رقمنة الرعاية الصحية.. 5 مزايا كبيرة و4 تحديات تنتظر الحسم
أصبح التحول الرقمي أمر لا مفر منه، فكل العالم حاليًا يتجه بقوة إلى التكنولوجيا الحديثة في مختلف القطاعات، بهدف الإسراع في تقديم الخدمات إلى المواطنين بأعلى دقة، وبسرعة كبيرة، ودون إبطاء.
ويسَّرت التكنولوجيا الرقمية الحياة كثيرًا، وليست الصحة استثناءً من ذلك التيسير؛ إذ ساهمت رقمنة الرعاية الصحية في تحسين دقة التشخيص، ومِنْ ثَمَّ وضع أنسب خطةٍ علاجية؛ للحصول على شفاءٍ مأمولٍ في القريب العاجل، بالإضافة إلى تيسير الحصول على الرعاية الصحية، ربَّما دون حاجةٍ إلى زيارة متكررةٍ للمستشفى، لكن مع ذلك تظل هناك بعض التحديات المواجهة لها، فما هي هذه التحديات؟
مزايا رقمنة الرعاية الصحية
تُوفِّر رقمنة الرعاية الصحية العديد من المزايا، يستوي في ذلك الطبيب والمريض المُقدَّم له الرعاية، وذلك خلال مراحل العلاج المُختلفة، ومن أهم هذه المزايا ما يلي:
1- تحسين دقة التشخيص
التشخيص هو مفتاح العلاج، وقد أتاحت التكنولوجيا الصحية الرقمية القدرة على تشخيص المرضى عن بُعد؛ إذ يُمكِن تخزين المعلومات الخاصّة بالمريض، والعلاج الذي تلقَّاه سابقًا، وكلُّ ذلك يُمكِن مشاركته بين المتخصصين في الرعاية الصحية على الفور.
يُؤدِّي ذلك، ضرورةً، إلى الحصول على معلوماتٍ أوضح حول حالة المريض، ومِنْ ثَمَّ تحسُّن دقة التشخيص، وزيادة فرص نجاح العلاج المُقدَّم.
2- تعزيز جودة الرعاية الصحية المُقدَّمة
ساهمت منصات الصحة الرقمية في تيسير الوصول إلى البيانات الطبية، وخدمات الرعاية الصحية من قبل المرضى، بل مكَّنتهم من رصد وتتبُّع أحوالهم عن بُعد، مانحةً إياهم مزيدًا من التحكم في علاجهم.
كذلك أدَّى تقدُّم الرعاية الصحية الرقمية إلى رصد الأطباء الأمراض التي يُعانِيها المريض باكرًا، ومِنْ ثَمَّ سُرعة الاستجابة العلاجية، وتحصين حياة المريض.
3- تيسير الحصول على الرعاية الصحية
في قارة آسيا على سبيل المثال، فإنَّ 80% من القاطنين في الأوساط الريفية، عاجزون عن الوصول إلى خدمات الرعاية الصحية، إضافةً إلى أنَّ كبار السن، أو من يُعانُون صعوبات في الحركة، تُجابههم صعوبات في الحصول على الخدمات الصحية المطلوبة.
لذا فإنَّ خدمات الرعاية الصحية الرقمية، تخطَّت حاجز المستشفيات، فمن السهل اليوم الحصول على الخدمات الطبية من المنزل، ومن ذلك على سبيل المثال التشخيص، ومتابعة المريض دون حاجةٍ إلى زيارة المستشفى.
اقرأ أيضًا: 5 أجهزة صحية قابلة للارتداء.. حافظ على صحتك أينما كنت
4- زيادة الكفاءة
حسب تقديرات منظمة الصحة العالمية، فإنَّ العالم سوف يُعانِي نقصًا لـ 18 مليون من مُقدِّمي الرعاية الصحية المهرة بحلول 2030، ومِنْ ثَمَّ فتوفير مزيد من الخدمات الطبية الرقمية بات ضرورةً مُلحَّة؛ لمواجهة ذلك العجز المُتوقَّع.
ومع يسر وصول الأطباء إلى الحصول على المعلومات الكاملة عن التاريخ المرضي، فمن المُتوقَّع أن تتحسَّن النتائج الطبية، وكذلك العلاج بالسرعة المرجوة، كما أنَّ سهولة وصول المريض إلى هذه البيانات، ومتابعة حالته، يُخفِّف العبء على مُقدِّمي الرعاية الصحية، ويُعزِّز كفاءة العلاج.
5- تقليل تكلفة الرعاية الصحية
أمَّا على الناحية الاقتصادية، فقد توقَّعت منظمة الصحة العالمية أنَّ نصف الناس حول العالم تقريبًا، لن يعود بمقدورهم الحصول على الرعاية الطبية الضرورية لهم؛ بسبب الكلفة الاقتصادية المُتوقَّعة لها.
لكن بمساعدة التكنولوجيا الصحية الرقمية، والطب عن بُعد "telemedicine"، فمُتيسَّر للمريض فهم ومتابعة حالته، ما يُقلِّل الكُلفة الاقتصادية عمومًا؛ إذ تتراجع الحاجة إلى زيارة المستشفى عدّة مرات، بل تساعدهم على توفير تكاليف النقل.
كما أنَّ تراجع التكاليف عمومًا، يسمح لمزيدٍ من المرضى، خاصةً في البلدان ذات الدخل المنخفض إلى المتوسط، الحصول على الرعاية الطبية الأولية والتخصصية بأسعارٍ معقولة.
التحديات التي تواجه رقمنة الرعاية الصحية
ومع كل المزايا المذكورة لرقمنة الرعاية الصحية، لكن تواجهها بعض التحديات والعقبات فيما يتعلَّق بإطلاقها واعتمادها:
1- سداد التكاليف
حتى بعد إطلاقها، تُواجِه العديد من الحلول الصحية الرقمية تحدّيات؛ بسبب مسارات السداد غير الواضحة والمُعقَّدة، وقد تحدّ هذه الصعوبات من اعتماد المرضى على هذه التكنولوجيا، ما يُقلِّل كذلك من الوصول إلى بيانات المرضى من قبلهم.
2- قابلية التشغيل التبادلي
بسبب غياب الأنظمة المُتسقة، والاختلافات في تخزين البيانات وترميزها، مثَّلت قابلية التشغيل التبادلي تحديًا مستمرًّا لمُقدِّمي الرعاية الصحية، حتى بعد اعتماد التكنولوجيا الصحية الرقمية.
حيث تظل كمية كبيرة من البيانات غير مستخدَمة، ولا يستطيع الأطباء الاستفادة من هذه المعلومات؛ لتحسين مستوى الرعاية الصحية للمرضى.
اقرأ أيضًا: أهمها الوقاية من الأمراض.. 5 فوائد لأجهزة تنقية الهواء
3- محو الأُمِّيَّة الرقمية
تُشِير الأمِّية الرقمية إلى القدرة على العثور على المعلومات وفهمها، ومشاركتها عبر المنصات الإلكترونية، وبسبب انخفاض الإلمام بالتكنولوجيا الرقمية بين الأطباء ومُقدِّمي الرعاية الصحية، قد تقل فرص اعتماد هذه التكنولوجيا؛ إذ يُصاب بعض الناس بجمودٍ تجاه تعلم كيفية استخدام هذه التكنولوجيا.
فحتى بعد اعتماد التكنولوجيا الرقمية في الرعاية الصحية، قد لا يحصل المستخدمين على كل الفوائد المرجوة؛ بسبب صعوبة تعاملهم مع التكنولوجيا الرقمية عمومًا.
ولمواجهة هذا التحدِّي، يُمكِن للمؤسسات العامة والخاصة العمل معًا لتوفير التعليم المطلوب للمرضى، ومُقدِّمي الرعاية الصحية حول كيفية التعامل الأمثل مع التكنولوجيا الرقمية.
4- أمن البيانات والخصوصية
أمن البيانات والخصوصية من أشدّ العقبات المُواجهة لرقمنة الرعاية الصحية، فقد يُؤدِّي خرق البيانات إلى فقد المعلومات الشخصية الخاصَّة بالمُستخدِم، وتعطيل الرعاية الصحية.
لذا من الأهمية بمكان معالجة الثغرات في أنظمة الرعاية الصحية الرقمية، وتثقيف المستخدمين بشأن الإجراءات الوقائية الصحيحة، لحماية بياناتهم من السرقة أو التلف.