بوب مارلي.. ملك البساطة الذي لا يخلو من الغموض!
"الحرية".. "التمرد على الظلم".. "السلام".. "محاربة الفقر".. "تقدير الحب".. كل هذه المفاهيم هي ما جعلت بوب مارلي أيقونة تخطت حقل الغناء في العالم، وبات من أهم الشخصيات التي ظهرت في القرن العشرين.
على المستوى الفني، لن يضيف أحد شيئًا عن بوب مارلي، إنه واحد من أصحاب أعظم المسيرات في عالم الفن، وهو أشهر مطرب "ريغي" على الإطلاق، ويعتقد أن هذا الفن بدأ طورًا جديدًا على يديه.
كان ماكينة عزف على الجيتار بشكل لا يصدق، يرفض أي تدخلات في ألحانه في أثناء الحفلات إلا بخلفيات بسيطة، يقدر قيمة الحفل أمام الجماهير إلى درجة التبجيل، كان أيقونة فنية بحق.
اعترافات فنية
بوب مارلي المولود في قرية (سانت آن) شمالي جامايكا في مثل هذا الشهر، وتحديدا في السادس من فبراير لعام 1945، توهج فنيًّا بعمر 18 عامًا وبالتحديد في 1962 حين صدرت أولى أغانيه "لا تحكم"، التي أحدثت ضجة هائلة.
طيلة مسيرته الفنية التي لم تتخط 20 عامًا، كان دائمًا مثيرًا للإعجاب.
وبخلاف الجوائز التي حصل عليها في حياته، فقد مُنِح جوائز بعد وفاته بأعوام عديدة، منها على سبيل المثال حصوله في 2001 على جائزة "غرامي" الموسيقية الشهيرة عن نتاجه الإبداعي مدى الحياة.
في خانة مشاهير هوليوود المعروفة، يمكن أن تجد اسم بوب مارلي منقوشًا تقديرًا لمسيرته الفنية.
ولأن الريغي مختلف تمامًا عن الروك أند رول، فكان من الغريب أن يُضَم مارلي إلى متحف مشاهير الروك أند رول بالولايات المتحدة الأمريكية عام 1994، ولكن هذا لا يشير إلا إلى عبقريته الموسيقية الفريدة بحق.
أيضًا وصف ألبوم "خروج" الخاص ببوب مارلي، الذي أصدره في 1977، بأنه "ألبوم القرن".
اقرأ أيضًا:باولو روسي.. من "محكوم عليه بالحبس" إلى أفضل لاعب في العالم
بساطة في الجينات
كل هذه الأشياء المتعلقة بالفن قد لا تبذل جهدًا كبيرًا كي تدرك منها عظمة هذا الرجل في فنه، ولكن البساطة التي رافقت مسيرة بوب مارلي من بدايتها هي الشيء الذي ميَّزه دائمًا.
بل إنه قد ورث هذه البساطة من النشأة، من والده ووالدته، فوالده الذي كان ضابطًا في الجيش البريطاني، لم يفكر كثيرًا ليتزوج من جامايكية أحبها، وكان ضريبة ذلك أن جرى فصله من جيش التاج البريطاني!
لكن البساطة لم تصمد أمام تقاليد العائلة البريطانية التليدة، التي جعلت نورفال مارلي يترك سيديلا بوكر "والدة بوب" ولم تستمر حياته لأكثر من 10 أعوام بعد ذلك في حياة "ملك الريغي" الذي انقلبت حياته رأسًا على عقب.
اضطر بوب مارلي إلى الانتقال مع أمه إلى العاصمة الجامايكية كينغستون للبحث عن وظيفة، وبدأ السلم من تحت الصفر بالسكن في ضاحية شديدة الفقر، ولكن هذه الضاحية كانت المكان الذي عرف فيه بوب مارلي كيف يكون الولع بالموسيقى.
وبمحض إرادته، أو ربما بالاستسلام لظروف معيشية قاسية، ترك بوب مارلي المدرسة وبدأ مسيرة عملية من تحت الصفر أيضًا، عمل في ورشة لحام، وكذلك في مطعم.
وحين تزوجت والدته سيديلا بوكر من رجل أمريكي، عادا إلى أمريكا وهناك واصل بوب مارلي العمل في وظائف بسيطة، بدءًا من عامل نظافة، وموظف فندقي، وعمل أيضًا في مصنع سيارات، وكان يراوح بين وظيفتين في يوم واحد!
كل هذا قبل أن تتنامى مسيرته الفنية بشكل متسارع للغاية منذ كان في الثامنة عشرة من عمره، والباقي صار تاريخًا يعرفه كل مهتم بالموسيقى حول العالم.
اقرأ أيضًا:أوين ويلسون كوميدي منكسر القلب
رحيل غامض
وكما كان حضوره في كل مكان ذا صخب كبير وتأثير طاغٍ، وكان مساهمًا في إيقاف النزاعات السياسية في بلاده، فقد كان رحيله أيضًا على الدرجة نفسها من التأثير، إذ أتى بشكل غامض ومصحوبًا بكثير من الروايات.
المؤكد أن الرجل كان مريضًا بالسرطان قبل وفاته، وأن المرض تغلغل في جسده إلى الدرجة التي وصف بعض الأطباء الأمر بمسألة وقت، ويعزو البعض إصابته بسرطان الجلد إلى بعض الأنماط السلوكية التي أصر على القيام بها، ولكن بعض الروايات عن اغتياله -التي لا تبدو مؤكدة إلى الآن- جعلت الرحيل سينمائيًّا وملفوفًا بالغموض، تمامًا كما كانت حياة ملك الريغي.
بيد أنَّ كلماته الأخيرة هي ما اتُّفق عليه، المؤكد أن هذا الرجل قال لابنه في اللحظات الأخيرة: "المال لا يستطيع شراء الحياة".. بهذه البساطة ترك آخر لمسة له، بعد ملايين الكلمات في أغانٍ كرست المفاهيم التي حرص على تأطيرها.