لقاء مع سيارات بنتلي على الحلبة.. إرث رياضي مغلّف بالحرير
في العادة، نقوم بتجربة قيادة أي سيارة من سيارات بنتلي ضمن أجواء فاخرة تتناسب مع مكانة العلامة التجارية البريطانية في العالم الأرستقراطي، أما أن يتم تنظيم هذا النوع من الاختبارات ولمختلف الطرز ومن قِبل بنتلي نفسها على واحدة من أشهر حلبات السباق في العالم، (الحلبة التي شهدت قبل بضعة أشهر من اليوم حسم المنافسة الضارية بين لويس هاملتون وماكس فيرشتابن بعد سباق حُبست فيه الأنفاس حتى لحظاته الأخيرة)، فإنّ هذا أمر غريب للغاية، ولكن يكفي أن نتأمل قليلاً في تاريخ الصانع البريطاني العريق ليُصبح تقبّل تواجد طرزه مجتمعةً على لؤلؤة حلبات الشرق الأوسط أمرًا طبيعيًّا.
ففي البداية، وعندما بدأ الأخوان بنتلي رحلتهما في عالم السيارات الساحر، مع مطلع القرن الماضي، كان الهدف إنتاج سيارات تجمع الفخامة مع الروح الرياضية دون تفضيل أي عنصر على الآخر، ولكن ما حصل بعد ذلك هو أنّ المشكلات المادية أدّت لاحتجاز علامة الأخوين بنتلي لفترة طويلة داخل قفص رولز رويس الذهبي، ذلك القفص الذي رغم أنه كان ذهبيًّا بالتأكيد، إلا أنه محا شخصية سيارات بنتلي جاعلاً منها في معظم الأحيان مجرد نسخ ذات نفحة رياضية طفيفة من طرازات رولز رويس.
اقرأ أيضًا:بنتلي كونتيننتال جي تي سبيد 2022: لمسات من الفخامة والرقي
بيئة رياضية بحتة
وهنا يطرح السؤال التالي نفسه: ماذا لو لم تنهر أسواق وال ستريت في عام 1929، وماذا لو لم يُنتج عن هذا الأمر تراكم الديون على بنتلي، ومن ثم اضطرارها للدخول في فلك رولز رويس واتباع مسار ينحاز لأرقى مستويات الفخامة ولو على حساب الروح الرياضية، هل كنا اليوم نجلس خلف مقود سيارة بنتلي شبيهة إلى حدٍ بعيد بسيارات من عيار أستون مارتن، لامبورغيني أو ماكلارين، أي سيارة رياضية متطرّفة تُصبح معها مسألة التواجد على حلبة سباق بمثابة تحصيل حاصل؟ ربما نعم وربما لا، فهذا السؤال مبني على الكثير من الافتراضات، ولكن ما نعلمه هو أننا اليوم خلف مقود سيارات بنتلي في بيئة رياضية بحتة، والجميل في الموضوع هو أنّ السيارات التي نشاهد صورها في هذا التقرير لا تبدو في غير مكانها الطبيعي.
وللدلالة على ذلك، يكفي أن نشير إلى أنّ بنتلي حقّقت الفوز بسباق لومان ست مرات، كان أولها في عام 1924، أي قبل أن تدخل قفص رولز رويس الذهبي الذي ذكرناه، علمًا أنّ طراز مولسان الشهير سُمي بهذا الاسم تيمنًا بمقطع مولسان المستقيم الشهير في الحلبة الفرنسية.
تفاصيل التجرية المثيرة
في البداية، جلسنا خلف مقود بنتلي فلاينج سبير، وكان من الطبيعي ملاحظة أنّ التعليق الهوائي المعزّز بنظام إدارة مستويات الخمد والمقود الذي ينال قدرًا أعلى من القساوة مع اعتماد النمط الرياضي يؤمنان للسيارة سهولة اجتياز المنعطفات شرط اعتماد أسلوب قيادة سلس، دون تنفيذ أي حركات مفاجئة، أما عند اعتماد مبدأ دخول المنعطف ببطء والخروج منه بسرعة، فيمكنك عندها أن تتمتع بأداء عال مع إمكانية زيادة السرعة بشكلٍ مباشر ما أن تستقر وضعية العجلات بالاتجاه المستقيم.
من الداخل، ورغم الحضور الجريء لمادة ألياف الكربون الرياضية، فإنّ المقصورة لا يمكن أن توصف سوى بأنها فاخرة جدًّا مع كميات كبيرة من الجلد ذي الجودة العالية، الخشب وأدوات التحكم المصنوعة من الستانلس ستيل، ميكانيكيًّا، تستفيد فلاينج سبير التي قمنا باختبارها بمحرك يتألف من 12 أسطوانة سعة 6.0 ليتر يولد قوة 626 حصانًا تصل إلى العجلات الدافعة من خلال علبة تروس أوتوماتيكية من ثماني نسب.
ومن بعدها انتقلنا إلى المقعد الأيسر لـ بنتلي بانتايجا التي قد لا تسمح لها أبعاد جسمها ذي الطول الأعلى وخلوصها المرتفع نسبيًا من التمتع بنفس مستوى الأداء الديناميكي الذي يتوفر لشقيقاتها، إلا أنّ وضعية قيادتها المشرفة على الطريق (أو الحلبة بحالتنا هذه)، فضلاً على انقيادتها الحريرية ونظام تعليقها الذي يوفق بين الراحة والتماسك بشكلٍ متناسق يوفران لها القدرة على اجتياز منعطفات الحلبة بشكلٍ واثق، وبدرجة من الرقي الذي يتناسب مع الشعار الذي تحمله على جسمها.
اقرأ أيضًا:بلمسات مستقبلية ..شاهد أولى سيارات بنتلي الكهربائية
القوة البالغة 542 حصانًا تتوفر لـ بانتايجا أس بفضل محرك يتألف من ثماني أسطوانات سعة 4.0 يتصل بالعجلات الأربع الدافعة عبر علبة تروس أوتوماتيكية من ثماني نسب.
وفي ختام التجربة، انتقلنا إلى خلف مقود طراز كونتينتال جي تي الساحرة بخطوطها الخارجية ومقصورتها المعزّزة بشاشة وسطية، تدور حول نفسها لتُظهر ثلاث أسطح هي إما شاشة، أو لوحة عدادات كلاسيكية التصميم أو لوح يتناسب بتصميمه وتشطيبه مع المنطقة المحيطة به بشكلٍ يعزز مستويات الأناقة بطريقة استثنائية.
أما بالنسبة للحركة الديناميكية للسيارة، فباتت توفر انخراطًا أكبر للسائق بعملية القيادة على عكس ما كان يتوفر للجيل السابق الذي كان يعاني نظام تعليق تشعر معه أنّ السيارة تطفو فوق سطح الطريق لا تتمسك بها بإحكام، كما هي الحال اليوم مع هذا الجيل، فالشعور العام الذي توفره لك السيارة، سواء خلال اجتياز المنعطفات أو عبور المقاطع المستقيمة، هو كأن هناك قوة مغناطيسية تسحب السيارة برفق نحو الأسفل، لتتماسك مع الطريق وبقوة نحو الأمام لتنطلق بأقصى سرعة.
اقرأ أيضًا:بنتلي كونتيننتال جي تي V8 2020 مستويات لا مثيل لها من الفخامة
وبذلك انتهت تجربتنا السريعة لسيارات بنتلي على الحلبة حاملةً معها خلاصة واحدة مفادها أنّ السيارات التي تؤمن لك أرقى مستويات التنقل الفاخر على الطرقات السريعة أو حتى داخل شوارع المدينة قادرة أيضًا على توفير أداء رياضي مثير على الحلبات، أداء قد لا يكون سباقيًّا متطرفًا وعنيفًا كالذي يتوفر لسيارات من عيار فيراري، لامبورجيني، بورشه وماكلارين، إلا أنه يبقى أداءً مفعمًا بالرقي والإثارة، علمًا أنّ جميع مقصورات سيارات بنتلي الداخلية تتمايز بتصميمها الفخم والأنيق، ويمكن لها أن تنال عناية القسم "مولنر" صاحب الخبرة العالية في مجال التخصيص.