من «باليو» إلى «حمية البحر المتوسط».. 5 أنظمة مُجربة لخسارة الوزن
منذ بضعة أشهر خرجت علينا وكالة "CNN" بتقريرٍ صادم مفاده أن أكثر من نصف سكان العالم، أي أكثر من 4 مليارات شخص، سيصابون بالسِمنة بحلول عام 2035، ومع زيادة معدلات الاستهلاك بشكل جنوني، وأعتقد أننا جميعًا نلاحظ ذلك، لم يعد أمامنا حل سوى التسلح بالحميات الغذائية ومحاولات نقصان الوزن.
معادلة السعرات الحرارية
يعتقد الكثيرون أن خسارة الوزن هي أمرٌ مستحيل، وأن من يخسر بضع كيلوغرامات من كتلته الجسدية يكون قد أنجز شيئًا مستعصيًا، والحقيقة أن هذا ليس صحيحًا تمامًا، وأن خسارة الوزن أسهل من ذلك بكثير.
الأمر كله يعتمد على ما يُسمّيه البعض بمعادلة السعرات الحرارية CICO "اختصارٌ لـ Calories In, Calories Out"، والتي يتكون أحد طرفيها من السعرات الحرارية التي تُدخلها إلى جسدك Calories In، بينما يتكون طرفها الآخر من السعرات الحرارية التي يحرقها جسدك Calories Out.
على الرُغم من فائدة هذه المعادلة العملية، فإنّها لا تُعد حميةً غذائية "دايت" (المزيد عن الحميات الغذائية لاحقًا) بالمعنى المتعارف عليه، وإنما تُحقق المفهومين الوحيدين لزيادة الوزن أو نقصانه.
أما بالنسبة للمفهوم الأول، فهو فائض السعرات الحرارية Calories Surplus، ومثلما يُوحي اسم هذا المفهوم؛ فهو مُوجّه لمن يعانون النحافة ويريدون أن يزيدوا في الوزن. ولتحقيقه، عليك أن تُدخِل إلى جسدك سعرات حرارية بقدرٍ أكبر من احتياجه، أكبر إلى أي درجة؟ الأمر يعتمد على عدة عوامل منها سنك وطولك ووزنك وهدفك، ولهذا ننصحك بزيارة مُختصٍ يحدد لك الأمر.
أما بالنسبة للمفهوم الثاني، فهو عجز السعرات الحرارية Calorie Deficit، الذي يناقض المفهوم الأول تمامًا؛ إذ ينبغي لتحقيقه أن تُدخل لجسدك سعرات حرارية أقل من احتياجه، وهذا هو الهدف الذي يتطلع إليه معظمنا من جميع الحميات الغذائية تقريبًا، وما نريد أن نُركز عليه لنقي أنفسنا من أضرار السمنة.
ملحوظة مهمة للغاية: قد تتعجب مما سأقوله، ولكن لتحقيق فائض السعرات أو عجز السعرات، فلا يهم جودة الطعام الذي ستأكله ولا يهم ما إذا كان صحيًا أم لا؛ فأنت تستطيع أن تبني حياتك على المأكولات الضارة "مثل رقائق الشيبسي" لكي تخسر الوزن، ولكن بماذا يفيد نُقصان الوزن وأنت تُعاني جميع الأمراض الممكنة؟ ولتحقيق الأمرين؛ خسارة الوزن والتمتع بحياة صحية، يُفضَّل أن تتبع الحميات الغذائية أو "الدايت".
حميات غذائية متعددة ولكن بهدف مشترك
أعتقد أننا جميعًا نتفق على فوائد الحميات الغذائية؛ فباتّباعها يُمكننا أن نُحسّن من صحتنا العامة، فضلاً عن تحسين هيئتنا الجسدية. لهذا السبب سنستعرض معكم الآن أشهر أنواع "الدايت" التي يمكنكم اتباعها - بعد استشارة مُختصٍ بالتأكيد - للظفر بجسد مُتناسق وعافية تستحق العناء لأجلها.
الكيتو دايت Ketogenic Diet
من المعروف أن الجسم يعتمد على الكربوهيدرات كمصدرٍ أساسي للطاقة، وبشكل عام لا مشكلة في الكربوهيدرات بحد ذاتها؛ فهي إحدى المغذيات الكُبري المهمة Macronutrients، ولكن المشكلة كلها تكمن بالكربوهيدرات البسيطة، وأبرزها السكر، فعلى الرغم من أنها تمدنا بالطاقة، فإنّها تفتقر إلى العناصر الغذائية المهمة، ناهيك عن الكارثة الكُبرى المتمثلة في زيادة نسبة السكر في الدم.
هل هذا يعني أننا يجب أن نبتعد كليًا عن الكربوهيدرات البسيطة؟ بالطبع لا؛ فالكثير من الفواكه والخضراوات مثل الموز والمانجو والعنب والبطاطس والبازلاء تقع تحت هذا التصنيف من الكربوهيدرات، وعليه بإمكانك أن تستمتع بالكربوهيدرات البسيطة، ولكن باعتدال، إلّا في حالة اتباع نظام الكيتو.
فالكيتو دايت يُنحي الكربوهيدرات جانبًا، ويجعل الجسم يعتمد على الدهون كمصدرٍ أساسي للطاقة، وذلك عن طريق حثّه للدخول فيما يُسمى بـ "فرط الكيتون" أو Ketosis؛ وهذه العملية تؤدي إلى زيادة نسبة الأحماض الدهنية في الدم، ما يجعل الجسم يعتمد عليها ليمده بالطاقة بدلًا من الكربوهيدرات.
لهذا السبب يعد "الكيتو دايت" أحد أفضل الأنظمة الغذائية التي يمكن اتباعها لخسارة الوزن، لا سيما لمن يعانون داء السكري من النوع 2، أو من السمنة المفرطة، ناهيك عن أمراض القلب. ومع ذلك، لا يصلح هذا النظام لجميع الأشخاص ولذلك نكرر، وسنكرر: يجب عليك استشارة مختصٍ أولًا.
النظام النباتي Vegan Diet
لا يُشترط أن تكون نباتيًا حتى تسير على هذا النظام، ولكنك يجب أن تبتعد عن الحيوانات تمامًا، فضلاً عن الابتعاد عن أي طعام حيواني المصدر، مثل الجبن والألبان، طوال فترة الالتزام بهذا النظام.
وكما توقعت، يعتمد متبعو هذا النظام على الخضراوات والفاكهة والحبوب الكاملة للحصول على العناصر الغذائية اللازمة لأجسادهم. ويتميز النظام النباتي بانخفاض سعرات الأطعمة المتاحة به، ومن ثم يستطيع متبعوه أن يأكلوا كميات كبيرة من الطعام ويخسروا أوزانهم في نفس الوقت.
فقط احرص على التنويع بين مصادر البروتين؛ وذلك لأن البروتين النباتي يعيبه نقص بعض الأحماض الأمينية، وبالتالي لا يستطيع الجسم أن يستفيد منه مثلما يستفيد من البروتين الحيواني الكامل، وكنا قد تحدثنا عن هذا الموضوع بالتفصيل في مقال البروتين. احرص أيضًا على إكمال احتياجك من الفيتامينات، وبالأخص فيتامين د وفيتامين ب 12، بالاعتماد على المكملات الغذائية المُعتمدة.
اقرأ أيضًا:نظام الكيتو دايت: فوائده وأضراره والأطعمة والمشروبات المسموحة
حمية البحر الأبيض المتوسط The Mediterranean Diet
يتشابه هذا النظام الغذائي إلى حد ما مع النظام النباتي، فهو يتطلب الكثير من الخضراوات والفاكهة والحبوب الكاملة وزيت الزيتون، ولكن الاختلاف يكمن في اعتماد مُتبعيه على الأسماك الطازجة والبيض وغيرهما من مصادر الغذاء الحيوانية.
جدير بالذكر أن هذا النظام مُستوحى من ثقافات المجتمعات القديمة التي عاشت حول حوض البحر الأبيض المتوسط.
يُعرف عن هذا النظام أيضًا أنه يقلل من فرص الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية وداء السكري من النوع 2، بل يحسن من الوظائف الإدراكية. وبعيدًا عن فوائده الصحية، يتميز هذا "الدايت" أيضًا بأنه غير مُكلف وبتوفر عناصره الغذائية أغلب الوقت.
نظام باليو Paleo Diet
سُمّى هكذا نسبة إلى العصر الحجري Paleolithic Era، ويقوم أساس هذا النظام على الطريقة التي كنا نعيش بها - نحن البشر- قبل الثورة الزراعية، بل منذ حوالي 2.5 مليون سنة وحتى 10 آلاف سنة مضت، وتعتمد الفكرة الأساسية على أن البشر غير مؤهلين لاستهلاك الأطعمة الحديثة والمُصنّعة بعيدًا عن المزارع.
ولكي تسير على هذه الحمية، عليك أن تأكل كميات مُعتدلة من الفواكه، والخضراوات، واللحوم الخالية من الدهن، فضلاً عن الأسماك والبيض والمكسرات والحبوب. ولا ننسى أنك لكي تنقص في الوزن، عليك أن تحسب سعراتك كما أسلفنا الذكر في الجزء الأول من المقال؛ فاعتمادك على الأكل الصحي شيء مفيد، ولكن التمادي فيه يعني سعرات مرتفعة، ومن ثم وزن أكبر.
اقرأ أيضًا:رجيم لو كارب.. نظام مثالي لإنقاص الدهون دون مخاطر
النظام المتوازن Balanced Diet
ينصح الكثير من المتخصصين بهذا النظام لأنه أسهلهم، من نواحٍ كثيرة، ولا يُحرَم المُلتزم به من أي شيء تقريبًا؛ فالنظام المتوازن يجمع ما بين البروتينات، والكربوهيدرات، والدهون الصحية، والفيتامينات، والمعادن، والماء.
وشخصيًا قد اعتمدت على النظام المتوازن بشكل كلي عندما بدأت رحلتي لخسارة الوزن. ولكي تعتمد عليه أنت أيضًا، عليك أن تُكثر من تناول الفواكه والخضراوات، تختار الحبوب الكاملة كمصدرٍ للكربوهيدرات وتبتعد عن الأكلات المُعدلة، تهتم بالبروتينات سواء النباتية أو الحيوانية، وتُدخل إلى جسدك دهونًا صحية مثل المكسرات، وأخيرًا تحد من السكريات والأملاح. أي باختصار لا تحرم نفسك من أي عنصر غذائي مفيد، ولكن لا تنسَ أن تستشير مختصًّا.
الخلاصة: لكي تخسر وزنًا عليك أن تحقق عجزًا بالسعرات الحرارية، أما لكي تتمتع بصحة جيدة، فعليك اتباع حمية غذائية توفّر لك احتياجك من العناصر الغذائية وتعفيك من أضرار السِمنة التي لا تُحصى.