هل نحلم كل ليلة؟ ولماذا ننسى ما نراه فور الاستيقاظ؟
في الأحلام كل شيء مباح، فما لا يدركه الإنسان في يقظته يحققه في أثناء نومه، النجاح والمناصب الكبيرة وتحقيق الأمنيات كلها أمور تتحقق للمرء في أحلامه، لذلك ما أن يخلد الإنسان للنوم، فإنه يشعر براحة كبيرة من كل شيء، من ضغوط العمل والحياة اليومية، من التوتر والقلق، فالنوم هو خير وسيلة يحقق بها الإنسان ما لا يستطيع الوصول إليه خلال الوقت العادي.
يحلم كل إنسانٍ فترةً زمنية بمتوسِّط ساعتين في الليل، وغالبًا ما تأتي الأحلام قبل الاستيقاظ من النوم مباشرةً، وقد أشار بعض الباحثين إلى أنَّ الإنسان قد يحلم عدّة مرات خلال الليل، ويبلغ زمن الحلم الواحد بين 5 - 20 دقيقة، فهل نحلم كل ليلة؟ وإذا كُنّا كذلك فلماذا لا يتذكّر 95% من البشر أحلامهم؟
ماذا تعني الأحلام؟
الأحلام هي الصور، الأفكار، أو المشاعر التي تقع في أثناء النوم، وتُعدّ الصور المرئية هي الأكثر شيوعًا لإطلاق "الأحلام" عليها، لكنّ الأحلام عمومًا تتضمَّن الأحاسيس كافَّة.
كشفت الدراسات عن أنواعٍ مختلفة من الأحلام، لكن تتضمَّن بعض الخصائص الرئيسة للحلم ما يلي:
- لا إرادي.
- قد يكون الحلم غير منطقي، أو غير مترابط.
- قد يتضمَّن الحلم أشخاصًا آخرين يتفاعلون مع الحالِم وبعضهم.
- إثارة المشاعر بقوة.
- قد يشمل الحلم بعض الأشياء التي تتعامل معها في حياتك أو يقظتك.
ورغم أنَّ هذه السمات ليست عامة، فإنَّها موجودة في أغلب الأحلام الطبيعية التي يمر بها أي إنسان.
لماذا نحلم؟
فُسِّر سبب الأحلام بعدّة نظريات مختلفة، ناقشت الغرض من الحلم تحديدًا، وتضمَّنت أبرز هذه النظريات ما يلي:
1- بناء الذاكرة
ارتبطت الأحلام بترسيخ الذاكرة، ما يُؤيِّد كون الأحلام مفيدة للوظائف المعرفية؛ إذ تُعزِّز الذاكرة، واستدعاء المعلومات، ما يُسهِم في بناء الذاكرة.
2- مُعالَجة المشاعر
ربَّما تكون القدرة على التعامل مع المشاعر، والتدرب عليها في سياقات تخيُّلية مختلفة جزءًا من طريقة المخ في إدارة ومعالجة المشاعر، وذلك يكون عبر الأحلام.
3- اعتدال الذهن
قد تكون أوقات الأحلام هي الفترة التي يعتدل فيها الذهن، مُنقِّيًا نفسه من المعلومات الجزئية، الخاطئة، أو حتى غير الضرورية.
4- نشاط الدماغ العَرَضي
يفترض أصحاب هذه النظرية أنَّ الحلم ما هو إلا مُنتَج ثانوي للنوم، ليس له غرض أو معنى رئيس.
متى تراودنا الأحلام؟
يحلم معظم الناس بمتوسط ساعتين كل ليلة، وقد ينشأ الحلم في أي مرحلةٍ من مراحل النوم، لكن تزداد غزارة الأحلام خلال مرحلة نوم حركة العين السريعة.
يزداد نشاط الدماغ في مرحلة نوم حركة العين السريعة، مقارنةً بغيرها من مراحل النوم، وقد تكون الأحلام في هذه المرحلة حيّة، خيالية، أو غريبة حتى، بل قد تحتوي على أشياء مِمَّا تمرُّ بها في حياتك المعتادة خلال اليقظة.
أمَّا في مرحلة النوم اللاريمي "النوم عديم الحركات العينية السريعة"، فإنّ الأحلام تبدو متماسكة قليلًا؛ إذ ترتبط الأفكار أو الذكريات بزمان ومكان مُحدَّدين.
يقع غالب نوم حركة العين السريعة خلال النصف الثاني من فترة النوم العادية، ومِنْ ثَمَّ فإنَّ الأحلام تأتي عادةً في الساعات التي تسبق الاستيقاظ من النوم مباشرةً.
هل نحلم كل ليلة؟
يستمر نشاط الدماغ طوال الليل، حتى خلال النوم، ويزداد النشاط بشدة في الدماغ الأمامي والمتوسط خلال نوم حركة العين السريعة، والتي تقبع فيها الأحلام.
يحلم كلُّ الناس، سواء الكبار أو الصغار، ما يقرب من ساعتين كل ليلة، حتى لو لم يكن بمقدورهم تذكُّر الأحلام، بل قد وجد الباحثون، حسب موقع "verywellmind"، أنَّ الناس قد يحظون بكثيرٍ من الأحلام كل ليلة، يستمر كل واحد منها 5 - 20 دقيقة.
إذا كنا نحلم كل ليلة.. فلماذا لا نتذكر الأحلام؟
ينسى البشر نحو 95% من كل الأحلام فور الاستيقاظ من النوم، وقد اقترحت نظرية لتفسير صعوبة تذكُّر الأحلام، مُشيرةً إلى أنَّ تغيُّرات الدماغ خلال النوم، لا تدعم معالجة وتخزين المعلومات اللازمة لتكوين الذكريات.
كشف مسح الدماغ للنائمين أنَّ الفصوص الجبهية "وهي المُسهِم الرئيس في تكوين الذكريات" غير نشطة خلال مرحلة نوم حركة العين السريعة، وهي المرحلة التي تكون فيها الأحلام على أشدّها.
وثمَّة تفسيرات أخرى لذلك، مثل:
- قد يكون نسيان الأحلام؛ بسبب التغيُّر في مستوى بعض النواقل العصبية، وتحديدًا الأستيل كولين والنور أدرينالين، خلال مرحلة نوم حركة العين السريعة.
- رصدت دراسةٌ أخرى رابطًا بين القدرة على تذكُّر الأحلام وكثافة مادة الدماغ في قشرة الفص قبل الجبهي الوسطي، فإنّ المشاركين في الدراسة، التي تحتوي أدمغتهم في هذه المنطقة على كثافةٍ أكبر من المادة البيضاء، كانت قدرتهم على تذكُّر الأحلام أعلى.
هل تُؤثِّر الأحلام في جودة النوم؟
غالبًا لا تُؤثِّر الأحلام في جودة النوم، فالأحلام جزءٌ من النوم الصحي، وهي طبيعية تمامًا، وليس لها أي تأثير في النوم.
لكن ليست كل الأحلام سواسية، فالكوابيس قادرة على انتزاعك من النوم، والتي قد تُعدّ مشكلة إذا تكرَّرت كثيرًا؛ إذ قد تُفضِي بك الأحلام المزعجة إلى تجنُّب النوم، ومِنْ ثَمَّ عدم حصول الجسم على كفايته من الراحة.
فإذا حُرِم الإنسان من النوم؛ بسبب الكوابيس أو غيرها، فإنَّ مرحلة نوم حركة العين السريعة تصير أطول، وهذا يعني أنّ الكوابيس قد تصير أسوأ؛ إذ هذه مرحلة الأحلام، وهذه الدورة السلبية قد تجعل الناس الذين يُعانُون كوابيس متكررة، يُواجِهون الأرق بوصفه مشكلة مزمنة لهم.
لأجل ذلك، فإنّ الذين تفزعهم الكوابيس أكثر من مرة في كل أسبوع، نومهم مُتقطِّع، أو يُعانُون نعاسًا خلال النهار، أو حتى تغيُّرًا في التفكير أو المزاج، وقد يُفضَّل زيارة الطبيب لمعرفة طريقة التعامل المناسبة مع هذه الكوابيس، وكيفية الحدّ منها، أو النوم رغمًا عنها.
اقرأ أيضًا:ما هي أفضل أوضاع النوم للحفاظ على صحة العمود الفقري؟
كيف تتذكَّر أحلامك؟
تختلف قدرة كل إنسانٍ عن غيره في تذكُّر الأحلام، وقد يكون للعُمر دور في هذه المسألة، ولا تُوجَد طريقة مضمونة حتى الآن لتعزيز تذكُّر الأحلام، لكن وفقًا لـ "sleepfoundation"، فإنَّ الخبراء يُوصُون بالنصائح الآتية، والتي قد تساعد في تذكُّر الأحلام:
1- التفكير في الحلم فور الاستيقاظ
قد تنسى أحلامك في غمضة عين؛ لذا فإنّ انشغال دماغك بها أول ما تستيقظ من النوم، وقبل الجلوس أو حتى إلقاء التحية على من يُجاوِرك، يُساعِد في تذكُّر الحلم الذي رأيته خلال الليل؛ لذا أغمِض عينك قليلاً، وحاول أن تتذكّر أحلامك.
2- سجِّل أحلامك
ربَّما يجدر بك الاحتفاظ بورقة وقلم، فإن استيقظت من النوم، يسعك تسجيل ما تتذكَّره على الفور قبل أن يتلاشى من ذاكرتك، وقد تساعدك بعض تطبيقات الهاتف الذكي في تحقيق هذا الغرض، فالمهم هو سرعة التسجيل لما تتذكَّره، فذلك قد يساعد في تذكُّر غالب أجزاء الحلم.
3- لا تستيقظ بَغتة
ارفق بنفسك، ولا تنهض من سريرك كأنّ العقارب تطاردك، فالاستيقاظ المباغت من النوم "مثل الاستيقاظ بسبب إنذار المُنبِّه"، يُخرِجك من الحلم سريعًا، ما يُصعِّب تذكُّر الأحلام بعد الاستيقاظ من النوم.
4- ذكِّر نفسك
قبل أن تنام، حاول تذكير نفسك بأولوية تذكُّر أي حلمٍ قد تراه خلال الليل، وكرِّر ذلك على نفسك، وهذا وإن كان غير كافٍ وحده لتذكُّر الأحلام، لكنّه قد يساعدك في قضاء بعض الوقت في محاولة تذكُّر الأحلام قبل أن تبدأ يومك، وفي الختام أرجو لك أحلامًا سعيدة تُزيِّن لياليك عزيزي القارئ.