خالد البكر الرئيس التنفيذي لمركز جودة الحياة في السعودية: قمة اللذة في قطف الثمار وسعادتي في الإنجاز
ليس من اليسير أن تمسك الدفة في برنامج طموح يأخذ على عاتقه أن تصبح الآمال حقيقةً وواقعًا يعيشه السعوديون والمقيمون والزوار على حد سواء، برنامج منبثق من رؤية المملكة 2030 يتطلع إلى دور محوري في تحسين وإثراء حياة الفرد والمجتمع، عبر تمكينه للنشاطات الثقافية والترفيهية والرياضية والسياحية، دافعًا المجتمع إلى تعزيز أنماط الحياة الإيجابية، وإحراز المزيد من الازدهار والرقي.
المهمة كبيرة ولكن الرئيس التنفيذي لبرنامج جودة الحياة خالد بن عبدالله البكر، أخذ على عاتقه خوض غمار هذا التحدي معبرًا بتواضع أن النجاحات التي حققها البرنامج من الإجحاف أن ينسبها لنفسه، بل لفريق العمل الذي كان في صلب تلك الإنجازات، حيث تضافرت الجهود والشراكات لخلق نوعية حياة أفضل، واستحداث خيارات متنوعة، للتمتع بحياة صحية مفعمة بالنشاط، وتطوير مناطق حضرية أكثر ملاءمة للعيش، وابتكار قطاعات واعدة جديدة، توفر الفرص الاقتصادية والاستثمارية، وتُسهم في تنويع فرص العمل، وتحسين الحياة في جميع المدن السعودية.
منصة الرجل حاورت الرئيس التنفيذي لبرنامج جودة الحياة خالد بن عبدالله البكر في مكتبه بالعاصمة الرياض، وتوقفت عند أهم محطات تجربته الشخصية، متحدثًا عن التحديات والإنجازات العامة والخاصة، ومفهومه للنجاح وأمنياته ورؤيته للسعادة، معبرًا عن ثقته بما يحمل الغد من خطط ومبادرات طموح، ستجعل الحياة أفضل وأجمل.
حدثنا من هو خالد البكر؟
خالد البكر هو شخص طبيعي ابن عائلة طبيعية، والدي حصل على الدراسات العليا من الولايات المتحدة الأمريكية، والدتي كانت مُعلمة وهي الآن متقاعدة، أنا حصلت على ماجستير في إدارة الأعمال، كما لدي شهادة في الإدارة من كلية لندن للأعمال، وأشغل حاليًّا موقع المدير التنفيذي لبرنامج جودة الحياة.
تحديات البداية
كيف كانت خطواتك الأولى في عالم الأعمال؟ وما أهم التحديات التي واجهتها؟
الطريق لم يكن مفروشًا بالورد، حيث إنني تخرجت في الثانوية العامة وكنت الخامس على مدينة الرياض والسادس على المملكة، فكنت من المتفوقين، ثم التحقت بجامعة الملك سعود في تخصص المحاسبة لمدة سنة، ثم سافرت للابتعاث، وقبل مدة بسيطة على التخرج، حدثت مشكلة وهي عدم تجديد التأشيرة، فاضطُررت إلى العودة ودراسة البكالوريوس مجددًا، ولأنني على علم بمعظم المواد، بدأت العمل والدراسة معًا، ومن هنا بدأت العمل الحر، الذي كنت أحرص عليه منذ أن كنت طالبًا في الثانوية مع العائلة، حيث أتاح لي والدي فرصة العمل من خلال تخصيص محل لي لبدء العمل به. ورغم أنني لم أحقق النجاح الكبير فإن التجربة أضافت لي الكثير.
وهل تابعت مسيرتك التعليمية؟ وأين تشكلت خبراتك العملية في تلك المرحلة؟
نعم حصلت على البكالوريوس، ثم الماجستير بمرتبة الشرف، وبعد ذلك التحقت بكلية لندن للأعمال وحصلت على شهادة في الأعمال، وخلال تلك الفترات مررت بالعديد من التجارب، حيث كنت أعمل في شركة عائلية تمتلك مجموعة من الأعمال، إحداها مدارس دولية خاصة بها أكثر من 8 آلاف طالب، وكنت مسؤولًا عن تطوير الأعمال في هذه الشركة، وكذلك عملت في شركة "لامبورغيني" مديرًا للمبيعات في السعودية والبحرين، وبعدها عملت في قطاع المقاولات لمدة 6 أشهر مع شركة لديها أكثر من 7 آلاف عامل، ثم أتيحت لي الفرصة للالتحاق بالقطاع الرياضي حيث توليت مهام العديد من المشاريع، ثم أمانة مجلس الإدارة بشركة القدّية. ومع جائحة كورونا كلفت بالعمل في إجلاء المواطنين الراغبين في العودة من الخارج المعروف ببرنامج "عودة آمنة" وهو برنامج حقق العديد من الإنجازات، ويؤكد حرص الدولة على سلامة وحماية مواطنيها، ثم بدأت العمل في برنامج "جودة الحياة"، وكل تلك الخبرات هي التي جعلتني ملمًّا بالعديد من القطاعات.
ما هي قصة اختيارك رئيسًا تنفيذيًّا لبرنامج "جودة الحياة"؟
في بداية حياتي عملت في القطاع الخاص، ومع رؤية المملكة 2030 المباركة توجهت نحو القطاع الرياضي، فعملت في الهيئة العامة للرياضة التي تحولت الآن إلى وزارة الرياضة. لقد تمّ استقطابي وقتها من قبل الأميرة ريما بنت بدر بن سلطان للعمل في الإدارة العامة للرياضة المجتمعية، وبعدها انتقلت للعمل في مشروع "الفورمولا إي" مع سمو الأمير عبدالعزيز بن تركي الفيصل، ثم انطلقت في مشروع العمل في الرؤية من خلال إحدى مبادرات وزارة الرياضة الموجودة في "جودة الحياة"، وبعدها تنقلت في العمل في أكثر من جهة حكومية، والآن أصبحت في برنامج "جودة الحياة"، وهذا سر رؤية المملكة 2030 التي جعلت كل شخص يمتلك إرادة يستطيع الوصول إلى ما يطمح إليه إذا صاحب تلك الإرادة العمل والجد والاجتهاد.
ما المحطات والخبرات التي شكلت رصيدك لشغل هذا الموقع؟
خبرات التنقل والأعمال، حيث إنني عملت على عدة أعمال كان أكبرها مشروع الفورمولا إي، بالإضافة إلى مبادرة الأكاديميات الرياضية التي تولاها فيما بعد الأستاذ عبدالله حماد، وفي " الفورمولا إي" بدأت أحضر اجتماعات للأمير محمد بن سلمان ولي العهد، وبدأت التعرف على عدد من المسؤولين والوزراء، ومن هنا كانت بداية الرحلة، حيث عملت في عدة لجان من خلالها تعرفت على عدد من المسؤولين الحكوميين، إلى أن جرى اختياري للبدء في "جودة الحياة" في عام 2020، ولم أبدأ رئيسًا تنفيذيًّا ولكن بدأت رئيسًا لقطاع دعم التنفيذ لما أمتلك من خبرات في قطاع التنفيذ، وبعد عام وشهرين تقريبًا قرر مجلس الإدارة إسناد المهمة لي.
القادم أفضل وأجمل
ما هو الإنجاز الأهم الذي حقق نقلة نوعية لبرنامج "جودة الحياة" منذ توليك مسؤولية المدير التنفيذي حتى الآن؟
تحققت العديد من الإنجازات في "جودة الحياة"، وللأمانة لا يمكن أن تُنسب تلك الإنجازات إلى شخص معين ولكن لفريق عمل، ومن أهم هذه الإنجازات أننا تمكننا من الاستثمار في الفريق، فنسب الاستقالة اليوم لا تصل إلى 5 % مع أن المتوسط الطبيعي يراوح بين 10 و15 %. نجحنا في استثمار فريق العمل في التدريب والتعلم والتطوير واكتساب الخبرات، وأيضًا في تفويضهم بالصلاحيات التي مكنتهم من أداء عملهم، وهذا هو ما حقق الإنجازات.
هل يمكن تقديم بعض الأمثلة على شراكات برنامج جودة الحياة التي تكللت بالنجاح؟
جرى افتتاح مركز العمليات الأمنية الموحدة "911" في الرياض والشرقية، وقريبًا في المدينة المنورة، وأيضًا المناطق الشمالية والجنوبية بالشراكة مع وزارة الداخلية، وفي الرياضة أيضًا أكاديمية "مهد" التي أصبحت أكاديمية مستقلة من برنامج بسيط، وذلك بالشراكة مع وزارة الرياضة.
وفي القطاع البلدي هناك العديد من المشاريع التي أُعلن عنها، بعضها نُفذ، أو دخل حيز التنفيذ، وبعضها قريبًا يبدأ الإعلان عنه. وهناك أيضا مشاريع مع هيئات التطوير، وكذلك نفتخر بالشراكة مع الهيئة العامة للترفيه برئاسة المستشار تركي آل الشيخ، حيث إن هناك العديد من الفعاليات التي تمت بالشراكة معها وكان لها صدى كبير.
الأمر نفسه في قطاع الثقافة، وكذلك في قطاع السياحة نفذنا العديد من الأعمال خلال الفترة الماضية، فالإنجازات كبيرة لكن من الإجحاف أن أنسبها لنفسي فهي نتاج عمل الفريق.
كيف ينعكس التعاون مع مختلف الجهات على جودة حياة المواطنين؟
في ظل هذا التعاون وهذه المشروعات الكبيرة من المؤكد أن لها جوانب إيجابية متعددة، وكلها تؤثر في التصميم الحضري للمدينة وشكلها في المستقبل، فما شهدناه في مختلف المدن السعودية خلال السنوات الخمس الماضية من تحول كبير يؤكد أن القادم سيكون أفضل وأجمل.
الداعمون والقدوة
من هم الأشخاص الذين يمكن اعتبارهم الداعم الأكبر في مسيرتك؟
اليوم لا أصنفها كدعم، لكن احتكاكي بشخصيات معينة جعلني أتعلم منها الكثير، إذ تعلمت الكثير من الأميرة ريما بنت بندر، وكذلك الأمير عبد العزيز بن تركي. أما أكثر شخص بقيت معه فهو السيد أحمد الخطيب، حيث تعلمت منه الكثير خصوصًا فيما يخص التنفيذ والإنجاز وكيفية تحويل الأحلام إلى واقع، خاصة في ظل الدعم الموجود من القيادة. كما أن جلسات العمل مع أصحاب المعالي ومنهم مازن الكهموس وإبراهيم السلطان والمستشار تركي آل الشيخ، والأمير بدر فرحان وزير الثقافة، فكل منهم تعلمت منه شيئًا معينًا يصنع شخصيتك ويضيف لك خبرات.
اقرأ أيضًا:المؤلف والمخرج علي سعيد: الراحة تصيب الفنان بالتبلّد.. وأفلامي ليست للتسلية فقط
من هو القدوة بالنسبة لك في برنامج "جودة الحياة"؟
قدوتنا اليوم هو سمو ولي العهد، فهو أول من أطلق هذا المسمى، وأول من حرص على جودة الحياة، كما أنه حريص كل الحرص في كل مشاريع الدولة على وجود جوانب من جودة الحياة. وعلى سبيل المثال مشروعات صندوق الاستثمارات العامة كلها يتم فيها ذكر جودة الحياة، حيث إن "جودة الحياة" تقع في قلب أعمال الدولة. قدوتي هو سمو ولي العهد بسبب الطموح الذي يمتلكه والأفكار التي تجعل الفرد يفكر في كيفية الوصول إلى جزء من هذا الطموح.
واليوم مدينة الرياض تحديدًا بها من المشاريع ما لا يمكن حصره، ومنها على سبيل المثال لا الحصر: حديقة الملك سلمان، والمسار الرياضي، والدرعية، ووسط الرياض. فالرياض اليوم الرافعات بها في كل مكان، وهذا يغير بالفعل شكل الرياض من كل النواحي، فما تمر به الرياض وكل مدن المملكة شيء ضخم للغاية، ومن ثم مع مثل هذه الأمور نحتاج إلى مزيد من الصبر.
ديوانية العائلة
كيف أثرت التزاماتك وأعمالك على أسرتك وعائلتك؟ وكيف استطعت أن توفق بين العمل والمهام العائلية؟
أملك قاعدة أحاول الحفاظ عليها، وهي أنني أخصص ثماني ساعات للعمل، وثماني ساعات للعائلة والأصدقاء وحياتي الشخصية، وثماني ساعات للنوم، وأحاول الحفاظ قدر الإمكان على هذه القاعدة، ففي العمل تكون أعمالنا واجتماعاتنا مركزة، ومع كل اجتماع نكون قد حددنا ما نريد الانتهاء منه حتى نحقق أكبر استفادة من الوقت.
ومن ناحية أخرى فكل يوم بعد صلاة العشاء لدينا "ديوانية" في المنزل، وهي موجودة منذ أيام الثانوية، فنحن حرصنا على ألا تنقطع في أي يوم إلا في حالات نادرة للغاية -على الأقل نقيمها عددًا من أيام في الأسبوع- وهذا الأمر يؤكد أنه إذا أردت أن تصنع وقتًا لشيء معين فسوف تصنعه، فهي مسألة إرادة وأن يتمكن الشخص من تنظيم وقته.
وهل كل العائلة موجودة في سكن واحد؟
نعم، فأنا أعيش مع والدي ووالدتي وإخوتي، ويوميًّا هناك ساعة على الأقل مخصصة للعائلة نلتقي فيها جميعا، وأنا ما زلت غير متزوج.
هل تعتقد أن عدم الزواج هو ما منحك الوقت لتنفيذ كل تلك المهام والإنجازات؟
لا، على الإطلاق، فأنا متأكد من أن الزواج يساعد على التنظيم أكثر، فنحن تربينا في بيتنا -والأمر نفسه في كل بيت سعودي- على أن العائلة تعني الكثير، وكذلك توفيق الله سبحانه وتعالى ورضا الوالدين هو أحد أهم أسرار النجاح الكبير الذي يصل إليه الشخص في حياته.
السعادة في قطف الثمار
كيف ترى "خالد البكر" في المستقبل؟
خالد البكر سيظل خادمًا لهذا الوطن وقيادته وشعبه، وما يجعلني سعيدًا اليوم وغدًا هو أن كل ما نفكر فيه اليوم قادرون على تحقيقه إلى واقع، وما دام الإنسان يبذر ويقطف الثمار فلا توجد لحظة أسعد من ذلك، فهذا قمة السعادة ونتمنى من الله أن نستمر في القيام بما نقوم به الآن.
ما النصيحة التي توجهها للشباب الذين يرون فيك القدوة؟
دائمًا نصيحتي الرئيسة للشباب أن هناك ثلاثة أشياء: الأول هو التعلم، حيث إنه يجب الحرص على التعلم ولا أقصد هنا الشهادة الجامعية فحسب، بل الحصول على الدورات والاطلاع على التجارب والثقافات، فدائمًا طور نفسك واستثمر فيها، فيجب على سبيل المثال الحصول على دورة سنويًّا في مكان معترف به عالميًّا من أجل تطوير الذات.
أما الشيء الثاني فهو ضرورة امتلاك طموح كبير، والشيء الثالث هو عدم الاستسلام والصبر، فالحياة ليست سهلة ولكنها أيضًا ليست مستحيلة، ولكنها تحتاج إلى إصرار وإنسان يعمل بجد واجتهاد ولا يستسلم لأن الشخص الانهزامي يظل في مكانه، أما الشخص الذي يعمل فسوف يصل حتمًا، كما أن مواجهة المشكلات وحلها يضمن الوصول إلى الهدف الأساسي، فهذا الأمر هو "سنة وحلاوة الحياة"، فالحياة إذا كانت طوال الوقت وردية لا يمكن الإحساس بلذتها، فالمشكلات التي تعترض الطريق هي التي توصل الأفراد إلى ما يريدونه.
ومتى نرى خالد البكر في قفص الحياة الزوجية؟
الله أعلم ولكن قريبًا إن شاء الله.