مرض العشى الليلي.. أسبابه وأعراضه وطرق العلاج والوقاية
ترى الأشياء بالنهار واضحة، لكن عندما يحلّ الليل ويهيمن الظلام على الجو، فقد لا ترى ما حولك واضحًا حتى مع إضاءة المصابيح في الشوارع، وربّما كان ذلك مرض العشى الليلي، الذي قد يحدث مع نقص فيتامين أ، أو أمراض العيون الأخرى، مثل الجلوكوما أو المياه البيضاء، فكيف يمكن علاج ذلك المرض واستعادة الرؤية الليلية الواضحة؟ وكيف تقود سيارتك بأمان إلى أن يزول ذلك العشى الليلي؟
ما هو مرض العشى الليلي؟
اضطراب يُؤثِّر في قدرة الإنسان على الرؤية في الظلام أو في الضوء الخافت، بينما تكون رؤيته النهارية سليمة، والعشى الليلي ليس مرضًا بحد ذاته، لكنّه عرَض لأمراض أخرى، مثل قصر النظر.
كيف ترى في الظلام؟
تتعاون مكونات العين معًا كي تكون قادرًا على الرؤية في الظلام أو ظروف الضوء الخافت، ويشمل ذلك:
- شبكية العين: تحتوي شبكية العين على نوعَين من الخلايا الضوئية "مُستقبِلات الضوء"؛ المخاريط والقضبان، فالمخاريط تتعامل مع الألوان والتفاصيل الدقيقة، بينما تتعامل القضبان بشكلٍ رئيس مع الرؤية في الضوء الخافت، وتُشكِّل 95% من المُستقبِلات الضوئية للشبكية، كما تساعد قزحية العين على ضبط مقدار اتساعها أو ضيقها.
- القزحية: تحتوي القزحية على عضلاتٍ تُوسّع أو تُضيّق فتحة بؤبؤ العين لضبط مقدار الضوء الذي يدخل العين، فإذا لم تعمل القزحية كما ينبغي، فقد تظل فتحة بؤبؤ العين ضيقة غير مُتسعة، ما يمنع وصول ضوءٍ كافٍ إلى شبكية العين، فلا تتمكّن من الرؤية في الظلام أو الضوء الخافت.
كيف يحدث العشى الليلي؟
قد يحدث العشى الليلي نتيجة:
- نقص الضوء الذي يدخل إلى شبكية العين: قد تشعر في تلك الحالة بأنّ العالم يبدو أشدّ ظلمة من حولك، أو من الصعب التركيز في الرؤية، وذلك قد يحدث نتيجة مشكلات أنسجة العين التي يُفترَض أن تكون صافية أو واضحة، أو الأمراض التي تُصِيب شبكية العين، أو عندما لا تتسع حدقة العين كما ينبغي لاستيعاب أكبر كمية من الضوء.
- عدم استجابة خلايا شبكية العين للضوء بطريقةٍ صحيحة: تُحوِّل خلايا شبكية العين الضوء إلى إشارات كهربائية تُرسِلها إلى الدماغ، وقد تكون استجابة الخلايا ضعيفة في بعض الأحيان أو لا تستجيب على الإطلاق.
اقرأ أيضًا:انفصال الشبكية خطر يهدد بصرك.. إليك أسبابه وطرق علاجه
أعراض مرض العشى الليلي
العشى الليلي هو عرَض بحد ذاته، وقد يكون واضحًا في بعض المواقف بعينها، والتي قد تشمل، حسب ما ذكره "Verywellhealth":
- صعوبة الحركة خارج المنزل بالليل، حتى مع وجود أضواء صغيرة في الطريق.
- صعوبة قيادة السيارة خلال الليل.
- تجنّب الذهاب إلى الخارج ليلًا؛ خوفًا من التعثّر.
- موصعوبة التعرّف على وجوه الناس في الأماكن المظلمة، مثل دور السينما.
- استغراق وقت طويل حتى تتكيّف عيناك مع الضوء عند الانتقال من غرفة مظلمة إلى غرفة أكثر إضاءة.
- استغراق وقت طويل للتكيّف مع الرؤية في غرفة مظلمة.
أسباب العشى الليلي
قد يحدث مرض العشى الليلي نتيجة عِدّة أسبابٍ؛ أبرزها:
1. التهاب الشبكية الصباغي
مجموعة من الاضطرابات الوراثية النادرة التي تُصِيب شبكية العين، نتيجة تغيّر في بعض الجينات، ما قد يُؤدِّي إلى فقدان البصر، خاصةً أنّ خلايا القضبان تكون أشدّ تأثّرًا في المراحل الباكرة من المرض، وهي الخلايا المعنيّة بالرؤية الليلية، ويُعدّ العشى الليلي أول أعراض التهاب الشبكية الصباغي.
2. المياه البيضاء
تحدث المياه البيضاء نتيجة إعتام عدسة العين، الذي تزداد فرص الإصابة به مع تقدّم العمر، والذي قد يُسبِّب العمى الليلي أيضًا، بل من أوائل أعراض المياه البيضاء.
3. زرق العين "الجلوكوما"
يحدث زرق العين نتيجة تراكُم السوائل في الجزء الأمامي من العين، ما يُؤدِّي إلى زيادة الضغط بداخلها وتلف العصب البصري بنهاية المطاف.
لكن يُصِيب زرق العين الرؤية الطرفية قبل الرؤية المركزية؛ أي تكون جوانب مجال الرؤية الأسبق في التأثّر، وهنا قد يكون العمى الليلي والنهاري موجودَين معًا؛ خاصةً مع توقّف بعض أجزاء شبكية العين عن العمل.
اقرأ أيضًا:"عندما تكون الحياة أبيض وأسود".. ماذا تعرف عن متلازمة الجليد البصري؟
4. قصر النظر
يحدث قصر النظر عندما تكون مقل العيون أكبر من الحجم الطبيعي لها، أو القرنية أكثر حدّة عمّا يُفترَض أن تكو عليه، ما يجعل رؤية الأشياء البعيدة صعبة أثناء النهار والليل، لكن قد يُعانِي بعض الأشخاص عدم وضوح الرؤية عن بُعد فقط في الليل، فالإضاءة المنخفضة خلال الليل تجعل من الصعب على العينين التركيز بشكلٍ صحيح او زيادة حجم حدقة العين للسماح بدخول مزيد من الضوء كي تتحسن الرؤية.
5. نقص فيتامين أ
تحتاج عينك إلى فيتامين أ لرؤية الطيف الكامل للضوء؛ إذ تُنتِج أصباغًا مُعيّنة حتى تعمل شبكية العين بشكلٍ صحيح، وقد يُؤدّي نقص فيتامين أ إلى توقّف إنتاج تلك الأصباغ، ومِنْ ثَمّ المعاناة من العشى الليلي.
6. داء السكري
قد تُؤدِّي زيادة مستويات السكر في الدم إلى تضرر الأوعية الدموية في شبكية العين، ما قد يُسبِّب اعتلال الشبكية السكري؛ الذي يُعدّ العشى الليلي أحد أعراضه.
7. القرنية المخروطية
يحدث ذلك عندما تكون القرنية بارزة كالمخروط، وهذا التغيّر في شكلها يُؤثِّر بلا شك في قدرتها على تركيز أشعة الضوء، والعشى الليلي أحد أعراضها أيضًا.
اقرأ أيضًا:"تصيب البصر والسمع واللمس".. ماذا تعرف عن متلازمة "أليس في بلاد العجائب"؟
8. بعض أدوية الجلوكوما
قد تُسِّب بعض أدوية الجلوكوما؛ التي تُضيّق حدقة العين، صِغر حجم الحدقة، وقلّة كمية الضوء التي تدخل إلى الشبكية، ما قد يُسبِّب مرض العشى الليلي.
طرق علاج العشى الليلي
يعتمد علاج العشى الليلي على علاج سببه أولًا، ومِنْ ثَمّ فقد يضمُّ علاجه:
- علاج التهاب الشبكية الصباغي: يحتاج المُصابون به إلى إعادة تأهيل لبصرهم وكذلك إجراء اختبارات جينية لمعرفة ما إذا كان هناك علاجات موجودة تُناسِبهم حاليًا أم لا.
- علاج المياه البيضاء: الجراحة هي الخيار الوحيد لعلاج المياه البيضاء؛ إذ يستبدل الطبيب العدسة المُتعمة بأخرى صناعية، كما قد ينصح الطبيب المريض بارتداء نظّارات إذا لم تكُن المياه البيضاء مُؤثِّرة بدرجةٍ كبيرةٍ في أنشطته اليومية.
- علاج الجلوكوما: قد تُستخدَم قطرات العين لتقليل الضغط داخلها من خلال تصريف السوائل داخل العين، كما قد تُساعِد بعض عمليات الليزر في تحسين تصريف السوائل أيضًا.
- علاج قصر النظر: يمكن علاج قصر النظر بارتداء نظّارات مناسبة أو عدسات لاصقة وفق توجيهات الطبيب، أو قد تُجرَى عملية الليزك لتصحيح النظر، كما تكون هناك خيارات علاجية مختلفة عند علاج قصر النظر للأطفال، مثل الأتروبين منخفض الجرعة لتقليل وتيرة تقدّم المرض.
- علاج نقص فيتامين أ: من خلال الحصول على مكملات فيتامين أ الفموية تحت إشراف الطبيب، أو تناول الأطعمة الغنية بفيتامين أ، مثل الكبد واللحوم والدجاج والبيض، والجزر والبطاطا الحلوة والمانجو، والخضروات الورقية.
- علاج السكري: يُركِّز الطبيب على ضبط مستويات السكر في الدم، فلا تظلّ مرتفعة، بما يُساعِد في الحفاظ على شبكية العين ويمنع تلفها أو على الأقل يُقلِّل وتيرته.
- علاج القرنية المخروطية: يمكن علاج الأعراض الخفيفة منه بارتداء نظّارات أو عدسات لاصقة صلبة، كما تُوجَد خيارات علاجية أخرى قد تصل إلى زراعة القرنية في الحالات الشديدة.
نصائح لقيادة السيارة ليلًا رغم العشى الليلي
إنّ صعوبة القيادة ليلًا من أسوأ المشكلات التي قد يُعانِيها المُصاب بالعشى الليلي، وبالتوازي مع الحصول على العلاج المناسب، حسب سبب العشى الليلي، يُنصَح بما يلي عند قيادة سيارتك ليلًا:
1. تنظيف الزجاج الأمامي والمصابيح الأمامية
ينبغي تنظيف الزجاج الأمامي وكذلك المصابيح الأمامية لسيارتك، خاصةً لو كُنت ترى بصعوبةٍ ليلًا، فمن الضروري أن يكون الزجاج الأمامي صافيًا تمامًا، فلا يحجب شيء رؤيتك؛ أمّا لو كانت مُتسخة فقد يكون من الصعب الرؤية، فكيف لو كان المرء مُصابًا بالعشى الليلي أيضًا؟
2. محاذاة المصباح الأمامي والحصول على مسّاحات جديدة للزجاج الأمامي
هل تعلم أنّه يجب عليك فحص محاذاة المصباح الأمامي كل 12,000 ميل (19312 كيلومتر)، فالمصابيح الأمامية المُوجّهة عالية جدًا أو منخفضة جدًا لن تضيء الطريق أمامك كما ينبغي، ومِنْ ثَمّ فقد تكون الرؤية أصعب بالليل، لذا اطلب من الميكانيكي التحقّق من محاذاة المصباح الأمامي ضمن صيانة سيارتك.
كذلك، تأكّد من تغيير مسّاحات الزجاج الأمامي كل 6 - 12 شهرًا، فهذا يُحافِظ على نظافة الزجاج الأمامي، خاصة في الظروف الجوية السيئة، والتي يمكن أن تُؤثِّر أيضًا في الرؤية.
اقرأ أيضًا:بصورة دائمة أو مؤقتة.. كيف يمكنك تغيير لون عينيك؟
3. ضبط مرآة الرؤية الخلفية وإضاءة المقصورة
يُنصَح بالتحقّ من دليل سيارتك لمعرفة ما إذا كانت مرآة الرؤية الليلية الخاصة بك تحتوي على وضع القيادة الليلية أم لا، فهي تساعد في تقليل الوهج، وتُتِيح لك رؤية المصابيح الأمامية للسيارات الأخرى، وإذا لم تكُن تحتوي سيارتك على مرآة من ذلك النوع، ففكِّر في شراء واحدة.
كذلك؛ إذا كانت لوحة القيادة في سيارتك مُضاءة ليلًا أو كانت لديك إضاءة داخلية أخرى، فخفِّفها إلى أدنى حدٍ ممكن، فهذا يُقلِّل من التباين داخل وخارج سيارتك، ما يُسهِّل الرؤية.
4. الإبطاء أثناء القيادة
طالما لا ترى جيدًا بالليل، فلا بُدّ من إبطاء السيارة خلال القيادة، ولا يعني ذلك التزام حد السرعة، بل امنح نفسك الوقت الكافي للانتقال من مكانٍ إلى آخر دون تسرّع، ومع مراعاة قدرتك على الرؤية ليلًا.
كذلك، تأكّد من سلْك طرقٍ أسهل عليك في قيادتها، حتى لو كان ذلك الطريق أطول، وامنح نفسك وقتًا إضافيًا للوصول إلى الأماكن التي تريدها ليلًا بإبطاء القيادة عمّا تكون عليه خلال النهار عادةً، فهذا سيُعطِيك وقتًا كافيًا للتعامل مع أي حدثٍ غير مُتوقّع.
5. لا تنظر إلى الأضواء القادمة
عندما تقود بالليل، لا تنظر إلى المصابيح الأمامية للسيارات القادمة في الاتجاه المُعاكِس، فبعض الناس يميلون بشكلٍ طبيعي إلى النظر إلى تلك الأضواء، وبدلًا من ذلك، حاوِل التركيز على طريقك دون التفاتٍ إلى تلك الأضواء الساطعة.
6. الحصول على طلاء مضاد للانعكاس لنظّارتك
إذا كُنت ترتدي نظّارات، ففكّر في شراء مجموعة جديدة من العدسات بطلاءٍ مُضاد للانعكاس، فقد يُساعِد في تقليل الوهج من المصابيح الأمامية ومصابيح الشوارع عند نظرك إليها، ما يجعل رؤيتك أسهل بالليل.
اقرأ أيضًا:أيهما أفضل للعين: الوضع النهاري أم الليلي في الشاشات؟
الوقاية من مرض العشى الليلي
قد لا يمكن الوقاية من مرض العشى الليلي في بعض الأحيان، خاصةً إذا كان ناجمًا عن اضطرابات جينية، مثل التهاب الشبكية الصباغي، كما يُمكِن تخفيفه مع ضبط مستويات السكر في الدم، لو كان العشى الليلي من أعراض اعتلال الشبكية السكري.
كذلك، قد يُساعِد تناول الأطعمة الغنية بالمعادن والفيتامينات ومضادات الأكسدة في الوقاية من المياه البيضاء، التي تُعدّ من أسباب العشى الليلي، كما أنّ تناول الأطعمة الغنية بفيتامين أ عمومًا يُقلِّل خطر الإصابة به.
ومن أمثلة الأطعمة الغنية بفيتامين أ:
- الكنتالوب.
- البطاطا الحلوة.
- الجزر.
- اليقطين.
- المانجو.
- السبانخ.
- البيض.
- اللبن.