جاكي شان.. ملك الدراما القتالية كيف لمن نشأ على القسوة أن يهرب منها؟!
في السابع من إبريل عام ١٩٥٤ بجزر هونج كونج البريطانية، ولد طفل سيرى من قسوة الحياة الكثير، وسينطبع ذلك على شخصيته وعمله بأكبر قدر ممكن.
ربما لا تعرفون أن الحديث هنا هو عن اسم مرموق في عالم السينما القتالية وهو الممثل جاكي شان، أحد أشهر من أدوا أدوار سينما الأكشن في تاريخ الفن العالمي.
يعرف بقوته، وأفلامه شديدة النجاح على المستوى العالمي، وابتسامته الجميلة، لكن خلف كل هذا حياة بدأت بمنتهى القسوة.
لقد طبعت الحرب والظروف الاجتماعية الصعبة حياة هذا الفتى، الذي ولد ولم يسمع إلا صوت الرصاص من كل حدب وصوب.
ربما يمكنك أن ترى ذلك في أفلامه، التي مثلها وأسهم في إنتاجها وإخراجها ورؤيتها الفنية، فهو أكثر من مجرد ممثل.
قذيفة المدفع!
بدأ العنف في حياة جاكي شان من سنواته الأولى، التي اضطر فيها أبواه للتحول إلى حياة اللجوء بسبب الحرب الأهلية الصينية، سبب له ذلك زيادة مفرطة في النشاط، حتى أطلق عليه "بو بو" بين أقرانه في الصبا، ومعناها بالصينية "قذيفة المدفع".
بعمر ٦ سنوات، سيختبر أبواه تجربة لجوء خارج هونغ كونغ التي مكثا فيها دون انتماء واضح للصين أو بريطانيا، ستكون الهجرة هذه المرة إلى أستراليا، البلد شديد البعد عن هونج كونج، لكنه شديد القرب من أحلام هذا الفتى الذي لم يتجاوز عمره الأعوام الستة في ذلك التاريخ!
تدرج والده في الأعمال، حتى تقلد منصب كبير الطهاة في السفارة الأمريكية بأستراليا، الأمر الذي أعانه على توفير حياة أفضل لجاكي الصغير، وهنا بدأت مقدمات حياته في التبلور.
بعمر ٧ سنوات، درس في كانبرا فنون الدراما المختلطة بالألعاب البهلوانية والتقنيات القتالية والرقص، يمكنك أن ترى كيف أثرت هذه النشأة في مسيرته الفنية من خلال استعراض حركاته البهلوانية في أفلامه، والطبيعة القتالية التي تبدو لك طبيعية للغاية في أفلامه، فقد نشأ منذ نعومة أظفاره على الجانبين: القتال والدراما!
انتظار هوليوود
حصل على فرص وهو طفل للظهور في أفلام سينمائية مع مجموعته، بدأت من عمر ٨ أعوام، ومع نموه بات يطلب كـ"دوبلير" لأفلام "بروس لي" القتالية، ولكن أسلوبه المختلف تمامًا أغلق عليه هذا الباب.
مع تدرج مسيرته وتخصصه في الفنين، وانتظاره لفرصة كبرى كان يريدها بوضوح في هوليوود، كان يدرك أن الكثيرين ممن مروا بظروفه نفسها بعد الحرب الأهلية الصينية، وتجارب النزوح المختلفة، يخطون خطواته نفسها، أصبح ذلك جليًّا حين تنامت علاقته بالثنائي سامو هونغ، ويونغ بياو، الفنانين القتاليين اللذين سيشكلان جزءًا مهمًّا من مسيرة جاكي شان.
الثلاثة تدرجوا معًا حتى باتوا يطلق عليهم "التنانين الثلاثة" في إشارة إلى انحدارهم الآسيوي من هونغ كونغ.
بات جاكي شان بعمر يقارب من ٢٠ عامًا محترفًا حقيقيًّا في الأساليب القتالية، وعلى الدرجة نفسها من الخبرة والتخصص في الظهور الفني.
كان يظهر بين الحين والآخر لكن عينه كانت على هوليوود التي أدارت ظهرها له مرارًا، حتى لاح له الأفق من خلال فيلم "Half a Loaf of Kung Fu" الذي اشتهر على صعيد عالمي، كان إنتاجه في عام ١٩٧٩، سيستفيد جاكي شان منه لأنه بوضوح أسس من خلاله مدرسة سينمائية قتالية تعتمد على أسلوب ملاكمة السكران الذي سيتبعه جاكي شان في مسيرته.
اقرأ أيضًا: مارتن سكورسيزي.. أدخله "الربو" إلى صالات السينما.. فخرج بألق عظيم
الكوميديا القتالية
كما أن مدرسة جاكي شان القتالية السينمائية اعتمدت على الكوميديا، والكوميديا القتالية بشكل عام لم تكن بذات القوة في ذلك التوقيت، لذلك وجد جاكي شان شكل المحتوى الذي يميزه.
ظن شان أن هوليوود ستطارده، والحق أنه حاول مجددًا ولكن أغلقت كل المنافذ من جديد، حتى انفتحت بعد نحو 15 عامًا في منتصف التسعينيات من خلال فيلم (Mr. Nice Guy) الذي أسس له شهرة واسعة وانطلق في أكثر من ١٥٠ فيلمًا سينمائيًّا قتاليًّا وحصد العديد من الجوائز.
مسيرة جاكي شان الرائعة مليئة بالمحطات المميزة، لكن كل شيء بدأ من العنف والقسوة اللذين لم يستطع ذلك الرجل من هونغ كونغ أن يتملص منهما، حتى وهو ينثر ابتسامته المميزة في كل مشهد!