عادل اليوسفي: صفتان تدمران المدير
الدكتور عادل عيسى حسين اليوسفي نائب رئيس شركة عيسى حسين اليوسفي وأولاده، رجل أعمال ذو صفات قلما تجتمع بشخص واحد، فهو يجمع بين ذكاء التاجر، وموهبة الفنان.
ظهر ذكاؤه كتاجر في حركة بيع وشراء عقارات ناجحة عقدها خلال فترة كساد 2008 فأنقذ شركة العائلة من خسائر لحقت بمعظم الشركات الأخرى. أما موهبته الفنية في التصوير فاستخدمها في توثيق الحرائق والدمار الذي لحق بالكويت إبان الغزو. في حين ظهر جانب من حكمته في اعتبار القرار الخاطئ الذي يتخذه فرصة للتعلم وليس موقفاً للندم. وفي صفتي التسامح الوفاء اللتين لا يتطرق لهما فإن كل من يعرفه ويتعامل معه يحكي قصصاً تدلل على تمتع هذا الرجل بهاتين الصفتين.
ويتكتم الدكتور عادل اليوسفي عن صفاته الأخرى كأعمال الخير التي يقدمها وتقدمها عائلته، وعن صفة البر بالوالدين وإعجابه بوالده ولكن قيامه بتوثيق مسيرة هذا الوالد العظيم بكتاب أصدره تحت عنوان "الطيب – من الأرض الطيبة" يكشف عن حجم هذا البر والإعجاب.
(الكويت: فادية الزعبي)
1 – تدير شركة عائلية كبرى أنت أحد أفرادها. فهل اخترت هذا العمل وتم إعدادك له؟ أم أن تقاليد العائلة تقتضي أن يعمل أبناؤها في شركتهم؟
أنا لا أدير الشركة بمفردي، بل نشترك نحن الأخوة في إدارتها. كذلك لا نرغم أحداً من إخواننا أو أبنائنا على العمل في شركة العائلة، بل نترك لهم مطلق الحرية في اختيار العمل الذي يرغبون به. فأخي الكبير عبد الله بعد أن درس الهندسة الكهربائية تركها ودرس الطب البشري، ثم ترك الطب والتحق بالعمل في شركة العائلة. وكذلك أخي عارف التحق بالعمل في شركة العائلة بعد أن تخرج من الجامعة.
2 - من الشخصيات التي تأثرت بها وكانت دافعاً لك على التقدم والنجاح؟
طبعاً قدوتنا الرسول الكريم والأولياء الصالحين. ولكن تأثري بالشخصيات التي عايشتها لم ينحصر بشخص واحد، بل بعدة أشخاص، وعادة أتأثر بصفة في شخص وليس بجميع صفاته، على أن تكون هذه الصفة قريبة من قدراتي وصفاتي.
أهم الشخصيات التي تأثرت بها كثيرا هي شخصية والدي رحمه الله، تعلمت منه الطيبة، والتسامح، والمثابرة في العمل.
كما تأثرت بشخصية المرحوم الدكتور عبد الرحمن السميط، والحاج كاظم عبد الحسين، اللذين كانت لهما نشاطات خيرية عظيمة في دول أفريقية، وما بذلاه من جهد وتعب لمساعدة الفقراء في تلك البلاد.
3 – ما الصفات التي ترى أنها يجب أن تتوافر في مدير شركة كبرى ليكون ناجحاً ومتميزاً؟
أهم صفتين يجب ألا تكونا في المدير هما صفة "التعالي" على الموظفين و "الأنا". فهاتان الصفتان تدمران المدير، وتجعلانه غير قادر على العمل ضمن فريق كونه يصرّ على فرض رأيه على الآخرين بدلاً من المشاركة والمناقشة بالرأي والتعامل بسماحة وتواضع.
وطبعاً الأخلاق الحميدة مطلوب توفرها في المدير وفي كل موظف.
4 – على أي الصفات تركز حينما تختار فريق العمل في الشركة؟
اختيار فريق العمل يعتمد على نوعية العمل والهدف منه. وجانب الأخلاق الحسنة شرط أساسي.
أما الصفات الأخرى التي أركز عليها في اختيار فريق العمل فهي الخبرة. ثم الحرص على أن يتم تشكيل الفريق بصورة يكمل كل فرد فيه الآخر لتغطية جميع جوانب العمل. فمثلاً حينا أشكل فريقاً لتسويق منتج ما، يجب أن يضم الفريق محاسباً وبائعين. فالمحاسب يمنع اندفاع البائعين إلى رفع حجم مبيعاتهم باستخدام بيع السلعة برخص وبالتالي حرمان الشركة من نسبة أرباح أو تكبيدها خسائر.
5 – كيف تصرفت خلال فترة الكساد الأخيرة التي تأثرت بها جميع الشركات؟ وما هي نتائج تصرفك؟
فترة الكساد الأخيرة بدأت مع بداية عام 2008، وقد تأثرت بها سلباً معظم – إن لم يكن جميع – الشركات، ونحن حالنا حال الشركات الأخرى تأثرنا بها سلباً. ولكن الشركات التي تتمتع بتنوع مصادر إيراداتها كان تأثرها السلبي أقل من الشركات الأخرى.
ونحن في مجموعة شركات اليوسفي – والحمد لله – لدينا تنوع في نشاطاتنا. فمن نشاطنا مثلاً الإلكترونيات، وبيع وشراء العقار في الأراضي وهذا النوع من النشاط العقاري تأثرنا به كثيراً، ولكن في مجال ما نملكه من مباني وتأجيرها زادت إيراداتنا، فعدلت خسارة عقار الأراضي.
وبعقلية التاجر، قمنا قبيل اشتداد الأزمة ببيع عقارات تدر إيجارات. وأثناء اشتداد الأزمة قمنا بشراء أراضي وحولناها إلى عمارات مدرة لإيجارات جيدة. وهكذا صار تأثرنا بالأزمة أقل من المتوقع.
6 – تسعى الكويت لتكون مركزاً مالياً وتجارياً في المنطقة. فماذا ينقصها لتكون كذلك؟
كلمة تسعى الكويت لتكون مركزاً مالياً وتجارياً توحي بأن هناك عملاً جاداً لتحقيق هذا الهدف. ولكن الواقع أننا لا نرى عملاً، بل حلماً.
جعل الكويت مركزاً مالياً وتجارياً هي فكرة سامية وذكية أطلقها سمو أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح قبل عدة سنوات، وهي تناسب موقع الكويت وإمكانياته. ولكن يعيق تنفيذها بنية تحتية ثابتة في القوانين وتسهيل الإجراءات. كما يعيق تنفيذها التردد في اتخاذ القرارات فهذا التردد ليس في صالح التجارة الداخلية ولا تجتذب المستثمر الخارجي.
نحن بحاجة أيضاً إلى بنية تحتية خاصة بالشوارع والإنترنت وغيرها. فما زلنا دون مستوى الدول الخليجية المجاورة. كذلك نحتاج للتركيز على محاربة الفساد.
فكرة تحويل الكويت إلى مركز مالي وتجاري لم تترجم على أرض الواقع، ما زالت حلماً وليس سعياً لتحقيقها. وستظل حلماً ما لم نضع خطة حكومية ونبدأ بتنفيذها. الكويت تمتلك جميع المقومات لتحقيق هذه الرغبة الأميرية، لدينا الموقع الممتاز، والمال، والعقول البشرية، والعلاقات السياسية الممتازة مع جميع الدول التي بناها سمو الأمير على مر السنوات منذ كان وزيراً للخارجية. ولا ينقصنا شيء لنكون مركزاً مالياً وتجارياً سوى الخطة والعزيمة وبدء التنفيذ.
وبالمناسبة، أطلق أحد المتخصصين في القطاع النفطي وهو السيد أحمد العربيد، فكرة ممتازة أخرى ومناسبة لإمكانيات الكويت، تتمثل بجعل الكويت عاصمة للنفط. فماذا فعلنا حتى هذا التاريخ لتحقيق أي من الفكرتين على أرض الواقع؟
7 – تتمتع شركة اليوسفي بالعديد من الوكالات العالمية. وقد ارتبط اسم اليوسفي مع شركة بناسونيك اليابانية التي أنتم وكلاؤها منذ أكثر من 50 عاماً. فهل فكرتم في المساهمة برأسمال أي من الشركات العالمية التي أنتم وكلاؤها في الكويت؟
في العمل التجاري هناك شركات صناعية تقوم بتصنيع المنتج، وشركات تجارية تقوم بتسويق المنتج. وبما أن شركة اليوسفي اتخذت الجانب التجاري في تسويق منتجات باناسونيك، فمن الخطأ الدخول في شراكة بالمصنع. فلسبب ما قد يتوقف المصنع عن الإنتاج. أو قد يتحول الناس عن شراء منتجاته. لهذا فإن التاجر أكثر حرية ومرونة في الانتقال بسرعة من بضاعة لأخرى حسب طلب السوق. أما المصنع فإن تغيير بضاعته ليس بالمرونة التي يملكها التاجر.
ولهذه الأسباب ليس من الحكمة دخول الشركات التجارية الحائزة على وكالة منتجات الدخول في شراكة مع الشركات المصنعة لتلك المنتجات. ولكن تستطيع شراء أسهم في الشركة المصنعة وتتداولها طلباً للربح حسب حركة البورصة.
أنا أحب التجارة، وأحب التنقل بين السلع والمنتجات حسب حركة السوق. وما دامت علاقتي جيدة مع الشركة المنتجة للسلعة التي أحمل وكالتها فإنني أحافظ على ترويج سلعتها.
9 – هل تعدون وتدربون الجيل التالي من عائلتكم لتسلم قيادة شركتكم أو شركاتكم؟ وهل تتدخلون بالنصيحة في اختيار تخصصهم الجامعي بما يتناسب وحاجة الشركة؟
مثلما ترك لنا الوالد حرية العمل في الشركة أو خارجها، نحن أيضاً لا نفرض على أبنائنا العمل في شركتنا العائلية، نعم نقدم النصيحة، ولكننا لا نفرض الرأي. فأحد أبنائنا درس الهندسة ويعمل حالياً في شركة لا تملكها العائلة، وبعضهم درس تقنية علم الكومبيوتر وتقنية المعلومات ولهم حرية العمل في شركتنا أو خارجها.
10 – ما هو القرار المهم الذي اتخذته وتمنيت لو لم تتخذه؟
المهم كيف ينظر الإنسان إلى القرار الخطأ وكيف يتعامل معه.
أنا لم أندم على اتخاذي قراراً خاطئاً، بل اعتبره فرصة للتعلم. فالإنسان يتعلم من أخطائه.
مثلاً بعت قبل مدة بضاعة بشيك مؤجل بقيمة 40 ألف دينار كويتي، وتبين لاحقاً أن الشيك بلا رصيد. لا أنكر أن الأمر ضايقني، ولكنني أيضاً علمني أن أكون أكثر حرصاً في المستقبل، فأدقق على إمكانيات وصدق المشتري قبل عقد أي صفقة مؤجلة الدفع.
أنا لست نادماً على أخطائي، فقد تعلمت واستفدت من جميع أخطائي، أما الخطأ الوحيد الذي ما زلت نادماً عليه ولم أستفد منه فهو تدخين السجائر.
11 - كيف تنظم وقتك خلال أيام العمل؟ وكيف تمضي إجازتك الأسبوعية والسنوية؟ وأي الدول تفضل زيارتها في إجازاتك؟
عندي مشكلة في تنظيم وقتي، حياتي مفتوحة بعض الشيء. وقلة يعرفون أن الدكتوراه التي حصلت عليها هي بالإدارة المرورية، فأنا أمضي معظم أوقات فراغي في البحث بمجال الإدارة المرورية، وتصوير العلامات المرورية والأخطاء الموجودة في تخطيط الشوارع. تفكيري اليومي بعد العمل يتجه مباشرة نحو السلامة المرورية. وحتى أثناء السفر، أخصص يومين أرصد وأصور خلالهما العلامات والنظام المروري في تلك البلد.
أما الدول التي أفضل قضاء إجازتي السنوية فيها، فهي الدولة التي أسكن فيها بسكني الخاص أو بسكن تملكه العائلة، لأنني لا أحب السكن في الفنادق، وأحس فيها كأنني مسجون في غرفة أو غرفتين. لهذا فإنني أحب السفر لبيروت ودبي والقاهرة لوجود منازل لنا في تلك البلدان. كانت العائلة تمتلك شقة في لندن ولكن قمنا ببيعها.
12 – ما هي هواياتك؟
هوايتي التصوير الفوتوغرافي، والمشي يومياً على شاطئ البحر حينما يكون الطقس مقبولاً. فخلال المشي يتواصل الإنسان مع الطبيعة. وأحياناً أمضي ساعة في النادي الرياضي.
13 - لو لم تكن مديراً لشركة تجارية، هل كنت ستؤسس شركة تتعلق بهوايتك؟
أعتقد أنه يجب الفصل بين الهواية والعمل. فقد طاوعت هوايتي في التصوير وفتحت مركزاً للتصوير، ولكنه كان مشروعاً فاشلاً، لأنني لم أتفرغ للعمل فيه، واعتمدت على الآخرين في إدارته. وأيقنت أن أي مشروع لا ينجح ما لم يقف صاحبه على رأس عمله.