"ومن الحب ما قتل".. عندما تنكسر القلوب حقيقةً وليس مجازًا
غالِبًا ما يبدو الموت من انكسار القلب أَمرًا وهميًا، إلا أن الخبراء يقولون إنها حقيقة علمية يمكن أن تحدث، فالحزن الشديد نتيجة الصدمات العاطفية المفاجئة، يجعل القلب ضعيفًا وغير قادر على القيام بوظيفته المعتادة، ما قد يؤدي للموت أحيانًا.
يقول "غونتر سايدلر"، أستاذ العلاج النفسي: "وجع القلب هو وصف غير ضار إلى حد بعيد.. حالات الانفصال في الحب لا تؤدي فقط إلى تعاسة مؤقتة، ولكن في الواقع تُصيب الأشخاص بالمرض"، وأشار إلى أن زوال ألم القلب هو ما يحدث غالبًا - لكن بالتأكيد ليس دائمًا، مُضِيفا أن الألم يمكن أن يستمر لمدة عامين وأحيانًا مدى الحياة.
وقد يزيد خطر إصابة الأشخاص بأمراض القلب في حال الشعور بالوحدة، ويسبب ضيق الأوعية الدموية، أو انسدادها تمامًا، وذلك بحسب دراسة سابقة أُجريت في الولايات المتحدة الأمريكية، ونشرتها مجلة القلب الأوروبية عن العلاقة بين الحالة النفسية للأشخاص وأمراض القلب.
بدأ استخدم مصطلح "متلازمة القلب المكسور" للتعبير عن هذه الحالة التي تؤدي للشعور بألم في الصدر، ليس بسبب انسداد الأوعية الدموية فقط، ولكن بسبب حالة نفسية ناتجة عن انفصال عاطفي، أو فقدان حبيب.
كيف "ينكسر" القلب؟
هي إحدى الحالات القلبية المفاجئة والمؤقتة، اكتُشفت مُؤخرًا، تسبب ضعفًا في عضلات القلب، والذي ينتج غالبًا عن التوتر أو الانفعالات الشديدة، الناتجة عن لحظات الانكسار والحزن الشديد، بل السعادة أيضًا، وهذا بدوره يتسبب في تضخم عضلة الضخ الرئيسة في القلب "البطين الأيسر".
وعندما نتعرض لعاصفة كبيرة من التوتر والغضب يتم إطلاق الأدرينالين وبعض الهرمونات الأخرى، ما يسبب تقلصًا شديدًا في الشريان التاجي مُؤَثرًا على تدفق الدم، وقد يترتب عليه حدوث صدمة قلبية، ولكن عادة ما يتم التعافي منها بشكل سريع.
وتُعرف "متلازمة القلب المنكسر" أو "تضخم البطين الأيسر" باسم "متلازمة التضخم القِمِّي" أو تسلل القلب، أو اعتلال عضلة القلب الاجهادي، وغيرها من الأسماء الأخرى.
التشخيص الأول لمتلازمة انكسار القلب
قام بالتشخيص الأول لمتلازمة انكسار القلب الطبيب الياباني "هيكارو ساتو" في أوائل التسعينيات من القرن الماضي، وأطلق عليها اعتلال "تاكوتسوبو" لعضلة القلب، وتعني باللغة اليابانية "فخ الأخطبوط"، نظرًا لأن البطين المتورم يشبه إلى حد كبير الوعاء الفخاري الذي يستخدمه الصيادون اليابانيون.
وبرغم التشابه بين أعراض "متلازمة القلب المنكسر"، والأزمة القلبية، إلا أن الأخيرة سببها انسداد الشرايين نتيجة تكون جلطات دموية، ولكن المتلازمة غالبًا ما تحدث عندما يوجد العديد من المحفزات التي تزيد من خطر اعتلال عضلة القلب، كأن يعاني شخص ما من إجهاد جسدي أو عاطفي حاد، ومن الأمثلة على المسببات الشائعة لمتلازمة القلب المنكسر:
- فقدان أحد الأحباء.
- تشخيص طبي مخيف.
- العنف المنزلي.
- الطلاق.
- فقدان الوظيفة، أو التعرض لأزمات مالية.
- الانخراط في جدال حاد.
- وفاة أحد أفراد الأسرة.
- مفاجآت غير متوقعة.
اقرأ أيضًا:كل ما تريد معرفته عن متلازمة رينود وأسباب الإصابة بها
انكسار القلب قد يقتل
تؤدي متلازمة القلب المنكسر في بعض الحالات إلى الوفاة نتيجة الإصابة بصدمة قلبية، وهي حالة غالبًا ما تكون نادرة، حيث لا يتمكن القلب من ضخ ما يكفي من الدم لتلبية احتياجات الجسم، وفق جمعية القلب الأمريكية، ولكن مع تقديم الرعاية الطبية المكثفة، تكون الحالة مؤقتة، وتعود عضلة القلب إلى وظيفتها الطبيعية إذا تم علاجها بالطريقة الصحيحة، فيما قد يستغرق الشفاء تمامًا من هذه الحالة بضعة أيام أو أسابيع.
الرعاية الطبية
ووفق موقع "مايو كلينيك" فقد يؤثر اعتلال "تاكوتسوبو" أو "متلازمة القلب المنكسر" على جزء فقط من عضلة القلب، ما يعطِّل وظيفة الضخ الطبيعية بشكل مؤقت، حيث يفرز الجسم جرعة زائدة من الأدرينالين والنورادرينالين، مع حدوث تغيرات في وظيفة الأوعية الدموية، ويتسبب في تغير نمط ضربات القلب، واضطراب في وظيفة العضلة القلبية، ليشعر المصاب بصعوبات في التنفس وألم في الصدر.
أعراض متلازمة القلب المنكسر
- تظهر الحالة المرضية عادة بأعراض قد تشير إلى نوبة قلبية حادة مثل:
- حدوث إغماء.
- زيادة خفقان القلب.
- ضيق في التنفس.
- عدم انتظام ضربات القلب.
- ضعف البطين الأيسر للقلب.
- التعرق الشديد.
- الشعور بألم شديد ومفاجئ في الصدر دون أي تاريخ من أمراض القلب.
- القيء والغثيان.
اقرأ أيضًا:أسباب وعلاج قضم الأظافر.. متلازمة مرضية أم عادة سلوكية؟
الأكثر عُرضة للخطر
تنتشر "متلازمة القلب المنكسر" بشكل أكبر بين النساء خاصة المسنات مقارنة بالرجال، فيما تُصيب الفئات العمرية الأكبر سنًّا والذين تزيد أعمارهم على 50 عامًا.
ونظرًا لأن النساء عاطفتهن عالية، كما يتعرضن للصدمات العاطفية بشكل أكبر، تزيد احتمالية حدوث المرض لديهم، إضافة إلى ذلك قد يكون للهرمونات الأنثوية تأثير على الدورة الدموية، والأوعية الدموية.
كما يتزايد تعرض الأشخاص الذين يعانون أمراضًا مثل السكري وارتفاع ضغط الدم بشكل أكبر للإصابة بهذه الحالة المرضية.
مضاعفات تكرار الإصابة
برغم أن المتلازمة قابلة للتعافي مع الرعاية الطبية الصحيحة، إلا أن تكرار الإصابة، قد يؤدي إلى العديد من المضاعفات مثل:
- عدم انتظام ضربات القلب.
- تجمع السوائل في الرئتين.
- تكوين جلطات دموية في القلب.
- انخفاض ضغط الدم.
- فشل القلب.
- تمزق جدار البطين.
التشخيص والعلاج
بحسب شدة الحالة والتاريخ الطبي للمريض فقد يختلف علاج "متلازمة القلب المنكسر"، فيما يتم التشخيص عن طريق تخطيط صدى القلب، والذي يساعد في الحصول على التصوير الطبي، والبحث عن علامات الالتهاب في القلب والأوعية المجاورة، كما يتم الفحص أيضًا عن طريق اختبار الدم وفحوصات الأشعة السينية، بجانب فحص الدماغ.
من جانب آخر تشمل الخطة العلاجية أدوية القلب والأدوية المضادة للقلق، وإعادة تأهيل القلب، وقد يكون ذلك مشابهًا للعلاج المستخدم في حالات "النوبات القلبية"، وغالبًا ما يوصي الأطباء بأدوية مثل حاصرات "بيتا" ومدرات البول، وقد يعطون الأسبرين للمرضى الذين يعانون أيضًا من تصلب الشرايين، لذا يجب العمل على تقليل أي ضغوط قد تكون لعبت دورًا في إثارة الاضطراب.
الوقاية من انكسار القلب
للوقاية من الإصابة بمتلازمة القلب المنكسر يمكن اتباع الخطوات التالية:
- طلب الدعم النفسي والعاطفي عند المرور بأزمة نفسية، أو الوقوع في مشكلة ما.
- ممارسة التمارين الرياضية كاليوجا بانتظام لتعزيز الصحة النفسية.
- الحصول على قدرٍ كافٍ من الراحة والنوم.
- اتباع نظام غذائي صحي ومتوازن مثل حمية البحر الأبيض المتوسط.
- تعلم كيفية إدارة الضغوط بشكل سليم.
وسواء كانت الأعراض ناتجة عن الإصابة بمتلازمة القلب المنكسر، أو متلازمة القلب السعيد، أو نوبة قلبية، يجب على الشخص التوجه إلى الخبير الطبي مباشرة للتشخيص الصحيح وتناول العلاج بشكل سريع، حتى لا يتعرض لمضاعفات خطيرة.