كيف تؤثر درجة الحرارة على مزاجك؟
يرتبط الطقس ودرجة الحرارة ارتباطا وثيقا بحالتنا النفسية والمزاجية. قد تصبح الحالة المزاجية أكثر إشراقًا أو كآبة على حسب درجة الحرارة. ويمكن أن يؤثر هذا على علاقتنا وعملنا وجوانب أخرى من حياتنا.
أشعة الشمس هي الأكثر ارتباطًا بالمزاج، فقد أُثبت أن ضوء الشمس يعزز الحالة المزاجية الإيجابية ويخفف من الحالة المزاجية السلبية ويقلل من التعب ويزيد من فيتامين د المفيد.
كيف تؤثر درجة الحرارة على الحالة المزاجية؟
أشارت دراسة أجريت في سيدني أن أشعة الشمس يمكن أن تؤثر أيضًا على كفاءة أذهاننا. حيث سئل متسوقون عن عشرة أشياء غير اعتيادية وعند سؤالهم عنها مرة أخرى، تذكروا بشكل صحيح سبعة أضعاف عدد الأشياء في الأيام الممطرة مقارنة بالأيام المشمسة.
مكن أن تؤثر درجة الحرارة على كفاءة أذهاننا وسلوكنا، بصرف النظر عن أشعة الشمس. كلما تغيرت درجة الحرارة عن 20 درجة مئوية تقريبًا زاد شعورنا بعدم الراحة. كلما ارتفعت درجة الحرارة، زاد احتمال تصرف الأشخاص بعدوانية.
وجدت دراسة حديثة أن تغطية وسائل الإعلام الإخبارية لأولمبياد بكين 2008 تحتوي على كلمات سلبية أكثر في الأيام ذات درجة الحرارة العالية.
وعلى جانب آخر، وجد أن تعريض الجلد لأشعة الشمس يعزز إنتاج فيتامين (د)، وبالتالي ينتج الدماغ للسيروتونين، مما يحسن الحالة المزاجية. إن التعرض للأضواء الساطعة، وهو علاج للأشخاص المتأثرين بالاضطرابات العاطفية الموسمية (SAD)، يحسن أيضًا المزاج.
أظهرت دراسة أجراها باحث علم النفس الأمريكي ماثيو كيلر وزملاؤه أن الآثار المفيدة للطقس الدافئ والمشمس على الحالة المزاجية لم تظهر إلا عند الأشخاص الذين أمضوا أكثر من 30 دقيقة في الهواء الطلق.
الحالات التي تؤثر فيها درجات الحرارة:
1- الاضطرابات العاطفية الموسمية (SAD) في الشتاء
يعد الاضطراب العاطفي الموسمي أو SAD من أكبر الحالات التي تؤثر فيها درجة الحرارة وحالة الطقس على صحتك العقلية. الأشخاص الذين لديهم تاريخ من الاكتئاب أو الاضطراب ثنائي القطب معرضون بشكل خاص للإصابة بالاضطراب العاطفي الموسمي. بينما يعاني الكثير من الناس من كآبة الشتاء، ولكن SAD هي حالة مرضية من الاكتئاب وتشمل الأعراض عادةً المزاج المكتئب، والنوم المفرط، والإرهاق، والخمول، وزيادة الشهية، خاصةً بالنسبة للسكر والكربوهيدرات. قد يؤثر الاضطراب العاطفي الموسمي الشتوي على الأشخاص في خطوط العرض الشمالية، حيث تصبح الأيام أقصر وتصبح درجة الحرارة أكثر برودة.
لا نعرف بالضبط أسباب SAD. قد يكون العامل الأساسي هو اضطراب الساعة البيولوجية، حيث نستيقظ في الظلام، ونقضي اليوم بأكمله في الداخل، ثم العودة إلى المنزل في الظلام خلال أشهر الشتاء. تشير الأبحاث إلى أن الاضطرابات في إيقاع الساعة البيولوجية قد تساهم بشكل كبير في الإصابة بالاكتئاب. لذا، عادةً ما يكون العلاج بالضوء هو العلاج الأفضل للاضطراب العاطفي الموسمي الشتوي.
2- الاضطرابات العاطفية الموسمية (SAD) في الصيف
في حين أن الاضطراب العاطفي الموسمي الشتوي هو الأكثر شيوعًا، فإن العديد من الأشخاص يعانون أيضًا من الاضطراب العاطفي الموسمي الصيفي عند ارتفاع درجة الحرارة. يعاني بعض الأشخاص من نوبات اكتئاب، في حين أن أعراض اكتئاب الشتاء العاطفي تشمل عادةً النوم المفرط وزيادة الشهية، فمن المرجح أن تشمل أعراض الاكتئاب في الصيف اضطراب النوم، وضعف الشهية، وربما فقدان الوزن.
يعاني الأشخاص المصابون بالاضطراب ثنائي القطب أحيانًا من نوبات الهوس الناجمة عن الطقس الحار بالإضافة إلى النشاط المفرط، وقلة الحاجة إلى النوم، وتدافع الأفكار، وبدء مشاريع جديدة. قد تشمل الأعراض الشديدة مثل جنون العظمة أو أعراض ذهانية.
3- سوء الحالة المزاجية
من المهم التمييز بين الحالة المزاجية السيئة ونوبة الاكتئاب الحقيقية. قد تستمر الأولى لساعات، أو ربما أيام، في حين أن الثانية تستمر لمدة أسبوعين على الأقل وتتضمن أعراضًا أخرى مثل التعب وضعف التركيز والنوم المضطرب. ومع ذلك، فإن الحالة المزاجية السيئة تستدعي القلق عندما يكون الشخص يتعافى من الإدمان أو الاكتئاب.
وجدت إحدى الدراسات أنه إذا كنت في حالة مزاجية جيدة، فلن يكون للطقس ودرجة الحرارة تأثير كبير على حالتك المزاجية، ولكن إذا كنت في مزاج سيئ، فقد يزيده الطقس سوءًا.
أشارت النتائج إلى أن الزيادة في درجة الحرارة منحت المشاركين المزيد من الطاقة، وبالتالي فإن الحالة المزاجية السيئة مرتبطة بقلة أشعة الشمس وزيادة الرياح.
4- سوء الصحة العقلية
في حين أن التغيرات اليومية العادية في الطقس لها تأثير معتدل على الحالة المزاجية والصحة العقلية، فإن تأثيرات الطقس الشديد مثل الأعاصير والفيضانات والجفاف وموجات الحر، له تأثير أكثر تعقيدًا حيث يزيد بشكل كبير من التوتر والقلق. ويمكن أن يؤدي إلى الذعر والاكتئاب، وقد يسبب اضطراب ما بعد الصدمة، حتى بعد سنوات من وقوعها.
ومن المفارقات أن الطقس القاسي والشديد يمكن أن يكون له أيضًا بعض الآثار الإيجابية. يميل الناس إلى التكاتف في أوقات الأزمات والتبرع للمنظمات غير الربحية ومساعدة أصدقائهم وجيرانهم. في بعض الأحيان، يتمكن الأشخاص الذين يعانون عادة من القلق أو الاكتئاب فجأة من التصرف بهدوء وتركيز في مواجهة ذلك الظرف الطارئ.
5- زيادة العنف في الحر
هناك بحث يشير إلى أن الطقس الحار قد يجعلنا أكثر قلقًا وانفعالًا وعنفًا. على سبيل المثال، وجدت إحدى الدراسات أن معدلات جرائم العنف تميل إلى الزيادة في الطقس الحار. قد يسبب الطقس الحار زيادة التنفس ومعدل ضربات القلب واضرابات في النوم.
ختاماً، بعضنا أكثر حساسية للطقس من غيره، وإذا كنت عرضة للاكتئاب أو القلق، فمن المرجح أنك ستلاحظ تأثيرات الطقس على مزاجك. الشيء المهم هو أن تكون على دراية بهذه التأثيرات وإيجاد طرق فعالة للتعامل معها: لا يمكنك التحكم في الريح ولكن يمكنك ضبط أشرعتك.