"لا تقلق من فترات الراحة".. ماذا تعرف عن الذاكرة العضلية؟
كثيرٌ مِن الرياضيين يمرُّون بأوقات راحة لا يُمارِسون خلالها التمارين المُعتادة، ما يُؤدِّي إلى ضمور العضلات وفقدان البِنية الجسدية التي أخذت منهم وقتًا وجهدًا كي تكتمل، ومِنْ ثَمّ يظنُّ بعضهم أنّ استعادة الكتلة العضلية أمر شاق سيستلزم الجهد السابق نفسه، لكن ما لا تعلمه أنّ العضلات تحمل ذاكرة بداخلها، بما يعني أنّك ستستعيد الكتلة العضلية الضامرة سريعًا طالما كُنتَ مُمارِسًا نهمًا للتدريبات قبل ذلك، فكيف تعمل الذاكرة العضلية؟ وكيف تستفيد منها بأمثل طريقة؟
ما هي الذاكرة العضلية؟
تُطلَق الذاكرة العضلية على القدرة على استعادة حجم العضلات، وذلك في عضلات دُرِّبت سابقًا، ما يعني أنّه بمُجرّد اكتساب كتلة عضلية من خلال تمارين القوة مثلاً، ثُمَّ فقدتها بعد فترة من التوقُّف عن التمرين، فإنّ هذه الكتلة المفقودة يُمكِن استعادتها في وقتٍ أسرع من الوقت الذي استغرقته في بناء تلك الكتلة العضلية أول مرة.
كيف تعمل الذاكرة العضلية؟
عندما تُدرَّب العضلات خلال التمارين، فإنّ عدد أنوية الألياف العضلية يزداد، ما يُؤدِّي إلى زيادة كتلة العضلات، وهذا ما أشارت إليه الأبحاث بأنَّ تضخُّم العضلات وزيادتها في الحجم مصحوب بزيادة أنوية العضلات، لكن السؤال هنا ماذا يحدث لأنوية الألياف العضلية عند التوقُّف عن التدريب وهل تُفقَد كلها؟
أُجريت بعض الأبحاث على الحيوانات، مُظهرةً أنَّ الأنوية العضلية المُكتسَبة خلال تضخُّم العضلات لا تُفقَد في الثلاثة أشهر التي تضمر فيها العضلات بعدما تعود إلى حجمها الطبيعي، ما يعني أنَّه على الرغم من عودة العضلات إلى حجمها الطبيعي فإنَّ أنوية الألياف العضلية لا تزال تحتفظ بأعدادها بعد اكتساب العضلات سابقًا، وهو ما يعني وجود فرص في استعادة كتلة العضلات المُكتسَبة في وقتٍ أسرع.
كذلك هناك أبحاث واعدة على البشر، تُشِير إلى احتفاظ الجسم بأنوية الألياف العضلية، بعد الانقطاع عن التدريبات على الأمد القصير، ما يعني أنَّ اكتساب العضلات بسرعة أمر ممكن، لكن الأبحاث المُجراة بهذا الصدد لا تزال محدودة حتى الآن.
الذاكرة العضلية تحت الاختبار
اختبر الباحثون نظرية الذاكرة العضلية في دراسةٍ أُجريت عام 2018، إذ أكمل المُشارِكون في الدراسة برنامج تدريب القوة لمدة 7 أسابيع، فتغيَّرت الجينات في خلايا العضلات، واكتسب المُشارِكون كتلة عضلية أكبر، ثُمَّ توقّفوا عن التدريب لمدة 7 أسابيع، ما أفقدهم العضلات التي اكتسبوها، لكن بقيت التغييرات الخلوية على حالها.
وعندما بدأ المشاركون في إعادة التدريب لمدة 7 أسابيع أخرى، تمكَّنوا من اكتساب العضلات بمُعدّل أسرع من ذي قبل.
فوائد الذاكرة العضلية
أبرز فائدة للذاكرة العضلية هي أنَّها تُمكِّنك من استعادة بنيتك الجسدية القوية بسرعة، إذ إنَّ ممارسة تمارين المقاومة بانتظام يُحدِث تغييرات خلوية مُستدامة في عضلاتك، وهذه التغييرات تُشجِّع العضلات على الاستجابة للتدريب حتى بعد مرور فتراتٍ طويلة من الانقطاع عن التدريبات الرياضية.
كم تحتاج من الوقت لتشكيل ذاكرة العضلات؟
من الصعب تحديد وقتٍ بعينه تحتاج إليه لبناء ذاكرة عضلية تُساعِدك على اكتساب العضلات رغم القعود فترةً من الوقت عن التمارين، كما أنَّ الوقت المُستغرَق يعتمد على عِدّة عوامل، مثل نوع التمرين ونوع العضلات وما إلى ذلك.
فمثلاً إذا كُنت تُركِّز على تمرين واحد، مثل تمرين عضلات الذراع الأمامية، فهذا قد يستغرق أسابيع، أمَّا ممارسة تمارين أشدّ، مثل رفع الأثقال، فقد يستغرق وقتًا أطول بالتأكيد من تمرين عضلات الذراع الأمامية.
ويُمكِن تقصير الوقت اللازم لتشكيل ذاكرة عضلية لديك عبر ممارسة التمارين بانتظام، مثل ممارسة تمارين القوة كل يومين لمُدّة شهر، وبحلول الوقت الذي تنتهي فيه من التمرين، تكون الذاكرة العضلية قد تكوّنت بالفعل.
اقرأ أيضًا:تمارين الانفصال العضلي.. أول الطريق نحو بناء القوة والجسد السليم
كم تستمر ذاكرة العضلات؟
لم يعرف الخبراء بعد إلى أي مدى تستمر الذاكرة العضلية، وتظلّ العضلات محتفظة بقدرتها على اكتساب كتلة في وقتٍ سريع، فالذاكرة العضلية قد تكون دائمة أو طويلة الأمد "ليست دائمة"، وقد أظهرت الدراسات، حسب "goodrx"، أنَّ الذاكرة العضلية بعد تمارين المقاومة تستمر 12 - 22 أسبوع، واقترحت دراسةٌ أخرى أنَّ التغيُّرات الخلوية التي تُحدِثها الذاكرة العضلية تستمر حتى 15 عامًا على الأقل!
لكن تحديد الوقت الذي تستمر فيه الذاكرة العضلية مرهونٌ بعِدّة عوامل، مثل شِدّة التمرين وعدد مرات الممارسة.
هل تُساعِد الذاكرة العضلية في بناء جسم مثالي؟
موضوع الذاكرة العضلية متمركز حول كيفية استجابة العضلات المُدرَّبة سابقًا للتدريبات، فلن تُساعِدك في بناء الجسم المثالي إذا لم تكن مُمارسًا للتمارين من قبل، لكنّها ستُساعِدك في استعادة الجسم المثالي واللياقة إن كُنتَ مُعتادًا قبل ذلك على روتين لياقة بدنية، أو ممارسة رياضة.
كيف تستفيد من الذاكرة العضلية في بناء العضلات؟
إذا كُنتَ قد انقطعت عن ممارسة التمارين لأي سببٍ كان، فالذاكرة العضلية كامنة في عضلاتك تنتظر إطلاق شرارتها لاستعادة الكتلة العضلية مُجددًا، ورغم وجود جدلٍ حول الذاكرة العضلية، ومدى فعاليتها، ومدة استمرارها، لكن قد تتمكَّن من الاستفادة منها في تضخيم العضلات وبنائها من خلال:
1. ممارسة مقدار مناسب من التمرين كافٍ لتضخيم العضلات
ينبغي للرياضي التدرُّب باستمرار "3 - 4 مرات أسبوعيًا" بمقدار 3 - 5 جلسات من 6 - 12 تكرارًا للتمارين لمدة 4 - 6 أسابيع، وهذا يُساعِد في تضخيم العضلات، خاصةً مع ممارسة تمارين التحمُّل، وتمارين القوة والتحمُّل، إذ تكتسب العضلات حجمًا مناسبًا، وتتهيأ أنوية الألياف العضلية وتمتلك ذاكرة بذلك.
2. تقليل فترات القعود عن التمارين إن أمكن
كُلّما طالت فترة الراحة، زاد ضمور العضلات؛ لذلك لا يُفضَّل الإطالة كثيرًا في فترات الراحة، أو القعود عن التمارين، فلن يُؤثِّر مثلاً الراحة لمدة أسبوع بدرجةٍ كبيرةٍ على تقدُّمك العضلي - تذكّر أنّ هناك ذاكرة عضلية - لكن الاستلقاء في السرير 3 أسابيع مثلاً سيُؤدِّي إلى ضمورٍ كبيرٍ بلا شك.
لذا حتى وإن أخذت راحة من التمارين، حاول أن تبقى نشطًا قدر المُستطاع، ولا بأس ببعض التمارين الخفيفة إن أمكن ذلك.