رجل الأعمال هشام كعكي: معادلتي للنجاح فكر وفلوس وفعل.. تستهويني السينما
سار على خطى والده مقتفيًا رائحة الحبر، وصوت ماكينات الطباعة، ترأس تحرير عدة صحف بارزة، وكتب المقالات وألقى المحاضرات في الإعلام، قبل أن يطوي صفحة لطالما كانت شغف حياته، ليدخل عالم الأعمال من بابه الواسع، مستلهمًا هذه المرة خطى جده الذي كان شيخًا لطائفة الخبازين في مدينة مكة المكرمة.
يقترن اسمه بمكة المكرمة، في مجالات تنموية عديدة، هنا ولد وهنا كانت بدايته المتواضعة، قبل أن يلمع اسمه في عالم الأعمال، في المدينة التي يحبها "حبًّا جمًّا" ويفخر بدوره في افتتاح مركز المعارض وتنفيذ العديد من الفعاليات والمشاريع على أرضها المقدسة، معتبرًا أن إنجازاته خلال ترؤسه لغرفتها التجارية الصناعية هي نوع من رد جميل، وعربون وفاء.
«الرجل» اختارت رجل الأعمال هشام محمد عبدالله كعكي العضو المنتدب لشركة البلد الأمين للتنمية والتطوير العمراني ليتصدّر غلاف مجلتها الشهرية في حوار يروي قصة شغفه بالإعلام وتحوله إلى الأعمال، ويتناول جوانب إنسانية من حياته الشخصية واهتماماته ورؤيته للحياة.
نشأته ودراسته
كيف تعرّف نفسك؟ أين نشأت؟ وماذا درست؟
أنا ابن من أبناء المملكة العربية السعودية، ولدت في مكة المكرمة، من أسرة تجارية عملت بتجارة المواد الغذائية وصناعة المخبوزات والثلج منذ سنوات طويلة.
درست بمدارس الملك فيصل النموذجية، ثم انتقلت إلى الولايات المتحدة الأمريكية لدراسة البكالوريوس في إدارة الإعلام والعلوم السياسية، ثم عدت ودرست الماجستير في إدارة الأعمال في جدة.
في صغري كنت مجتهدًا ومقبلاً على القراءة والتعلّم الذاتي في مجالات مختلفة، ومنها اللغات الأجنبية التي بدأتُ مبكرًا في تعلمها قبل زملائي في المدرسة.
غالبًا ما تترك العائلة أثرها على شخصية المرء، كيف تأثرت بعائلتك؟
الأثر الأكبر كان لجدي "عبدالله كعكي" -رحمه الله- عمل في الصناعة والتجارة والعقار، وكان شيخًا لطائفة الخبازين في مكة مكرمة، تأثرت أيضًا بشخصية والدي المهندس محمد كعكي -رحمه الله- الذي شغل منصب مدير مؤسسة مكة للإعلام، وهي الرائدة والوحيدة آنذاك في مكة المكرمة.
منذ صغري كان والدي وجدي يصطحباني أسبوعيًّا إلى مقر شركاتنا الخاصة العائلية، الأمر الذي أشعل التعلق بهذه المجالات في حياتي المهنية، وسرت على خطاهم لاحقًا بأشكال مختلفة ومتعددة.
وكنت قريبًا من والدتي السيدة فائقة مؤمنة -حفظها الله- التي كانت معلمتي في صغري، وتابعت مراحل دراستي بدقة متناهية لضمان تفوقي في جميع المراحل الدراسية.
دراسة وبداية متواضعة
جمعت في دراستك بين إدارة الأعمال والإعلام والسياسة .. ما سر هذه الخلطة؟
كنتُ محبًّا للإعلام منذ صغري بفضل والدي، فقد كنت أزوره في مؤسسة مكة للطباعة والإعلام، وأشاهد أعمال الطباعة والتحرير، ومن ذلك الوقت أحببت الإعلام.
أما عن التجارة فأنا أنتمي لأسرة تعمل في التجارة والصناعة والعقار منذ سنوات عدة، ولذلك إدارة الأعمال جزء من تكويني الشخصي.
وماذا عن دراستك للسياسة؟
عندما درست تخصص إدارة الإعلام في الولايات المتحدة الأمريكية كان آنذاك لزامًا على الطلاب دراسة تخصص ثانوي، إضافة إلى التخصص الرئيس، فاخترتُ العلوم السياسية، ولربما راودتني يومًا أحلامٌ بالعمل في السلك الدبلوماسي، وقد يبقى هذا الحلم معلقًا حتى إشعار آخر.
ما قدر أول راتب حصلت عليه؟
بدايتي في السلم الوظيفي كانت "بسيطة جدًّا"، وراتبي لم يتجاوز 5 آلاف ريال شهريًّا، كان والدي حريصًا على أن أبدأ السلم من البداية لأتعلم الكثير من الدروس المهنية والحياتية والاجتماعية.
أعتز ببداياتي المتواضعة البسيطة، وأفتخر بما وصلت إليه لاحقًا في حياتي المهنية والعملية بفضل الله سبحانه وتعالى.
اقرأ أيضًا: رجل الأعمال حمزة ناصر: نهضت بعد خسارة بالملايين.. وأمي مهّدت لنجاحي
كواليس الإعلام
ما هي المحطة التي أسهمت في انطلاقتك؟
عملي الإعلامي عامة كان محطة مهمة في حياتي، وخاصة بدايتي في مؤسسة عكاظ للصحافة والإعلام عام 2001، إذ كان لها دور كبير وتعلمت فيها الانضباط والإدارة وحسن إدارة العمل، فكانت مدرسة في عالم الإعلام والصحافة، وأيضًا في عالم الإدارة، والمواهب والكتاب والإعلاميون شكلوا خبرة كبيرة في حياتي المهنية.
شغلت مناصب مهمة في الإعلام فلماذا غادرته؟
نعم كنت مدير تحرير صحيفة "عكاظ" ثم رئيس تحرير صحيفة «الندوة» المكية ورئيس تحرير صحيفة «نجوم الملاعب».
وعملت مدير تحرير صحيفة «الحياة» الدولية في المنطقة الغربية.
ومؤسس ومدير صحيفة «نون» الإلكترونية، وبعد عام 2011 استمرت علاقتي بالصحافة من خلال كتابة المقالات الأسبوعية والشهرية، وعملت محاضرًا بقسم الإعلام بجامعة أم القرى بين عامي 2016 و2017.
غادرت بعد إدراكي أن مجال الإعلام بدأ في الاهتزاز، وكان لا بُد من وقفة مع الذات لمراجعة المسيرة العملية، وبالفعل قررت أن أغادر مجال احتراف العمل الإعلامي عام 2011 بعد عمل استمر لنحو 10 سنوات لأتجه إلى مجال الأعمال.
في ضوء تجربتك واهتمامك كيف نرتقي في إعلامنا السعودي؟
الإعلام مجال يستحق الاهتمام والدعم بشكل أكبر خاصة الإعلام الدولي باللغات الأجنبية، ويحتاج إلى كفاءات وطنية شابة، وطرق حديثة لمخاطبة المجتمعات الدولية، والثقافات المختلفة، كما نحتاج إلى مدينة عالمية للإنتاج الإعلامي الحديث، تدار بكفاءات وطنية قادرة على إبراز دور المملكة عالميًّا.
عالم الأعمال والمال
بماذا بدأت في عالم الأعمال؟
بدأت بالتوسع في شركة صناعات الكعكي، وشركة الكعكي العقارية، وغيرها من الشركات العائلية التي ساهمت في بناء عدد من العقارات السكنية والتجارية في مدينة مكة المكرمة.
وترافقت مسيرتي العملية مع غرفة مكة المكرمة التي استمرت أيضًا لعشر سنوات (٢٠١٢ - ٢٠٢٢) والتي تشرفت برئاستها منذ عام ٢٠١٧ م، وأسهمت ولله الحمد في كثير من الإنجازات لمجتمع الأعمال.
ما هي أعمالك الحالية؟ وبماذا تفخر؟
حاليًّا أعمل عضوًا منتدبًا لشركة البلد الأمين للتنمية والتطوير العمراني، وهي الذراع الاستثمارية لأمانة العاصمة المقدسة، وأفتخر بمشاركتي في تنمية وتطوير العاصمة المقدسة، وما زلت أشارك أسرتي تجاريًّا وصناعيًّا في شركات تعمل في مجالات صناعة المخبوزات الصحية والثلج وغيرها.
إدارتي لغرفة مكة المكرمة كانت من الإنجازات التي أفتخر بها كثيرًا، وأبرز الإنجازات كان افتتاح مركز المعارض والفعاليات في مدينة مكة المكرمة بحضور الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين، وهو أكبر إنجاز أفتخر به، كما أفتخر بمشاركتي في تأسيس صحيفة مكة المكرمة عام ٢٠١٢ م وهي لا تزال تصدر حتى اليوم.
ما هو التحدي الأصعب في مجال أعمالكم؟ وكيف يمكن التغلب عليه؟
التحدي الأصعب في حياة الإنسان هو مواكبة التطورات وتقنيات العصر والمتابعة المستمرة والسريعة للتغيرات المتعددة من حولنا في عالم اليوم سريع الإيقاع ومتغير الحركة.
التحديات كثيرة وهي جزء من العمل، لا يوجد عمل عملت فيه في حياتي لا توجد فيه تحديات، ويوميًّا يكون هناك تحديات مختلفة.
اقرأ أيضًا: رجل الأعمال محمد المرشد: سمعتي قبل مالي.. أهوى السباحة وكرة القدم
حب مكة المكرمة
غالبًا ما يقترن اسمك بمكة المكرمة ما تعليقك؟
ولدت بها وأكنُّ حبًّا جمًّا للعاصمة المقدسة، وعملت في مجالات كثيرة في المدينة، وشاركت في العديد من الأعمال التطوعية والخيرية، وشغلت منصب رئيس تحرير صحيفة مكة و"صحيفة الندوة"، وعملت لفترة طويلة رئيسًا لغرفة مكة المكرمة، والآن أفتخر برئاستي لشركة البلد الأمين وهي الذراع الاستثمارية لأمانة مكة المكرمة.
كل هذه المسيرة في المدينة أحاول فيها أن أرد شيئًا ولو يسيرًا من فضل الله سبحانه وتعالى ثم مدينة مكة المكرمة في تكويني الشخصي وكرجل أعمال وكإنسان.
كيف كوَّنتَ هذا الاسم الكبير في عالم الأعمال؟ هل من وصفة سحرية للنجاح؟
سر النجاح في الشغف والاجتهاد والعمل بجدية إضافة لدور العلاقات الاجتماعية والشخصية وتطوير الذات والتعلّم المستمر، واستثمار كل موهبة في سبيل تحقيق الهدف.
إضافة لإدارة الوقت، والوجود في دائرة علاقات مجتمعية داعمة ومواكبة للمتغيرات، ومعرفة القوانين المتغيرة لإدارة الأعمال المختلفة في المملكة.
ويمكن تلخيص معادلة النجاح في مجال الأعمال في (فكر + فلوس + فعل = نجاح) وهذه المعادلة أسميها "معادلة ف٣" .
التغيرات في المملكة
كيف ترى التغيرات التي تمر بها المملكة ضمن رؤية 2023؟ وما هو تأثيرها على أعمالك على وجه الخصوص؟
الرؤية رسمت مستقبلاً جديدًا، وأدت للحراك الذي نراه، الأعمال في شتى المجالات، تغير شامل في رؤية الإنسان السعودي لذاته ولمستقبله، المملكة اليوم ورشة عمل كبرى في كل المدن، ومع تسارع حركة التغيير المتلاحقة أصبحت تتجاوز جميع التكهنات والتوقعات التي لا يحدها سقف.
بحكم عملي في فترة من الفترات كنائب رئيس اتحاد الغرف السعودية سعدت بزيارة كثير من المدن السعودية، ووجدت هناك حراكًا كبيرًا على كل المستويات وهو نتاج برامج الرؤية التي بثت الروح في كل أنحاء وشرايين المملكة.
ومدينة مكة هي إحدى أهم المدن التي راعت الرؤية تطورها وازدهارها، وهناك برنامج خاص من الرؤية يخصها، ونرى نتائجه حول زيادة المعتمرين وزيادة أعداد الحجاج في الفترة المقبلة.
برأيك ما أهم مجالات الاستثمار أمام رواد الأعمال؟ وبماذا تنصحهم؟
الرؤية فتحت أبوابًا ومجالات لاستثمارات ضخمة، على سبيل المثال لا الحصر في مكة المكرمة والمدينة المنورة هناك خدمات الحج والعمرة المختلفة، التي منها منظومة الإعاشة، والإسكان، والنقل، والهدايا التذكارية وغيرها،
أوصي كثيرًا رواد الأعمال بدراسة المشاريع النوعية المختلفة التي تشهد نوعًا من الابتكار والتقنية الحديثة، ومن الضروري أن يتسلح رائد الأعمال بالعلم والمعرفة والخبرة والتجربة، ويجب أن يتوافر فيه الحد الأدنى من الخبرة ليصبح رائد أعمال ممتازًا.
اقرأ أيضًا: رجل الأعمال نايف الراجحي: والدي قدوتي وجدي بدأ حمّالا.. فرحتي تكتمل بجوائز الإبل
الحياة الشخصية
علاقتك بالأسرة والأولاد؟
الأسرة هي مرتكز نجاح أي شخص، وإيمان الزوجة ودعمها لتمكينه يخفف الكثير من الضغوط التي تحملها الحياة، فأنا مثلاً تفرض حياتي العملية أن أغيب أحيانًا عن البيت، فلولا دعم زوجتي وتمكينها وإيمانها بدوري، وبما أقوم به، واجتهادها لكي أتفرغ لحياتي العملية بشكل كامل لما حققتُ أي نجاح.
العلاقة متينة بيني وبين أسرتي وأولادي، والجميع يقدر غيابي عن البيت، وهذا بالطبع أقابله بمكافآت في الإجازات، فضلاً عن الاهتمام وتوفير كل وسائل الراحة والسعادة والترفيه في البيت.
أهمية المرأة في حياتك؟
المرأة هي صنو الرجل، هي نصف المجتمع، وقوة تغيير كبرى، والتغيير الإيجابي الذي تسعى له المجتمعات مرهون بشكل كبير بواقع المرأة ومدى تمكنها من القيام بأدوارها في المجتمع، والمرأة لم تلتزم فقط بواجبها تجاه أسرتها وتربية الأبناء فحسب بل أصبح لها دور اجتماعي كبير في شتى المجالات، وبناءً على مؤهلاتها العلمية والثقافية والاجتماعية تنوعت أدوارها في المُجتمع على مُختلف الأصعدة.
أهوى القراءة وتستهويني السينما
ما الاهتمامات الشخصية والهوايات الشخصية؟
انا من هواة القراءة، وبشكل خاص القراءة في سير الناجحين وفي التاريخ، ومن هواياتي أيضًا جمع العملات القديمة والمختلفة من أنحاء العالم، فأنا أمارسها منذ الصغر ودخلت في مراحل احترافية فيها.
حين تريد الابتعاد عن العمل، أين تذهب؟ وكيف ترفه عن نفسك؟
تستهويني السينما بشكل خاص، إلى جانب الرحلات البحرية، والرحلات السياحية الداخلية والخارجية.
نعيش حقبة جديدة
هل أنت متفائل بالغد وهل من أمنية لم تتحقق؟
مع كل مناسبة وكل حدث نمتلئ تفاؤلاً بشكل أكبر بالحراك غير المسبوق، الذي يقوده سمو الأمير محمد بن سلمان لحقبة جديدة تعيشها المملكة.
أما عن الأماني فينبغي أن تكون لدى الإنسان دائمًا أمان لم تتحقق. لأنه كل ما تحققت أمنية تظل هناك أمانٍ لم تتحقق، وسر النجاح أن تكون للشخص دائمًا أمنية يسعى وراءها.