لماذا يقرأ "بيل غيتس" 3 ساعات يوميًا؟ 6 فوائد مُثبتة علميًا تُجيبك
في أحد السياقات على موقع "ريديت"، ردّ الملياردير الأمريكي الشهير "بيل غيتس" على سؤالٍ وُجِّه له بشأن عاداته في القراءة قائلاً إنه يقرأ حوالي 3 ساعات يوميًا في أثناء العطلات، وهذا شيء يدعو للتأمل، لا سيّما وأن "غيتس"، وغيره من الناجحين الذين فعلوا وحققوا كل ما قد يخطر على البال، يقرؤون بنهمٍ وهُم الذين يُفتَرض ألّا يكون لديهم متسع من الوقت.
هذه الحقيقة -حقيقة اهتمام الناجحين بالقراءة- لا بد أن تعني شيئًا واحدًا فقط؛ مهما كنت في قمة عطائك وانشغالك، يجب أن تقتطع جزءًا من يومك لهذه العادة، أو بالأحرى لتزداد نجاحًا بُحكم فوائدها المُثبتة علميًا.
الحفاظ على قدرات العقل الإدراكية
من المعروف أن العقل يُصبح أكثر عُرضة للأمراض التنكسية العصبية "مثل ألزهايمر" كلما تقدمنا بالعمر. يرجع ذلك إلى عددٍ من العوامل مثل تراكم البروتينات الضارة في الدماغ، وتلف الحمض النووي DNA وغيرهما من العوامل والأسباب الأخرى. وبحسب المعهد الوطني للشيخوخة، فإن قراءة الكتب والمجلات تُبقي الذهن حاضرًا مع تقدم العمر.
وعلى الرغم من عدم وجود علاقة مباشرة، وركز على "مباشرة"، بين القراءة وحماية العقل من مرض ألزهايمر، فإن الدراسات تشير إلى أن هذه العادة، جنبًا إلى جنب مع حل المسائل الرياضية، تُساعد على تحسين وظائف العقل الإدراكية.
كُلما بدأت مُبكرًا في الأنشطة المُحفّزة للعقل، مثل القراءة بالطبع، كان الأمر أفضل. هذا ما تُوضحه دراسة نشرها المركز الطبي بجامعة راش؛ وفيها وجد الباحثون أن أدمغة الأشخاص الذين يمارسون هذا النوع من الأنشطة، أقل عُرضة لتكوين الأنماط الدماغية المرتبطة بالخرف. علاوة على ذلك، توصلت دراسة إلى أن كبار السن الذين يقرأون باستمرار أقل عُرضة بـ 2.5 مرة من الإصابة بالخرف مقارنة بأقرانهم الذين لا يقرؤون.
لا عجب أن ذهن "غيتس" -المُقبل على عامه السبعين- يبدو مُتقدًا كما لو كان شابًا!
اقرأ أيضًا:كتب تطوير الذات والنجاح.. الحل المثالي لتحقيق أحلامك في وقت قياسي
التخفيف من حدة التوتر
يمكن للقراءة أن تكون وسيلة فعّالة للتخفيف من حدة التوتر.. وهذا بحسب بعض الدراسات، ففي دراسة نُشرت في عام 2019 وُجدَ أن القراءة بصوتٍ مسموع يمكن أن تخفف من التوتر، وكلما زاد وقت القراءة، زادت الفاعلية. وبشكل عام، وجدت الدراسات أن القراءة يمكنها أن تخفض من معدل ضربات القلب والتوتر العضلي بنسبة 68%، وكلاهما مؤشر فيسيولوجي على التوتر.
ولمن لا يطيق القراءة، ولو أن ميولك تجاهها يجب أن تتغير بعد قراءتك لهذا المقال، فهذه الدراسة تناولت أثر اليوغا والدعابة -جنبًا إلى جنب مع القراءة- على التخفيف من حدة التوتر، وما وجدوه أن ممارسة أي منها لمدة 30 دقيقة تخفف من التوتر بشكل ملحوظ.
التخفيف من أعراض الاكتئاب
عادةً ما يشعر من يعانون الاكتئاب بالعزلة والغربة عمّن حولهم، هذا إن وُجِدَ أحد حولهم أساسًا. تُساعد الكُتب على التخفيف من هذا الشعور المُوحش، وتقلل من أعراض الاكتئاب، فقراءة كُتب الخيال مثلاً يمكنها أن تستدرج القرّاء لعوالم مليئة بالسحر والونس، في حين أن كُتب تطوير الذات Self-help قد تعلمك استراتيجيات التكيف مع أعراض الاكتئاب.
هذا ليس كلامًا شاعريًا، وإنما مُدعمٌ بالأبحاث؛ يكفي أن أخبرك أن هناك ما يُسمى "العلاج بالقراءة" أو "Bibliotherapy" وفيها يصف الطبيب أو المعالج النفسي كُتبًا معينة لمساعدة المرضى على التكيف مع القلق، أو الحزن، أو الاكتئاب. على سبيل المثال، بدأت هيئة الخدمات الصحية بالمملكة المتحدة برنامج "Reading Well" وهو مشروعٌ يصف فيه الخبراء كتب تطوير الذات لحالات معينة، إذ تحتوي الكثير من هذه الكتب على قصص خيالية وغيرها واقعية يساعدان المرضى على التخلص من الاكتئاب، أو على الأقل التخفيف من أعراضه قليلاً.
اقرأ أيضًا:متى نقول عن الرّجل: إنّه رجل؟!.. 4 كتب في سيكولوجية الرجل تحاول الإجابة
تحسين القدرة على التعاطف
قبل أن نناقش هذه الفائدة، علينا أن نعرف أولاً أن للتعاطف فوائد كثيرة منها تقوية العلاقات الاجتماعية، وتحسين الجانب النفسي، فضلاً عن تعزيز الإدراك الذاتي. تُحسّن القراءة من هذه الجوانب، أو بالتحديد من القدرة على التعاطف، وذلك من خلال قصص الخيال الأدبي "القصص التي تستكشف حياة الأشخاص من الداخل" التي تساعد الأشخاص على تفهم مشاعر الآخرين.
يُطلق الباحثون على هذه القدرة "نظرية العقل" أو "Theory of Mind"، وهي مجموعة من المهارات اللازمة لبناء العلاقات الاجتماعية والحفاظ عليها. تؤكد الدراسة التي تربط بين القراءة وزيادة القدرة على التعاطف أن جلسة واحدة من قراءة الخيال الأدبي لن تكفي بالطبع، ولكن على المدى الطويل، فإن الفارق سيكون واضحًا.
تحسين جودة النوم ومن ثم الحياة
من منا لا يُمسك هاتفه المحمول قبل النوم؟ هذه العادة، وغيرها من العادات الضارة الأخرى، تُسبب لنا الأرق وتزعزع من الروتين الخاص بالنوم، وبالتالي من جودة حياتنا بشكل عام، وأعتقد أن لا أحد يختلف على مدى أهمية النوم في تحديد جودة حياتنا.
لحُسن الحظ أن القراءة قبل النوم تُساعدنا على الاسترخاء عن طريق تهدئة النشاط الذهني وترويض الأفكار الجامحة والمؤرقة، ولكن بشرط أن تختار كُتبًا مستساغة لا تثير مزيدًا من الأفكار بالطبع. أضف إلى ذلك أن القراءة بشكل عام تُساعد على النوم وذلك لأن حركة العين أثناء فعل القراءة نفسه تُرسل للعقل إشارات وكأنها تقول له: "لقد حان وقت النوم"، ولعلنا جميعًا مررنا بهذه التجربة من قبل، حيث أننا كثيرًا ما نقرأ فنشعر بالنعاس وننام، وهذا ليس شيئًا سيئًا بالضرورة إن تم استغلاله بشكل صحيح.
القراءة قد تجعلك تعيش أطول!
أخيرًا وليس آخرًا، قد تساعدنا القراءة على عيش حياة أطول! هذا ما أثبتته دراسة استمرت لأكثر من قرن، ونُشرت بدورية "PubMed"، وفيها شارك 3,635 شخص على مدار 12 عامًا. ووجد الباحثون أن الأشخاص الذين يقرؤون الكتب عاشوا سنتين أكثر من أقرانهم الذين لم يقرؤوا الكتب، أو المجلات، أو لم يمارسوا فعل القراءة عمومًا. كما ذكرت الدراسة أيضًا أن من كانوا يقرؤون لمدة 3 ساعات ونصف كل أسبوع كانوا أكثر عُرضة بنسبة 23% للعيش أطول.
بهذا نكون قد تناولنا فوائد القراءة من الناحية العلمية ودعّمنا حديثنا بالأبحاث. يُمكنكم الاطلاع على المصادر لتستزيدوا من فوائد القراءة، لأنها أكثر مما تحدثنا عنه بلا ريب، ولتتيقنوا من السبب الذي يجعل "بيل غيتس" والأيقونات الناجحة متمسكة بهذه العادة رُغم انشغالهم الشديد.