المؤلف والمخرج علي سعيد: الراحة تصيب الفنان بالتبلّد.. وأفلامي ليست للتسلية فقط
بدأ حياته العملية صحافيًّا يكتب عن السينما ويواكب مسيرتها، ثم غادر مهنة الصحافة، واتجه قبل نحو خمس سنوات فقط إلى احتراف السينما، فأصبح مؤلفًا ومخرجًا سينمائيًّا، مشغولاً ومسكونًا بشغفه في صناعة الأفلام وكتابة السيناريو، ونال عن أعماله التقدير والجوائز في مهرجان البحر الأحمر السينمائي.
يرى أن الفيلم ليس مجرد مشاهدة للتسلية بل لإثارة الأسئلة والمشاركة في تجربة إنسانية خلاقة مع المتلقي، منوهًا بأن بلده السعودية لديها كثير من المقومات الفنية التي تُمكنها أن تنتج سينما محترفة.
«الرجل» التقت المخرج والمؤلف السعودي علي سعيد.. حول بداياته وإنجازاته وأبرز القضايا التي أثارها في أعماله والجوائز التي حصدها دار حوارنا الآتي:
بطاقة تعريف:
الاسم : علي سعيد
الحالة الاجتماعية : متزوج
العمر : 43
العمل : سينمائي وكاتب
التخصص: بكالوريوس الإعلام من جامعة دمشق
أنتج ثلاثة كتب هي: الحقيبة الجلدية (بصحبة مفكرين وأدباء وفنانين) و(الدانة) و رواية (كونيكا 19).
ذاكرة الطفولة
كيف بدأت علاقتك بالفيلم السينمائي؟
بدأت في وقت باكر جدًّا من خلال مشاهدة الأفلام على أشرطة الفيديو، أيام الطفولة فى الثمانينيات، وأتذكر بشكل خاص فيلم (السيرك) لشارلي شابلن، خاصة مشهد غرفة المرايا المدهش، وفيلم (رامبو- بداية الدم).
اقرأ أيضًا:الممثل عزيز غرباوي: تركتُ الهندسة لُأطارد حلمًا.. تستهويني الأدوار "الشريرة"
صحافة ثم سينما
وهل ذهبت لدراسة هذا المجال.. حين كبرت؟
لا لم أدرس السينما، كانت الأفلام أشبه بشغف لا واعٍ، شيء تحبه كثيرًا ولا تعرف ذلك لكن لحسن حظي ذهبت لدراسة الإعلام في جامعة دمشق، وقد كان للفيلم والسينما مواد ضمن المنهج، إلى جانب الحياة السينمائية في مدينة الياسمين (دمشق) قبل الحرب.
إذن متى احترفت مجال السينما؟
احترفت مجال السينما نهاية عام ٢٠١٧ حين استقلت من صحيفة الرياض، كان ذلك بعد الإعلان عن موعد افتتاح صالات السينما في عام ٢٠١٨.
وماذا فعلت كل تلك السنوات السابقة؟
عملت في الصحافة الثقافية والسينمائية بصحيفة الرياض، وكان الدفاع عن السينما من ضمن نشاطنا الذي واكبته بين أعوام 2009- 2016، إلى جانب كتابة عديد من السيناريوهات.
مشاركة إنسانية
إلى أي مدى أفادتك دراستك في مجال الصحافة والإعلام في مهنتك الحالية كاتب ومخرج سينمائي؟
أفادتني بشكل حاسم، مثلاً خلال العمل على فيلم (قصة ملك الصحافة) الوثائقي، كتبت أسئلة ومحاورة جميع ضيوف الفيلم، هذا الفعل تعلمته من الإعلام والصحافة وليس السينما.. وأعتقد أن فن المحاورة هو من المهارات الضرورية لصانع الفيلم الوثائقي، بل حتى الفيلم الروائي، ففي أفلامي دائما هنالك محاولة لتوليد أسئلة في عقل المشاهد، فالفيلم ليس فقط للتسلية بل للمشاركة الإنسانية الخلاّقة.
كيف وجدت تحويل موهبتك إلى مهنة؟
مسألة صعبة وتتطلب تضحيات، كون مجال صناعة السينما حديثًا وجديدًا لدينا.
من اكتشفك؟ وكم أخذت من الوقت للوصول إلى الاحتراف؟
كوني تركت الوظيفة في الصحافة إلى العمل السينمائي الحر، كاتب ومنتج ومخرج، فإن المسألة أخذت بضع سنوات، وما زلت أعمل في وضع يفتقد الأمان الوظيفي، ولكن لست خائفًا، لأن الفنان كائن قلق، وحياة الراحة تصيبه بالتبلّد الذهني، وأنا هنا مع نيتشه حين قال: "كن في خطر".
حصلت على ٣ جوائز أخيرًا في أفلام السعودية...ماذا يعني لك الفوز؟ ولماذا؟
لله الحمد كتبت عددًا من النصوص السينمائية الفائزة، كانت حصاد سنوات من العمل والتفكير في فن السينما مثل فيلم (ليمون أخضر) و(بوصلة) الفائزين ببرنامج (بعيون سعودية) عام 2015 و(بيانست)، وفاز فيلمى الروائي (رقم هاتف قديم) بجائزة السيناريو لعام 2021 في مهرجان أفلام السعودية، وأُنتج واختير فيلم افتتاح الدورة الثامنة من مهرجان أفلام السعودية 2022، كما ابتكرت وكتبت وأنتجت فيلم (قصة ملك الصحافة) الفائز بالنخلة الذهبية جائزة لجنة التحكيم في مهرجان أفلام السعودية 2023، كما كتبت وأنتجت فيلم (ترياق) الفائز بجائزة النخلة الذهبية لأفضل فيلم روائي قصير وأفضل تصوير سينمائي بمهرجان أفلام السعودية.
الروتين اليومي
كيف تبدأ يومك ؟ وما الذي يغير روتينك اليومي؟
من نهاية ٢٠١٧ أبدأ يومي غالبًا بكتابة اليوميات، وجزء من المذكرات، كما أني خلال العمل على مشروع كتابة، سواء كان سيناريو أو كتابًا، أتوقف عن التواصل مع الآخرين منذ الصباح حتى الانتهاء من الحصة اليومية للكتابة، والذي تغير في روتيني هو التحول لحياة المحترفين وهي مغايرة لحياة الموظفين، إذ عليك العمل باستمرار للبقاء والتطور معًا.
كيف تختار ثيابك وعطرك؟ وهل تشتريها بنفسك؟
نعم، في الآونة الأخيرة، أصبحت أشتري أونلاين، بسبب ضيق الوقت، لكن هذا لا ينطبق على العطور، لأني دقيق جدًّا في اختيار العطر، كونه يمثل شخصية الرجل.
اقرأ أيضًا:التشكيلية سميرة إسماعيل: التفاصيل تُلهمني.. سنلحق بالركب بتمكين الذائقة والفن
الدراما رومانس
من هو قدوتك في الإنتاج والتأليف والإخراج؟ ولماذا ؟
ليسوا قدوة بل هم ملهمون، أو ربما مبدعون فتحوا لي أفقًا في التفكير السينمائي والأدبي أذكر هنا: وودي آلان عباس وكياروستامي، وجان لوك غودار، وإنغمار بيرغمان. ومن الأدباء والمفكرين مظفر النواب والطيب صالح ونصر حامد أبو زيد وأدونيس.. والقائمة تطول.
بين اختيار موضوعات الكتابة (اجتماعية، ووثائقية، ورياضية، وأدبية)، أيها الأقرب إلى نفسك؟
الكتابة الروائية وتحديدًا أحب العمل في نوع "الدراما، والدراما رومانس"، ولكن ليس بالطريقة المباشرة الفجة والاستهلاكية بل أميل للكتابة التي تميل للتأمل في الفيلم وتشارك المتلقي بناء الحدث السينمائي.
هل تحرص على تطوير قدراتك ومهاراتك؟
نعم... أعكف دائمًا على قراءة كتب السينما للتثقيف الذاتي، وأدين كثيرًا لمذكرات وكتب للمخرجين عن تجاربهم، لقد كانت بالنسبة لي معهدًا سينمائيًا خاصًا وملهمًا...
أدوات سينمائية
برأيك ما أهم الصفات التي يجب أن يتحلى بها صناع السينما؟
القدرة على قص الحكاية بأدواته السينمائية ولا يكتفي بالسيناريو.
ما الصورة التي تحب أن يراك فيها الآخرون؟
كما أنا.
أصعب سيناريو كتبته؟ ولماذا؟
تجربة كتابة مسلسل تاريخي وهو طور الإنتاج، كان تجربة صعبة تطلبت السفر والعزلة لأشهر.
أدين للرؤية
ما انعكاسات رؤية ٢٠٣٠ على أعمالك؟
أنا من الجيل الذي يدين للرؤية، التي منحت الشباب رؤية ثابتة وجديدة في صناعة السينما بالسعودية، فضلاً عن أن أفلامنا لم تكن لتتحقق لولا التغيير الذي حدث، هذه حقيقة ويجب أن نذكر أنفسنا بها باستمرار.
ما أجمل لقاء بحياتك المهنية؟
لقاءات عديدة كانت جميلة، منها لقاء إذاعي على قناة مونت كارلو أجرته غادة الخليل، وأيضًا لقاء على سكاي نيوز عربية مع لانا الجندي ولقاء برنامج فيلمر مع براء عالم.. وأخيرًا لقاء روتانا خليجية مع لبنى عبد العزيز وريم البساطي.. وسيكون هذا اللقاء بين أجمل اللقاءات الصحافية.
المرأة ملهمة
ماذا تعني لك المرأة؟
المرأة بالنسبة للفنان هي الإلهام والامتلاء، غيابها بالنسبة للفنان الخواء والنقص. طبيعي أن يجد الفنان في المرأة الكيان الملهم، ولكن في نفس الوقت، أحيانًا يفضل الرجل أن يكون وحيدًا، وأن يبقي المرأة كحالة في مخيلته، وليس مباشرة بشكل محسوس، وهذا يعني حسب الحالة الروحية التي يعيشها الفنان وأيضًا حسب الحالة المزاجية.
كيف تتعامل معها إذا غضبت؟
أتجنب التصعيد.
وكيف ترضيها؟
هدية أو نزهة أو دعوة للعشاء على البحر.
هل لديك هوايات أخرى؟
كرة السلة، لعبتي منذ الطفولة وما زالت أحاول بين وقت وآخر اللعب مع الأصدقاء.\
أمنية تتمنى تحقيقها؟
أن أصنع أفلامًا روائية تشبهني.
تقدير للحب
ما الفيلم الذي تحضر له؟ وما مشروعك الروائي القادم؟
أعمل حاليًّا على فيلم وثائقي طويل وأيضًا مشروع كتابة مسلسلات، وهي مشاريع لا تمثلني بالدرجة الأولى ولكن تمثل الجهة التي طلبتها، أما ما يخص مشروعي الروائي القادم فتكملة ما بدأته في فيلمي “رقم هاتف قديم“، وهي منطقة الحب والعاطفة أو ما يسمى بدراما الرومانس، لأننا اليوم بحاجة إلى الحب في زمن تبلدت فيه العواطف وأصبح هناك سخرية من الحب، فالجيل الحالي يتعامل بسخرية واستهزاء من الحب لم تشهده العصور السابقة. في زمن “ألف ليلة وليلة“ و”مجنون ليلى“ كان هنالك قيمة وتقدير ونظرة إجلال للحب، وهذا النوع من الكتابة قريب من مشاهداتي وأتفاعل معه، وأعتقد أنه بإمكاني أن أعمل عليه بشكل جيد كوني أشعر به.
ماذا يعني لك الغد؟
موعد مع الحلم.