حل الخلافات الزوجية.. كيف تتعامل معها بذكاء؟
تجنب الخلافات في الزواج هو هدف بعيد المنال. فالاعتقاد بأن الزيجات السعيدة قائمة على حياة خالية من المشكلات، هو اقتراح مثير للضحك. فالزواج ليس اتحادًا يستنسخ فيه أحد الشريكين مجموعة السمات التي يمتلكها الآخر. وتظهر الخلافات الشائعة في الزواج لأنه يجمع الشركاء باختلاف طبائعهم وقيمهم وعاداتهم وخلفياتهم المتنوعة، إلخ. ومن هنا تبرز ضرورة استحداث طرق حل الخلافات الزوجية.
الأسباب الشائعة للخلافات الزوجية
قبل الخوض في طرق حل الخلافات الزوجية، من المهم أن نسلط الضوء على الأسباب التي تقود إلى اشتعال الخلافات بين الأزواج:
1- ارتفاع سقف التوقعات
يفترض أحد الشركاء أن يكون الآخر قارئًا للأفكار ويشاركه التوقعات نفسها. يتسلل الإحباط بشكل خفي عندما لا تسير الأمور والأحداث بالطريقة التي توقعناها.
ينتقد الشركاء أزواجهم بسبب الخلاف حول خيارات نمط الحياة، أو الإقامة، أو الميزانية، أو تذمر أحد الشريكين من عدم تقدير الطرف الآخر، أو توقعات الأسرة، أو مشاركة الأعمال المنزلية أو حتى حول عدم دعم خياراتهم المهنية بالطرق التي يتخيلها الزوج الغاضب.
اقرأ أيضًا: ما أبرز أسباب الخلافات الزوجية في الإمارات؟
2- تضارب وجهات النظر حول الأطفال
برغم أن الأطفال هم بلا شك إضافة رائعة للعائلة فهم ثمرة الزواج بين الرجل والمرأة. لكن هؤلاء الأطفال الذين هم بالفعل امتداد لك في الحياة، قد يكونون هم فتيل الصراعات بين الزوج والزوجة.
3. عدم القدرة على إدارة أموال الزواج
غالبا ما تتركز الخلافات الزوجية حول المسائل المالية، وهذه الخلافات قد تتزايد وتتفاقم وتخرج عن نطاق السيطرة، ما لم يتم حلها جذريا في البداية.
4- عدم تخصيص الوقت الكافي
بعد الزواج لا يمكنك أن تكرس طوال الوقت لنفسك فقط، دون أن تضع الطرف الآخر في اعتبارك. فلا ينبغي أن يكون وقتك بالكامل لوظيفتك وممارسة هوايتك الشخصية، والجلوس مع أصدقائك، أو العائلة فقط، لكن يجب أن تدخل زوجتك أيضا في جانب كبير من اهتماماتك وأولوياتك. لأن عدم القيام بذلك قد ينسف العلاقة الزوجية من أساسها.
5-عدم التوافق الجنسي
يمكن للدوافع الجنسية المنحرفة، حيث تشعر برغبة أقوى لممارسة الجنس بشكل متكرر، على عكس زوجتك الأقل ميلاً لهذه الرغبة، أن تكدر صفو الحياة بينك وبين شريكك.
ضغوط العمل والمسؤوليات المنزلية، وضعف الثقة بالجسم، وموانع العلاقة الحميمة، ونقص التواصل الجنسي الصادق، هي بعض القضايا الخطيرة والملحة التي تؤدي إلى الصراع في الزواج. عندما تظهر على السطح، ترى أن بناء علاقة حميمة عاطفية مع زوجتك وممارسة أشكال أخرى من العلاقة الحميمة أمر بالغ الأهمية للاستمتاع بالتقارب الجنسي والترابط مع شريكتك في العلاقة الزوجية.
اقرأ أيضًا: أسباب زيادة الخلافات الزوجية في رمضان
كيفية حل الخلافات الزوجية
1. ليكن لك عقلية متفتحة: تخلص من أي مفاهيم مسبقة التفكير لديك تمنعك من التحدث والمناقشة وحل الخلافات بين الزوجين.
2. التزم بحل الخلاف أو المشكلة التي لديك: هذا الالتزام وحده يدل على حرصك على حل الخلافات الزوجية المستعصية مع شريكك.
3. الانتباه والإنصات.
4. تحديد السبب الجذري للصراع: من دون معرفة سبب النزاعات الخاصة بك، سيكون من الصعب جدًا حلها بغض النظر عن الخطوات أو الخطة التي تتخذها.
5. تحمل المسؤولية عن أفعالك وعواطفك: لا تكن دفاعيًا تجاه زوجتك، وكن مسؤولاً.
6. كن على استعداد لمسامحة زوجتك.
7. إيجاد الحلول والتسويات (أرضية مشتركة) وتنفيذ الحلول التي اتفقتما عليها على حد سواء.
8. فكر في الأمر على أن الفوز لكل منكما، وليس لأحد على حساب الآخر: ففي الزواج، لا يفوز أحد الزوجين بينما يخسر الآخر، ولكنهما يربحان معًا أو يخسران معًا.
اقرأ أيضا: الخلافات الزوجية رائعة لعلاقتكما.. تعرف على فوائدها
أساليب عملية في حل الخلافات الزوجية
ثمة عدد من الأساليب العملية في حل الخلافات الزوجية، ومن بينها:
1- استيعاب الأمور
مما لا شك فيه أن سوء الفهم في بعض القضايا بين الزوجين، يقود كليهما إلى الوقوع في مشكلات أكبر قد تنتهي بالانفصال في الكثير من الأحيان. ومن ثم يجب على كل طرف أن يبين حقيقة ما كان يقصده للطرف الآخر، دون أن يتسبب في مضايقته أو الانتقاص من قدره.
2- مراجعة النفس
أحيانًا يكون سبب الخلاف الزوجي خطأ ارتكبه أحد الطرفين وليس من المعيب أن يحاسب المرء نفسه بعد الرجوع إلى النفس ومعرفة تقصيرها، وهذا لا يمس بكرامة أحد الشريكين.
3- الاعتراف بالخطأ
الاعتراف بالخطأ هو فن حل الخلافات الزوجية، وله مفعول السحر في إخماد نار الخلافات بين الزوجين. ومن ثم فلا حرج عليك أن تعيد النظر في مواقفك تجاه الطرف الآخر، بل وتعتذر لك إذا اكتشفت أنك كنت المخطيء في حقه، لتترسخ بينكما بذلك مفاهيم التسامح والعفو.
4- الحرص على إخماد نيران الخلافات من البداية
من المهم جدًا أن يكون لديك ثقافة إخماد نيران الخلافات في الحياة الزوجية، قبل أن تشتعل وتهدم حياتك الأسرية. كما يجب أيضا أن تحافظ على خصوصية حياتكما الزوجية، ولا تكشف أسراركما للمحيطين.
5- عدم الخوض في خلافات قديمة
من أهم طرق حل الخلافات الزوجية أيضًا هو عدم فتح ملفات خلافية قديمة مع زوجتك، وألا يكون لديك روح انتقامية من الطرف الآخر، إذ أن هذا يذكي الخلاف بينكما، ويجعل حياتكما متوترة دائمًا.
6- عدم غلق باب الحوار
من المهم جدا أن تحافظ على باب الحوار مفتوحًا بين الشريكين، فهذا الحوار دائمًا ما ينتهي بحلول وسط ترضي كلا الطرفين، وتقضي على أية أسباب خلاف بين الزوجين.
7- الصبر على الطبائع
ومن فنون حل الخلافات الزوجية أيضًا أن تتحلى بالصبر على الشريك الآخر، ولا تعامله بطريقة تثير حفيظته، أو طرق تستفز مشاعره، حتى تستمر الحياة هادئة بينكما.
8- الرضا والقناعة
وأخيرًا لكي تستقيم الحياة الزوجية بين الرجل والمرأة، يجب أن يتحلى الطرفان بالقناعة والرضا بينهما بكل تفاصيل حياتهما، بل وبشخصية كل منهما، كي يتقبلا بعضهما وتستمر الحياة.
اقرأ أيضا: احذر الخلافات الزوجية.. أنانية ودمار للحياة الأسرية
حل الخلافات الزوجية في الإسلام
الزواج ركن من أركان حياة المسلم. كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "النكاح سنتي فمن رغب عن سنتي فليس مني". ولكن لمجرد أن الله وهبنا الزواج لا يعني أنه دائمًا سهل. إذا كنت تواجه مشكلات في زواجك، فيما يلي بعض الوصايا الشرعية التي يجب أن يلتزم بها الرجل والمرأة من أجل حل الخلافات الزوجية:
- تدرب على التواصل مع زوجتك بلطف وفعالية وبناء
- حافظ على علاقات جيدة مع أفراد الأسرة، ولكن لا تدعهم يضروا بزواجك.
- حافظ على التواصل المفتوح حول الأمور المالية داخل عائلتك.
- تذكر أن الإسلام يسعى إلى أن يجمع بينكما في خير، لا أن يفرقكما.
- إذا كانت لديك خلفية ثقافية مختلفة عن زوجتك، فتحدث معها في هذا الأمر بلطف ولين.
- إذا أظهر أحدكما ندما، فيجب على الطرق الآخر مسامحته.
قصص عن حل المشاكل الزوجية
ثمة الكثير من القصص الواقعية لحل الخلافات الزوجية، سنسرد منها اثنين هنا:
القصة الأولى: لا بد من التشخيص الجيد
بعد مرور عدة سنوات على زواجهما، ظن الزوج أن شريكة حياته ربما تعاني مشكلة في حاسة السمع، لاسيما إذا كان يحادثها من مسافة بعيدة، وهو ما أثار مخاوفه من أن تتفاقم المشكلة بمرور الوقت، ومن ثم قرر الزوج الذي كان يتصرف بدافع حبه لزوجته، استشارة الطبيب، وهنا أخبره الطبيب بأن يجرب طريقة يستطيع من خلالها أن يقيس درجة سماع زوجته، ويقرر بناء على ذلك إذا كان يجب المجيء بها إلى العيادة لعلاجها.
نفذ الزوج تعليمات الطبيب، وحينما دخل المنزل على زوجته، كان تقف في المطبخ منشغلة بإعداد الطعام، فقال لها بصوت عادي وهو في غرفة النوم، ماذا تصنعين لنا من طعام يا عزيزتي؟ لم ترد الزوجة.
وهنا كرر الزوجة السؤال على مسامع زوجه، وهو واقف على مدخل غرفة النوم، ولكن لم ترد الزوجة، ثم اقترب أكثر حتى وصل إلى الممر الواصل بين غرفة النوم وغرفة الاستقبال، وكرر سؤاله، فلم يتلق أي رد.
ومن ثم يضطر الزوج إلى الاقتراب أكثر وأكثر حتى وصل إلى المطبخ، ليردد على مسامعها السؤال ذاته، وهنا ترد الزوجة عليه قائلة: "لقد أخبرتك للمرة السادسة أننا سنتناول اليوم فراخ ومكرونة".
من أحداث تلك القصة نتعلم أن الخطوة الأولى لحل الخلافات الزوجية هي التشخيص الجيد للأمور، ومن ثم تسهيل حلها.
القصة الثانية: ندم زوجة طلبت الطلاق من زوجها
كان هناك زوجان عاشا معًا لسنوات طويلة، تجاوزت العقدين من الزمان، وبطبيعة الحال كان الزوج، في بداية الزواج، يكترث بزوجته ويغدق عليها بالهدايا والكلمات الرقيقة، لكن تدريجيا قل تعبيره عن المشاعر، وسخر مشاعره كلها لابنتهما.
كبرت الابنة ودخلت كلية الفنون الجميلة، وفكرت الابنة في رسم لوحة فنية بديعة تجمع بين أمها وأبيها لتعرضه عليهما في عيد ميلادها.
وبالفعل عملت الفتاة على هذا المشروع، وكانت تنفذه مساء في غرفتها الخاصة كي لا يعلم أبوها أو أمها شيئًا عنه، وتصبح مفاجأة سارة لهما.
لكن وفي أثناء عودة الأب إلى المنزل فوجئ بباب غرفة الابنة مفتوحا، ليدخلها ويجدها ترسم اللوحة، حيث حاولت في البداية إخفاء السر عنه، لكن وبعد إلحاح منه، قررت أن تعرض له اللوحة، ليتشجع هو ويعرض أن يشتري إطارًا كبيرا للوحة ويكتب رسالة معها إلى زوجته.
وذات يوم نشبت مشادة قوية جدًا بين الزوج والزوجة التي طفح بها الكيل من عدم اهتمام زوجها بها، وتطورت الأمور وطلبت الزوجة الطلاق من زوجها الذي ما كان منه سوى أن خرج من المنزل ويقضي تلك الليلة خارجه.
بدأ الشك يدور في رأس الابنة التي لم تتعود قط على غياب أبيها من المنزل، لتسأل الأم التي شرحت لها تفاصيل المشادة التي وقعت بينهما. وهنا قررت الابنة أن تظهر اللوحة الفنية التي رسمتها لهما، ومعها الرسالة الرقيقة التي كتبها أبوها، والتي كان يعزي الفضل فيها لنجاحه إلى زوجته، ومساعداتها الدائمة له، وتفاينها معه في تربية ابنتهما الوحيدة.
وهنا أدركت الزوجة كم كانت خاطئة حينما طلبت الطلاق من زوجها في لحظة تعصب وتهور، ليدخل الزوج من باب المنزل وتهدأ الأمور وتعود الحياة بينهما إلى طبيعتها.