"عندما تكون الحياة أبيض وأسود".. ماذا تعرف عن متلازمة الجليد البصري؟
رغم ندرة المُصابِين بها فإنّها تحول بين الإنسان وبين الرؤية بوضوح، ومع أنّه ليس مُصابًا بالعمى، لكنّه أيضًا لا يستمتع بالتفاصيل البصرية في ما حوله، إذ يرى نقاطًا ثلجية مُلوّنة، أو في شكل وميض يحتل مجال الرؤية بالكامل؛ في رؤية أشبه بالنظر إلى شاشة تليفزيون قديم، فهذه متلازمة الجليد البصري، التي اقترنت كثيرًا بالصداع النصفي، فهل تُؤدِّي تلك المتلازمة إلى العمى؟ وهل من سبيلٍ لعلاجها؟
ما هي متلازمة الجليد البصري؟
اضطراب يتسبَّب في تغيُّر رؤية الإنسان، إذ يرى نقاطًا صغيرة وميضة في مجال رؤيته كاملاً، وهذه النقاط شبيهة بالثلج، كأنّك تنظر إلى تليفزيون قديم، وعادةً ما تكون الرؤية بلونَين الأسود والأبيض، وفي بعض الأحيان قد يرى المرء الثلج في شكل وميض، أو ألوان، أو حتى شفّافًا.
تُعدّ متلازمة الجليد البصري من الاضطرابات النادرة، ويفترض الخبراء أنّها تُصِيب حتى 2.2% من الناس حول العالم بطريقةٍ ما.
أعراض متلازمة الجليد البصري
أغلب المُصابِين بمتلازمة الجليد البصري يرون نقاطًا دقيقة في مجال رؤيتهم، لكن لا تتأثّر قدرتهم على الإبصار عمومًا جراء ذلك، وهذه النقاط المرئية مِن قِبلهم، تزداد سوءًا بعد النظر إلى الشاشة لفترة طويلة، أو في أوقات التوتر الشديد، وتنقسم أعراض متلازمة الجليد البصري إلى ما يلي:
أعراض بصرية
لا تقتصر أعراض متلازمة الجليد البصري على رؤية النقاط الشبيهة بالثلج فقط، بل قد تحدث أعراض بصرية أخرى بجوار ذلك، مثل:
- عوائم العين، وهي بقع صغيرة تظهر في مجال رؤية الإنسان.
- ترائي الومضات، إذ يرى الإنسان ومضات ضوئية، ما قد يُشِير إلى وجود مشكلةٍ صحيةٍ لديه.
- سوء البصر في الليل.
- رؤية مُتعدِّدة الألوان، وغالبًا ما يحدث ذلك مع الصداع النصفي.
- تكرُّر المرئي أو بالأحرى رؤية شيءٍ لم يعُد موجودًا في مجال رؤيتك.
- الحساسية تجاه الضوء.
أعراض غير بصرية
إلى جانب الأعراض البصرية المُصاحبة لمتلازمة الجليد البصري، ثمّة أعراض أخرى بعيدة عن البصر، قد تضمُّ ما يلي:
- الصداع النصفي.
- طنين الأذن.
- الدوار وفقدان التوازن.
- التعب والإرهاق دون سببٍ واضح.
- ارتعاش اليدين.
- القلق والاكتئاب.
- الأرق.
أسباب متلازمة الجليد البصري
لا يعرف العلماء السبب الدقيق وراء متلازمة الجليد البصري، ويبدو الأمر في ظاهره اضطرابًا عصبيًّا مُعقّدًا لم تُكشِف أسراره بعد، وقد أظهرت الدراسات أنّ المُصابِين بتلك المتلازمة يُعانُون خللًا في الدماغ في التَّلفيف اللساني "Lingual gyrus"، وهو جزءٌ من الفص القذالي القابع في الجزء الخلفي من الدماغ.
جديرٌ بالذكر أنّ المسارات العصبية البصرية تلتقي جميعًا بالنهاية في الفص القذالي "Occipital lobe"، ويعتقد الخبراء أنّ وجود خلل في مُعالجة الرؤية قد يُسبِّب متلازمة الجليد البصري.
وافترض آخرون أنّ الخلايا العصبية في أدمغة المُصابِين بمتلازمة الجليد البصري شديدة الاستجابة للمُحفِّزات البصرية، إذ تُرسِل هذه الخلايا العصبية الحسّاسة إشارات إلى الدماغ عن طريق الخطأ، فيُفسِّرها الدماغ على أنّها صور حقيقية، ما يجعل الإنسان يرى نقاط الثلج التي يراها.
اقرأ أيضًا:عندما ينفطر فؤادك من شدة الحزن.. ما هي متلازمة القلب المكسور؟ؤ
عوامل خطر الإصابة بمتلازمة الجليد البصري
رغم اختلاف النظريات المُفسِّرة لمتلازمة الجليد البصري، فإنّ هناك عوامل تزيد خطر الإصابة بها، فمثلاً هي شائعة بين الذكور، وتظهر في مرحلة الطفولة، كما أنّها أكثر شيوعًا عند المُصابِين بما يلي:
- القلق.
- اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط.
- اضطراب طيف التوحد.
- الاكتئاب.
- عُسر القراءة "Dyslexia".
- الألم العضلي الليفي "الفيبروماليجيا".
- سبق تناول أدوية مُهلوِّسة.
- أورة الصداع النصفي.
- متلازمة التعب المزمن.
- طنين الأذن.
- إصابات الدماغ، وهنا قد تظهر أعراض متلازمة الجليد البصري إلى جانب الأعراض الأخرى بعد الإصابة، مثل الصداع، كما يُمكِن أن تبرز المتلازمة على الفور، أو في أي وقت بعد الإصابة بما قد يصل إلى 12 أسبوعًا، حسب "verywellhealth".
العلاقة بين الصداع النصفي ومتلازمة الجليد البصري
كثيرٌ من المُصابِين بمتلازمة الجليد البصري يُعانُون أيضًا الصداع النصفي، والمتلازمة نفسها ليست صداعًا نصفيًا، وقد أظهرت الأبحاث أنّ أكثر من نصف المُصابِين بالمتلازمة يُعانُون أيضًا صداعًا نصفيًا، لا سيما الصداع النصفي مع الهالات "ومضات اللون أو الضوء التي قد تسبق نوبة الصداع".
أيضًا قد يُؤدِّي الصداع النصفي إلى تفاقُم أعراض متلازمة الجليد البصري، ومِنْ ثَمّ ينبغي علاج الصداع النصفي في أقرب وقت كي لا يزيد أعراض المتلازمة.
وقد أشار موقع "healthline" إلى أنَّ ما يقرب من 75% من المُصابِين بمتلازمة الجليد البصري لديهم تاريخ سابق بالمعاناة من الصداع النصفي، بينما نحو 25% منهم يُعانُون الاكتئاب الشديد، أو القلق.
العلاقة بين طنين الأذن ومتلازمة الجليد البصري
طنين الأذن هو سماع رنين مستمر بداخلها دون وجود مصدر رنين بالخارج حقيقةً، وهو من المشكلات الشائعة، ونحو ثلاثة أرباع المُصابِين بمتلازمة الجليد البصري يُعانُون أيضًا طنين الأذن؛ لذلك يعتقد بعض الباحثين وجود علاقة بينهما.
الفرق بين متلازمة الجليد البصري والصداع النصفي مع الهالة البصرية
صحيحٌ أنّ معظم المُصابِين بمتلازمة الجليد البصري يُعانُون الصداع النصفي، ومع ذلك فقد يُخطِئ الأطباء في التمييز بين متلازمة الجليد البصري والصداع النصفي الذي تصحبه هالة بصرية، لكن هناك فروقًا بين كل منهما:
هل يمكن أن تُسبِّب متلازمة الجليد البصري العمى؟
عادةً لا تتطوّر متلازمة الجليد البصري - تتقدّم بعض أمراض العين مثل زرق العين والمياه البيضاء ولا تظل على حالها - كما لا تُؤدِّي إلى العمى الدائم، لكن بعض الحالات التي قد تُسبِّب أعراضًا مماثلة هي ما قد تُؤدِّي إلى فقدان البصر؛ لذلك يُفضّل استشارة الطبيب للتشخيص الصحيح والوقوف على سبل العلاج.
هل يمكن قيادة السيارة مع متلازمة الجليد البصري؟
يختلف مستوى ضعف البصر بين المُصابِين بمتلازمة الجليد البصري، إذ يُمكِن لكثيرٍ من الناس الاستمرار في القيادة ما دامت المتلازمة لا تُضعِف قدرتهم على الرؤية، بينما قد لا تكون القيادة آمنة لمن يُعانُون أعراضًا شديدة، أو ضعفًا واضحًا في الرؤية الليلية.
علاج متلازمة الجليد البصري
إذا كانت متلازمة الجليد البصري ناجمة عن مرضٍ آخر، مثل الصداع النصفي أو إصابات الدماغ، فإنّ علاجها يكون بعلاج المرض الرئيس، وقد تُساعِد مُسكِّنات الآلام ومضادات الصرع، والأدوية الواقية من الصداع النصفي في علاج متلازمة الجليد البصري، مثل:
- نابروكسين "مُسكِّن للألم".
- لاموتريجين "دواء للصرع".
- نورتريبتيلين.
- سيرترالين.
نعم هي قد تساعد، لكنّها ليست فعّالة بدرجةٍ كبيرة، وقد تتسبَّب في آثارٍ جانبية علاوة على ذلك، فعلى سبيل المثال، وجد بحثٌ حسب الأكاديمية الأمريكية لطب العيون "AAO"، أنّ أدوية الصرع "لاموتريجين" كان أكثر فعالية في علاج متلازمة الجليد البصري، ومع ذلك فإنّ الدواء لم يُخفِّف الأعراض إلّا في ⅕ المرضى، وتعرّض نصف هؤلاء المرضى للآثار الجانبية للدواء.
اقرأ أيضًا:هل يُعالِج الصيام متلازمة الأيض؟
التحفيز المغناطيسي المتكرر عبر الجمجمة
إحدى التقنيات المُستخدَمة في علاج الصداع النصفي ومرض ألزهايمر، إذ تستخدم النبضات المغناطيسية على الدماغ، وقد تُساعِد على علاج متلازمة الجليد البصري، لكنّ فعاليتها أيضًا لا تزال غير واضحة حتى الآن.
هل تزول متلازمة الجليد البصري تلقائيًا؟
عادةً لا تختفي متلازمة الجليد البصري من نفسها، ولا يتوافر علاج لها حتى الآن، لكنّ قد يُساعِدك الطبيب في تخفيف أعراضها بالطرق العلاجية المُخصّصة لهذه المتلازمة.
نصائح للقراءة مع متلازمة الجليد البصري
عادةً تُزعِج هذه المتلازمة الإنسان عندما يهمّ بالقراءة؛ لذلك يُفضّل اتباع النصائح الآتية للتمكُّن من القراءة رغم متلازمة الجليد البصري:
- تجنُّب الضوء الساطع في أثناء القراءة.
- وضع علامة مرجعية، أو مسطرة تحت سطور النص لمنع العين من تخطّي الخطوط.
- استخدام ورق بألوان باهتة "أبيض مصفر مثلاً" بدلاً من الأبيض الفاتح.