كيف تخطط لتكسب المنافسة وتفوز بهوامش ربح عالية؟
أضحت الميزة التنافسية في الفكر التجاري ضرورةً أكثر منها رغبة لمسايرة تغيرات البيئة بمستوياتها الداخلية والخارجية، ويزداد المعنى أهمية لما يرتبط هذا العنصر التجاري بالفعالية التنظيمية وأبعاد تحقيقها في ظل عوامل وظروف بيئية متنوعة.
لا يمكننا أن نتجاهل الدّور الذي أصبحت تقدمه الميزة التنافسية لمجموعة المؤسسات التجارية، حتى أصبحت قوة الشركات اليوم تقاس بقوة ميزتها التنافسية أمام جمهور المنافسين في السياق نفسه.
وكغيرها من الأدوات الإدارية لآليات التسويق نجد أن للميزة التنافسية آليات محددة لتجسيدها تجسيدًا فعالاً.
أساسيات الميزة التنافسية
حتى نكوِّن صورة واضحة عن هذا المصطلح وجب علينا أن نحدد النقاط التي تنطلق منها الميزة التنافسية كمفهوم، إذ يشير أغلب الباحثين والمنظرين إليها على أنها ما يميز الشركة أو التنظيم عن غيره من المنافسين في نظر الزبائن، فتسمح هذه المزايا للشركة بتحقيق هوامش ربح عالية والحفاظ عليها، أو حتى ولاء أكبر بين المتعاملين؛ وفي الواقع يمكن للميزة التنافسية القوية والقابلة للتكرار أن تخلق نجاحًا مستدامًا للأعمال وتجذب رأس مال عميقًا وبتكلفة منخفضة أي أنها تقرب أكثر فأكثر من النجاح وتحقيق الأهداف، وهي أحد العناصر الأساسية في العمل التجاري الحديث.
أمثلة واقعية على الميزة التنافسية
الوصول إلى موارد طبيعية غير متاحة لدى المنافسين: وهو أحد النماذج الكبرى للميزة التنافسية بحيث تعد حيازة الموارد الأولية غير المتاحة للجميع عنصرَ تقدُّم ووسيلة لتحقيق نجاح سهل يضمن السير في المقدمة بعيدًا عن الضغط الصريح للمنافسة.
اليد العاملة الماهرة: أحد الأمثلة القيّمة للميزة التنافسية يكمن في حيازة التنظيم أو المؤسسة أيادي عاملة ماهرة ومدرّبة.
الواقع يعد هذا كنزًا لكل مؤسسة خاصة تلك التي تُخرج منتجات استهلاكية مباشرة.
وعي قوي بالعلامة التجارية: يعد إدراك الجمهور للعلامة التجارية وقيمتها في السوق إحدى الميزات التنافسية التي يمكن للمؤسسة العمل عليها، لأن إدراك ثقل العلامة هو بمنزلة ولاء للمؤسسة.
الوصول إلى التكنولوجيات الحديثة: يعدّ عمل المؤسسة ضمن إطار تكنولوجي عصري من خلال اعتماد العولمة في التسيير إحدى الميزات التنافسية المهمة للمؤسسات لعلاقتها المباشرة بالإنتاجية.
الريادة السعرية: وهي أشهر الميزات التنافسية على الصعيد التجاري التي تقوم على تقديم سعر منخفض عن المنافسين للمنتج نفسه، وهنا يجب الحرص على العمل بذكاء حتى لا تُطرح منتجات تحايلية أو غير مطابق للمعايير.
اقرأ أيضًا: الحوسبة السحابية.. بوابة تعزيز القدرات التنافسيّة والابتكار للشركات
ممَّ تتكون الميزة التنافسية؟
إذا كنت تهدف لخلق ميزة تنافسية في تنظيمك أو مؤسستك، فسيكون عليك معرفة هذه النقاط الثلاث التي تعدّ الصانع الرئيس لأي ميزة تنافسية فعالة في السوق:
1. عرض القيمة: يجب على المؤسسة أن تحدد بوضوح الميزات وجملة الخدمات التي تجعلها جذابة للزبائن، إذ يجب تقديم قيمة حقيقية من أجل توليد الفائدة.
2. السوق المستهدف: يجب على الشركة إنشاء سوقها المستهدف لمزيد من المشاركة في أفضل الممارسات التي من شأنها الحفاظ على القدرة التنافسية في السوق.
3. مجموعة المنافسين: إذ يجب على الشركة تحديد مجموعة المنافسين في السوق والبحث عن القيمة التي يقدّمونها؛ وهذا يشمل المنافسة الناشئة التقليدية وغير التقليدية.
دون أن ننسى أنه لبناء ميزة تنافسية يجب أن تكون الشركة قادرة على تحديد عرض القيمة الذي سيطلبه السوق المستهدف الذي لا يمكن أن يكرره المنافسون.
كيف نخلق ميزة تنافسية؟
لقد تكلم الباحث الكبير مايكل بورتر وهو أستاذ شهير بجامعة هارفارد، في هذا السياق عن ثلاث استراتيجيات أساسية لتأسيس ميزة تنافسية، تشمل كلاًّ من قيادة التكلفة، والتمايز، والتركيز، وهي نقاط يجري العمل بها في شركات عالمية كبرى لها ميزات تنافسية نموذجية.
1- قيادة التكلفة : الهدف من استراتيجية قيادة التكلفة هو أن تصبح الشركة المصنعة أو المزود الأقل تكلفة لسلعة أو خدمة ما، ويجري تحقيق ذلك من خلال إنتاج سلع ذات جودة قياسية للمستهلكين، بسعر أقل وأكثر تنافسية من المنتجات المماثلة الأخرى، ستجمع الشركات التي تستخدم تلك الاستراتيجية هوامش ربح منخفضة لكل وحدة مع أحجام مبيعات كبيرة لتعظيم الربح، وستبحث الشركات عن أفضل البدائل في تصنيع سلعة أو تقديم خدمة، والإعلان عن عرض القيمة ذلك ليستحيل على المنافسين تكرارها.
2- استراتيجية التمايز: هي تلك التي تتضمن تطوير سلع أو خدمات فريدة تختلف اختلافًا كبيرًا عن المنافسين، لذلك يجب على الشركات التي تستخدم هذه الاستراتيجية أن تستثمر باستمرار في البحث والتطوير للحفاظ على ميزات المنتج أو الخدمة الرئيسة أو تحسينها، وذلك من خلال تقديم منتج فريد مع عرض قيمة فريدة تمامًا، يمكن للشركات غالبًا إقناع المستهلكين بدفع سعر أعلى وهو ما يؤدي إلى هوامش أعلى من الربح.
3- استراتيجية التركيز: تستخدم استراتيجية التركيز نهجًا محددًا لتحديد احتياجات السوق المتخصصة ثم تطوير المنتجات لتتماشى مع منطقة الحاجة المحددة. استراتيجية التركيز لها نوعان مختلفان:
· التركيز على التكلفة: المنتج الأقل تكلفة في قطاع السوق المركّز، وفي هذا السياق يكون التركيز بشكل أعمق على السعر المنخفض بالدرجة الأولى، وهذه الميزة التنافسية لم تعد مؤثرة بشكل أعمق في السوق بسبب تأثيرها على الجودة.
· التركيز على التمايز: منتجات مخصصة أو محددة ذات قيمة مضافة في قطاع سوق ضيق الاستهداف، منتجات كثيرة بأسعار مرتفعة بالمقارنة مع منتجات من الصنف نفسه ولكن ذلك يرجع دائمًا لجودة المواد المستعملة في الصناعة والإخراج أو حتى خدمات ما بعد البيع وهذا هو الجوهر في الميزة التنافسية، أن تقدّم ما لا يقدّمه غيرك.
اقرأ أيضًا: كيف يوظف نموذج VRIO في خلق الميزة التنافسية للشركات؟
الميزة التنافسية في السوق
يمكن القول إن الميزة التنافسية أكثر تعقيدًا في ظل المنافسة الشرسة والمحتدمة بين المؤسسات المتشابهة أو تلك التي تنشط في خط تجاري واحد، كما يجب أن يعرف رجل الأعمال أنه إذا حقق ميزة تنافسية فإنه بذلك يأخذ موقعًا جيدًا في السوق، ويمكننا أن نختصر الميزة التنافسية في السوق من خلال هذه الأمثلة الثلاثة:
· وول مارت: يتفوق وول مارت في استراتيجية قيادة التكلفة، تقدم الشركة "أسعارًا منخفضة دائمًا" من خلال اقتصاديات الحجم وأفضل الأسعار المتاحة للسلعة، وهذا يصنع ميزة تنافسية من بين الأقوى في العالم.
· Apple: تستخدم Apple استراتيجية تمايز لجذب قاعدة زبائنها، إذ توفر تصميمات مبدعة وتقنيات مبتكرة ومن ثم منتجات مطلوبة للغاية؛ هذا يضمن أن المستهلكين على استعداد لدفع علاوة مقابل أجهزة Apple، وقد يظهر البعض غبيًّا عند اقتناء جهاز بمبلغ خيالي، ولكن ميزة أبل أنها توفر الجودة مقابل السعر، وهذا هو الهدف الأساسي لهذا النوع من الميزات التنافسية.
· سوق الأطعمة الكاملة: تعتمد ميزة سوق الأطعمة الكاملة على استراتيجية تركيز التمايز. الشركة رائدة في سوق البقالة المتميز وتتقاضى أسعارًا أعلى لأن منتجاتها فريدة من نوعها، هذا أمر جذاب لسوق متخصصة ذات دخل أعلى يمكن إنفاقه، ونحن نرى منتجات فريدة من نوعها تستقطب جمهورًا عريضًا سواء تلك التي تقدم الأكل الجاهز، أو تلك التي تقدم المشروبات، ونلمس دائمًا تميزًا بين العلامة والأخرى، ولكلٍّ شكله وخصائصه ومميزاته.