احذر الخلافات الزوجية.. أنانية ودمار للحياة الأسرية
ما من شك في ان الخلافات الزوجية تنعكس مباشرة على الابناء والبنات، مهما تباينت فئاتهم العمرية ومستوياتهم الفكرية. فالأطفال يستمدون الامان من الوالدين، ومن أجواء العلاقة الصحية التي تربط أحدهما بالآخر. لذلك، متى نشبت خلافات حادة بين الزوجين، شعر الطفل بأن مصدر الامان قد تزعزع.
بعد دراسة استمرت 18 عاماً.. من الأكثر سعادة المتزوجون أم العزاب ؟
في هذا التقرير، نعرض لكم اهم الآثار النفسية التي تنعكس على الاطفال نتيجة هذه الشجارات التي غالباً ما تقع بين الزوجين، حتى وإن كانا متفاهمين على المسائل الاساسية. إنما، نستهل موضوعنا بعرض شهادات موثقة لعدد من أبرز نجوم السينما، الذين اختبروا هذه المعاناة حتى أقصى درجاتها، فلم يتوانوا عن الافصاح عن هذا الجرح الذي، وإن التأم، فإنه يخلّف ندوباً عميقة مدى الحياة.
نجوم هوليوود اختبروا ألم هذه الـ"سكين"
كُثُر هم نجوم هوليوود الذين لم يترددوا في الافصاح عن المعاناة التي عاشوها خلال مرحلة الطفولة، بسبب الخلافات الحادة بين الوالدين التي غالباً ما أدت الى الطلاق.
الحارثي في حفل "جائزة سيدتي للتميز والإبداع": 2017 عام المرأة السعودية بامتياز
من بين هؤلاء، نذكر ما قالته النجمة نيكول ريتشي، في احدى مقابلاتها: "عندما طلّق والدي والدتي، شعرت بأنه هجرني أنا أيضاً". أما النجم جستن تمبرلايك، فقال: "انفصل والداي، عندما كنت في الثالثة. مذّاك عانيت الأمرّين بسبب هذا الانفصال".
بدورها، لا تتردد النجمة أيلا فيشر، في دعوة الزوجين الى "بذل مجهود كبير في سبيل اصلاح العلاقة، خصوصاً إذا كان هناك أطفال". وتقول، وهي التي عانت الكثير بسبب طلاق والديها: "لا تستخفوا أبداً بالاذى والالم النفسي اللذين يلحقان بالاطفال، جرّاء طلاق الوالدين؛ فحين ينفصلان، تشعر بأنك كبرت فجأة".
النجم جوني ديب، يتحدث صراحة في أحد اللقاءات، انه عاش وسط اجواء عائلية مضطربة، تعمّها الشجارات والخلافات الحادة. فهو أمضى أعوامه الخمسة عشرة الاولى، وسط كابوس، الى ان قرر والداه وضع حد لعلاقتهما. وعن هذا الموضوع، قال: "الشجارات والمشاحنات، شكلت عذاباً نفسياً. حين قررا الانفصال شعرت بأن هذا هو الامر المناسب".
النجمة جنيفر أنيستن، عاشت تجربة مختلفة، فقد استمدت قوتها من الاسى الذي اختبرته. تقول: "كان الامر غريباً جداً؛ في احد الايام، عدت الى المنزل بعد المشاركة في عيد ميلاد صديقتي، فلم اجد والدي. كان قد غادر البيت واختفى فترة. رغم قباحة ما عشته، تقبلت الامر. صرت انا من يعمل على اضحاك الآخرين. لا بل صرت أجد طرافة في بعض المواقف المزعجة، خصوصاً وسط الاجواء المشحونة بين الوالدين. كان هذا الامر تقنية استخدمتها لكي أتمكن من تجاوز المرحلة الصعبة".
الأبحاث: الاطفال لا يعتادون الشجارات
تختلف الانعكاسات النفسية التي تخلّفها الشجارات الزوجية في نفس الطفل، تبعاً لفئته العمرية. لكن المؤكد ان الدراسات كلّها، قد خلصت الى ان المشاحنات لا تقضّ مضجع الطفل لحظة وقوعها، فحسب، إذ إنها ترافقه طوال حياته وتطبع معالم شخصيته. الامر الثاني المهم، هو تأكيد علماء النفس أن "الاطفال لا يعتادون البتة، الشجارات بين الوالدين، حتى وإن عاشوها كل يوم، لا بل تزداد حساسيتهم تجاه الامر".
في البداية، نذكر ان بعض الدراسات أفادت بأن الاطفال ما دون الستة أشهر، يستطيعون الشعور بالضغط النفسي والاجواء المشحونة بين الوالدين. في المقابل، بيّنت أبحاث أخرى، ان الابناء الذين بلغوا عامهم التاسع عشر، لا يزالون يشعرون بالاسى تجاه عدم اتفاق الوالدين. وهذا ينفي نظرية ان بلوغهم سن الرشد يجعلهم بمنأى من الاذى النفسي. على أي حال، إذا كنتم تعيشون جواً غير ودي مع شريكة الحياة، أو إذا كانت خلافاتك الزوجية متكررة ويشهد عليها أطفالكم، فقبل ان تنفجروا صراخاً في المرة المقبلة، اقرأوا الآتي، لكي تدركوا مدى الاذى النفسي الذي يمكن أن تلحقه هذه "السكين" في أنفس الصغار:
- عدم الأمان:على البيت ان يكون بالنسبة الى كل طفل، جنّة يستمد منها الحب والرعاية. لذلك، في كل مرة تنطلق المشاحنات بين الزوجين، فإن الطفل يشعر بالكثير من الفوضى والضغط النفسي، فضلاً عن الخوف والقلق والحزن العميق. هذه الباقة من المشاعر السلبية يمكن ان ترافق الطفل طوال حياته، خصوصاً اذا طبعت مرحلة الطفولة لديه. وهذا ما قد يعرّضه للكثير من المشكلات ايضاً، على مستويي السلوك الفردي والعلاقات في مرحلة لاحقة.
- الشعور بالذنب والعار: غالباً ما يعتقد الاطفال انهم سبب كل المشكلات التي تنشب بين الوالدين. فينتهي بهم المطاف محمّلين بعقدة ذنب أكبر من طاقاتهم على التحمل. هذا ما يجعلهم، كذلك، عرضة للاكتئاب في المستقبل.
- عدم الثقة بالنفس: غياب الشعور بالامان، فضلاً عن الاحساس بالذنب والخزي، كلّها عناصر تولّد في نفس الطفل شعوراً بأنه غير محبوب وغير مرغوب فيه. ما يدمر ثقته بنفسه واحترامه لذاته، هذا واحد من أقبح الجروح وأقساها التي يمكن ان ترافقه طوال حياته، فتطبع علاقاته المهنية والشخصية.
- الضغط النفسي وإجباره على الانحياز: غالباً ما يشعر الطفل بأنه يحتاج الى نيل إعجاب الوالدين معاً؛ لذلك، عندما يُجبَر احياناً على الانحياز الى احدهما، فإن هذا كفيل في تعميق الشرخ في نفسه، خصوصاً انه غالباً ما لا يمكنه استيعاب مدى عمق الشجار او سطحيته.
- نموذج الأبوة غير السليمة: عندما يبلغ طفلكم سن الرشد، فإنه حتماً سيتشبه بكما في الكثير من المواقف، سواء على صعيد العلاقة مع الشريك المستقبلي او في العلاقة مع أحفادكم. ففي نهاية المطاف، يستلهم الطفل صورة أبيه أو أمه. يتعلم مما يراه ويسمعه من الوالدين اكثر مما يتعلم من الوعظ والارشاد.
- النتائج الدراسية السيئة: تعدّ واحداً من أبرز المؤشرات الى اضطراب الطفل، لاسيما اذا كان يشهد على الكثير من المشاجرات الزوجية. إذ ان الاجواء المشحونة تؤثر في قدرته على التركيز، كما يمكن ان تؤثر في صحته الجسدية والسلوكية، فإما ان ينعزل ويقيم حواجز مع الآخرين وإما ان يكون عدائياً. الامر الاسوأ والاخطر، هو امكان انجرار الطفل في مرحلة المراهقة الى درب غير سليم.
أما وقد عرضنا ابرز الانعكاسات النفسية والسلوكية، يبقى ان نلفت الى عدد من الامور التي تخصّ الشجارات:
- على الزوجين ان يحاولا، قدر الامكان، ان يكتما مسألة عدم الاتفاق امام الاطفال. إذا كان هناك مساحة منفردة لمناقشة بعض المسائل العالقة، فمن المفضل اللجوء اليها، لكي لا يسمع الطفل اي كلمة سوء بينكما.
- إذا سبق ان وقع شجار مع الشريك امام الطفل، فاعتذرا منه وأعيدا التأكيد، ان لا علاقة له بالموضوع، وانه ليس سبباً من اسباب شجاركما.
- إذا كان هناك الكثير من المسائل اليومية التي تسبب لكما التوتر، فدوّناها على ورقة، لكي تتمكنا في مرحلة لاحقة من التطرق الى كل المسائل، لإيجاد الحلول المؤاتية.
- إذا سبق ان جربتم كل ما ذُكر، ولم تنجحا في تلطيف الاجواء، فمن المستحسن اللجوء الى طبيب نفسي، او متخصص في العلاقات الزوجية، لإسداء المشورة السليمة.