أركان الإحسان في العبادات والوظيفة وكيف تتحراها؟
الإحسان هو أعلى درجة في الدين، فهو الإتقان في الأقوال والأفعال، وفعل الخيرات على وجه الكمال، فهو من أفضل الأخلاق الإسلامية لقول الله تعالى: "هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ". في مقالنا هذا نتطرق معًا إلى أركان الإحسان، وعددها وأنواع الإحسان.
ما هي أركان الإحسان؟
يوجد ركن واحد للإحسان وهو أن تعبد الله كأنك تراه، فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف: "الإحْسَانُ أنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأنَّكَ تَرَاهُ، فإنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فإنَّه يَرَاكَ'".
ولا يصل المسلم إلى درجة الإحسان، إلا إذا كان مؤمنًا حق الإيمان، فهو أشرف وأعلى منزلة في الدين، كما أنه ركن من أركان الدين، فمن جعل مراقبة الله بين ناظريه، نال جزاءه من جنس عمله.
مراتب أركان الإحسان
1. مرتبة المشاهدة
وهو أن يتحقق الإيمان في قلب المسلم حتى لا يرى فيه غير الله تعالى عز وجل، فلا يخطو خطوة دون أن يكون الله تعالى أمام عينيه.
2. مرتبة المراقبة
هو أن يكون المؤمن مخلصًا لله تعالى، باستحضار مشاهدة الله، وقربه منه، فلا يعمل عملاً إلّا ويخلص به، ولا يجعل فيه نيةً إلّا إرضاء الله تعالى.
اقرأ أيضًا: تعرف على أعظم أقوال علي بن أبي طالب
والإحسان يشمل كل شيء من العبادات والمعاملات، كما أنه يشمل الحيوانات أيضاً، فهو منهج حياة المؤمن، وصراطه المستقيم، حيث إنه يظهر سمو أخلاقه ورقيها، لأنه سيعلم بأن حركاته وسكونه، ظاهره وباطنه، بل حياته كلها لله عز وجل.
صور الإحسان في الإسلام
الإحسان في العبادات
فالمؤمن لا يؤدّي عبادة من صلاة، أو صيام، أو قراءة للقرآن إلا ويستحضر الله -تعالى- في قلبه، فيستكمل شروطها وأركانها.
الإحسان في المعاملات
حثّ النبي الكريم أن يحسن المسلم إلى جميع الناس، وأهمهم الوالدان وذلك ببرهما، والقيام بحقوقهما وخاصة عند الكبر، حتى إنّ الإحسان يجب أن يكون مع الجميع، فلا يتكلم المرء إلّا بما يريد الله تعالى.
الإحسان في الوظيفة
وهي أن يُحسن المسلم في وظيفته، ويجعل رزقه حلالًا؛ فيخاف الوقوع في الحرام؛ لأنّه يعلم أنّ الله -تعالى- لن يوفّقه، ولن يشعر بالبركة في ماله.
الإحسان في ردّ السلام
وذلك بألا يردّ السلام بمثله، بل بأحسن منه، وألا يصافح الناس إلّا بقلبٍ سليمٍ وليس مجبرًا أو مكرًها، وأن يعلو وجهه ابتسامة فرحٍ وسعادة.
الإحسان إلى الحيوانات
وقد أمر النبي -عليه السلام- بإطعام الحيوانات، وعدم إيذائهم، وخاصة عند الذبح، حيث قال رسول الله: "وإذَا ذَبَحْتُمْ فأحْسِنُوا الذَّبْحَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، فَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ".
كم عدد أركان الاحسان؟
للإحسان ركن واحد في الإسلام، وهو إذا تحقق فإن المسلم يكون مؤمنًا حقًا، حيث يتضمن درجتين:
الأولى منها أن تعبد الله وكأنك تراه، وبمعنى آخر هو استشعار الفرد المسلم عندما يأتي لأداء العبادات أنّه بين يدي الله تعالى.
والثانية: فإن لم تكن تراه فإنّه يراك، ويتحقّق الإحسان في المسلم بقلبه من خلال الإخلاص لله بأعلى درجاته، وعليك أن تعي جيدًا أنه سوف يظهر على جوارحك ما أراده الله، لذا عليك الاقتداء برسول الله صلّى الله عليه وسلّم حسن الاقتداء.
والإحسان في الإسلام يتعلق أكثر بإتقان الشخص للعمل الذي يقدمه، إضافة إلى السعي لبذل المزيد من الجهد والاجتهاد لتقديمه في أفضل صوره، وليصبح على أكمل وجه، فإن كان العمل خاصا بالآخرين أي تُقدمه لهم وجب تأديته على أكمل وجه وكأن صاحب العمل خبيرًا بهذا العمل ويتابع العامل بكل دقة.
اقرأ أيضًا| فيديو| كيف تنمي مهارة الإحسان داخلك في بيئة العمل ؟
وفي الإحسان مرتبة عالية من مراتب الدين الثلاثة، بعد الإسلام والإيمان، فقد ورد في القرآن الكريم، قال الله عز وجل: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ".
والإحسان في العبادة، يأتي من خلال اتباع منهج الله عز وجل، حيث أمر الله تعالى عباده بالعدل والإنصاف في حقه بتوحيده وعدم الإشراك به، وفي حق عباده بإعطاء كل ذي حق حقه، ويأمر بالإحسان في حقه بعبادته وأداء فرائضه على الوجه المشروع.
كما أن الله سبحانه وتعالى، أمر بالتحلي بالخلق الحسن في الأقوال والأفعال، ويأمر بإعطاء ذوي القرابة ما به صلتهم وبرُّهم، وينهى عن كل ما قَبُحَ قولا أو عملا وعما ينكره الشرع ولا يرضاه من الكفر والمعاصي.
ويمكن توضيح أركان الإحسان والإيمان كالتالي:
- الإيمان بالله ويعني الاعتقاد والتصديق بوحدانيّة الله -عزّ وجلّ- في العبادة، والصفات، والتشريع.
- الإيمان بالملائكة ويعني الاعتقاد بوجود الملائكة وبأعمالهم، وأنهم مخلوقاتٌ من نور تُنفّذ أوامر الله -تعالى- ولا تعصيه أبدًا.
- الإيمان بالكتب السماوية وهي الكتب المنزّلة على الرّسل الكرام؛ ومنها التوراة، والإنجيل، والقرآن الكريم وهو أفضلها. الإيمان بالرسل ويعني تصديق الرّسل والإيمان بما جاء عنهم، وأولّهم هو نوح -عليه السّلام- وآخرهم هو محمّد صلّى الله عليه وسلّم.
- الإيمان باليوم الآخر وهو يوم القيامة حيث يقوم النّاس للحساب والجزاء. الإيمان بالقدر خيره وشرّه مع الأخذ بالأسباب والرّضا بالأقدار لأنّها من الله تعالى.
- مقام الاستحضار من أركان الاحسان وهو أن يعبد المؤمن ربّه وهو يشعر أن الله -تعالى- يراه ويستحضر ذلك بقلبه وفكره، وهذا المقام هو الأرفع والأعظم.
- مقام الاطلاع ويكون عندما لا يتمكّن العبد من عبادة الله وكأنّه يراه، فيعبده وهو موقن ومتيقّظ لكون الله تعالى مطلع عليه ويرى جميع أفعاله مهما دقّت وصغرت.
اقرأ أيضًا| افضل الصدقات عند الله للميت والمريض
أنواع الإحسان
الإحسان مع الله
وهو أن يستشعر الإنسان وجود الله -سبحانه وتعالى- معه في كل لحظةٍ وفي كل عبادةٍ، ويستحضر وجود الله -عز وجل- كأنه يراه.
الإحسان إلى الوالدين
إذ يجب على المسلم طاعة والديه والبر بهما وأن يقوم بحقهما ويبتعد عن الإساءة إليهما.
الإحسان إلى الأقارب
إذ يجب أن يصل المسلم رحمَهُ، وأن يكون رحيماً مع أقاربه وعطوفاً معهم، ويتصدق على ذويه وأرحامه.
الإحسان إلى الجار
إذ يجب على المسلم أن يُحسن إلى جيرانه ويكرمهم، امتثالاً لأمر النبي صلى الله عليه وسلم.
الإحسان إلى الفقراء
إذ يجب على المسلم أن يتصدق على الفقراء والمحتاجين، ويجعل عمله خالصًا لوجه الله تعالى.
الإحسان في المعاملات التجارية
أمر الله سبحانه وتعالى بالإحسان في كل شيء، لذلك يجب إتباع الإحسان في التجارة لضمان سلامة رأس المال، فلا تقوم بالبيع بهدف الربح فقط وارضى بالربح القليل بهدف الإحسان والعدل، ومن يرضى بالربح القليل سيبارك الله له في رزقه وسوف يُزيد من معاملاته ويكثر ربحه.
الإحسان إلى المسيء
من اتبع الإحسان في حياته وتعاملاته كان جزاؤه من الله عز وجل الإحسان إذ قال تعالى ﴿هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ﴾ وهو ما يدعوك إلى إتباع الإحسان حتى مع الأشخاص الذين يقومون بالإساءة إليك ولا تنظر إلى الدنيا وأنتظر جزاءك من خالق الكون.
الإحسان في الجدال
الجدال لا يُعني بالضرورة حدوث صدام بين الطرفين، لكن يجب على المسلم حينما يُجادل أن يتبع ما أمر به الله سبحانه وتعالى بقوله ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ﴾.
الإحسان في الكلام
أمرنا الله بالإحسان في الكلام وقول الخير دون أن نجرح أو نسيء إلى الأشخاص إذ قال سبحانه وتعالى ﴿وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا﴾.
جزاء الإحسان
لم يأمرنا الله سبحانه وتعالى بشيء إلا وأن قدم لنا مكافأة عظيمة على إلتزامنا وطاعتنا، إذ وعد الله المؤمنين بجزاء عظيم على إحسانهم فقال في كتابه العزيز ﴿هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ﴾.