هل تؤثر درجات الحرارة في شخصياتنا وقراراتنا؟ دراسة حديثة تجيب
هل لاحظت أن طباع الشعوب تختلف مع فصول السنة ودرجات الحرارة؟ فمثلاً يوجد شعوب متحفظة وذات طباع باردة بعض الشيء مثل درجات الحرارة المنخفضة التي يعيشون بها، وشعوب تتسم بالانفتاح والمرح الدائم، متأثرين بدرجات الحرارة المرتفعة التي يعيشون بها.
كما كشفت بعض الدراسات والأبحاث عن وجود رابط علمي يربط بين درجات الحرارة المختلفة وأثرها على شخصياتنا وطباعنا.
درجات الحرارة وتأثيرها على شخصياتنا
وضعت دراسة نُشرت في مجلة "Nature" افتراضًا لطفلين في العمر نفسه ومن طبقة اجتماعية ومادية متشابهة، ويحصل كل منهما على التعلم والرعاية الصحية نفسها، مع اختلاف أن يعيش أحد الطفلين في مدينة باردة (درجات حرارة منخفضة) والآخر في مدينة حارة (درجات حرارة مرتفعة)، وإجراء دراسة شخصية كل طفل ومقارنته بالآخر لمعرفة هل تأثرت شخصيتهما نتيجة البيئة المحيطة.
اقرأ أيضًا:أيهما أكثر إنتاجية الرجال أم النساء؟.. درجات الحرارة كلمة السر
ورجحت الدراسة أن تختلف شخصية الطفلين؛ بحيث يكون الطفل الذي عاش في منطقة حارة أكثر انفتاحًا على المدى البعيد من الطفل الآخر.
وفي السياق نفسه أُجريت دراسة شملت دولتين كبيرتين جغرافيًّا؛ وهما الصين والولايات المتحدة الأمريكية، إذ تم الاستعانة ببيانات السكان في أكثر من 50 مدينة صينية مقابل بيانات 1.5 مليار مواطن أمريكي.
وخلصت الدراسة بعد تحليل البيانات أن الأشخاص الذين نشؤوا في درجات حرارة أعلى سجلوا أعلى معدلات في عوامل الشخصية مثل التنشئة الاجتماعية والمرونة والرفاهية مقارنة بغيرهم الذين نشؤوا في درجات حرارة منخفضة، ومن هنا ثبت تغير السمات الشخصية نتيجة اختلاف درجات الحرارة، وفقًا لما ذكره موقع "psychologytoday".
الحالة المزاجية وتأثيرها بدرجات الحرارة
وجدت دراسة أجريت عام 2015 في اليابان، أن ارتفاع درجات الحرارة نتج عنه انخفاض في مستوى سعادة الأفراد، حيث تغيرت درجات الحرارة من 5 درجات مئوية إلى 30 درجة مئوية.
وانخفاض مستوى السعادة يعني أن هؤلاء الأفراد قد عانوا فصول شتاء معتدلة إلى حد ما ومن ثم تأقلموا عليها، لذا عندما ارتفعت درجات الحرارة وجدوا صيفًا حارًّا غير مريح لهم.
ويؤدي الطقس الحار إلى زيادة شعور التعب والإرهاق، وهذا الشعور قد يؤثر في تشكيل وتطوير جزء من شخصية الأفراد.
اختلاف درجات الحرارة وعلاقتها بالرفاهية
أوضحت مجموعة من الدراسات أن درجات الحرارة المتباينة لا تؤثر على الحالة المزاجية ومستوى الرفاهية للأشخاص فقط، بل أيضًا تصل إلى إحداث تغييرات في تشكيل شخصية الفرد.
اقرأ أيضًا:كيف تؤثر الحرارة والجوع على مزاجك وقراراتك؟
ولكن على الرغم من ذلك فإنّ هذه الدراسات أشارت إلى عدم وضوح أسباب اختلاف الشخصية نتيجة المنطقة الجغرافية.
ورأى بعض علماء النفس أن هذه الدراسات خلقت حالة من الجدل؛ لأنها بحاجة إلى التفرقة بين الصورة النمطية وتشكيل الشخصية، إذ أن الكنديين يعيشون في مناخ بارد وهذا لا يجعلهم أقل لطفًا وأكثر انعزالًا من الأمريكيين، وفقًا لما قاله آلان ستيوارت، أستاذ علم النفس في جامعة جورجيا.
كما يرى بعض العلماء وفقًا لتصريحات نُشرت على موقع "washingtonpost" أيضًا، أن النمو في درجات حرارة مرتفعة يشجع الأفراد على استكشاف البيئة المحيطة وهو ما يؤثر بالفعل في شخصياتهم، على عكس الأفراد الذين يعيشون في بيئة باردة قد لا تتيح لهم الأجواء الخروج والاحتكاك بالآخرين ومن ثم يكونون منعزلين.
وفي الختام خلقت الدراسات والنتائج السابقة حالة من الجدل بين علماء النفس والباحثين، الذين يرون أن هذه الآراء تحتاج إلى مزيد من البحث لفهم الآثار المحتملة لدرجة الحرارة على الشخصية خاصة مع التغيرات المناخية التي تجتاح العالم، مع الحرص على إيجاد إجابة على سؤال هل ستساهم هذه التغيرات في إحداث تغيير محدد في شخصيات الشعوب أم لا؟