ما هو دور الفيتامينات في تأخير عملية الشيخوخة؟
كيف يكون الجسم مع نقص الفيتامينات والشيخوخة قد غزته من كل جانب؟ يُؤدِّي نقص بعض الفيتامينات إلى زيادة خطر الإصابة بالأمراض، خاصةً مع تقدُّم العمر، فمثلاً يزداد خطر الإصابة بمرض ألزهايمر مع نقص فيتامين د، أو عدم الحصول على ما يكفي من مضادات الأكسدة.
كذلك تتعرَّض البشرة للتجاعيد والتغيُّرات المعروفة التي تصحب الشيخوخة مع نقص بعض الفيتامينات، مثل فيتامين سي الذي يُعزِّز إنتاج الكولاجين، كما أنَّه مضاد للأكسدة ويحمي خلايا البشرة من التلف، فهل يُمكِن للفيتامينات استعادة حيوية الشباب أم أنَّها تُؤخِّر الشيخوخة قليلاً فقط؟
ماذا تعرف عن الشيخوخة؟
الشيخوخة هي التغيُّرات الطبيعية التي تطرأ على الجسم بمرور الأيام كالتجاعيد وشيب الشعر، وهي جزءٌ من التطور الطبيعي لجسم الإنسان، ولا يُمكِن تفاديها، فخلايا الجسم لا تستطيع البقاء شابّة إلى الأبد، بل تتراجع وظائفها تدريجيًا بمرور الوقت.
حاول الباحثون تفسير سبب الشيخوخة، وما إذا كانت الفيتامينات والشيخوخة مترابطتين أم لا، وتُعدّ العوامل الآتية هي الأقرب لتفسير الشيخوخة:
1- الضرر التأكسدي
حسب هذه النظرية، فإنَّ الشيخوخة مُنتَج ثانوي لعمليات التمثيل الغذائي الطبيعية في الجسم، فنحو 2 - 3% من جُزيئات الأكسجين الذي تستقبله الميتوكوندريا، يتحوَّل إلى مُركَّبات الأكسجين التفاعلية "ROS" التي تُؤكسِد وتُتلِف الأغشية الخلوية، البروتينات، والأحماض النووية.
وتُعدّ مضادات الأكسدة هي الدرع الرئيس أمام مُركَّبات الأكسجين التفاعلية، وبعض الفيتامينات هي مضادات أكسدة، مثل فيتامين هـ، وفيتامين سي، ومِنْ ثَمَّ كان الارتباط بين الفيتامينات والشيخوخة.
2- الشيخوخة الهرمونية
للهرمونات أثرٌ بالغ في عملية الشيخوخة؛ إذ ينخفض إنتاجها مع التقدُّم في العمر، ما يُؤدِّي إلى ظهور علامات الشيخوخة، مثل التجاعيد وفقدان مرونة الجلد، وتراجُع كثافة العظام، وغيرها.
3- الضرر التراكمي "البلى"
قد تحدث الشيخوخة إثر ضررٍ تراكمي ناجم عن عوامل خارجية، مثل التعرُّض لبعض السموم، أو للأشعة فوق البنفسجية، أو تناول أطعمة غير صحية، وكذلك التلوث، فكلُّ هذه العوامل مع كثرة التعرض لها، تُراكِم الأضرار على الجسم.
وهذا قد يكون عبر إتلاف الحمض النووي DNA في الخلايا، كما أنَّ الضرر التراكمي يُضعِف قدرة الجسم من إصلاح نفسه، ما يُسرِّع الشيخوخة.
4- النظرية الجينية
تحدث موقع "Healthline" عن النظرية الجينية للشيخوخة، وربَّما تبدو النظرية في أول وهلة بعيدة عن ربط الشيخوخة بالفيتامينات؛ إذ تتضمَّن النظريات الجينية المُفسِّرة للشيخوخة ما يلي:
- تقصير التيلومير: هو الجزء الذي يحمي نهايات الكروموسومات في أثناء التضاعف، وقصره يمنع الخلايا من الانقسام والتضاعف، كما أنَّه يقصر مع تقدُّم العمر.
- نظرية الشيخوخة المُبرمَجة: تعني هذه النظرية أنَّ الخلايا تتوقف عن التضاعف والنمو لكنّها لا تموت، ما يمنع تجديد أنسجة الجسم.
- نظرية الخلايا الجذعية: معلومٌ أنَّها هي الخلايا القادرة على التحول إلى أي نوعٍ من خلايا الجسم بمجرد احتياجه إلى نوعٍ مُعيَّن، كما تُساعِد في إصلاح الأنسجة والأعضاء، لكن تتراجع وظائفها بمرور الوقت، بما قد يُسهِم في الشيخوخة.
لكن الجينات ليست صاحبة الدور الكبير في عملية الشيخوخة، خاصةً أنَّ هذه النظريات لم تضع في الحسبان العوامل الخارجية التي قد تُسبِّب الشيخوخة، ويُظنّ أنَّ الجينات تُسهِم في العمر الافتراضي للإنسان بنسبة 25% فقط.
5- نظرية المناعة الذاتية
قد يُستفاد من الفيتامينات والشيخوخة ناجمة عن الضرر التأكسدي، لكن تفترض نظرية المناعة الذاتية أنَّ الشيخوخة نتيجة تفاعلات مناعية من المُفترض أن تُهاجِم الميكروبات والأجسام الغريبة، لكن بدلاً من ذلك شرعت في مهاجمة أنسجة الجسم الطبيعية، ما يُؤدِّي إلى إنتاج أجسامٍ مضادة لا تُميِّز بين أنسجة الجسم والأجسام الغريبة عنه.
6- النظرية النفسية الاجتماعية
أشار موقع "Britannica" إلى هذه النظرية، فمع تقدُّم الإنسان في العمر، يتغيَّر سلوكه وكذا تفاعلاته الاجتماعية والأنشطة التي يُشارِك فيها.
وتنقسم النظرية النفسية الاجتماعية إلى أربعة أجزاء:
- نظرية الانسحاب من العلاقات: وهي تعني وجود عراقيل في العلاقات بين الإنسان والآخرين في مجتمعه.
- نظرية النشاط: تُشدِّد على أهمية النشاط الاجتماعي الجاري، ويُشِير إلى المنظور الذاتي "كيف يرى الإنسان نفسه" حسب الأدوار التي يقوم بها في الحياة.
- نظرية دورة الحياة: تستند إلى المراحل التنموية خلال العمر، والتي اقترحها المُحلِّل النفسي الأمريكي المولود في ألمانيا "إريك إريكسون"، وحسب نظريته، فإنَّ النضج هو عملية تستمر حتى الشيخوخة، وفي كل مرحلة يُواجه الإنسان مُتطلبات نفسية واجتماعية جديدة.
- نظرية الاستمرارية: تفترض محاولة كبار السن المحافظة على قيمهم الداخلية وخصائصهم الخارجية والحفاظ عليها طوال الحياة "مثل الشخصية وأنماط السلوك"، وذلك على الرغم من التغيرات في صحتهم أو ظروفهم الحياتية.
تُركِّز هذه النظرية على التغيُّرات النفسية والاجتماعية، ليست فقط التغيُّرات الجسدية التي تصحب الشيخوخة، مثل التجاعيد وشيب الرأس.
أهمية الفيتامينات المضادة للأكسدة في تأخير عملية الشيخوخة
قد تساعد الفيتامينات والشيخوخة قادمة لمُحاصرة الإنسان عند كبر سِنّه، لكن ليست كل الفيتامينات قادرة على إبطاء وتيرة الشيخوخة، بل قد تُساعِد الفيتامينات الآتية في إبطاء الشيخوخة؛ إذ لا يُمكِن منع الشيخوخة تمامًا، فهي جزءٌ طبيعي من حياة الإنسان:
1- فيتامين C
بالحديث عن الفيتامينات والشيخوخة، فإنَّ فيتامين C أحد مضادات الأكسدة القادرة على مجابهة الشوارد الحرة التي تُسرِّع وتيرة الشيخوخة، وهو مُفيد للبشرة خصيصًا.
فيتامين سي والإجهاد التأكسدي
فيتامين سي مضاد قوي للأكسدة، يُجابِه الشوارد الحرة ومُركَّبات الأكسجين التفاعلية "ROS" التي تُتلِف خلايا الجسم وتُسرِّع شيخوختها، ومن هنا تجلّت أهمية الفيتامينات والشيخوخة تجتاح الخلايا تدريجيًا وإن لم يظهر أثرها على الجسم بعد.
قد يُؤدِّي نقص فيتامين سي من الجسم إلى زيادة الإجهاد التأكسدي، وتلف الخلايا بفعل الشوارد الحرة، ومِنْ ثَمَّ تسارُع وتيرة الشيخوخة، ومِنْ ثَمَّ يُنصَح بالحصول على فيتامين سي؛ لحماية خلايا الجسم من الإجهاد التأكسدي وتأخير الشيخوخة.
فيتامين سي للبشرة
قد تساعد الفيتامينات والشيخوخة بادٍ أثرها على البشرة، ففيتامين سي يحمل فوائد عِدّة للبشرة تُبطِئ شيخوختها وتُحافِظ عليها أطول وقتٍ ممكن، وذلك من خلال:
- مُحاربة الإجهاد التأكسدي: فيتامين سي مضاد للأكسدة، ومِنْ ثَمَّ يحمي خلايا البشرة من مُركَّبات الأكسجين التفاعلية التي قد تزداد بفعل التلوث، أو التعرُّض للأشعة فوق البنفسجية الآتية من الشمس، وإن لم يُتدارَك ذلك بمضادات الأكسدة، فقد تبدأ علامات الشيخوخة المبكرة في الظهور، ومن هنا تأتي أهمية فيتامين سي في منع هذه المشكلات، والحفاظ على صحة البشرة.
- تعزيز الكولاجين: من أهم وظائف فيتامين سي مُساهمته في إنتاج الكولاجين، الذي يُحافِظ على مرونة البشرة، فعلامات الشيخوخة، كالتجاعيد وترهّل البشرة، لا تبرز إلَّا بعد تأثُّر الكولاجين غالبًا.
فيتامين سي ومرض ألزهايمر
إذا ذُكرت الفيتامينات والشيخوخة، فلا بدّ من الحديث عن فيتامين سي ومرض ألزهايمر، فهذا المرض يُسهِم في حدوثه الإجهاد التأكسدي الذي يزداد بمضي سنوات العمر.
وفيتامين سي أحد أفضل مضادات الأكسدة التي تحمي خلايا الدماغ، وقد أشارت إليه بعض الدراسات بوصفه أحد العلاجات المُساعدة في مرض ألزهايمر بإبطاء وتيرته لا القضاء عليه نهائيًا، لكن ما تزال هناك حاجةٌ إلى مزيدٍ من الأبحاث لمعرفة مدى تأثير فيتامين سي في مرض ألزهايمر.
فيتامين سي وصحة القلب والأوعية الدموية
تزداد مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية مع تقدُّم العمر، وإذ حصل المرء على ما يحتاج إليه من فيتامين سي، فهذا يُسهِم في تقليل ضغط الدم، وخفض مستويات الكوليسترول الضار، بما يُحافِظ على صحة القلب والأوعية الدموية، ويُؤكِّد الارتباط بين الفيتامينات والشيخوخة من ناحية تأخيرها.
2- فيتامين E
يعتبر الخبراء فيتامين E أهم مضاد للأكسدة على الإطلاق؛ إذ يحمي خلايا الجسم من التلف بفعل الشوارد الحرة، كما ذكر موقع "Webmd" أنَّ فيتامين E يُقلِّل التلف الذي يُصِيب البشرة إثر تعرُّضها لأشعة الشمس، ويُقلِّل إنتاج الخلايا المُسبِّبة للسرطان.
فيتامين E مضاد الأكسدة
كما ذكرنا فإنَّ فيتامين E أحد مضادات الأكسدة الطبيعية في الجسم، والذي يُدافِع عن خلاياه أمام السموم والشوارد الحرة، فهذه الشوارد الحرة لو تُركت على حالها، تُسرِّع وتيرة الشيخوخة، وتجعل علاماتها تظهر سريعًا على البشرة.
فيتامين E وبقع الشيخوخة
بقع الشيخوخة الداكنة إحدى نتائج التقدُّم في العمر، ويُسهِم فيتامين E إلى جانب فيتامين C في تخفيف هذه البقع وتعزيز إنتاج الكولاجين؛ إذ يُخفِّف الشيخوخة عبر تجديد خلايا البشرة، ما يُؤيِّد العلاقة بين تناول الفيتامينات والشيخوخة في استدامة نضارة البشرة أطول وقتٍ ممكن.
فيتامين E ومرض ألزهايمر
هنا تضاربت الأبحاث حول حقيقة فعالية فيتامين E في مجابهة مرض ألزهايمر أحد أمراض الشيخوخة الشائعة، لكن بيَّنت الدراسات حسب "Frontiers" أنَّ تناول الأطعمة الغنية بفيتامين E أو مكملاته، قلَّل خطر الإصابة بالخرف ومرض ألزهايمر، لكن كان للنظام الغذائي الأثر الأكبر في الخرف، بينما كانت المكملات أكثر فعالية في مرض ألزهايمر.
لذا يُنصَح كبار السن بتناول الأطعمة الغنية بفيتامين E، أو الحصول على مكملاته؛ للوقاية من الخرف ومرض ألزهايمر، ومن أهم الأطعمة الغنية بفيتامين E:
- بذور وزيت دوَّار الشمس.
- المكسرات.
- السبانخ.
- البروكلي.
- الكيوي.
- المانجو.
جديرٌ بالذكر أنَّ الفيتامينات ضرورية لأداء الدماغ وظائفه بفعالية، كما أنَّ خلايا الدماغ تقع تحت تهديد الشوارد الحرة والإجهاد التأكسدي، ما يُهدِّد بالإصابة بالخرف أو مرض ألزهايمر عند بلوغ المشيب.
لذا كان الحديث يدور حول الفيتامينات والشيخوخة، وحقيقة دورها في منع شيخوخة الدماغ، وإلى أن تُوضِّح الأبحاث العلمية المزيد، فلا ضرر من تحصيل الحد الأدنى من الاحتياج اليومي من فيتامين E.
3- بيتا كاروتين
"بيتا كاروتين" طليعة فيتامين أ "يتحوَّل في الجسم إلى فيتامين أ"، وهو أحد مضادات الأكسدة التي تُواجِه الشوارد الحرة في الجسم، وتمنع نشاطها ضد خلاياه، بما يساعد في تخفيف الالتهابات والوقاية من الأمراض المزمنة، كما يُساعِد "بيتا كاروتين" في الوقاية من كثيرٍ من الاضطرابات المُتعلِّقة بالشيخوخة.
بيتا كاروتين واضطرابات العين
يُفِيد "بيتا كاروتين" الجسم بصفته أحد الفيتامينات والشيخوخة تلوح في الأفق، فمن أشهر اضطرابات العين المُصاحبة للشيخوخة مرض التنكُّس البقعي، والذي قد تزداد خطورته بسبب السن، الإجهاد التأكسدي، والتدخين.
ويُسهِم هذا الاضطراب في إصابة كبار السن بالعمى، خاصةً لمن بلغوا 75 عامًا أو أكثر في البلدان النامية، كما يُمثِّل 8.7% من حالات العمى حول العالم.
يُساعِد "بيتا كاروتين" في دحر الإجهاد التأكسدي المُؤثِّر سلبًا في العين، والذي يُهدِّد الإنسان بمرض التنكُّس البقعي، كما أنَّ نقص فيتامين أ عمومًا من الجسم، يزيد خطر الإصابة باضطرابات العين، بما قد يصل إلى العمى الدائم.
بيتا كاروتين ومرض ألزهايمر
يُمثِّل مرض ألزهايمر 60-70% من حالات الخرف، ويُتوقَّع بحلول عام 2050 أن يُعانِي 152 مليون إنسان الخرف في البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط.
يُساعِد "بيتا كاروتين" في تخفيف الضرر الواقع على الأعصاب بفعل الإجهاد التأكسدي؛ إذ هو مضاد للأكسدة، وبالحديث عن الفيتامينات والشيخوخة الدماغية، فقد يُسهِم "بيتا كاروتين" في الوقاية من التدهور المعرفي المُصاحِب لمرض ألزهايمر.
يُؤخِّر "بيتا كاروتين" مرض ألزهايمر بطرقٍ عدّة، منها تخفيف الإجهاد التأكسدي، وتثبيط السيتوكينات المُؤيِّدة للالتهاب، بل يُعدّ "بيتا كاروتين" مضادًا مباشرًا لمرض ألزهايمر؛ لقدرته العالية على الارتباط بالمُستقبلات الدماغية المُرتبطة بمرض ألزهايمر.
بيتا كاروتين وهشاشة العظام
يُسهِم "بيتا كاروتين" في الوقاية من هشاشة العظام التي تزداد مع تقدُّم العمر، وبذكر الفيتامينات والشيخوخة، فإنَّه من المتوقع بحلول عام 2050 أن تزداد نسبة الإصابة بكسر الورك بـ 240% في النساء، و310% في الرجال، وكسر الورك تحديدًا من المشكلات الشائعة جدًا لدى كبار السن.
وقد وجدت دراسةٌ أنَّ الحصول على كمية كبيرة من "بيتا كاروتين"، وغيره من الكاروتينويدات، ساهم في تقليل خطر الإصابة بكسر الورك للناس في منتصف العمر، وكذلك كبار السن، بل قد يُساعِد في تعزيز كثافة العظام.
بيتا كاروتين والبشرة
يمنع "بيتا كاروتين" الشيخوخة المبكرة للبشرة، ومِنْ ثَمَّ يُؤخِّر ظهور علامات التجاعيد، ما يُؤكِّد على ضرورة تحصيل الفيتامينات والشيخوخة لم تجتاح الجسم بعد.
يُؤدِّي التعرُّض المُطوّل لأشعة الشمس فوق البنفسجية إلى تسريع شيخوخة البشرة؛ إذ يتكسَّر الكولاجين والإيلاستين، ما يُفقِد البشرة مرونتها، و"بيتا كاروتين" مضاد للأكسدة يُخفِّف من وطأة هذه التأثيرات على البشرة، ويُؤخِّر ظهور التجاعيد قدر الإمكان.
4- السيلينيوم
لا يزال النقاش مستمرًا حول الفيتامينات والشيخوخة، والسيلينيوم من مضادات الأكسدة التي تحمي خلايا الجسم من الشوارد الحرة، كما أنَّه يُكافِح الالتهابات المزمنة، ويُسهِم في الوقاية من الأمراض، خاصةً مع تقدُّم العمر، وتكمن فوائد السيلينيوم في البروتينات السيلينية في الجسم.
مثلاً في مراجعة عام 2021، تبيَّن أنَّ البروتينات السيلينية "selenoproteins" تُساعِد في التخلص من البروتينات المُشوّهة، التي تزداد مع تقدُّم العمر، بل إنَّ تراكم هذه البروتينات من السمات الخاصّة ببعض الأمراض، مثل مرض السكري من النوع الثاني ومرض ألزهايمر.
هل تتذكَّر قصر التيلوميرات وارتباطه بالشيخوخة؟ أظهرت دراسةٌ عام 2020 أنَّ تناول السيلنيوم في الأكل تصحبه زيادة في طول التيلوميرات، كما وجدت ذات الدراسة أنَّ كل 20 ميكروغرامًا زيادة في السيلنيوم الغذائي، يصحبه زيادة في طول التيلوميرات بنسبة 0.42% لدى المشاركين في الدراسة مِمّن تجاوزوا 45 عامًا، ما يكشف المزيد عن العلاقة بين تناول الفيتامينات والشيخوخة.
الفيتامينات والتهابات الشيخوخة
استمرار الالتهاب المزمن منخفض الدرجة، حتى في غياب أي عدوى أصابت الجسم، يُعجِّل الشيخوخة، كما يزيد خطر الإصابة ببعض الأمراض، مثل مرض السكري من النوع الثاني، وأمراض القلب.
وإحدى النقاط التي تستحق تسليط الضوء عليها فيما يخص الفيتامينات والشيخوخة، هي دور بعض الفيتامينات في مكافحة هذا الالتهاب المزمن، ما قد يُساعِد في إبطاء وتيرة الشيخوخة، وقد ارتبط نقص بعض الفيتامينات بزيادة الالتهابات المزمنة في الجسم، مثل فيتامين د.
دور فيتامين D في الصحة وعملية الشيخوخة
لنُفرد مساحةً أولًا للحديث عن تأثير الشيخوخة على مقدار فيتامين D في الجسم، وكذلك الكالسيوم الذي يُساعِد فيتامين D في امتصاصه وتوفيره للجسم، فمن نتائج الشيخوخة على هذا الصعيد:
- تقليل امتصاص الكالسيوم.
- مقاومة الأمعاء لامتصاص الكالسيوم من خلال فيتامين D الموجود في الدم.
- ضعف إنتاج الكلى للصورة النشطة من فيتامين D.
- قلة إنتاج البشرة لفيتامين D.
ومع تناقص فيتامين D في الجسم، لا تحصل العظام على كفايتها من الكالسيوم، ما يُسبِّب هشاشتها خاصةً لدى كبار السن، كما يصيروا أكثر عُرضةً لكسر الورك، كما يُؤدِّي نقص فيتامين D إلى زيادة خطر الإصابة ببعض الأمراض، مثل:
- مرض السكري.
- السرطان.
- أمراض القلب والأوعية الدموية.
فيتامين D وأمراض القلب والأوعية الدموية
يزيد نقص فيتامين D على مدار العمر خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية مع بلوغ الشيخوخة، خاصةً إذا كان النقص شديدًا؛ لذا يُنصَح بالحصول على الاحتياج اليومي من فيتامين D؛ كي لا تتعرَّض لكثيرٍ من الأمراض في مرحلة الشيخوخة.
فيتامين D والسرطان
يُنظِّم فيتامين D عمل كثيرٍ من الجينات المُتعلِّقة بانقسام الخلايا وتمايزها، وفي سياق دراسة العلاقة بين الفيتامينات والشيخوخة، فإنَّه مع نقص فيتامين D مع تقدُّم العمر، تزداد فرص الإصابة ببعض أنواع السرطان، مثل:
- سرطان القولون.
- سرطان البروستاتا.
- سرطان الثدي.
وقد بيَّنت دراسةٌ في "springer" انخفاض مُعدّل الوفيات المرتبطة بالسرطان مع تناول 2000 وحدة دولية يوميًا من فيتامين D، بينما تزداد مُعدّلات الوفيات المرتبطة بالسرطان مع تناول جرعات عالية من مكملات فيتامين د "60,000 وحدة دولية شهريًا أو أكثر".
لذا قد يُفِيد فيتامين D في الوقاية من السرطان، خاصةً مع تزايُد فرص الإصابة به إثر نقص فيتامين D مع الشيخوخة.
فيتامين D ومرض ألزهايمر
تزداد مخاطر الإصابة بمرض ألزهايمر مع تقدُّم العمر، وبذكر الفيتامينات والشيخوخة، فقد بيّنت دراسةٌ أنَّ تناول مكملات فيتامين D لدى كبار السن المُصابين بالخرف أو تدهور معرفي طفيف، عزَّز الوظائف المعرفية لديهم.
بل قد ساعد فيتامين D في تقليل بروتينات بيتا أميلويد "البروتين الذي يُؤدِّي تراكمه في الدماغ إلى مرض ألزهايمر"، ومع حصول المشاركين في الدراسة على 2,000 وحدة دولية من فيتامين D يوميًا، تحسَّنت الذاكرة وقدرة التعلّم، بينما كانت النتائج أبطأ مع الجرعات الأكبر من ذلك، ولا يزال البحث في العلاقة بين الفيتامينات والشيخوخة بحاجةٍ إلى المزيد من الأبحاث، خاصةً فيتامين D ومرض ألزهايمر.
دور فيتامين C في التغلب على التجاعيد
يُساعِد فيتامين C كثيرًا في التغلب على التجاعيد؛ إذ هو الفيتامين المُنفرِد في إنتاج الكولاجين، الذي يُحافِظ على مرونة البشرة ويُقلِّل التجاعيد فيها، وقد أشارت دراسة حسب "Harvard health" إلى أنَّ استخدام فيتامين C موضعيًا لـ 3 أشهر على الأقل حسَّن مظهر التجاعيد في الوجه والرقبة، كما حسَّن ملمس الجلد ومظهره عمومًا.
الفيتامينات والحفاظ على الصحة العقلية في أثناء الشيخوخة
تزداد فرص الإصابة بالأمراض التنكسية العصبية مع تقدُّم العمر، مثل مرض ألزهايمر ومرض باركنسون "شلل الرعاش"، وقد ارتبط نقص بعض الفيتامينات والشيخوخة العقلية، فقد ثبتت العلاقة بين:
- الاكتئاب ونقص فيتامين سي وفيتامين ب.
- مرض ألزهايمر ونقص فيتامين ب 1، ب 12، وفيتامين أ، وفيتامين د.
- مرض باركنسون ونقص فيتامين د.
يُساعِد فيتامين د مثلاً في تقليل خطر الإصابة بمرض ألزهايمر عبر تعزيز قدرة المناعة على تدمير بروتينات بيتا أميلويد في الدماغ، كما أظهرت بعض الدراسات أنَّ نقص فيتامين د يزيد خطر الإصابة بالتدهور المعرفي والأمراض التنكسية العصبية، مثل مرض ألزهايمر.
ومن ناحيةٍ أخرى في تناول الفيتامينات والشيخوخة العقلية، فإنَّ بعض الفيتامينات مضادات للأكسدة، تحمي خلايا الدماغ من الشوارد الحرة، مثل فيتامين E "فيتامين هـ"، كما تُقلِّل تنكُّس الخلايا العصبية، خاصةً وأنّ خلايا الدماغ هي الأنشط على صعيد التمثيل الغذائي، ما يجعل إنتاج الشوارد الحرة مُتزايدًا، ويُعرّضها لخطرٍ مستمر، قد لا يُلاحظ إلّا بعد تقدُّم العمر.
تأثير الفيتامينات على الجلد والشيخوخة
يُساعِد فيتامين د في حماية الجلد من الشيخوخة، وذلك من خلال تقليل التلف الخلوي الناجم عن الأشعة فوق البنفسجية الصادرة عن الشمس، إضافةً إلى تنظيم عمل الجينات المُرتبطة بشيخوخة خلايا الجلد، لكنّ استخدام فيتامين د موضعيًا للبشرة ما زال محل بحثٍ.
كذلك فيتامين سي من الفيتامينات المهمة في سياق معرفة علاقة الفيتامينات والشيخوخة الجلدية؛ إذ إنَّه يُعزِّز إنتاج الكولاجين، بما يُحافظ على نضارة البشرة، كما أنَّه مضاد قوي للأكسدة، يحمي خلايا الجلد من الشوارد الحرة التي قد تُتلِفها وتُسرِّع شيخوختها.
توصيات التغذية لمنع النقص في الفيتامينات في أثناء الشيخوخة
يُعدّ كبار السن الأكثر عُرضةً لنقص الفيتامينات، بل يزداد خطر وقوعهم تحت مطرقة الأمراض مع نقص الفيتامينات والشيخوخة تتربَّص بهم، وقد أشار "Healthline" إلى بعض العناصر التي ينبغي توفّرها في تغذية كبار السن:
التركيز على الأطعمة الغنية بالعناصر الغذائية
تمتلئ بعض الأطعمة بالعناصر الغذائية من معادن وفيتامينات ضرورية للحفاظ على الصحة رغم الشيخوخة، ومن أمثلة تلك الأطعمة:
- الفواكه والخضراوات.
- الفول والعدس.
- الحبوب الكاملة، مثل الشوفان والكينوا.
- منتجات الألبان قليلة الدسم.
- البروتين الخالي من الدهون، مثل الدجاج والديك الرومي.
ويُفضَّل تجنُّب الحلويات والأطعمة المقلية، خاصةً أنَّها ليست مليئة بالعناصر الغذائية التي يحتاج إليها الجسم.
المكملات الغذائية
قد يصعب الحصول على كل الفيتامينات والشيخوخة قد حلّت ببابك؛ لذا فالمكملات تُمثِّل خيارًا مناسبًا، ومن المكملات التي يُوصِي الأطباء بالحصول عليها مكملات فيتامين د، الكالسيوم، وفيتامين ب 12؛ إمَّا لعُسر امتصاص بعضها، أو لعدم تحصيل ما يكفي منها عبر النظام الغذائي، خاصةً فيتامين د، وينبغي استشارة الطبيب قبل تناول أي مكملٍ غذائي.