رائد الأعمال عبد الله سحاب: القبول بالمفاهيم الابتكارية هو التحدي.. رافق خطواتي أم حكيمة وزوجة حبيبة
المهندس عبد الله محمد سحاب، بدأ حياته المهنية في مشروع الاتصالات السادس حتى وصل إلى مناصب عليا بالشركة، انخرط بعالم ريادة الأعمال والاستثمار في الشركات الناشئة، سبقت ذلك تجارب بمجال الخدمات في القطاع الخاص والاستثمار، شارك بعدها في أعمال تقنية كثيرة؛ من بينها الذكاء الاصطناعي، والتقنيات العميقة، والأمن الغذائي والاستدامة البيئية، ويشغل اليوم منصب الرئيس التنفيذي لشركة iRAMA، الخاصة بتقديم حلول الاستدامة والأمن الغذائي.
المحطة الأهم التي أثرت في مشواره كانت فوزه بلقب «أول مشغل اتصالات سعودي بدولة سلوفينيا بأوروبا»، إذ كانت ثمرة شغفه بالتقنية والإبداع، ساعده على ذلك إيمانه بالبساطة ومتابعة التوجهات العالمية «الترند».
"الرجل" حاورت رائد الأعمال عبدالله محمد سحاب وتوقفت عند مبادراته التقنية في الزراعة واستخدام الآلة ذاتية العمل أو شبه الذاتية وإنترنت الأشياء وتسخير التقنيات الحديثة وتوطينها، وجوانب مختلفة من تجربته الرائدة في حوارنا التالي:
أخبرنا عن تجربتك في تأسيس شركة سعودية في مجال الزراعة العمودية تعد نموذجًا في الاستدامة والاكتفاء الذاتي من الخضراوات الطازجة، خاصة أن المملكة تنفق لاستيرادها نحو 28 مليار ريال سنويًّا؟
مجال التقنيات الزراعية الحديثة والعميقة على مستوى العالم محتكر في دولتين (هولندا - الكيان الصهيوني في الأراضي المحتلة) وكلتاهما بنت هذا العلم بسبب الحاجة، فهولندا أكثر من ٨٠٪ من أراضيها تحت سطح البحر، وبناء على أن الحاجة أم الاختراع، ابتكروا العديد من الحلول للزراعة بدون تربة، وسادوا دول العالم في هذا المجال، ثم دولة الاحتلال نظرًا لقلة الأراضي الزراعية اضطرّوا إلى التوجه إلى الزراعة الحضرية داخل المدن واستخدام التقنيات الحديثة.
توطين الزراعة
من هنا وبعد تقارير الفاو ومواضيع الأمن الغذائي وقلة الموارد الغذائية مقابل زيادة الاستهلاك ونقص المياه والأيدي العاملة بهذا المجال، قررنا تأسيس شركة تبني مزارع تقنية دون تربة داخل بيئات محمية وباستخدام تقنيات ميكانيكية مدعومة بإنترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي لإنتاج أغلب المنتجات الزراعية حسب الطلب، وتوطين هذه الصناعة والمهنة وتشغيلها بأيدٍ سعودية، من وقت احتضان البذرة حتى الحصاد، وتخدم هذه التقنيات المزارع الحضرية والمزارع المائية والأحيومائية والمزارع العمودية، كما تخدم زراعة أسطح المنازل والواجهات للمباني والمحلات. وهذه التقنيات تساعد على توفير الغذاء بأيدٍ وطنية في بيئة حضرية مدنية نظيفة ودخل جيد وتقليص عدد العمالة الوافدة.
تحقيق هذه الأهداف بالإضافة لمتابعة التوجهات العالمية «التريند» جعل منا شركة وطنية مبتكرة في هذا المجال ومتفوقة على نظيراتها في الزراعة العمودية واستخدام إنترنت الأشياء والتقنيات العميقة لتسهيل الزراعة على المواطن سواء كان على مستوى شخصي أو تجاري.
والدي مدرسة
ممن تلقيت الدعم والتشجيع؟
كان الدعم الأول من والدي ووالدتي -رحمهما الله - فقد كان والدي مدرسة في الطموح والتسامح، أما والدتي فمدرسة في الحكمة وأخذ العظة والعبرة، وكان وما زال معلمي في المجال العملي أخي الدكتور أحمد سحاب.
ما دور المرأة في حياتك؟
أنعم الله عليَّ بأم حكيمة وزوجة حبيبة، تحملت كل ظروف عملي وانشغالي وست أخوات بنات كنَّ جميعًا صديقات مساندات لي بكل خطوات حياتي، وأتم الله نعم وجود المرأة في حياتي بخمس بنات (سارا- راما – دانا – سيلين – ألما).
ما الذكرى التي كان لها أثر في حياتك؟
عام 2010 حدث خلاف بيني وبين مديري الذي لا يزال صديقي إلى اليوم ودفعني إلى ترك العمل الوظيفي، وكان هذا الخلاف هو سبب دخولي عالم ريادة الأعمال…
لو عاد بك الزمان ماذا كنت سوف تختار أن تصبح؟
لوعاد بي الزمان لاخترت أن أكون رجل أعمال، أنا مقتنع بأن الله سبحانه أعطاني من الحظ أعظمه بكل شيء، حتى في مجال عملي فكنت محظوظًا بأني درست وامتهنت المجال التقني والاتصالات، التي كانت وما زالت قائد الابتكار بالعصر.
استراتيجية تعزيز الزراعة
ما هو موقع التوازن البيئي والأمن الغذائي في الزراعة وفق مستهدفات رؤية المملكة 2030؟
مبادرات الرؤية بهذا المجال متعددة، أهمها مبادرة السعودية الخضراء، وجميع ركائز الرؤية (مجتمــعٌ حيــويٌّ، اقْتِصَـــــادٌ مُزْدَهِـــــــرٌ، وَطـــنٌ طمــــــوحٌ) تتقاطع مجملاً بالتنمية الزراعية والأمن الغذائي، وتنمية الاقتصاد الأخضر. وعلى سبيل المثال تمثل الموجة الأولى من أكثر من 60 مبادرة أُعلن عنها في إطار SGI (المبادرة السعودية الخضراء) وذلك في عام 2021 استثمارًا يزيد على 700 مليار ريال سعودي، والهدف تحسين نوعية الحياة وحماية البيئة لصالح الأجيال القادمة في المملكة العربية السعودية.
وأعتقد أن في هذا وضوحًا لتوجه مملكتنا الحبيبة إلى اتجاه الزراعة ومشاركة حكومة خادم الحرمين للوصول إلى الأهداف الغذائية والبيئية وتحقيق مستهدفات التنمية المستدامة.
ذكرت أنه نحتاج إلى نحو 3,000 فكرة خام حتى تصل إلى منتج تجاري ناجح ؟ كيف؟
نعم، يمر علينا الكثير من الأفكار والتي هي رزق من الله سبحانه يهبها لعباده، وللأسف نتجاهل أكثر من 99% من الأفكار أو لا نلقي لها اهتمامًا ولا تصل بنا إلى لحظة الـفكرة، وهناك من تلمع الفكرة لديه ويتجاهلها ولا يبدي أي اهتمام إلى تطبيقها، وتذهب نفس الفكرة إلى شخص آخر، ويطبقها ولكنه لا ينجح في التطبيق ويكفيه شرف المحاولة، بينما نفس الفكرة تصل لشخص ثالث يبني لها دراسة جدوى ويوجهها إلى عميل واضح ومحدد، ومن ثم تتحول إلى عمل ريادي مستدام.
مشروع التوسعة الشامل
حدثنا عن أهم محطاتك المهنية وماذا تعلمت منها؟
مررت بمحطات قليلة ولكنها ذات أثر إيجابي عالٍ عليَّ في مسيرتي الاحترافية، ومن أهمها العمل في مشروع التوسعة السادسة الشامل لمنظومة الاتصالات بالمملكة وبعدها التحقت بـ STC التي كانت الجامعة الأعظم في حياتي المهنية، وبعدها احترفت بناء الشركات الريادية في مختلف المجالات.
رفض التغيير
ما التحديات التي واجهتك وكيف تغلبت عليها؟
التحديات جزء من العمل والتغلب عليها يحتاج إلى الخبرة والإصرار والشغف، ولكن أكثر تحدٍّ هو العمل في مفاهيم ابتكارية ريادية لم يسبقنا إليها أحد. ومن ثم مواجهة رفض التغيير أو قبول الجديد يُعد أكبر تحدٍّ لدى كل ريادي وكل مبتكر، يحتاج إلى مجهود كبير في إثبات المفهوم وإثبات القيمة المضافة.
أول مشغل اتصالات
ما أبرز الإنجازات التي تعتز بها؟
أعتز بحصولي على صفة أول مشغل اتصالات آسيوي وعربي في سوق الاتحاد الأوروبي، حيث كان لدي عدة مبادرات لإنشاء شركات تطوير تقنيات بمنطقة البلقان لإنشاء بعض التطبيقات والأنظمة ما بين البوسنة وكرواتيا وسلوفينيا، نتج عنها شراكة مع شركة تقديم خدمات إنترنت ISP، وفي هذه الأثناء اشترط الاتحاد الأوروبي وجود ٣ مشغلين بكل دولة للدخول في مبادرة التجوال الأوروبي الموحد Flat Rate بين دول الاتحاد الأوروبي، وكان في تلك اللحظة خروج المشغل الثالث في سلوفينيا، وطلب مني شريكي تقديم ملف تقني مقنع للحصول على الرخصة الثالثة. وبفضل الله قبل كل شيء ولحاجة الدولة وقتها جرى منحنا هذه الرخصة التي تشمل بجانب الجوال الإنترنت والرسائل والألياف الضوئية وبتكلفة لا تذكر.
هذا حافز لنا لنكون واحدة من أسرع شركات الاتصالات في العالم نموًّا وتحولاً إلى حالة الربحية، فضلاً عن إنجاز تدريب وتوجيه أكثر من 7000 مستفيد في مجال الابتكار أو ريادة الأعمال.
التوسع والانتشار
ما طموحاتك المستقبلية؟
أطمح بالتوسع والانتشار، والاستمرار في بناء شركات ريادية متميزة على مستوى العالم ومستدامة تجعل من القطاع الخاص السعودي قياديًّا وواحدًا من أفضل 7 أسواق ريادية عالميًّا.