النظام الغذائي العمودي.. فاعلية أكبر ومشكلات هضم أقل
ربما لم يتوارد ذكر اسم النظام الغذائي العمودي ومدى فاعليته على مسامع الكثير من الرياضيين، فهو نظام غذائي يهدف في المقام الأول إلى منح جسم الإنسان الرياضي ما يحتاج إليه من سعرات حرارية توفر له الضخامة العضلية، وفي الوقت نفسه تجنبه الإصابة بالاضطرابات الهضمية.
يؤمن مُبتكر النظام الغذائي العمودي الذي سنكشف عنه لاحقًا، "ستان إيفردينغ" لاعب كمال الأجسام ورافع الأثقال السابق ومدرب التغذية الشهير، بأن مشكلات اضطرابات المعدة التي قد تُرافق الضخامة العضلية بسبب تناول عدد مرتفع من السعرات الحرارية اليومية الواردة من أغذية مُختلفة يُمكن تجنبها باتباع نظام غذائي قوي ومتوازن، وأيضًا خفيف على المعدة.
ما هو النظام الغذائي العمودي؟
استمد النظام الغذائي العمودي اسمه من حرف الـ "T" المقلوب باللغة الإنجليزية، ففي الجزء السفلي تتواجد الأغذية التي تحتوي على النشويات والفيتامينات والمعادن الرئيسة التي تضمن صحة وسلامة الأعضاء الداخلية الحيوية وقوة العظام، وتعزز مستويات إفراز الجسم للهرمونات المسؤولة عن زيادة الضخامة العضلية وتحسين جودة الاستشفاء.
وتأتي في مقدمة تلك الأطعمة المتواجدة في المحور السُفلي للنظام الغذائي العمودي منتجات الألبان، والفواكه، والخضراوات، بجانب المُغذيات النشوية كالبطاطا الحُلوة والبطاطس واللوز.
أما فرعا المحور العمودي فهما مُحتلان من اللحوم الحمراء والأرز الأبيض اللذين يمثلان أهم عوامل النظام الغذائي العمودي، من حيث توفير الاحتياجات الرئيسة من المُغذيات الأساسية "البروتين والكربوهيدرات والدهون" لأجسام الرياضيين ورافعي الأثقال، ولاعبي كمال الأجسام.
لكن لماذا يعتمد هذا النظام على الأرز واللحوم الحمراء على وجه التحديد؟ أشار "ستان إيفردينغ" إلى أن نظامه الغذائي ارتكز على منح متبعيه من الرياضيين أكبر قدر ممكن من السعرات الحرارية دون الإخلال بنظام الهضم في الجسم والوظائف الحيوية الأخرى، وهي الميزة التي تمنحها اللحوم الحمراء والأرز للرياضيين الراغبين في تحقيق تطور على مستوى الضخامة العضلية.
وإجمالاً يمكننا القول إن النظام الغذائي العمودي يتمحور حول فكرة الحصول على الفيتامينات، والمعادن، ومضادات الأكسدة المتواجدة في الأطعمة الغنية بالمغذيات، والعناصر الغذائية سهلة الهضم للمساعدة في زيادة كتلة العضلات على حساب الكتلة الدهنية وفق الأهداف الجسدية للرياضيين.
طبيعة تكوين أطعمة النظام الغذائي العمودي
تتميز أطعمة النظام الغذائي العمودي بأنها قليلة الفودماب "FODMِِAP"، والتي وقع عليها الاختيار خصيصى لمراعاة الرياضيين الذين يعانون مشكلات هضمية مثل القولون العصبي، إذ لا يستطيع الرياضيون الحصول على القيم اليومية اللازمة من السعرات الحرارية لتحقيق أهدافهم الرياضية.
وقبل التحدث بإسهاب عن أطعمة النظام الغذائي يجب معرفة طبيعتها ومميزاتها أولاً، لهذا لا بد لنا من توضيح معنى أن تكون الأطعمة قليلة الفودماب، وما الأهمية المُترتبة على ذلك؟
اقرأ أيضًا: ريجيم قاسٍ لمدة أسبوع.. نظام غذائي لإنقاص الوزن بين الفوائد والأضرار
ما هو تعريف الفودماب FODMِِAP؟
"الفودماب" مُصطلح غذائي يُطلق على الأطعمة التي تحتوي على الكربوهيدرات والسكريات الثنائية والأحادية والمتعددة قصيرة السلسلة والقابلة للتخمُر المسؤولة عن إحداث مشكلات واضطرابات مُتعلقة بعملية الهضم، إذ تمر عبر النظام الهضمي دون نجاح الجسم في تفكيكها وتحللها من خلال عملية هضم صحية. وفي الوقت نفسه الذي تستقر فيه داخل الأمعاء تُخمر بواسطة البكتيريا مُسببةً بذلك مشكلات هضمية مثل الإسهال والإمساك والانتفاخات، بالإضافة إلى انحباس الغازات.
وتعد عبارة FODMAP اختصارًا لمصطلح "fermentable oligo - Di Mono-saccharides and polyols"، وهي المركبات التي لا تتوافق مع طبيعة النظام الغذائي العمودي، ويرمز كل حرف إلى مُكون غذائي مثل الأنواع المُتعددة من السكر، بجانب السكريات الثنائية والأحادية ومركبات السوربيتول وهو أحد أنواع السُكريات المُستخدمة في العقاقير الطبية مثل أدوية الكحة والزيليتول الذي يدخل في صناعات المعجنات سريعة التحضير وغيرها.
ما هي أهمية انخفاض الفودماب لأطعمة النظام الغذائي العمودي؟
ارتكاز النظام الغذائي العمودي على أطعمة ذات طبيعة خاصة تنخفض فيه نسبة الفودماب أمر مهم لمساعدة الرياضيين الذين تحتاج أجسامهم إلى استهلاك آلاف السعرات الحرارية يوميًا، ولتحقيق تلك الغاية دون الشعور بالقلق حول الإصابة بمضاعفات هضمية مزعجة تؤثر على صحة الجهاز الهضمي وكفاءته على المدى القريب، فإن النظام الغذائي العمودي يحقق المعادلة الصعبة بتوفير أكبر قدر ممكن من السعرات الحرارية اليومية التي تحتاجها أجسام الرياضيين لتتطور مع تقليل أي أوجاع أو مشكلات هضمية مؤلمة بسبب الارتفاع اليومي في استهلاك الأطعمة لتأمين السعرات الحرارية.
وخلص الباحثون في دراسة نشرتها الجمعية الأمريكية للدواء، إلى أن النظام الغذائي العمودي الذي تدور فكرة تأثيره حول إمداد الجسم بالمغذيات الكبيرة سهلة الهضم سيكون النظام الأكثر نجاعة وفاعلية للرياضيين المصابين بالمشكلات الهضمية مثل القولون العصبي وتحتاج أجسامهم إلى حصص يومية مرتفعة من السعرات الحرارية.
مضادات المغذيات وحمض الفيتيك والليكتينات
قبل التطرق إلى أنواع الأطعمة التي يتضمنها النظام الغذائي العمودي، وما هو مسموح وما لا يُسمح بتناوله، يجب تسليط الضوء على نقطة مهمة في هذا النظام وهي مضادات المغذيات التي يمكن وصفها ببساطة بأنها مركبات تمتلك تأثيرات تقلل من قدرات الجسم على امتصاص العناصر الغذائية الأساسية من الطعام.
وعلى سبيل المثال، يعوق حمض الفيتيك والليكتينات الجسم من امتصاص وهضم معادن مهمة مثل المغنيسيوم والحديد والزنك وهو ما يؤدي إلى إعاقة الحصول على الأطعمة المليئة بالمغذيات الدقيقة، ومن ثم سيكون من المنطقي تجنب تناول أي شيء قد يعطل أو يعيق امتصاص الجسم لتلك المغذيات الدقيقة المُتمثلة في الفيتامينات والمعادن.
وعلى الجانب الآخر وعلى الرغم من سلبيات حمض الفيتيك والليكتينات فيما يخص إعاقة تلك المركبات امتصاص الجسم للمعادن المهمة من الأطعمة، فإن تلك الحقيقة لا تمنع الأهمية الكبيرة التي تلعبها الليكتينات في انخفاض مخاطر الإصابة بالسرطان.
كما يمتلك حمض الفينيك تأثيرات قوية كأحد مضادات الأكسدة المؤثرة في انخفاض عوامل الخطر للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية وحصوات الكلى.
إذن كيف يحصل الجسم على احتياجاته من حمض الفيتيك والليكتينات في النظام الغذائي العمودي؟
في الحقيقة يمكن تناول الأطعمة التي تحتوي على تلك المركبات والأحماض، والتي غالبًا ما تتواجد في البقوليات والحبوب بعد نقعها في المياه قبل الطهي لمدة لا تقل عن الـ 12 ساعة، وهو ما يساعد على تقليل الآثار السلبية المحتملة لهذه المركبات.
كما يمكن الحصول على الحصص اليومية من حمض الفيتيك والليكتينات على هيئة مكملات غذائية، لكن يفضل استهلاكها مع فيتامين سي الذي يرتبط بمواجهة التأثيرات غير الإيجابية للمركبات.
اقرأ أيضًا: نظام غذائي للتنحيف.. عليك اتباع هذه النصائح
ما هي أطعمة النظام الغذائي العمودي؟
كما هو الحال في جميع الأنظمة الغذائية الأخرى، يمتلك النظام الغذائي العمودي قائمة من الأطعمة التي يُمكن تناولها، وأطعمة لا يجب الاقتراب منها طوال فترة اتباع النظام.
وبالنسبة للأطعمة المسموح تناولها فلن نجد الكثير من التنوع، فكما ذُكر من قبل يحتل الأرز الأبيض واللحوم الحمراء الأولوية الرئيسة في الوجبات اليومية، والتي يأتي منها معظم السعرات الحرارية اليومية لمتبعي النظام.
والسبب في اختيار الأرز الأبيض دون غيره من الكربوهيدرات الأخرى، أو حتى الأرز البُني هو سهولة الهضم، وخلوه من الألياف والدهون، بالإضافة إلى مضادات التغذية، فهو عبارة عن كربوهيدرات نقية.
أما بالنسبة للحوم الحمراء فهي الأكثر كثافة بين جميع أنواع البروتينات الأخرى بالمغذيات والعناصر المفيدة الأخرى مثل الحديد الهيم وهو المتواجد في الدم والعضلات، ويتميز بسهولة امتصاصه، كما أنه يتواجد في مصادر الغذاء الحيوانية، بالإضافة إلى فيتامينات ب، والزنك، والمغنيسيوم، والكرياتين، والدهون الصحية .
وبالرغم من كل تلك الفوائد في اللحوم الحمراء، واعتماد النظام الغذائي العمودي عليها بنسبة 100%، فإن هناك بعض المخاوف الطبية المتعلقة باستهلاك كميات كبيرة من اللحوم الحمراء بسبب إمكانية الإصابة بأمراض خطيرة مثل السرطان وأمراض القلب والأوعية الدموية، لهذا من الأفضل استشارة الاختصاصيين لاختلاف معدلات اللياقة البدنية والقوة الجسدية والعُمر والصحة العامة من شخص إلى آخر.
وبجانب الأرز الأبيض يمكن الحصول على السعرات الحرارية اليومية من مصادر محددة من اللحوم الحمراء مثل الضأن ولحم الأبقار والجاموس.
أما بالنسبة للحوم البيضاء مثل الدجاج والأسماك غير الدهنية فإن البعد عن تناولها خلال فترة اتباع النظام الغذائي العمودي سيكون إلزاميًا، وذلك لافتقارها لكثير من العناصر الغذائية المهمة بعكس اللحوم الحمراء.
لكن سيكون من الرائع دمج الزبد الحيواني والأسماك الدهنية فقط مثل التونة والسلمون والسردين في جدول سعراتك الحرارية عزيزي الرجل، مع قاعدة واسعة من الخضراوات والفاكهة كالبطاطس والسبانخ والفلفل الأحمر والجزر وغيرها.
أطعمة لا تتناسب مع النظام الغذائي العمودي
على الرغم من أن الأطعمة التالي ذكرها ليست ضارة للجسم، فإنها وبحسب "إيفردينغ" ستقلل من كفاءة عملية الهضم ومن أهمها:
البقوليات والحبوب الكاملة
مثل الفول، وفول الصويا، والعدس، والحمص، إذ إنه ما دام لم يتم نقعها لمدة 12 ساعة على الأقل قبل الطهي فإنها لن تتواجد ضمن قائمة أطعمة النظام الغذائي العمودي، وفي الوقت نفسه يرفض بعض اختصاصيي التغذية تصنيف البقوليات خارج قائمة الأطعمة المسموح بتناولها نظرًا لأن الحبوب الكاملة تحتوي على العديد من المغذيات الأساسية التي تجعلها وبحسب دراسة قامت بها كلية الطب بجامعة هارفارد فعّالة في انخفاض خطر الإصابة بسرطان القولون وأمراض القلب والأوعية الدموية.
الشوفان
من الوجبات الرئيسة للاعبي كمال الأجسام والرياضيين، لكنها من الأطعمة المحظورة لمتبعي النظام الغذائي العمودي لاحتوائها على العديد من مضادات التغذية التي تقلل امتصاص الجسم لبعض الفيتامينات والمعادن المهمة.
الزيوت النباتية المعالجة
تحتوي الزيوت النباتية على نسب مرتفعة من أحماض أوميغا 6 الدهنية التي ترتبط بارتفاع احتمالية الإصابة بأمراض القلب والسِمنة، لذلك من الأفضل استبدال الشحوم الحيوانية بالزيوت النباتية، التي تزيد من نسبة الكوليسترول الجيد، وتعزز من قوة عضلة القلب والشرايين.
القهوة
ربما يكون أحد الأخبار غير السارة للراغبين في تجربة النظام الغذائي العمودي، لكن تتسبب القهوة بالجفاف والمشكلات الهضمية للبعض على الرغم من كونها أحد مضادات الأكسدة التي تقلل من خطر الإصابة بالسرطان بسبب احتوائها على بعض المركبات المهمة مثل البوليفينول، لكن من حُسن الحظ أنه يمكن الحصول عليه من شرب شاي الأعشاب.
اقرأ أيضًا: أفضل نظام غذائي للتخسيس لمدة شهر..افقد 20 كيلو بسهولة
الخضراوات الصليبية
على الرغم من أهمية الخضراوات الصليبية مثل البروكلي والقرنبيط والهليون في تقليل الالتهابات، وتقليل تلف الخلايا، ومخاطر الإصابة بالسرطان فإن احتوائها على سكر الرافينوز من الأسباب التي تتعارض مع النظام الغذائي العمودي لإمكانية تسببها بالانتفاخات ومشكلات الهضم.
وبالطبع ينطبق الأمر نفسه على البصل والثوم اللذين يمكن استبدال الشمر، والكرفس، والفلفل الحلو، والجزر بهما.
النظام الغذائي العمودي والسعرات الحرارية
النظام الغذائي العمودي يتميز بشكل عام بانخفاض الدهون، ويمكن تحويله إلى نظام لتضخيم الكتلة العضلية أو إنقاص الوزن بواسطة ضبط كميات الكربوهيدرات التي يتم استهلاكها يوميًا.
وتعتمد عدد السعرات الحرارية التي يتم تناولها يوميًا بعدة عوامل مثل معدلات الأيض، وحجم المجهود البدني المبذول يوميًا، والمستوى الرياضي من شخص إلى آخر، ويُفضل استهلاك المغذيات اليومية بحسب كل نصف كيلو غرام من وزن الجسم على النحو التالي:
- غرام واحد من البروتين لكل نصف كيلو غرام من وزن الجسم.
- 0.3 غرام من الدهون لكل نصف كيلو غرام من وزن الجسم.
- الكربوهيدرات يتم تحديدها وفق المجهود البدني والمستوى الرياضي لكل شخص.