لأصحاب "البيزنس العائلي".. خطوات تأهيل الأولاد لإكمال المسار
توجد الكثير من الشركات العائلية التي تتطلع إلى تأهيل الأبناء لإكمال المسار وإعطائهم فرصة القيادة، ولكن يجب أن يتم هذا وفقًا لآليات معينة من أجل الحفاظ على الشركة.
تأتي على رجال الأعمال من أصحاب الشركات والنشاطات التجارية مرحلة يجب أن يتوقفوا فيها من أجل التخطيط لمستقبل أعمالهم "العائلية"، إذ يصير لزامًا عليهم تجهيز أولادهم لإكمال البيزنس الخاص بهم مستقبلاً، وهو ما يجب أن يتم وفق خطوات وآليات نلقي عليها الضوء فيما يلي.
ومن المعروف أن فكرة التخطيط لعمل شركة عائلية هو أمر مثير للمشاعر بصورة مختلطة، فهي من ناحية بمثابة استمرار للإرث، ومن ناحية أخرى بمثابة مصدر للقلق. وأحد الأخطاء الجسيمة التي يرتكبها أصحاب الشركات العائلية هو الانتظار وقتًا طويلًا قبل التخطيط لهذا الأمر، خاصة في ظل وجود أجيال متعاقبة.
ولهذا يشدد خبراء إدارة الأعمال على ضرورة البدء في التخطيط لمسار الشركة ومستقبلها قبلها بسنوات، وذلك لضمان إعداد الأشخاص الذين سيحصلون على رئاسة الشركة في وقت مبكر من حياتهم وضمان مباشرتهم الأعمال بأنفسهم في الشركة.
التواصل الفعال
هناك حوالي 12% من الشركات العائلية تستمر حتى الجيل الثالث، بسبب عدم إيجاد طريقة للتواصل الفعال مع الشركاء طبقا لبيانات معهد الشركات العائلية.
ويعد التواصل الفعّال بمثابة حجر الأساس لضمان نجاح خطة الشراكة العائلية، فيمكن في البداية إجراء حوار صادق مع الشركاء الصغار منذ طفولتهم حول توقعاتهم بشأن العمل المستقبلي، شريطة أن تكون تلك المناقشات مستمرة وشاملة لكل الأطراف المعنية.
ويُفضل الحديث مع من يتأثر بعملية انتقال السلطة، حتى وإن كانوا لا يشاركون بشكل مباشر في العمل، كما يُفضل تشجيع الجيل الجديد ومن مرحلة الطفولة للتعبير عن تطلعاتهم المستقبلية، ومحاولة تطويع الخطط لتناسب تلك الأفكار.
تطوير المهارات الأساسية
بعد إتمام المناقشات والحوارات المهمة مع قادة المستقبل، تكون هناك ضرورة لتقييم مدى استعداد الأبناء لتولي وإدارة الأعمال، لذا يُنصح بالإجابة على تلك الأسئلة، والتركيز على خبرات الأبناء، وما يمتلكونه من معلومات:
- هل متاح لهم التعليم والتدريب اللازم؟ يجب التأكد من أن الأبناء لديهم المؤهلات والمهارات اللازمة لإدارة العمل بنجاح، وإن لم يكن الأمر كذلك، فيجب توافر الفرص المناسبة للحصول على تلك المهارات.
- هل لديهم الخبرة المناسبة؟ العمل خارج الشركات العائلية يوفر خبرات ورؤى مختلفة ومتنوعة، مفيدة لمن يريدون الحصول على مناصب قيادية في الشركة العائلية، فبعض الأشخاص يفضلون أن يعمل الأبناء في شركات أخرى قبل قرار الانضمام إلى الشركة العائلية.
- هل لديهم الوعي المالي المناسب؟ على الأبناء أن تكون لديهم مجموعة من المهارات من أهمها الوعي المالي، والإدارة المالية الجيدة بإعداد الميزانيات، والتنبؤ المالي وإدارة المخاطر.
في حالة افتقار الأبناء إلى المهارات الأساسية أو الخبرات المطلوبة، فيجب تزويدهم بالإرشاد والتدريب الإضافي، وإعطائهم فرص لشغل أدوار مختلفة داخل الشركة من أجل تطوير قدراتهم بصورة تدريجية، وعند الشعور بأنهم صاروا مستعدين بالقدر الكافي، فحينها يمكن منحهم فرصة ودفعهم خطوة متقدمة للأمام.
اقرأ أيضًا:أفكار مشاريع محدودة المخاطر تحقق أرباحًا مرتفعة في 2024
إنشاء خطة واضحة
يسمي البعض عملية نقل السلطة من الآباء إلى الأبناء في الشركات بـ "خطة الخلافة أو التوريث"، ومن أجل وضع تلك الخطة يجب الالتزام بخطوات محددة، وجدول زمني واضح من أجل نقل الملكية والأدوار القيادية كالتالي:
- انتقال القيادة: يجب تحديد متى وكيف يمكن نقل المسؤوليات القيادية من الأب إلى الأبناء مع مراعاة الوضوح في تقسيم وتوزيع الأدوار، وكيفية اتخاذ القرارات خلال تلك الفترة.
- نقل الملكية: يمكن أن يتم ذلك بتحديد طريقة نقل حصص الملكية وآلياتها مثل توزيع الأسهم، أو اتفاقيات البيع والشراء والتخطيط العقاري.
- التدريب والتطوير: من خلال وضع خطة شاملة لتطوير مهارات الأبناء لضمان استعدادهم للأدوار الجديدة في الشركة، ما يمكن بإنشاء برنامج تدريبي منظم مع إمكانية الوصول إلى الموارد الخارجية.
- حل النزاعات: في حالة وجود نزاعات أو خلافات خلال هذا الوقت، أو حتى خلال الفترة الانتقالية، فيجب العمل على حلها من أجل منع تصعيدها ومواجهة مشكلات لا أهمية لها.
- التخطيط للطوارئ: على صاحب العمل الاستعداد لظروف غير متوقعة بتطوير خطط الطوارئ مثل عدم رغبة أحد الأبناء في الانضمام إلى العمل، أو التحديات غير المتوقعة في السوق أو ما شابه من عوامل.
- استشارة أهل الخبرة: هذا هو عمل المستشارين القانونيين والماليين من أجل التأكد من صحة خطة الخلافة، واستيفاء كافة متطلباتها القانونية وتقليل الضرائب.
طلب المشورة الخارجية
فكرة طلب المشورة الخارجية أمر غير مألوف في نظام الشركات العائلية، إذ تحافظ الشركات على عدم الإفصاح عن تفاصيلها الداخلية، ولكن يمكن التفكير في الأخذ برأي أناس متخصصين مثل المحامين والمحاسبين والمستشارين الماليين ومستشاري الأعمال المتخصصين في الشركات العائلية.
اعتماد الانتقالات التدريجية مع الإرشاد
عملية نقل المسؤوليات إلى الأبناء لا تتم بين عشية وضحاها، فمن الأفضل أن يكون النقل تدريجيًا للمسؤوليات والملكية على مدار فترة طويلة، فهذا يتيح للأبناء اكتساب الخبرة العملية اللازمة للأدوار الجديدة، وتقليل الأعباء القيادية عليهم.
يلعب الإرشاد والتوجيه دورًا كبيرًا في تلك العملية، فصاحب العمل الأساسي يمكنه تقديم إرشادات قيمة، ومشاركة الخبرات الطويلة التي تتجاوز السنوات مع الأبناء، وهو ما يعمل على تطوير ثقتهم بأنفسهم، واكتساب المهارات الفعالة للقيادة.
يُفضل أن يشجع صاحب العمل الأبناء من أجل تحمل المسؤوليات المتزايدة، وسلطة اتخاذ القرار، فهذا يعمل على تأهيلهم وتعزيز جاهزيتهم لاتخاذ القرار.
اقرأ أيضًا:أسهل طريقة لتحليل الأسهم السعودية.. وهذه أفضل المواقع المستخدمة
مراقبة التقدم
بمجرد تنفيذ خطة نقل الخلافة يكون من المهم مراقبة التقدم بانتظام، والاستعداد للتكيف على المتطلبات الجديدة حسب الحاجة؛ وهو ما يتم ببقاء خطوط التواصل مفتوحة مع الأبناء، وحملهم الأسهم داخل الشركة من أجل التأكد من مدى توافق الخطة الموضوعة مع احتياجات العمل وقدرات الأبناء.
مع الوضع في الحسبان إجراء التعديلات في حالة ظهور تحديات غير متوقعة، أو تغير اهتمامات الجيل الجديد وقدراتهم مع مرور الوقت، فالعامل الرئيس لضمان النجاح هو المرونة في تلك الحالة.
إعداد الأبناء لتحمل أعباء المرحلة التالية من عمر الشركات هو أمر متعدد الأوجه، كونه يتطلب توجيهًا وتخطيطًا واسعًا، واتصالاً فعّالاً مع طلب المشورة الخارجية، وضمان الانتقال التدريجي للقيادة والملكية. والالتزام بتلك النصائح لا يفيد مستقبل الشركة فحسب، بل إنه يحافظ أيضًا على التراث العائلي للأجيال القادمة.
عوامل نجاح شركات العائلات
تباشر الشركات العائلية أعمالها وفق مجموعة من العوامل التي يجب مراعاتها من أجل ضمان استمرار نجاح الشركة، وهي كما يلي:
- يجب أن تتماشى مصالح وقيم الأسرة معًا، إذ إن سمعة الشركة تضمن استمراريتها.
- الابتكار وزيادة الاعتماد على التكنولوجيا.
- توثيق خطط العمل التي تتبعها الشركة في كل فترة من فتراتها.
- تفويض المسؤوليات وفقًا لآليات توسيع الهيكل التنظيمي للشركة لضمان استمرار نمو الشركة من أجل تمكين القوى العاملة.
- مرونة رأس المال والإنفاق بحكمة لضمان السيطرة على الشركة العائلية.
- الابتعاد عن الأمور الشخصية داخل إطار العمل، فمن المهم التركيز على وقت العمل فقط من أجل ضمان سيره بصورة صحيحة.
- تفهم الفجوة بين الأجيال، إذ قد يخلق ذلك مجموعة من التحديات من أجل إيجاد نقطة تلاقي بين الأجيال، ويجب على الأبناء تقدير الحكمة والخبرة الواسعة لمن هم أكبر سنًا.
- إبقاء المحسوبيات بعيدة عن نظم العمل من أجل الحفاظ على نزاهة السمعة، والاعتماد على قدرات الإدارة الكبيرة والقوى العاملة.
- عمل علاقات جيدة مع الموظفين والعاملين في الشركة من أجل اكتساب الثقة وبناء سمعة طيبة في المجتمع.