رائد الأعمال عبد الكريم رفيق لـ«الرجل»: حلمت بالهندسة ودرست العلوم ونجحت في «رافكو»
نشأ رائد الأعمال عبد الكريم محمود أحمد رفيق في عائلة تجارية بالمدينة المنورة، تخرج في كلية العلوم بمرتبة شرف، وحاول تأسيس مخبره الخاص، لكن شغفه بالعمل الحرّ قاده إلى مهنة والده، وهكذا ولد مشروعه (رافكو) لغسل الثياب والمفروشات، وأصبح لديه اليوم عشرة فروع ويطمح بأن يصل الرقم إلى خمسين.
يرى رائد الأعمال رفيق أنَّ دراسة المشروع بشكل عميق والوقوف على التفاصيل كافة من أهم عوامل النجاح، بالإضافة إلى الشغف والإصرار، ووجود المحيط الإيجابي. ويروي في لقائه مع مجلة الرجل تفاصيل ولادة مشروعه، وأهم التحديات وطريقة تعامله معها، خصوصًا خلال جائحة كورونا.
أحلام متكسرة
منذ طفولته كان رائد الأعمال عبد الكريم رفيق يحلم بأن يصبح مهندسًا معماريًا، لكن معدله في الثانوية قاده إلى كلية العلوم، ويضيف "درست الأحياء الدقيقة وكان الحلم بتأسيس مختبري الخاص، وحقًا بعد التخرج تدربت لمدة عام كامل في مستشفى الملك فهد، ومستشفى الصحة النفسية، على حسابي الخاص. وبعد الانتهاء من السنة التدريبية، وخلال الترتيب لافتتاح مشروعي الخاص، أصدرتْ وزارة الصحة عددًا من القرارات، التي صعّبت استكمال الطريق، ليتبخر الحلم بعد أن فقدتُ أيضًا حلمي بأن أصبح مهندسًا معماريًا".
حمل عبد الكريم رفيق أوراقه وتوجه إلى والده يشكو له الحال يقول: "ذهبت للوالد متضجرًا، وساردًا له كل ما مر بي من صعوبات لاستخراج التصاريح المطلوبة ليكون المختبر حقيقة على أرض الواقع، فكان رد الوالد بحكمته التي انطلقتُ منها حقًا هي التمسك بالعمل العائلي في مجال تنظيف الثياب والمفروشات، «شغلة أبوك لا يغلبوك» خصوصًا وقد أصبحتُ أفهم مكنوناته ودهاليزه".
البدايات
بدأ رفيق في 2015م بدراسة الجدوى، وإضافة أفكار جديدة للعمل لتطوير الآلية والخروج من الكلاسيكية المتعارف عليها في مهنة غسل الملابس إلى عمل أكثر حرفية ودقة، إضافة إلى التعقيم، والتدريب، وإضافة معدات جديدة. ويتابع "عرضت الموضوع على الوالد لكنه رفض فكرة التجديد، وأشار إليّ بافتتاح عملي الخاص".
ويتابع: "حقًا بدأت بتحديد المكان، وتطبيق دراسة الجدوى، واستخراج كل الأوراق المطلوبة، وافتتحنا أول مغسلة في السنة نفسها، وكانت البداية".
اتخذ رائد الأعمال "رافكو" اسمًا لمشروعه يوضح بأنه "مشتق من الاسم العائلي رفيق، ولكن بهويته الجديدة، حيث درس من خلال زبائن والده نقاط القوة والضعف، وما يحتاج إليه الزبون، من حيث سهولة التسليم والاستلام، والمكان النظيف، والرائحة الجيدة، إضافة إلى التعقيم لكل قطعة، وغسلها بماء خاص ومواد تنظيف تتناسب وكل ملبس، والتغليف أيضًا المعقم".
أما كيف حصل على رأس المال فيقول: "خلال دراستي الجامعية لم أنفصل عن العمل مع الوالد بمرتب شهري، حيث تدرجت من كاشير إلى موظف استقبال ثم سكرتير، ثم أصبحت مديرًا للموارد البشرية، ثم توليت الإدارة المالية والأمور التسويقية. كل هذه الفترة كانت بمقابل مادي، كنت أعمل على ادخارها، إضافة إلى العلاوة السنوية. أيضًا كنت أعمل في بعض المشاريع البسيطة والصغيرة التي درّت عليّ أرباحًا متواضعة، ولكن جمعت لي رأس مال المشروع الذي بلغ 350 ألف ريال".
نقاط التميز
وعما يميز مشروعه عن غيره في المجال ذاته، يقول رفيق إنه اكتشف، من خلال استطلاع ميداني أجراه قبل تحديد آلية العمل في مشروعه، أن نسبة كبيرة من المشاريع تعمل بنظام التستر التجاري مضيفًا "صاحب المنشأة لا يعلم عنها شيئًا، وإنما تدار من قبل العاملين في المعاملات كافة، ولكن مع مكافحة نظام التستر التجاري الذي سنته الدولة مؤخرًا بدأت هذه الظاهرة بالتلاشي، وأُغلقت جميع المشاريع المخالفة، وهذا في صالحنا".
من جهة أخرى يكشف أن دراسته لعلم microbiology (علم الأحياء الدقيقة) "وُظِّفت من أجل تنظيف الملابس وتعقيمها، كل قطعة على حدة، وبين كل غسلة وأخرى نعمل على غسل الغسالة كاملة، وتعقيمها، ومن ثم معاودة الغسيل للمجموعة التالية، لذلك وفرنا أجهزة الألترا سونك، وأجهزة اليوبي لتعقيم الملابس، في حين أن ما نراه في المشاريع الأخرى أن جميع الملابس تغسل بالماء نفسه، ولا يوجد فصل بين ملابس زبون وآخر، وهذا ما يمكن أن يتسبب في نقل الأمراض".
تصميم منعش
اهتمام رفيق تجاوز المحتوى لينتقل إلى تفاصيل المشروع الداخلية، يقول "ركزت على التصميم الداخلي للمحلات فاعتمدت الأبيض، والأزرق، والأخضر، وهو ما يعطي للزبون طاقة منعشة وإيجابية، إضافة إلى أن العامل في الاستقبال يستقبل الزبائن بغطاء منتصف الوجه والأيدي، من قبل جائحة كورونا، كما تنتشر العطور والفواحات الشمعية في كل زوايا المكان، مع تغليف كل قطعة بعناية ووضعها في خزائن معقمة ومرتّبة".
يكشف رفيق أن "مدة دراسة المشروع استغرقت ثلاث سنوات قبل افتتاح الفرع الأول 2015 داخل المنطقة المركزية، وفي عام 2018 كانت الخطة التوسعية بافتتاح ثمانية فروع لتغطية شمال المدينة المنورة، وغربها وشرقها، إضافة إلى البدء في إعطاء الفرنشايز للعلامة التجارية".
مفاتيح الريادة الناجحة:
- أن يمتلك رائد الأعمال الرغبة، والحب، والإصرار.
- أن يكون المحيط حول رائد الأعمال إيجابيًا حتى لا يحبطه أو يهد عزيمته، إضافة إلى تشجيعه لمواجهة العقبات.
- دراسة المشروع بشكل عميق والوقوف على التفاصيل كافة: دقها وجلها.
- مواجهة العقبات بكل صبر وعدم التراجع عن الهدف.
تحديات
لكل مشروع صعوبات، لكن تجربة رفيق تختلف. وعن السبب يقول "عملنا دراسة مستفيضة للمشروع ما جنبنا كثيرًا من المطبات التي يمكن أن يتعرض لها أي من رواد الأعمال بالإضافة إلى الخبرة التي أمتلكها".
ويضيف "لعل أهم الصعوبات التي واجهتنا تتلخص في تأخير المقاولين في التسليم، وتأخر العمالة وأوراق الاستقدام. إضافة إلى السعر، حيث إنَّ السعر كان مرتفعًا مقابل المتعارف عليه في المغاسل الأخرى، خصوصًا في الوقت الراهن، وبعد الجائحة كثير من العائلات تعرضت لهزة مالية، من ثمَّ كانت تبحث عن الأرخص، ولكن في مقابل الخدمات التي يحصل عليها الزبون وجدنا أن هناك تفهمًا للسعر".
مؤكدًا أن العميل يأخذ خدمة مميزة، وتعقيمًا مجانيًا، وتغليفًا محكمًا ذا جودة عالية.
ودعم للتجار
بالإضافة لعمله الخاص شغل عبد الكريم رفيق منصب نائب رئيس لجنة شباب الأعمال بين عامي 2016 و2018، ويشغل حاليًا منصب عضو اللجنة التجارية في الغرفة التجارية بالمدينة المنورة. وعن تجربته هذه يوضح: "مهمة اللجنة هي دعم التجار، وهي حلقة وصل فيما بين سوق العمل ورواد الأعمال. ونعمل على تثقيف الشباب بمفهوم ريادة الأعمال، وكيفية تأسيس العمل الحر، إضافة إلى المعارض الخاصة بالتقنية، والفرنشايز، والمنتديات والمؤتمرات".
يعد عبد الكريم الاهتمام بريادة الأعمال انعكاسًا لرؤية المملكة 2030 "التي أكدت على أهمية ريادة الأعمال، وأن هذا التفاعل سيقود لتغيير نظرة الشاب السعودي وإقباله على المشاريع التجارية بعيدًا عن الوظيفة ذات الدخل الثابت".
ويشير إلى أن ورش العمل التي أطلقتها الدولة، وكثيرًا من المعارض في المدن الرئيسة أدت إلى حراك شبابي، وسهولة في التعامل، موفرةً التمويل، والاستشارات، وتسهيلات في الأوراق، "وحاليًا تعمل اللجان بشكل عام بالاجتماع مع الجهات المختصة لتحديد احتياج سوق العمل والتركيز على المشاريع المهمة الإبداعية".
وتجاوز كورونا
أضرار الجائحة الصحية طالت العالم، لكن عبد الكريم رفيق أكد أن لكل حدث وجهًا جيدًا. مضيفًا: "تعلمتُ من كورونا ثلاثة أشياء، أولها: إعطاء مساحة أكبر للعائلة، حيث سابقًا كنت أعمل مدة 16 ساعة ما أفقدني كثيرًا من الأوقات العائلية المهمة. ثانيًا: اقتصاديًا جعلتنا أحرص في المصروفات، ونراجع حساباتنا سواء على مستوى العمل، أم على المستوى الشخصي. ثالثًا: جعلتنا أكثر جدية، حيث عملنا حاليًا على توفير أصول تكون لدينا، مثل العقارات، أو الأسهم، إذا ما تعرضنا لأزمات مادية.
ويتابع عبد الكريم رفيق: "هذه كانت الجوانب الإيجابية، أمّا عن الجوانب السلبية، فدارت حول انخفاض نسبة الزبائن، لأن الاعتماد الأكبر على المعلمين والمعلمات والطلاب والفنادق، التي توقفت تمامًا خلال السنتين الماضيتين، ما عرضنا إلى شبه شلل".
مبينًا أن الوضع أصبح أفضل حالاً بعد عودة الحياة إلى سابق عهدها، إضافة إلى تركيزهم على التعقيم بشكل أكبر.
وتوسع بالفرنشايز (بيع الامتياز)
لم يعتمد رائد الأعمال عبد الكريم على امتلاك الفروع كافة، بل عمد إلى خطة توسعية عن طريق استثمار العلامة التجارية، وإتاحة مشاركتها مع شركاء على مستوى منطقة المدينة المنورة، فيما يدرس حاليًا إعطاء "الامتياز التجاري" لآخرين في المدن الرئيسة السعودية قائلاً: "أمتلك اليوم فرعين من فروع مغسلة رافكو للملابس والمفروشات، فيما كانت الفروع الثمانية الأخرى استثمارًا للعلامة التجارية. وحاليًا نعمد إلى دراسة خطة توسعية على مستوى السعودية، لنصل بحول الله خلال السنوات القادمة إلى خمسين فرعًا".
وقد نوه بأنه يتجه حاليًا للتعامل مع جهة استثمارية واحدة لكل مدينة عوضًا عن تعدد المستثمرين للمدينة نفسها، ما يقلل التشتت، والخطأ. ولم يقف حلم رائد الأعمال إلى هذا الحد بل يعمل إلى أن تصبح هي المغاسل الرائدة محليًا، وأن تكون العلامة التجارية الأولى لخدمة الأفراد، والشركات، والفنادق، والمستشفيات، والجهات الحكومية.
ويوضح أنه يسعى لرفع قيمة العمل في مجال المغاسل بأفضل الأجهزة والمعدات في مجال الغسل والكيّ للشركات والخدمات الفندقية.
رحلة نوعية
يروي عبد الكريم رفيق لمجلة الرجل تفاصيل رحلته إلى الولايات المتحدة الأمريكية التي يعدّها إحدى أهم محطات حياته العملية، بصفته رائد أعمال، فيقول: "في عام 2017 طلب صاحب السمو الأمير سعود بن خالد الفيصل، نائب أمير منطقة المدينة المنورة، الاجتماع مع لجنة شباب الأعمال، التي كنت أشغل منصب نائب الرئيس فيها، وقدمنا شرحًا وافيًا عن اللجنة: أهدافها، ورؤيتها، والخطط الاستراتيجية. ومن هذا المنطلق تقرر إقامة معرض "فوانيس سلطانة" في شهر رمضان المبارك، الذي افتتحه الأمير سعود بن خالد الفيصل".
ويتابع "بعد المعرض الذي وجد إقبالاً جيدًا اجتمع الأمير سعود بن خالد الفيصل مرة أخرى مع ديوانية الأعمال المنبثقة من اللجنة، التي استهدفت رجال الأعمال، والتعرف على خبراتهم. ووجه بالتنسيق لرحلة إلى الولايات المتحدة، بالتعاون مع جامعة طيبة، ومنظومة نماء المدينة المنورة، إضافة إلى الغرفة التجارية الصناعية، ومجلس الغرف الإسلامية، بهدف زيارة رواد الأعمال لأهم الشركات والمصانع والتعرُّف على خبرات جديدة عالمية".
وحقًا ضمت الرحلة أكثر من 20 شخصًا استُضيفوا في دورة مكثفة، وجولة لخمس ولايات وسبع مدن على مدى 25 يومًا.
ويوضح رائد الأعمال أن الرحلة شملت الجامعات الأمريكية، وحاضنات الأعمال، والشركات الكبرى، والغرفة التجارية في واشنطن، والتعرف على الخبرات، وآلية العمل، وعقد شراكات مع بعض الشركات. وشكلت محطة نوعية على مستوى ريادة الأعمال في السعودية، لتكون نقطة تحول حقيقية في الفكر، والتطبيق العملي لدى عبدالكريم رفيق، أثَّرت كثيرًا على أهدافه وتطبيقها بشكلها الواقعي، بحسب ما يروي.
ملاحظة: مرفق مع المادة 8 صور خاصة برائد الأعمال عبد الكريم رفيق
من صورة رقم ( 1- 3 ): صور رائد الأعمال عبد الكريم رفيق.
صورة رقم ( 4 ): افتتاح أحد فروع مغاسل رافكو للملابس والمفروشات.
صورة رقم ( 5 ) رحلة الولايات المتحدة عام 2017.
صورة رقم (6) لجنة شباب الأعمال في مكتب صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن خالد الفيصل أمير منطقة المدينة المنورة بالنيابة.
صورة رقم (7) رحلة لجنة شباب الأعمال إلى الولايات المتحدة الأمريكية.