فضل العشر الأواخر من رمضان وأبرز الأدعية التي وردت فيها
الليالي العشر الأواخر من رمضان، هي أفضل الأوقات للتعبد والقيام بالأعمال الصالحة، ذلك أن بها ليلة القدر، كما أخبرنا النبي المصطفى عليه الصلاة والسلام، لذا ينبغي للمسلم أن يتحرى ليلة القدر بالصلاة وقراءة القرآن والإكثار من الأعمال الصالحة حتى يفوز فوزًا عظيمًا إن صادف ليلة القدر فيها.
ما فضل العشر الأواخر من رمضان؟
مع حلول شهر رمضان المبارك، يبدأ المسلمون رحلة إيمانية مليئة بالعبادات والطاعات، وتعد العشر الأواخر من هذا الشهر الكريم خير ختام لهذه الرحلة المباركة.
في هذه الليالي المباركة، تكثر العبادات وتفتح أبواب الرحمة والمغفرة، وتنزل فيها ليلة القدر، خير من ألف شهر. لذا، يحرص المسلمون على استغلال هذه الليالي بأفضل طريقة ممكنة، من خلال أداء العبادات المختلفة، مثل: الصلاة، وتلاوة القرآن الكريم، والذكر والدعاء، والصدقة، والاعتكاف.
ونسلط الضوء في السطور التالية على فضل العشر الأواخر من رمضان، ونقدم بعض النصائح لاستغلالها بأفضل طريقة، فتابعوا معنا لتتأهبوا وتكونوا على دراية بفضل الأيام العشر الأخيرة من الشهر الفضيل.
• ليلة القدر:
تُخفى ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان، وتُعدّ خير من ألف شهر، حيث قال الله تعالى: "لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ" (سورة القدر، الآية 3).
• فضلها عند النبي صلى الله عليه وسلم:
كان النبي صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر من رمضان ما لا يجتهد في غيرها، وكان يعتكف في المسجد، ويحيي ليله بالصلاة والذكر والدعاء.
• مضاعفة الأجر:
تضاعف فيها الحسنات والأعمال الصالحة، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: "كل عملٍ ابنُ آدم يُضاعفُ، الحسنةُ بعشرِ أمثالِها إلى سبعِمائةِ ضعفٍ، قال اللهُ تعالى: {إِلَّا الصَّدَقَةَ فَإِنِّي أُضَاعِفُهَا لِمَنْ شِئْتُ}" (رواه مسلم).
• العتق من النار:
تُفتح فيها أبواب الجنة، وتُغلق أبواب النار، وتُصفّد الشياطين، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا دخل العشر الأواخر من رمضان، نزل اللهُ تعالى إلى سماء الدنيا، فيقول: يا عبادي، ما تسألون؟ أعطيكم، يا عبادي، ما تستغفرون؟ أغفر لكم" (رواه الترمذي).
أعمال صالحة في العشر الأواخر
• الصلاة: قيام الليل، والتراويح، وصلاة الضحى.
• القرآن الكريم: تلاوة القرآن الكريم، وختمه.
• الذكر والدعاء: ذكر الله تعالى، والدعاء بالأدعية المأثورة.
• الصدقة: الصدقة على الفقراء والمحتاجين.
• الاعتكاف: الاعتكاف في المسجد.
• التأمل والتغيير: التأمل في النفس ومحاسبتها، والسعي للتغيير للأفضل.
نصائح لاستغلال العشر الأواخر
• الاستعداد النفسي: التهيئة النفسية لاستقبال هذه الليالي المباركة.
• التخطيط: وضع خطة للعبادات والأعمال الصالحة التي تريد القيام بها.
• البعد عن الملهيات: التركيز على العبادة والابتعاد عن كل ما يُلهي عن ذلك.
• التعاون: التعاون مع العائلة والأصدقاء في الأعمال الصالحة.
• الدعاء: الدعاء الله تعالى بالتوفيق والسداد.
وفي الختام، نود التأكيد على ضرورة ألا تفوتنا فرصة هذه الليالي المباركة، وضرورة الاهتمام أيضا باغتنامها من أجل التقرب من الله (عز وجل) على أمل غفران الذنوب وكسب الثواب ونيل الرضا من الله.
اقرأ أيضًا: كل ما تريد معرفته عن قائمة المفطرات في رمضان وأحكامها
الأحاديث الواردة في فضل العشر الأواخر من رمضان
يوجد الكثير من الأحاديث الصحيحة في فضل العشر الأواخر من رمضان، منها:
ورد في الصحيحين عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (مَن قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إيمَانًا واحْتِسَابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ، ومَن صَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا واحْتِسَابًا غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ).
كما ثبت في حديث عن عائشة -رضي الله عنها- (كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَجتَهِدُ في العَشْرِ ما لا يَجتَهِدُ في غَيرِه).
عن عبدالله بن عمرو -رضي الله عنهما- قال (أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ كانَ يَعْتَكِفُ العَشْرَ الأوَاخِرَ مِن رَمَضَانَ. قالَ نَافِعٌ: وَقَدْ أَرَانِي عبدُ اللهِ رَضِيَ اللَّهُ عنْه: المَكانَ الذي كانَ يَعْتَكِفُ فيه رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ مِنَ المَسْجِدِ).
وجاء عن عبدالله بن عمر - رضي الله عنهما- (أنَّ رِجَالًا مِن أصْحَابِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، أُرُوا لَيْلَةَ القَدْرِ في المَنَامِ في السَّبْعِ الأوَاخِرِ، فَقَالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أرَى رُؤْيَاكُمْ قدْ تَوَاطَأَتْ في السَّبْعِ الأوَاخِرِ، فمَن كانَ مُتَحَرِّيهَا فَلْيَتَحَرَّهَا في السَّبْعِ الأوَاخِرِ).
وعن أبو سعيد الخدري قال (إنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ اعْتَكَفَ العَشْرَ الأوَّلَ مِن رَمَضَانَ، ثُمَّ اعْتَكَفَ العَشْرَ الأوْسَطَ، في قُبَّةٍ تُرْكِيَّةٍ علَى سُدَّتِهَا حَصِيرٌ، قالَ: فأخَذَ الحَصِيرَ بيَدِهِ فَنَحَّاهَا في نَاحِيَةِ القُبَّةِ، ثُمَّ أَطْلَعَ رَأْسَهُ فَكَلَّمَ النَّاسَ، فَدَنَوْا منه، فَقالَ: إنِّي اعْتَكَفْتُ العَشْرَ الأوَّلَ، أَلْتَمِسُ هذِه اللَّيْلَةَ، ثُمَّ اعْتَكَفْتُ العَشْرَ الأوْسَطَ، ثُمَّ أُتِيتُ، فقِيلَ لِي: إنَّهَا في العَشْرِ الأوَاخِرِ، فمَن أَحَبَّ مِنكُم أَنْ يَعْتَكِفَ فَلْيَعْتَكِفْ فَاعْتَكَفَ النَّاسُ معهُ، قالَ: وإنِّي أُرِيتُهَا لَيْلَةَ وِتْرٍ، وإنِّي أَسْجُدُ صَبِيحَتَهَا في طِينٍ وَمَاءٍ فأصْبَحَ مِن لَيْلَةِ إحْدَى وَعِشْرِينَ، وَقَدْ قَامَ إلى الصُّبْحِ، فَمَطَرَتِ السَّمَاءُ، فَوَكَفَ المَسْجِدُ، فأبْصَرْتُ الطِّينَ وَالْمَاءَ، فَخَرَجَ حِينَ فَرَغَ مِن صَلَاةِ الصُّبْحِ، وَجَبِينُهُ وَرَوْثَةُ أَنْفِهِ فِيهِما الطِّينُ وَالْمَاءُ، وإذَا هي لَيْلَةُ إحْدَى وَعِشْرِينَ مِنَ العَشْرِ الأوَاخِرِ).
وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت (أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قَالَ: تَحَرَّوْا لَيْلَةَ القَدْرِ في الوِتْرِ، مِنَ العَشْرِ الأوَاخِرِ مِن رَمَضَانَ).
اقرأ أيضًا: فضائل شهر رمضان والأحاديث التي وردت فيها
كم عدد ركعات قيام الليل في العشر الأواخر؟
اختلف رأي الفقهاء في عدد ركعات قيام الليل في العشر الأواخر، حيث ذهب جمهور الفقهاء من حنفية وشافعية وحنابلة إلى أن صلاة الليل عشرون ركعة، فيما ذهب إلى أنّ صلاة الليل تؤدّى ستاً وثلاثين ركعة. فاتّفق الفقهاء على أنّ صلاة الليل تزيد عن إحدى عشرة، أو ثلاث عشرة ركعة؛ كما ذكر الإمام أحمد أن عددها ليس أمرًا توقيفيا لا يجوزمخالفته.
واستدل العلماء والفقهاء على عدد ركعات قيام الليل بحديث عائشة -رضي الله عنها- عندما سُئِلَّت: (كيفَ كَانَتْ صَلَاةُ رَسولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- في رَمَضَانَ؟ فَقَالَتْ: ما كانَ يَزِيدُ في رَمَضَانَ ولَا في غيرِهِ علَى إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، يُصَلِّي أرْبَعًا، فلا تَسَلْ عن حُسْنِهِنَّ وطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي أرْبَعًا، فلا تَسَلْ عن حُسْنِهِنَّ وطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي ثَلَاثًا. فَقُلتُ: يا رَسولَ اللَّهِ، أتَنَامُ قَبْلَ أنْ تُوتِرَ؟ قَالَ: يا عَائِشَةُ، إنَّ عَيْنَيَّ تَنَامَانِ ولَا يَنَامُ قَلْبِي).
وأكد شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- أنه ليس هناك عدد محدد لعدد ركعات قيام الليل في رمضان؛ لأنّ الرسول -صلى الله عليه وسلم- لم يحددها، وما كان يزيد من إحدى عشر ركعة أو ثلاث عشر ركعة لكنها كانت ركعات طويلة.
فإن وجد المسلم في نفسه نشاطا لتطويل الركعات والتقيّد بعدد الركعات التي صلاها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فهو أفضل، وإن كان أسهل وأخف عليه أن يصلي عشرين ركعة مع تقصير القراءة كما ورد عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فلا بأس بذلك، وهو الأيسر على المصلي.
اقرأ أيضًا: هل يُساعد الصيام المتقطع في خسارة الوزن؟ وما فوائده وأضراره؟
أفضل الأعمال في العشر الأواخر من رمضان
1) إحياء الليل:
ينبغي للمسلم قضاء الليل في العبادة لله اقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم، ولا تقتصر العبادة وإحياء الليل على الصلاة فقط بل الإكثار من الأذكار والدعاء لله والتفرغ عن أمور الدنيا واعتزال النساء.
2) الاعتكاف:
الاعتكاف من الأمور التي حرص عليها الرسول صلى الله عليه وسلم عن أبي هريرة -رضيَ الله عنه- قال: (كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَعْتَكِفُ في كُلِّ رَمَضَانٍ عَشَرَةَ أيَّامٍ، فَلَمَّا كانَ العَامُ الذي قُبِضَ فيه اعْتَكَفَ عِشْرِينَ يَوْمًا).
والاعتكاف هو قطع الاتصال عن البشر رغبة للاتصال بالخالق والتفرغ لعبادته طلبًا للطاعة والأجر ويكثر فيه قراءة القرآن وتدبره والصلاة والتهجد.
3) الصدقات:
لا تقتصر العبادات والطاعات على الصلاة والصيام بل أيضًا الإكثار من الصدقات، والصدقة مستحبة في شهر رمضان كاملا لكنها في العشر الأواخر أعظم أجرًا.
اقرأ أيضًا: أدعية رمضان.. أفضل ما تدعو به في شهر الغفران من القرآن والسنة
4) تلاوة القرآن:
ينبغي للمسلم أن ينشغل بالقرآن وتدارسه وتدبره في شهر رمضان الكريم مع الإكثار من قول الأذكار والأدعية لمضاعفة الأجر والثواب.
5) الدعاء:
أمر النبي صلى الله عليه وسلم أهل بيته بالإكثار من الدعاء في العشر الأواخر في رمضان، لمّا سألت عائشة -رضيَ الله عنها- النبيّ -عليه الصلاة والسّلام- ما تدعو في ليلة القدر، قال لها أن تقول: (اللَّهمَّ إنَّكَ عفوٌّ تحبُّ العفوَ فاعفُ عنِّي).
لذا ينبغي للمسلم الدعاء في العشر الاواخر وطلب المغفرة والرحمة من الله ومضاعفة الأجر.
6) الاغتسال والتطيب:
حرص الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه على الاغتسال والطيب وهو من فضل العشر الأواخر من رمضان، لذا ينبغي على المسلم الحفاظ على تزيينه ونظافته ونظافة ملابسه.
ليلة القدر
أراد الله سبحانه وتعالى من عباده الاجتهاد في الليالي العشر الأخيرة من رمضان جميعها، ومن ذلك جاءت الحكمة في إخفاء ليلة القدر، وذلك لأنهم لو علموا أنها ليلة محددة سوف تقتصر عبادتهم واهتمامهم بها من دون الأيام الأخرى.
اقرأ أيضا : أفضل أدعية ليلة القدر المستجابة مكتوبة وأحسن وقت للدعاء
وورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خرجتُ لأُخبِرَكم بليلةِ القَدْر، فتَلاحَى فلانٌ وفلانٌ؛ فرُفِعتْ! وعسى أنْ يكونَ خيرًا لكم؛ فالْتمِسوها في التَّاسعةِ والسَّابعةِ والخامسةِ".
كما ورد في صحيح مسلم عن أبي هُرَيرَةَ رضِيَ اللهُ عنهُ : أنَّ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّمَ قال: "أُريتُ ليلَةَ القدْرِ، ثُمَّ أيقظَنِي بعضُ أهلِي فنُسِّيتُها؛ فالْتَمِسوها في العَشرِ الغَوابِرِ".
ليلة القدر ضمن العشر الأواخر من رمضان، ولكن فضلها عظيم، اختصها المولى عز وجل بفضل عظيم، كونها ليلة نزل فيها القرآن، ووصفت بأنها خير من ألف شهر مصداقًا لقوله : "ليلة القدر خير من ألف شهر"، وصفت بأنها مباركة مصداقًا لقوله تعالى: "إنا أنزلنه في ليلة مباركة" من سورة الدخان.