كيف سيغير الجيل Z (ما بعد الألفية) عالم الأعمال؟
لا شك أنَّ العنصر البشري هو أحد أكثر العناصر أهمية لنجاح أي عمل تجاري. لذا، توجد إدارات مختلفة تتولى إدارة العنصر البشري، وتعمل على استقطاب أفضل العناصر للعمل، وتسعى للحفاظ عليهم بصورة دائمة.
على مدار السنوات الأخيرة رأينا كيف تطورت الإدارات المسؤولة عن العنصر البشري، فإذا كان مسمى "إدارة الموارد البشرية" هو الأكثر شهرة، فالآن تطورت مسميات أخرى مثل "استقطاب المواهب Talent Acquizition".
في الحقيقة تشير هذه المسميات إلى مسعى الشركات للحفاظ على العنصر البشري لديها. لذا، أصبح لزامًا على هذه الشركات إدراك طبيعة الأجيال القادمة، وبالتحديد الجيل Z أو جيل ما بعد الألفية الذين ولدوا في الفترة ما بين 1997 حتى 2010.
لا سر في ذلك، فمن المتوقع خلال السنوات القادمة ببساطة، أن يكون هذا الجيل هو الأكثر تواجدًا داخل بيئة العمل، ومن ثم فلا بُدَّ من فهم طبيعة هذا الجيل جيدًا ومواصفاته، لضمان القدرة على جذبه للعمل أولاً، وثانيًا الحفاظ على وجوده. فكيف سيغيّر جيل ما بعد الألفية عالم الأعمال؟
كيف شكلت الثورات الصناعية مهام إدارة الموارد البشرية؟
1. طبيعة الوظائف المفضلة
اعتدنا سابقًا وجود صور محددة للتوظيف، وأنّ الجميع يبحثون عن وظيفة بدوام كامل لمدة 6-8 ساعات، في مواعيد محددة مسبقاً. لذا، كان المعتاد أن تتركز جميع إعلانات الوظائف على هذا الأمر. لكن تختلف تفضيلات جيل ما بعد الألفية عن ذلك قليلاً.
حتى مع قبولهم للعمل في وظيفة بدوام كامل، يفضل جيل ما بعد الألفية حدوث ذلك بطريقة العمل المرن. أي إتاحة الفرصة للموظفين لتحديد المواعيد المناسبة لهم للعمل، وإعادة ضبط جداول العمل وفقًا لظروف حياتهم الشخصية. من ثم هم يعملون في دوام كامل من ناحية عدد الساعات، لكن بمرونة من ناحية توقيت هذه الساعات.
ناهيك بالطبع عن أثر تجربة الكوفيد على الأعمال، ووجود فرصة للعمل من المنزل. الأمر الذي ربما لم تفضله الأجيال الكبيرة. لكن بالنسبة لجيل ما بعد الألفية كان ذلك خيارًا جيدًا، لأنّهم بالأساس يفضلون استخدام التكنولوجيا في حياتهم، ولا مشكلة لديهم من استخدام أدوات التواصل عن بعد.
يفضل أيضًا جيل ما بعد الألفية نظام العمل الحر، فهم لا يرغبون بالأساس أن يقيدهم أحد في طبيعة عملهم، ويفضلون العمل على المشروعات التي تناسبهم، دون الالتزام بدوام كامل داخل إحدى الشركات.
كيف يجب عليك التعامل مع هذا الأمر كصاحب عمل أو مسؤول عن الموارد البشرية؟
من المهم إدراك أثر هذه الأمور على مستوى الكفاءات التي ستحصل عليها في عملك، وضرورة البدء بالتفكير في تغيير طريقة التوظيف لاستيعاب هذا الأمر. أي عدم الاكتفاء فقط بنظام التوظيف التقليدي، بل يمكن تنفيذ النصائح التالية:
- حاول إيجاد فرصة لاستخدام العمل المرن، وإعادة جدولة أوقات العمل لتتيح للموظفين فرصة الموازنة بين الحياة العملية والحياة الشخصية.
- إذا توجد فرصة لإنشاء نظام هجين في بيئة العمل، من خلال العمل بالمقر في أيام، والعمل من المنزل في أيام أخرى، سيكون ذلك أمرًا جيدًا.
- فكر في توظيف المستقلين لأداء بعض المهام داخل الشركة، لا سيّما المهام غير المتكررة.
سيساعدك تنفيذ هذه النصائح على ضمان جذب الكفاءات من جيل ما بعد الألفية، فتضمن الاستدامة في عملك بالجودة التي تبحث عنها.
أنظمة التوظيف (4): كيف تستفيد من نظام العمل المرن في شركتك؟
2. طريقة التعامل داخل بيئة العمل
يبحث جيل ما بعد الألفية عن بعض المواصفات الهامة داخل بيئة العمل، وهي بالنسبة لهم أمور أساسية تساعد على استمرارهم في العمل، فالأمر لا يتعلق فقط بالراتب الجيد. من أهم الأمور التي يبحثون عنها في بيئة العمل:
- وجود معنى في العمل: يؤمن جيل ما بعد الألفية بضرورة وجود معنى في العمل الذي يؤديه، فالأمر بالنسبة له لا يقتصر فقط على وجود وظيفة شاغرة يسعى للتقديم إليها، بل لا بد من أن يكون لها معنى حقيقي بالنسبة لهم.
- الاستماع إلى آرائهم: لا يقبل جيل ما بعد الألفية بيئة العمل الديكتاتورية، أو التي تتجاهل الآراء الخاصة بهم. بل هم في الأغلب يسعون لمشاركة آرائهم ويتشبثون بها طوال الوقت.
- البحث عن التحدي: لا يفضل جيل ما بعد الألفية الأعمال النمطية، بل دائمًا ما يبحثون عن التحديات في الوظائف التي يمارسونها.
كيف يجب عليك التعامل مع هذا الأمر كصاحب عمل أو مسؤول عن الموارد البشرية؟
في الحقيقة كل هذه المميزات لصالح عملك، ومن الجيد استثمارها بالطريقة التي تساعدك على النمو. إذ استثمار كل ذلك سيؤدي إلى كسب أشخاص مبدعين قادرين على قيادة الشركة نحو تحقيق العديد من النجاحات. لذا، يمكنك الاستفادة من الأمر بالطرق التالية:
- احرص على مشاركة رؤية الشركة مع جيل ما بعد الألفية، وتأكد من استيعابهم لها جيدًا، واحصل على آرائهم كذلك.
- اعقد اجتماعات دورية تهدف إلى تبادل الآراء في القضايا المختلفة التي تخص العمل.
- شاركهم بالمشكلات التي تواجه العمل، واطلب منهم مقترحات بحلول مناسبة لها.
- اسألهم عن الأفكار التي يرغبون في تنفيذها داخل الشركة، وفوِّض لهم مسؤولية العمل على هذه الأفكار من البداية.
3. تصورات المستقبل مهنيًّا
استمرارًا للطريقة التي يفضل جيل ما بعد الألفية أن يعاملوا بها في بيئة العمل، فهم لديهم تصورات خاصة بالمستقبل مهنيًّا، فأولاً لا توجد لديهم مشكلة في الاستقالة من عملهم، في حالة وجود أي مشكلة أو أسلوب تعامل لا يحبذونه، ويسبب له أي أزمة.
ثانيًا يحبون امتلاك طموح بشأن المستقبل، فلا يفكرون في الوظيفة على المدى القريب فقط، لكنهم يبحثون عن تطور في هذه الوظيفة على المدى البعيد. على سبيل المثال، إذا يبدأ الشخص في منصب صانع محتوى، فهو بالتأكيد سيفكر في مستقبل هذه الوظيفة، والوصول إلى منصب مثل مدير محتوى.
بالتالي فارتباط جيل ما بعد الألفية ببيئة العمل لا يعتمد فقط على التفكير في الآن، بل يشمل التفكير في المستقبل المهني.
كيف يجب عليك التعامل مع هذا الأمر كصاحب عمل أو مسؤول عن الموارد البشرية؟
من الجيد أن توظّف أشخاصًا لديهم طموحات للمستقبل. لذا، دورك هو التأكد من أنّ ذلك سيتحقق بالنسبة لهم، وأنهم يدركون جيداً إمكانية الوصول إلى ما يريدونه. يمكنك فعل النقاط التالية:
- تأكد من توضيح المسار المهني للوظيفة داخل الشركة. بالطبع لا تقدم وعودًا لكل شخص أنّه سيصل إلى مكانة معينة، لكن شاركه بالفرصة المتاحة لمن سيتميز.
- لا تتجاهل أفكار أو آراء الموظفين في العمل، ولا تظن أنّ التفكير في الاستقالة سيكون مجرد تهديد، بل هو أمر يمكن تحققه فعلاً.
ختامًا، يتطور عالم الأعمال باستمرار على جميع المستويات، سواءٌ من ناحية طبيعة الأعمال ذاتها، أم من ناحية الأشخاص أنفسهم. لذا، من الجيد إدراك ذلك ووضعه في الحسبان في أثناء إدارة عملك، والتأكد من تقديم الأشياء التي يريدها جيل ما بعد الألفية، لتحصل منهم على الأداء المناسب.
المصادر: