"ترفيه الزمن الجميل".. اركب طائرتك في الستينيات واستمتع مع أصدقاء الجو
بوتيرة سريعة يتغير كل شيء، فمن المصنوعات اليدوية إلى الجاهزة ووصولاً لصُنع الروبوتات، ومن العربات التي تجرها الحيوانات إلى المحركات النفاثة.
الأمر كذلك ينطبق على رحلات الطائرات، التي بدأت بسيطة بمميزات تلائم عصرها وتقل أعدادًا قليلة، في سنوات الصناعة الأولى، إلى الطائرات العملاقة التي تنقل المئات لآلاف الأميال، بعد تطورات جمّة وتكنولوجيات معقدة.
لكن رغم التطور الحالي، حظي السفر الجوي خلال فترة الستينيات بإثارة ومتعة بالغة، فكان الغاية الأساسية التي يسعى إليها من يريد تمضية بعض الوقت في التنزه بعيدًا عن العمل وضغوطه، وذلك لأن التواجد على متن الطائرات، وتحديدًا الدرجة الأولى منها، كان أشبه بالتواجد في مكان يتمتع بمستويات فخامة عالية.
رحلات الطيران.. تجمعات نخبة المجتمع
السفر الجوي في ستينيات القرن الماضي، لم يكن الوسيلة الوحيدة لنقل الركاب من نقطة إلى أخرى كما هو اليوم، بل الوسيلة الأسرع والأكثر فخامةً بالمقارنة مع السفر البري أو البحري، ومن ثم لم تكن شركات الطيران مضطرة لخفض كلفة السفر، وما يترافق مع هذا الأمر من مساومة في مجال الراحة، الرحابة، أو المأكل والمشرب.
بل على العكس، عملاء شركات الطيران الذين يتمكنون من تحمل تكلفة تذاكر السفر جوًّا، ينتمون إلى النخبة الاقتصادية من المجتمع، فكان سعي شركات الطيران نحو توفير الأفضل، بغض النظر عن أي كلفة مالية.
لذا، ظهرت على متن الطائرات المقاعد الوثيرة والمريحة، المساحات الرحبة، ومجالس البيانو، نعم مجالس البيانو التي كان الركاب من أصحاب المقام الرفيع يتجمعون فيها خلال الرحلة، وهم بكامل أناقتهم بأرقى الملابس، بهدف التعرف على نظرائهم ضمن الطبقة الاجتماعية نفسها.
الحياة على وقع الـ «جيت سيت»
لأن السفر الجوي كان مخصصًا للنخبة، كثيرًا ما تباهى المشاهير ونجوم السينما بانتمائهم إلى عالمه، الذي أُطلق عليه "جيت سيت"، من جانب الصحفي إيغور كاسيني في أوائل الخمسينيات.
ونظرًا لأن الرحلة التجارية كانت حدثًا فريدًا ومثيرًا للإعجاب، فغالبًا وثّق الركاب تجربتهم على بطاقات بريدية لشركة الطيران، والتقاط صور جماعية قبل الصعود إلى الطائرة، وداخل مقصورات الدرجة الأولى الفسيحة، حتى مقاعد الدرجة السياحية كانت توفر مساحة أكبر للساقين تصل إلى ست بوصات ما هي عليه اليوم.
بعدها، ومع تزايد سوق السفر الجوي، تنافست شركات الطيران، عبر تقديم وسائل راحة باهظة لركابها، الترفيه على متن الطائرة، والوجبات الفاخرة متعددة الأطباق التي تشمل السلطة، اللحوم، الخضراوات، الحلوى وحتى المأكولات البحرية باهظة الثمن.
اقرأ أيضًا:JetZero آفاق جديدة للطيران أجنحة مدمجة ووقود أقل بـ 50% فماذا بعد..!
الترفيه جوًّا في الزمن الجميل
بما أن الرحلات كانت في ستينيات القرن الماضي، أي في الوقت الذي لم تكن فيه شاشات عرض الأفلام متوفرة بشكلٍ واسع، فبالإضافة إلى تناول أشهى الأطباق وأغلاها، كانت وسيلة الترفيه على متن الطائرات هي التدخين، الذي كان متاحًا بشكلٍ كامل.
ليس هذا فحسب، بل إنّ المناطق التي يحظر فيها التدخين على الطائرة، لم تظهر سوى خلال سبعينيات القرن الماضي.
أما بالنسبة لمستويات الرحابة، فعندما قررت شركة "بوينغ" تحويل مشروع تطوير طائرة 747 من مشروع طائرة نقل عسكرية إلى مدنية تجارية، لم يحدث ما هو بديهي في أيامنا هذه، باستغلال المساحات الإضافية التي تتمتع بها الطائرة لتزويدها بالمزيد من المقاعد المتقاربة، بهدف خفض كلفة السفر.
بل استغلت شركات الطيران التي كانت "بان أمريكان" و"تي دبلو أي" أبرزها في ذلك الوقت المساحة الإضافية، لتوفير المزيد من الرحابة للركاب في كل مقعد، إضافة إلى تحويل الطابق العلوي من الطائرة إلى صالون كبير مخصص لركاب الدرجة الأولى.
تجدر الإشارة هنا، إلى أنّ الفضل في توفير الدرجة الأولى على متن الطائرات يعود لشركة "تي دبلو أي"، التي أتاحتها لأول مرة عام 1955.
استمتع بتجربة الأيام الذهبية للسفر الجوي
اليوم، تقيم مؤسسة "بان أميركان"، متحف مهد الطيران في جاردن سيتي، بجزيرة لونغ آيلاند الأمريكية، لعرض تراث الطيران الفاخر، من خلال الحفاظ على القطع الأثرية والتذكارات والصور التي تحيي ذكرى تاريخ الشركة.
وتوفر شركة "تي دبليو أي"، التجربة نفسها، من خلال متحفها في مدينة نيويورك.