تصميم اليخوت والذكاء الاصطناعي...آفاق أبعد من الخيال
تشهد صناعة اليخوت الفاخرة قفزة هائلة إلى الأمام بفضل استخدام أنظمة وتقنيات الذكاء الاصطناعي الذي أضحى واقعًا ملموسًا في كثير من المجالات، وبات من الأدوات التي يعول عليها كثيرون لتطوير أعمالهم ونقلها لمستوى أعلى من الحداثة الممزوجة بالفخامة.
وبطبيعة الحال، لم تكن صناعة اليخوت بعيدة عن هذا الاتجاه، لاسيّما أن أساس تلك الصناعة قائم على الفن والإبداع، ولهذا لم يكن مستغربًا أن يأتي اليوم الذي يصير فيه الذكاء الاصطناعي واحدًا من أهم العوامل المرتبطة بوضع تصاميم اليخوت، واستشراف الأفكار الجديدة، التي تسهم في نقل تلك الصناعة لآفاق جديدة، تغلفها روح الابتكار في جميع الجوانب.
أبعد من الخيال
وترتكز نظم الذكاء الاصطناعي الخاصة بوضع تصاميم اليخوت على خوارزميات تُعنى بتحويل النصوص إلى صور ومن ثم تقديم مقترحات تخضع لقوانين الفيزياء بناء على الوصف المحدد.
وهناك مثلاً أداة ذكاء اصطناعي مهمتها توليد صور التصاميم على حسب المعطيات التي يجري إدخالها لها، وقد نشرت بعض المواقع تحليل تلك الأداة، حين طُلِبَ منها تقديم تصاميم ليخت فخم خاص بالمهندس المعماري الإسباني، أنطوني غاودي، (مصمم مبانٍ أثرية مشهور عالميًّا)، إذ حللت الأداة آلاف الصور بناء على كلمتي "أنطوني غاودي" و"يخت فخم"، وذلك ليكون بوسعها تقديم مقترحات تصاميم تتوافق مع الرؤية المطلوبة للشكل الجمالي الذي سيكون عليه ذلك اليخت في آخر الأمر.
والحقيقة أن تلك الأداة بكل ما فيها من تقنيات حديثة هي أداة إبداعية ممتعة، يمكنها تقديم الكثير والكثير من الأفكار، ما يوفر على الإنسان الجهد الكبير عند الحاجة إلى التفنن في وضع تصورات لمفاهيم أو تصاميم منتج جديد، كما اليخوت الفاخرة، وغالبًا ما تكون أبعد من حدود التوقع أو الخيال، في كثير من الجوانب.
اقرأ أيضًا:الأضخم والأفخم.. لمحة داخل يخوت الشيوخ وأثرياء العالم
آفاق وفرص
ويرى خبراء أن مثل هذه الأدوات المثيرة ستفتح الباب أمام مجموعة كبيرة من الفرص، وهو الواقع الذي ستتضح ملامحه على نحو أكبر خلال الفترة المقبلة، إذ لا تزال الأمور في بداياتها، ولا يمكن لأحد أن يتكهن بمدى قدرة الذكاء الاصطناعي على فرض هيمنته كاملة على هذا المجال، وبمدى قدرة البشر على مواجهة هذا المد العالي على الصعيد التقني.
وبغض النظر عن كل هذا الجدل المثار حول تقنيات الذكاء الاصطناعي، ومستقبلها في عالم تصميم وتصنيع اليخوت، نظرًا لتعقد التفاصيل وتشابكها، فالأفضل هو النظر للواقع الحالي، واستكشاف مدى الاستفادة الفعلية من الذكاء الاصطناعي في هذا المجال.
تقليل التكلفة
بالنظر لأبرز مصممي اليخوت في الوقت الراهن ممن أخذوا على عاتقهم زمام المبادرة لاستكشاف قدرات الذكاء الاصطناعي في تخصصهم نفسه، نجد أن بيل إدواردز، رئيس قسم البحوث والتطوير لدى شركة بناء السفن واليخوت Olesinski، في طليعة المختصين الذين بادروا باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي كأداة مفيدة في عالم تصميم اليخوت.
ويستعين إدواردز حاليًّا بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي (المطورة في جامعة ساوثهامبتون) بغية تقليل التكلفة من ناحية، وتقليل القوى العاملة المطلوبة لتقديم أفكار تصاميم جديدة لليخوت.
ومن خلال النظام يجري تقييم الآلاف من حلول التصميم وتحليلها، ويصير بين أيديهم مفهوم مرفق بتخطيط هندسي ثلاثي الأبعاد، يجري إنشاؤه تلقائيًّا، مع تفاصيل أخرى خاصة بهيكل اليخت.
كما يتمتع هذا النظام الحاسوبي المطور بالقدرة على منح فريق العمل المساعدة لاستكشاف الأفضل واتخاذ القرارات المهمة التي ستؤثر في النهاية على الاتجاه الكامل لعملية التصميم ومراحلها.
اقرأ أيضًا:Lexus Sport Yacht.. عندما تقرر لكزس دخول عالم اليخوت (فيديو وصور)
قدر هائل من المدخلات
ويوضح إدواردز: "الذكاء الاصطناعي الذي نستخدمه في الشركة منفتح أكثر في طريقة عمله، إذ لا توضع له قيود، بل تكون لديه فكرة عن ماهية المقصورة وكيفية تركيبها وكيفية الوصول إليها، ولا تكون لديه فكرة عن الأشياء التي لا يكون بحاجة حقًّا إلى التفكير بشأنها".
وأكمل إدواردز: "وفي حين أن هذا النوع من الذكاء الاصطناعي المستخدم يعد مجانيًّا بصورة تامة، لكنه يتطلب قدرًا هائلاً من المدخلات.
كما أن المفاهيم الخاصة بالكلمات الرئيسة التي يجري استخدامها ترتبط كذلك بكلمات من البيانات المُدرَّب عليها هذا النوع، وهي على الأرجح بيانات واسعة للغاية".
وربما لم يعد يخفى على أحد أن أنظمة الذكاء الاصطناعي دخلت على الكثير من جوانب حياتنا هذه الأيام، وهو ما يمكننا أن نلمسه من خلال استخدامنا اليومي للسوشيال ميديا بمختلف أنواعها، وكيف أنها تُجمِّع الكثير من البيانات عنا، سواء اهتماماتنا، أو كلماتنا البحثية، أو أماكن وجودنا وغير ذلك من معلومات، واستخدامها في تحديد ماهيتنا، وأذواقنا والأشياء المثيرة لاهتماماتنا، ومن ثم ترشيحها لنا تلقائيًّا.
حسب ذوق الزبون
وبالمثل، قد تقوم الخوارزميات التي تُبنَى على أساسها تقنيات الذكاء الاصطناعي الحديثة باتباع عملية مشابهة لتجميع البيانات، ثم تحليلها، ثم تحديد أفضل أنواع اليخوت على حسب ذوق كل زبون.
ونوه إدواردز بأن المميز في نظم الذكاء الاصطناعي أنه سيكون بمقدورها تحديد الأفضل والأسوأ بشكل موضوعي فيما يتعلق بجوانب التصميم المختلفة.
لكن سيكون لطاقم العمل الكلمة العليا في آخر الأمر بخصوص بعض الجزئيات، التي على أساسها سيُحسم التصميم المختار للعمل عليه.
بيد أن ذلك الوضع لن يستمر طويلاً، في ظل توقعات بأن تتلاحق التطورات التكنولوجية بشكل أكبر وأسرع خلال الفترة المقبلة، ما يعني أنه من الوارد أن يهيمن الذكاء الاصطناعي كليةً على مجال تصميم اليخوت، وأن يصير العنصر البشري هو الحلقة الأضعف في تلك الصناعة الضخمة.