عمل هذه المستقبلات عبر حاصرات بيتا يُخفِّف الأعراض الجسدية المصاحبة للرهاب الاجتماعي، ومِنْ أمثلة هذه الأدوية: بروبرانولول.
تمارين سلوكية لعلاج الرهاب الاجتماعي
بدايةً يُتعرَّف على الأفكار السلبية التي تنتاب المُصاب بالرهاب الاجتماعي، والتي تجعل الأعراض ظاهرةٌ عليه، وبعد تحديد هذه الأفكار، يُحدِّد الطبيب الوسيلة السلوكية الأفضل للتعامل معها، فمن أمثلة التمارين السلوكية للعلاج التي ذكرها موقع «فيري ويل مايند» ما يلي:
1- العلاج بالتعرض
يُساعِد هذا العلاج في التغلُّب على المواقف الاجتماعية التي يخشاها الإنسان، إذ يُنصَح ببدء التعامل مع الأشخاص الذين لا يُسبِّبون له قلقًا أو خوفًا كبيرًا، ثُمَّ التعامل مع غيرهم تدريجيًا، أمَّا الانسحاب التام عن التعامل مع الأفراد، فلا يبدو حلًا ناجحًا.
2- إزالة التحسس المنهجي
ربَّما حديثك مع من تعرفه عن بُعد أقل رهبة من الحديث مع الغريب عنك تمامًا، ومِنْ ثَمَّ يُمكِن التدرُّج كأن تتحدَّث مع زميلك في الفصل الدراسي، أو في العمل، أو تحيته فقط، ثُمَّ يُمكِن الابتعاد قليلًا عند بدء الشعور بضربات القلب، وزيادة مُعدَّل التنفس إلى أن تهدأ قليلًا.
مع تكرار مجرد إلقاء التحية فقط على مدار عِدَّة أيامٍ، فإنَّ الأعراض الجسدية تختفي تدريجيًا، وإلقاء التحية هنا إنَّما هو مثال فحسب على البدء في الحديث مع الآخرين.
اقرأ أيضًا: تأثير الرياضة على الصحة النفسية.. فوائد بلا حدود
3- تدريب الانتباه
يهدف هذا التمرين السلوكي إلى منع تشتت الانتباه وتركيزه على الأشخاص الذين تتعامل معهم، فإنَّ التركيز عامل مركزي في ضبط الأفكار، والانفعالات، والحركات، إذ يفقد البعض التركيز؛ نتيجة التعامل مع الأشخاص الآخرين، ما يجعله في مظهر غير جيدٍ أمام الناس، ومِنْ ثَمَّ قد يزداد الطين بلة.
لذا فإنَّ الحفاظ على التركيز أثناء المحادثة مع الناس ضروري لإعطاء رد فعلٍ مناسبٍ للكلام الذي يقولونه، وقد يكون الأمر صعبًا في البداية، لكن مع التكرار والممارسة تختفي أعراض الرهاب الاجتماعي، وتتمتع بحديثٍ حيويٍ مع الناس بسهولة.
مدة علاج الرهاب الاجتماعي
يُعد العلاج المعرفي السلوكي أفضل علاج للرهاب الاجتماعي، ويختلف الوقت الذي يستغرقه العلاج بهذه الطريقة حسب عدد الجلسات التي يُحدِّدها الطبيب بحسب حالة الشخص المُصاب.
أمَّا العلاج بالأدوية، وهي الخيار الثاني بعد العلاج المعرفي السلوكي، فإنَّ أدوية الاكتئاب تستغرق عِدَّة أسابيع حتى تبدأ في العمل، ومِنْ ثمَّ تظهر نتائجها بعد هذه الأسابيع.
الأدوية الأخرى فعّالة في وقتٍ قصيرٍ، لكنَّها مساعدة في تخفيف الأعراض، ومِنْ ثَمَّ فإنَّ مدتها مَتضمنة ضمن مدة العلاج الكامل لاضطراب الرهاب الاجتماعي.
نصائح للمصابين بالرهاب الاجتماعي
قد تساعد بعض النصائح في تخفيف أعراض الرهاب الاجتماعي، مثل:
- الحصول على قسط كاف من النوم.
- ممارسة التمارين الرياضية بانتظام.
- التأكُّد من تناول الأدوية التي يصفها الطبيب وفق جرعاتها دون تفويت موعدها.
- زيارة الطبيب بانتظام حال اللجوء إلى العلاج المعرفي السلوكي.
- محاولة التواصل مع العائلة والأفراد القريبين.
تنويه: قد يُفضِّل البعض العزلة عن الآخرين، فليس كل مُجتنبٍ للناس مُصاب بالرهاب الاجتماعي بالضرورة، وإنَّما يُنظر في أسباب ذلك هل هو متعلق بشخصه أم بأذى يلحقه من الآخرين أم بغير ذلك، أمَّا الرهاب الاجتماعي فأعراضه ثابتة، ولا تتوقَّف على شيءٍ بعينه سوى خوف التعرُّض إلى الناس.