اكتشف "فن الاستنباط".. طريقك الذكي لتطوير شخصيتك ومهاراتك العملية
هل سبق لك أن شاركت في محادثة وسألت عن جزئية حساسة لكن سرعان ما شعرت بعدم احترامك لخصوصية من هو أمامك؟، أو هل لاحظت شعوره بالإحراج ومحاولة التهرب من السؤال؟ في تلك الحالة يجب أن تعرف أنه كان يجب طرح السؤال بشكل أخف وأقل حرجًا، وتجنب الظهور وكأنك شخص انتهازي متطفل.
الاستفسار عن شيء بشكل مباشر يجعل الأشخاص يشعرون بالقلق والتوتر، حتى وإن كانت الأسئلة في محلها، فعلى سبيل المثال: إن عاد الزوج إلى المنزل في وقت متأخر عما هو متوقع دون إخطار زوجته، فقد تسأله عن سبب التأخير بصورة مباشرة، ولكن قد يفهمها الزوج أنه سؤال اتهامي، وحينها قد يرد بغضب واندفاع، فما الحل إذن في تلك الإشكالية؟
حين لا يكون بوسعك طرح سؤال بصورة مباشرة، فيمكنك استخدام عبارة بديلة بصورة استفزازية بدلاً من طرح السؤال، وذلك لأنها عبارة تستفز الشخص، وتخرج منه المعلومات بدلاً من الحصول عليها في صورة سؤال وجواب، ومن الوارد أن يكون الشخص من النوع الذي لا يفضل الإجابة على موضوعات معينة، وإنما يفضل التحدث عنها بصورة طبيعية في سياق الحديث المتبادل بشكل طبيعي، وهو ما يطلق عليه علم النفس البشري "فن الاستنباط".
ما هو فن الاستنباط؟
فن الاستنباط هو أحد أشكال الاستنتاج، ويرتبط بشكل مباشر بالذكاء البشري، ولا يقتصر هذا الفن على محترفي الاستخبارات العسكرية، ولكنه مجموعة من المهارات التي يمكن استخدامها بشكل شخصي في الحياة اليومية.
ويحظى هذا الفن بشعبية كبيرة، ويرغب الكثيرون في تعلمه كمهارة من المهارات المهمة، خاصة في عالم الأعمال والبيزنس، حيث تساعد على تطوير الشخصية، وتعزيز القدرات العقلية، وتفيد كثيرًا في التعاملات بمختلف أنواعها.
ويعد هذا الفن من المهارات المميزة التي يحتاج كل فرد إلى التدرب عليها، واستخدامها من أجل الحفاظ على المصداقية والثقة، إذًا ما هو فن الاستنباط تحديدًا؟
فن الاستنباط هو إعادة صياغة الأسئلة في صورة عبارات سردية، تثير الشخص الموجهة إليه من أجل الرد عليها بكل سلاسة.
وإذا تمت صياغة تلك الأسئلة بصورة غير صحيحة أو بطريقة غير مناسبة، فسيميل الشخص الآخر إلى إبداء موافقته أو عدم موافقته عليها، أو قد يميل لتصحيح المعلومات الخاطئة التي قيلت، وفي كلتا الحالتين يشعر الناس بالإجبار على تصحيح معلومة خاطئة عند سماعها، أو الموافقة أو الاعتراض على الآراء الشخصية، وذلك بكل بساطة هو الذكاء الاستنباطي المعروف باسم فن الاستنباط.
لذلك بدلاً من سؤال شخص "ما هو المبلغ الذي تريد إنفاقه العام القادم؟" يمكنك القول: "أراهن أنك ستستثمر ما يزيد عن 30 ألف سنويًا في برامج مختلفة لأنك تريد الإنفاق بشكل جيد على تطوير ذاتك".
فإن كانت الجملة صحيحة، فإنه سيومئ برأسه في إشارة إلى موافقتك الرأى، ولو كانت في غير محلها، فسيصحح لك المعلومة، مع الوضع في الاعتبار أن الإطراء قد يجعله يشعر بالارتياح لقول الحقيقة.
سر نجاح فن الاستنباط
السبب وراء نجاح الاستنباط هو استغلال علم النفس البشري في التواصل مع الأشخاص، والحصول على المعلومات المراد معرفتها بسهولة، عادة ما يحب الأشخاص أن يكونوا مستمع إليهم، بالإضافة إلى أن الإطراء والشعور بالأهمية وتصحيح الأخطاء عند الآخرين من الأمور التي تجذب البشر بشكل كبير.
ولك أن تعلم أن الاستنباط يساعدك على بناء علاقة جيدة، وخلق بيئة مريحة لك لو كنت تود الحصول على معلومة، والشخص الآخر الذي تستفسر منه ولا يعلم نية الجملة ويعتقد أنها مجرد معلومة يصححها، ولا يلقي بالًا بأنها أسئلة ضمنية، ومن ثم تكون الأمور أفضل.
وهناك تقارير تتحدث عن حصول أحد ضباط الاستخبارات على تدريب بخصوص تلك المهارة، إذ شارك خبرته التي جاءت على لسانه في تصريحات سبق أن أدلى بها قائلاً: "لقد تدربت على الاستنباط في وقت مبكر من مسيرتي المهنية كضابط استخبارات، وقد استخدمتها عندما أجريت استجوابات معسكر دلتا في كوبا بعد فترة قليلة من أحداث 11 سبتمبر، ورغم تدربي على أساليب المقاربة، وتقنيات طرح الأسئلة من أجل جمع المعلومات الاستخباراتية، لكن فن الاستنباط سمح لي بالحصول على المزيد من المعلومات، فقد نجح الأمر معي بشكل رائع، بعدما كان يظن المعتقلون أني أجري محادثة عادية معهم، ولا أتطلع للحصول منهم على معلومات أو استجوابهم، ولهذا كشفوا لي عن مزيد من المعلومات حول ما يعرفونه".
وأكمل "بدأت في استخدام طريقة الاستنباط منذ عام 2002 إلى الآن، وجربتها في العديد من المواقف، وأفادتني كذلك في تحليل المتطلبات وفرص التواصل، كما ساعدني الاستنباط في الحصول على معلومات حقيقية والشراء بحكمة والبيع بشكل تنافسي".
اقرأ أيضًا:عزز مهاراتك الشخصية مع أفضل كتب تطوير الذات وبناء القدرات
نصائح للحصول على المعلومات الحقيقية
لكي تضمن الحصول على الإجابة الصحيحة لأي معلومة تود معرفتها، يمكنك اتباع النصائح التالية:
- اتخاذ جانب المتحدث: بدلاً من الاختلاف على أمر ما، يمكنك التظاهر بالموافقة على آراء الغير أو أفعالهم لكي تضمن شعورهم بالتعاطف، وهذا يكفي أحيانًا لتسهيل عملية الحصول على المعلومات.
- بداية الحوار بسرد قصة: يمكنك مشاركة الغير معلومات قد تكون سرية، أو التظاهر بكونها سرية لا يعلمها أحد، ثم الانتقال إلى النقطة المراد الحديث عنها وقول معلومة خطأ، ففي هذه الحالة يقوم المستمع بتصحيح المعلومة، ولكن يجب الاهتمام بكسب التعاطف وسرد القصة بشكل عفوي حتى لا ينزعج المستمع وتكون النتيجة سلبية.
- سرد سؤال بثلاثة طرق مختلفة: في حالة الشك في صحة الموضوع الذي يسرده الشخص الآخر، يمكنك أن تسأله عن تفاصيل معينة من أجل التأكد من صحتها بأشكال مختلفة، إذ من الصعب تذكر التفاصيل ذاتها لو كانت القصة غير صحيحة.
ولك أن تنتبه عند طرح أسئلة بشكل مباشر في المرة القادمة، إذ يمكنك تغيير السؤال إلى عبارة استفزازية تستنبط منها المعلومات المهمة بدلاً من طرحه بطريقة مباشرة، وبذلك يمكنك الحفاظ على علاقاتك وكسب الثقة وضمان شعورك بارتياح في أثناء الحديث.