"ومن الحب ما نفع".. تأثيرات صحية لن تتخيلها للمتيمين عشقًا
قصص الحب خالدة، تمر الأيام وتبقى سيرة الأحباء باقية، فمن ينسى روميو وجولييت، وأنطونيو وكليوباترا، وباريس وهيلين طروادة، وإليزابيث بينيت والسيد دارسي، وهنري الثاني وروزاموند كليفورد، وغيرهم كثيرون ممن رحلوا وبقيت قصص حبهم تلهم الشعراء والمحبين.
الحب هو أهم صفة خلق الله عليها الإنسان، به تستقيم الأمور، وبه تستمر الحياة بشكل وطعم مختلف، فالحب ينهي المشكلات التي قد تتطلب وقتًا كبيرًا لتصل إلى حد النهاية، لكن ما لا يعرفه معظمنا أن تأثيرات الوقوع في الحب، أو عدم تجربته أيضًا، عديدة ومختلفة، فبعضها جسدي ومعظمها نفسي.
يُحسِّن الحب الصحة النفسية؛ إذ تنبعث السعادة من سويداء القلب بعد إفراز الجسم للدوبامين عند لقاء المحبوب، كما يقل التوتر على المدى الطويل، وينشط مركز المكافأة في الدماغ باستمرار.
أمَّا على الصعيد الجسدي، فالحب مُقوٍ للمناعة، درع ضد أمراض القلب، بل قد يساعد في إطالة العمر وتجنُّب الوفاة المبكرة حسب بعض الدراسات.
تأثير الحب على الصحة النفسية
للحب أثرٌ نفسيٌ طاغ على الجسم؛ إذ يتفاعل الدماغ مع الحب، ما يُؤثِّر في المزاج والسلوك، وطبيعة المشاعر التي يحس بها المرء، ومن أهم تأثيرات الحب على الدماغ أو الصحة النفسية ما يلي:
1- النشوة
تنتابك نشوة بكل تأكيد عندما تقضي بعض الوقت مع من تحب، أو ربَّما بمجرد رؤيته، أو حتى سماع اسمه، فهذه النشوة والسعادة العارمة نتيجة إفراز الناقل العصبي الدوبامين؛ إذ يعتمد مركز المكافأة في الدماغ على وجود الدوبامين.
بل يكفي فقط التفكير فيمن تحب لإفراز الدوبامين في الجسم، وعندما يلتقي المرء بمن يُحبّ، يُطلِق مركز المكافأة في الدماغ مزيدًا من الدوبامين، ما يُفسِّر النشوة الشديدة عند لقاء المحبوب.
2- توتر أقل
يقل التوتر مع الحب الدائم المستمر؛ إذ إن المشاعر الحسنة الناجمة عن إفراز الدوبامين والأوكسيتوسين تُحسِّن المزاج، واقترح بحثٌ ذكره "healthline" أنَّ العازبين لديهم مستويات مرتفعة من الكورتيزول "هرمون التوتر"، مقارنةً بالمتزوجين.
أيضًا يُولِّد الحب رابطًا قويًا مع المحبوب، ما يُسهِّل مجابهة صعاب الحياة بقلق وتوتر أقل، بالمقارنة بما لو كنت وحدك، فلا شك أنَّ وجود المحبوب يُشكِّل دافعًا قويًا لمواجهة تقلبات الحياة.
3- الغيرة
الغيرة أثرٌ طبيعي للحب، فهي عاطفة طبيعية تساعدك على الاهتمام بمشاعرك واحتياجاتك، بل هي دليل على الارتباط القوي بالمحبوب وعدم رغبتك في خسارته، ومِنْ ثَمَّ فلا يُمكِن تجاهل الغيرة كأحد الآثار النفسية الجميلة للحب.
اقرأ أيضًا: 3 فيتامينات تعزز الصحة النفسية وتعالج الوسواس
4- التفكير الدائم
ما دام قد طرق المحبوب شغاف القلب، فلا بُدَّ أن يستنفر المخ، وينشغل به بين الفينة والأخرى، فرُبَّما يُفكِّر الرجل في محبوبته طوال الوقت لدرجة أن تأتيه في أحلامه، لكن ما تفسير ذلك طبيًّا؟
يُعتقَد أنَّ جزءًا من ذلك التفكير المستمر ناتج عن دورة الدوبامين التي تُكافِئك على هذا التفكير بمزيدٍ من الدوبامين، ومِنْ مزيد من النشوة والسعادة.
لكن اقترح بحثٌ آخر أنَّ جزءًا من الدماغ هو المسؤول عن ذلك التفكير؛ وهو ما يُعرَف بالقشرة الحزامية الأمامية؛ إذ ربط الباحثون بينها وبين سلوكيات الوسواس القهري، مِمَّا يُفسِّر وطأة التفكير وتكرره على مدار اليوم، والتي قد تصل أحيانًا إلى مستوى الهوس.
ومن الطبيعي عمومًا أن يُفكِّر المرء كثيرًا فيمن يحبّ، لكن ينبغي ألَّا يُؤثِّر ذلك على المردود الجسدي والذهني في الأنشطة اليومية التي يُؤدِّيها الرجل، خاصةً إذا كثرت مشاغله.
5- التعلُّق بالمحبوب
ليس الدوبامين هو الناقل العصبي الوحيد المُفسِّر لتأثيرات الحب النفسية، بل الأوكسيتوسين كذلك؛ إذ يزيد التعلُّق بالمحبوب، ويُعزِّز الثقة به.
هذا ما يُفسِّر الشعور بالأمان والثقة بين المُحبِّين؛ إذ يُقوِّي الأوكسيتوسين الرابطة بينهما، بل ربَّما هو ما يجعل المحبوب مُميَّزًا وفريدًا عن غيره.
6- ضعف التركيز
يُضعِف الحب القدرة على التركيز أثناء أداء المهام، وقد ربطت دراسةٌ وفقًا لموقع "betterhelp" بين الحب وتراجع التحكُّم في الوظائف المعرفية الذهنية، ما يُضفِي صعوبةً على صبِّ الانتباه المطلوب لأداء الأنشطة اليومية، وقد يكون ذلك في بداية الحب فقط لا على المدى الطويل.
7- طرد الاكتئاب
في خضم تأثيرات الحب المُعزِّزة للصحة النفسية، فإنَّه لا شكّ يُخفِّف أعراض الاكتئاب الذي هو أحد الاضطرابات النفسية الشائعة، فقد ربط الباحثون بين مدى الرضا في علاقة الزوجين، وتراجع أعراض الاكتئاب لديهم، وربَّما يكون ذلك أثر الأوكسيتوسين، وعلى كلٍ تزوَّج من تقرّ عينك بها عزيزي القارئ.
اقرأ أيضًا: كل ما تريد معرفته عن مرض الفصام: أنواعه وأعراضه وتأثيره على الحب
تأثير الحب على الصحة الجسمية
أمَّا أثر الحب على الجسم، فهو مُعزِّز للصحة، ويُقلِّل فرص الإصابة بالأمراض، بل إِنْ كان الحب مُسهمٌ في تقليل التوتر أي ذو أثرٍ نفسيٍ طيب، فهو بالضرورة مُحافِظ على صحة الجسم، فالجسم مرآة النفس أحيانًا، ولا نسقط فريسة للأمراض غالبًا إلَّا بعد تدهور حالتنا النفسية.
تضمُّ أبرز تأثيرات الحب على الجسم ما يلي:
1- تعزيز الصحة الجسدية
الحب النامي بين الزوجين ذو تأثيرٍ جيد على الصحة، فمن آثار الحب:
- قلة فرص الإصابة بأمراض القلب، ومعلومٌ أنَّها أشهر سبب للوفاة بين الرجال حول العالم.
- ضغط دمٍ معتدل.
- تحسُّن المناعة، ولعلَّ ذلك نتيجة تراجع مستويات الكورتيزول "هرمون التوتر"؛ إذ هو مُضعِف للمناعة.
- التعافي سريعًا من الأمراض.
وقد أظهرت دراسات حسب موقع "betterhealth" أنَّ الزواج يُقلِّل فرص الإصابة بمرض ألزهايمر بين الرجال، ومِنْ ثَمَّ قد يعيش الرجل مدة أطول بخير صحةٍ.
2- عمر أطول
يُسهِم الحب في إطالة أمد الحياة، ولا أعني العيش في كنف المحبوب، بل الناحية الصحية التي قد نُدمِّرها بتخريب علاقتنا مع من نحب، فقد راجع بحثٌ مقارنةً بين مُعدَّلات الوفاة للعازبين والمتزوجين، فاستبانت زيادة ملحوظة في نسب الوفاة المبكرة بين العازبين بنسبة 24%.
بل بيَّنت دراسةٌ عام 2012 حسب موقع "healthline" أنَّ المتزوجين مِمَّن خضعوا لجراحة مجازة الشريان التاجي، كانت فرص عيشهم 15 سنة إضافية أكثر من العازبين بمُعدَّل 2.5 مرة.
3- تخفيف الألم
الحب سكَنٌ للروح، ومُسكِّن للألم، وقد تلمس تحسُّنًا ملحوظًا في الحالة المزاجية عندما تُفكِّر في محبوبك، وربَّما أحيانًا تشعر براحة أو قوة ولو طفيفة عندما لا تكون على ما يرام، وهذه ليست أوهام.
فقد أثبتت دراسةٌ صغيرةٌ ساقها "healthline" أُجريت على 15 إنسان، فتبيَّن أنَّ النظر إلى صورة المحبوب خفَّض الشعور بالألم، وقد فُسِّر ذلك ظنِّيًا بتنشيط مركز المكافأة في الدماغ؛ إذ يُعتقَد أنَّه يُقلِّل استقبال الألم، ومِنْ ثَمَّ الشعور به.
4- جوع أقل
قد تجد إحساسك بالجوع أقل حدّة بعد الحب، وربَّما ينتج ذلك عن إفراز النور أدرينالين المُثبِّط للشهية، أو فقد الشغف لالتماس الشعور بالارتياح بعد تناول الطعام؛ نتيجة ارتفاع مستويات السيروتونين الذي يزداد مع الحب، وهو ما يجعل المرء سعيدًا؛ شاعرًا بالرضا.
اقرأ أيضًا: لماذا لا يشعر الرجال بالأمان في العلاقة العاطفية؟
5- ساعات نوم أقل
نتيجة إفراز هرمون الأدرينالين؛ بسبب الحب، فقد يصير النوم صعب المنال، فقد بيَّنت دراسةٌ أنَّ الأشخاص الّذين في بداية حبهم، ينامون عدد ساعاتٍ أقل خلال الليل، وقد ربط باحثون بين قلة النوم والهوس بالمحبوب أو كثرة التفكير فيه.
6- أعراض الحب الجسدية
يستجيب الجسم عندما يرى المحبوب بإطلاق هرمونَي الأدرينالين والنور أدرينالين، وهي ذات الهرمونات المُفرَزة عند مواجهة الخطر، لكنَّ علّة الإفراز مختلفة بالطبع.
تتسبَّب هذه الهرمونات في مجموعة من الأعراض الجسدية، مثل الشعور بتخبط في المعدة، أو ما يُسمَّى أحيانًا بفراشات في المعدة؛ إذ المعدة مُرتبطة بالمخ.
كذلك من الأعراض الجسدية عند رؤية المحبوب، أو التفكير بشأنه تسارع دقَّات القلب، أو احمرار الوجه، أو التعرُّق المفرط، وقد يشعر بعض الناس بالارتباك، أو التعثُّر عند الكلام.
7- زيادة الوزن
يُعانِي البعض تغيُّرًا في الوزن، خاصةً مع الحب؛ إذ تُوجَد أدلة متناقلة غير مُؤكَّدة، بالإضافة إلى بحثٍ علمي يُؤيِّد دعوى أنَّ الحب قد يُكسِبك مزيدًا من الوزن؛ إذ ربطت دراسةٌ ساقها "betterhelp" بين السعادة في الزواج وزيادة الوزن.