رائد الأعمال بلال فقيها لـ«الرجل»: من هدايا الكستناء إلى المطاعم.. اشتريت مشروعًا فاشلاً وقبلت التحدي
بدأ عمله التجاري خلال دراسته في الثانوية العامة أسوة بكثير من أبناء مكة المكرمة، حيث مارس العمل في موسمي الحج والعمرة، ليراكم كثيرًا من الخبرات وقليلاً من المال، ثم ليبدأ في تجارة الكستناء (أبو فروة )، وهو طالب جامعي، من خلال صفحة على إنستغرام، قبل أن يتوسع فيما بعد ويؤسس سجله التجاري.
رائد الأعمال بلال فقيها ينحدر من عائلة لها باع في التجارة والمقاولات، ومع ذلك قرر بدء أعماله بعيدًا عن النشاط العائلي، بدأ بالكستناء، ثم وجد طريقه الخاص في مجال الأطعمة. في حديثه مع مجلة "الرجل"، تحدث عن بدايته البسيطة، وكيف أصبح يمتلك سلسلة من المطاعم والمقاهي، يروي قصته مع مشروع "لفة"، وطموحه في الخروج من الحدود المحلية إلى العالمية، من خلال نكهات الأطعمة السعودية.
بدأت مع «أبو فروة»
ينتمي بلال فقيها إلى أسرة لها باع طويل في مجال التطوير العقاري، لكنه أسوة بأبناء جيله في مدينته مكة المكرمة، عمل بموسمي الحج والعمرة: كان يستقبل الوفود من خارج السعودية، وسرعان ما أصبح محنكًا في التعامل، وبناء العلاقات. هذه الأعمال، على الرغم من بساطتها أكسبته خبرات عملية، وجعلته مهيئًا لبداية أعماله الخاصة، بعد أن جمع رأس المال اللازم من عمله الموسمي.
وعن بداياته التجارية يقول: "لقد أتت بمحض المصادفة عندما سافرت إلى إحدى الدول الأوروبية، وبناء على توصية كثير من أفراد العائلة، فقد جلبت كستناء ( أبو فروة) بعد ما وجدت إقبالاً عليها (ما يقارب 30 كيلو) هدايا ونفدت كامل الكمية، وبعد فترة قمنا بالرحلة مرة أخرى وكان ذلك في نهاية عام 2013، وجرى طلب الكمية ذاتها من قبل العائلة والأصدقاء. ولكن في هذه المرة قررت أن تكون بمقابل مادي، وحقًا استطعت استيراد كمية أكبر وبعتها بالكامل".
موضحًا أن هذا الإقبال جعله يفكر في إنشاء صفحة خاصة تحت اسم "أبو فروة" لبيع الكستناء، التي وجدت إقبالاً جيدًا خصوصًا بين مدينتي جدة ومكة ما جعله يقترض مبلغًا من والدته (100 ألف ريال) لاستيراد أول كمية تجارية ما يقارب (200 كيلو).
خسرت في الشوكولاته
على الرغم من الأرباح التي تذوق طعمها من خلال تجارة "أبو فروة"، فإن الموضوع لم يكن أكثر من أعمال صغيرة لم يفكر أن يمتهنها رائد الأعمال بلال فقيها، خصوصًا أنه كان يكمل دراسته الجامعية، ويخطط للاستقرار الوظيفي، ولكنه يروي: "بعد شهر ونصف شهر من التجربة قررنا البدء بشكل منظم ومدروس خصوصًا بعد الوصول إلى المصنع الأم، إضافة إلى أن المصنع لم يكن له وكيل داخل السعودية، ما سهل لنا عملية التعاون معه".
ويتابع فقيها "دخلنا شركاء أنا وإخواني الثلاثة وأسسنا أول فرع لنا في مكة المكرمة تحت اسم "كستناء". وكان الانطلاق في رمضان، مع بداية عام 2014 كنا قد أسسنا قاعدة جيدة من الزبائن، وأصبح هناك طلب كبير عليها ما جعلنا نقدم على خطوة أن نكون وكلاء للمصنع على مستوى السعودية، وحقًّا جرى افتتاح الفرع الثاني في جدة، ثم الرياض، وأخيرًا في المدينة المنورة".
توسع رائد الأعمال بلال فقيها في تجارة الكستناء وبدأ زيادة الطلب عليها وتأسيس قاعدة جيدة لها على مستوى السعودية، بل تزامن معها بدء العمل بعلامة تجارية أخرى هي لنوع من الشوكولاته، لكنها لم تحقق النجاح ذاته، وكانت أول خسارة (ما يقارب مليون ريال)، موضحًا أن خسارته لعدة أسباب منها عدم دراسة الأسعار، جودة الشوكولاته، والتنافس في السوق.
وتحديت الفشل
لم يتوقف عند الخسارة، لا بل أعلنها حربًا على الفشل، يقول: "لم أستسلم على الرغم من أن رأس المال المفقود كان إلى حد ما كبيرًا، ولكن قررت المضي في البحث عن علامة تجارية أخرى على أن تكون محلية، وكانت شاورما "لفة"، التي حدثني عنها أحد الشركاء على أنها مشروع خاسر، ومعروض للبيع، ومن الممكن التفاوض مع أصحابه، وعلى الرغم من أن المشروع كلف مليون ريال فإننا استطعنا الحصول عليه فقط بمبلغ 500 ألف ريال سعودي.
لم تكن أرقام مبيعات العلامة التجارية عالية، أو كاسم معروف للعامة، إضافة إلى المنافسة العالية في صناعة الشاورما داخل السعودية خصوصًا أن هناك علامات معروفة بعينها، وسوقها كبير جدًا. ومع ذلك بالاجتماع مع فريق العمل أعلن رائد الأعمال بلال فقيها قبول التحدي والمجازفة بالاستحواذ على العلامة التجارية لفة، وقال: "عملنا على اكتشاف نقاط الضعف في العلامة التجارية (لفة) خصوصًا أننا لم نحبذ تغيير اسم العلامة، لذلك بدأنا الالتفاف إلى أهم عوامل النجاح من حيث الخطة التسويقية، الإعلانات، طريقة تقديم المنتج للزبون، الخلطات المضافة، وحتى الخطة الإدارية. وبالفعل انتقلنا من منتج وعلامة تجارية خاسرة إلى تحقيق نجاح مختلف".
وعلى الرغم من أن رائد الأعمال خارج من خسارة وتتبع مشروعًا خاسرًا، فإنه اختار المشروع لعدة عوامل كان من أبرزها أن المشروع أسس من السابق قاعدة تجارية واسمًا إلى حد ما عرف في سوق المأكولات. ومن ثم لن يبدأ من نقطة الصفر، ليحقق توسعًا ونجاحًا ليصل إلى خمسة فروع منها ثلاثة في مدينة جدة، وفرع في مكة المكرمة وفرعان في العاصمة الرياض، بالإضافة إلى طرح علامة لفة (فرنشايز ) محليًا ودوليًا خلال الفترة القادمة.
رائد الأعمال ماجد بن أشعري..من عامل طوافة إلى رئيس واحد من اهم شركات التقنية
وبالنكهات نتقدم
لم تتوقف طموحات رائد الأعمال بلال فقيها إلى حدود الشاورما ووضعها حشوة في السمبوسك خلال ليالي رمضان، أو تقديمها مؤخرًا مغلفة بأقماع الآيس كريم، بل تجاوز النكهة المحلية إلى الاستيك العالمي حيث يعمل حاليًا على افتتاح مطعم (وكالة مطعم استيكات عالمي)، الذي يكفي ما يقارب 120 شخصًا.
وعن خطته تلك يقول "بعد خسارتي في مشروع الشوكولات كانت الفكرة افتتاح مطعم للاستيك، وبالفعل كنت قد بدأت بالتفاوض على استقطاب إحدى العلامات التجارية (فرينشايز) للسعودية، ليس هذا فقط بل عمدنا لتحديد المكان، وبدأنا بأعمال الديكورات والمقاولات، لكن المشروع تعطل بسبب جائحة كورونا. في هذه الأثناء ظهر مشروع شاورما (لفة) وتحمست للفكرة من باب البدء في مشروع صغير، يكون تجربة لنا في عالم المأكولات من جهة، ومن جهة أخرى اكتساب الخبرة في مجال المطاعم، خصوصًا أن "وكالة مطعم استيكات عالمي" يعد مشروعًا ضخمًا، إضافة إلى أن لديه فرعين أحدهما في مكة، والآخر في الرياض".
ونوه فقيها إلى أن الاستثمارات في مجال الأطعمة تزامنت معًا، حيث عقد شراكة مع الشيف سما جاد (الفائزة بتوب شيف mbc)، وجرى افتتاح مطعم (TOMILLO) في الفترة الزمنية نفسها (ما قبل الجائحة) الذي يعمد إلى خلق مذاقات مختلطة الهوية، حيث يقدم سمك السيباس مع خلطة المسمنة الخاصة بالجريش السعودي، والحلوى الإيطالية باناكوتا مع الدبيازة المكية. وبحسب ما ذكره رائد الأعمال فقيها فإن فكرة المكان قائمة على خلط نكهات عالمية بلمسات محلية.
ومن الجائحة نتعلم
مع بدايات عام 2020 وظهور جائحة كورونا تغير الحال، وتبدلت الحسابات، وتعرضت المشاريع إما للخسارة، وإما للتأخير، ولكن كيف تعامل رائد الأعمال فقيها مع الأزمة، يقول: "بكل تأكيد تعرضنا للخسارة، فعلى سبيل المثال محلات (كستناء) جميعها جرى إغلاقها، ونحن هنا نتحدث عن أكثر من فرع كل منها كلف ما لا يقل عن 450 ألف ريال، إضافة إلى تأخر افتتاح (وكالة مطعم استيكات عالمي). ومع ذلك ظروف جائحة كورونا كانت تحديًا استطعت مواجهته مع تضافر جهود كامل الفريق الذي أثبت أنه قادر على تحمل كل المخاطر، أيضًا كان درسًا علمنا انتقاء الأفضل. الحرص على المواد المستخدمة، رفع الاهتمام بالنظافة والتعقيم، إضافة إلى أننا من خلال الجائحة بدأ التعامل مع البيع بالإنترنت. وهذه الخدمة كانت مفقودة فيما قبل كوفيد – 19 وهذا فتح مجالاً جديدًا، وخلق عدة وظائف لكثير من الشباب، وحقق نسبة مبيعات جيدة جدًّا".
أشار فقيها إلى أن الجائحة أجبرت الجميع بمن فيهم رواد الأعمال على ابتكار منافذ بيع جديدة، ومواجهة الأسوأ والتعامل معه بخطط سريعة تخرج الجميع بأقل الخسائر.
ومع اختفاء محلات (كستناء) وخروجها من السوق السعودي قرر الدخول كشريك مع مجموعة من رواد الأعمال في مشروع لصناعة القهوة تحت مسمى (قطرات) وبذلك أصبح يمتلك حصة جديدة في توجه مختلف عما سبقه.
رائد الأعمال فيصل القرني في حوار لـ «الرجل»: طاردت حلمي بالعمل الحرّ.. والمعوّقات امتحان للنهوض
وبالشاورما نتوسع
اليوم يخطط فقيها للتوسع خارج حدود المملكة وتحديدًا إلى أوروبا حيث سيتم افتتاح أول فرع للشاورما (لفة) في 2023 في ألمانيا مستهدفين محبي الشاورما بالنكهة الأصلية واللمسة العربية، مضيفًا: "لفة لن يكون المشروع الوحيد الذي يخرج من الحدود الجداوية، فحاليًا نعمل على افتتاح فرع لمطعم (TOMILLO) في العاصمة السعودية الرياض".
موضحًا أنه يعمل مستلهمًا خططه من رؤية المملكة 2030 من حيث التوسع في عدد الموظفين حيث يصل حاليًا إلى 300 موظف وموظفة، فيما ستكون الخطة الوصول إلى 500. أيضًا ومن باب المسؤولية المجتمعية سيُحدد مبلغًا سنويًا لمساعدة المشاريع المتعثرة لخلق فرص أكبر للشباب السعودي على المستويين الوظيفي، وتملك المشاريع الخاصة.
مضيفًا: "قدوتنا في أعمالنا ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الذي عودنا دائمًا العمل والعطاء وبذل كل الموارد وتسخيرها لبناء وطن قوي يعتمد على الشعب السعودي الذي يبلغ طموحه عنان السماء وهمته كجبل طويق".