كيف يمكن للأتمتة مساعدتك داخل بيئة العمل؟
تطورت الموارد التي تستخدم في بيئة العمل، وأصبحت الأتمتة أحد الخيارات التي يمكن اللجوء إليها من أجل تحقيق العديد من الفوائد، ولا يمكن تجاهل قيمتها الكبيرة من أجل النجاح. لذا، في هذا المقال سنتحدث أكثر عن فوائد الأتمتة في بيئة العمل، وكيفية توظيفها بالشكل المثالي.
ما هي الأتمتة؟ وكيف تعمل؟
يمكن تعريف الأتمتة على أنّها عملية توظيف البرامج والأجهزة، لتنفيذ المهام بطريقة آلية، لتنفيذ مجموعة من الإجراءات المتعددة المحددة مسبقاً في عملية الأتمتة. من ثمَّ، بدلاً من القيام بالمهمة يدوياً من الأفراد، تتولى الأتمتة مهمة تنفيذ هذه المهمة. تتكون عملية الأتمتة من ثلاثة نقاط أمور رئيسة:
-
المشكلة
على الغالب نحن نستخدم الأتمتة بهدف حل مشكلة معينة. لذا، الخطوة الأولى هي التعرف على المشكلة، مثلاً تحديد المهام التي تستغرق وقتاً طويلاً في تنفيذها، وتضطر إلى القيام بها يدويًّا وبشكل مكرر في كل مرة. بذلك أصبح لديك تصور حول المشكلة الأساسية التي ستحتاج إلى استخدام الأتمتة بها.
-
التحقق من قابلية الأتمتة
بالتأكيد ليست جميع المهام قابلة للأتمتة، لذا من المهم التفكير فيما إذا كان بالإمكان أتمتة هذه المهام اليدوية، وما الخطوات التي يمكنك السير بها لتنفيذ عملية الأتمتة.
-
الإجراء
بعد الانتهاء من تحديد المشكلة والتأكد من قابليتها للأتمتة. يمكنك بدء التفكير في البرنامج المناسب لتنفيذها، إذ تتعدد الخيارات المتاحة لك بكل تأكيد، فلا بد من الحرص على اختيار البرنامج الأمثل.
كيف يمكنك تحديد البرنامج المثالي لاختياره؟
لضمان اتخاذ الإجراء المناسب، توجد بعض العوامل التي يجب التفكير بها، التي ستساعدك على اختيار البرنامج المثالي لك. يتضمن ذلك محاولة الإجابة عن الأسئلة الآتية:
- ما مدى تعقيد أو سهولة استخدام هذا البرنامج؟
- هل يتطلب تدريب من أجل تعلّم كيفية استخدامه؟
- هل يقدم صاحب البرنامج دعمًا فنيًّا مستمرًّا للمساعدة أو حل المشكلات عند الحاجة لذلك؟
- كم يحتاج إلى وقت لاستخدامه بسهولة؟
- هل سيقدر البرنامج على تحمل زيادة ونمو العمل؟
- ما مدى إمكانية تكامُله مع البرامج الأخرى المستخدمة في العمل سواءٌ أتمتة أم غيرها؟
- ما العائد المتوقع من استخدام هذا البرنامج بالنسبة لك؟
بالتأكيد قد لا تجد برنامجاً يقدم لك كل ما تريد، لذا يجب عليك المفاضلة بين البرامج، واختيار أفضلها بالنسبة لك لاستخدامه في بيئة العمل. على سبيل المثال، يمكنك مثلاً الاستفادة من برنامج مثل الإكسيل، الذي يسهّل عليك القيام بمهام مختلفة، سواءٌ تلك المتعلقة بالحسابات أم المبيعات أم إدارة الفريق، وبالتالي قد يكون هو خيارك الأبسط لاستخدامه. بالطبع توجد برامج أخرى يمكن الاعتماد عليها، وذلك وفقاً لما يناسبك، وكذلك الميزانية المخصصة لأنشطة الأتمتة.
من المهم إدراك أنّ الأتمتة ليست بديلاً عن العنصر البشري بأي حال من الأحوال، بل لا يزال دور العنصر البشري هام جدًّا في العمل، إذ من خلاله سيكون بالإمكان تحقيق استفادة أكبر من الأتمتة. كما أنّه في النهاية لا يمكن الاكتفاء بنتائج الأتمتة، إذ من المتوقع أن تحدث بعض المشكلات الناتجة عن الأتمتة، التي لا بد من التفكير جيداً في حلول لها.
على سبيل المثال، في أثناء استخدام برنامج لأتمتة عملية التوظيف، سيستخدم البرنامج آلية لِفحص الكلمات المفتاحية في السيرة الذاتية للمتقدم، وهو ما قد يؤدي إلى فقدان بعض الفرص لتوظيف أشخاص جيدين، لمجرد عدم الالتزام باستخدام الكلمات المفتاحية ذاتها.
من هنا يأتي دور العنصر البشري لتضمين حل إضافي للمشكلة، وهو تشجيع الأشخاص على استخدام الكلمات المفتاحية المطلوبة في إرسال السيرة الذاتية، مع إلقاء نظرة فاحصة على السير الذاتية المرسلة للتأكد من عدم وجود أشخاص جيدين مستبعدين. بالتالي، لا بد من استثمار العنصر البشري دائماً في التعامل مع الأتمتة.
فوائد الأتمتة في بيئة العمل
توجد كثيرٌ من الفوائد التي يمكن الحصول عليها من خلال أتمتة العمل، التي تساعد الشركة على تحقيق العديد من الفوائد والمميزات. من أهم فوائد الأتمتة في بيئة العمل:
1- توفير الوقت والمال
يستغرق تنفيذ بعض المهام في العمل كثيرًا من الوقت، وهو ما يجعل العاملين معك أكثر انشغالاً بتنفيذ مهام معينة، ولا يكون بإمكانهم التركيز على المهام الأخرى التي تريدهم الانتباه إليها. لذا، تساعد الأتمتة على توفير الوقت للعاملين، وهو بالتبعية ما يسمح لهم باستثمار جهدهم في الأنشطة الأخرى التي تؤدي إلى زيادة الإنتاجية.
على سبيل المثال، وجد استطلاع رأي أنّ الأشخاص يقضون قرابة 17 ساعة أسبوعيًّا في التعامل مع رسائل البريد الإلكتروني، سواءٌ القراءة أم الكتابة أم الرد. في بعض الشركات يقترب من نصف عدد ساعات العمل الأسبوعياً تقريباً. بينما من خلال بعض أدوات الكتابة، مثل الـGmail كأبْسط مثال، يمكن للتطبيق تقديم اقتراحات الكتابة التنبؤية، وذلك بالاعتماد على الذكاء الاصطناعي مع زيادة فهم التطبيق لأُسلوبك في الكتابة، فيساعد ذلك على توفير الوقت.
من ناحية أخرى، بدلاً من توظيف العديد من الأشخاص للعمل معك، من خلال الأتمتة ستقدر على الاستغناء عن بعض المهام الوظيفية، وبالتالي عند التوظيف لن تشغل بالك بهذه المهام، وهو ما يؤدي إلى توفير المال بالنسبة للشركة.
2- قياس نتائج العمل
تسهل الأتمتة قياس ومتابعة نتائج العمل، إذ تسجّل جميع الخطوات التي تنفذ، وهذا يساعدك على امتلاك بيانات عن كل شيء، ومن ثمَّ تضمن قياس النتائج. يمكن الاستفادة من ذلك في الآتي:
- تحديد المشكلات وحلها: من خلال متابعة النتائج، سيكون بالإمكان معرفة المشكلات التي تحدث بالضبط، وموقع حدوثها، ومن ثمَّ اتخاذ الإجراءات المناسبة للتعامل معها.
- تطوير العمل: يساعد قياس النتائج على وضع خطط التطوير، من خلال التجارب المختلفة ومتابعة نتائجها، وكذلك تقْييم العمل لمعرفة فرص التطور.
- استثمار البيانات: تعد البيانات في الوقت الحالي كنزًا كبيرًا للشركات يمكنها استثماره. من فوائد قياس النتائج هي إمكانية امتلاك قاعدة كبيرة من البيانات، ومن ثم يمكن التفكير في آلية لاستخدام هذه البيانات واستثمارها.
3- شعور الموظفين بالسعادة
في دراسة أجرتها شركة مايكروسوفت على 20 ألف شخص، وجدت أنّه عند توقف الموظفين عن أداء المهام المتكررة والعادية، مثل إدخال البيانات يدويًّا، يؤدي ذلك إلى التأثير على الأفراد بالإيجاب، إذ يشعرون بامتلاك المزيد من الوقت للمشاركة مع زملائهم في العمل، وتنفيذ المهام الأخرى.
في الحقيقة يمكنك التفكير في الأمر على المستوى الشخصي، كيف تشعر عندما تضطر يوميًّا إلى تأدية وظيفة تستغرق وقتاً طويلاً، بينما يمكنك استثمار وقتك في مهام أخرى. لذا، تمنحك الأتمتة هذا الحل، وتؤدي إلى تعزيز شعور الموظفين بالسعادة داخل بيئة العمل، وهو ما يساعدك على الاحتفاظ بأفضل الكفاءات داخل الشركة.
4 أمثلة على الأتمتة في بيئة العمل
بالطبع لا يوجد حد لنماذج الأتمتة في العمل، إذ يومياً تظهر عدد من التطبيقات والبرامج التي تهدف إلى تسهيل العمل وأتمتة المهام المختلفة. من ضمن الأمثلة على أهم نماذج الأتمتة في بيئة العمل:
1- أنشطة الموارد البشرية
تتضمن أنشطة إدارة الموارد البشرية العديد من المهام المختلفة، وغالبًا ما تعتمد هذه الأنشطة على قيام فريق الموارد البشرية بإدخال العديد من البيانات. من ثم تسهّل الأتمتة هنا القيام بهذه الأنشطة. من بين الأمثلة على أتمتة أنشطة الموارد البشرية:
- عملية التوظيف: بدلاً من الاضطرار إلى فحص كثير من السير الذاتية المرسلة من المرشحين، التي أحياناً يتخطى عددها المئات، يمكن الاعتماد على البرامج التي تفحص السير الذاتية وفقًا لوجود كلمات مفتاحية معينة، وتحدد أي السير مؤهلة للدخول للمرحلة التالية.
- تقييم الأداء: يمكن من خلال هذه البرامج متابعة أداء الفريق، عبر إدخال البيانات الأساسية فقط، ومن ثم الحصول على رسم بياني ومخطَّط يوضح لك المقارنة بين الموظفين وأدائهم، وغيرها من المعلومات.
2- أنشطة التسويق
النموذج الثاني على أنشطة الأتمتة هي الأنشطة التسويقية، التي تتضمن كثيرًا من المهام الشائعة، التي يمكن تنفيذها من خلال الأتمتة.
- جدولة النشر: يمكن الاستفادة من برامج أتمتة النشر، التي تتيح جدولة عملية نشر المحتوى في توقيت معين. يؤدي ذلك إلى توفير الوقت والمجهود، إذ بدلاً من النشر يدويًّا على مختلف المنصات، يمكن نشر المحتوى على جميع المنصات، وفي التوقيت الذي تختاره دون الحاجة لانتظار توقيت النشر نفسه.
- التسويق عبر البريد الإلكتروني: يمكن أيضًا الاستفادة من برامج أتمتة التسويق عبر البريد الإلكتروني، التي تتيح إرسال النشرات البريدية إلى عدد كبير من الجمهور، دون الاضطرار إلى إدخال بيانات كل فرد في كل مرة، بل تكون هذه البيانات مقسمة في البرنامج، ويمكن إرسال المحتوى بسهولة.
3- أنشطة المبيعات
تعد أنشطة المبيعات من الأنشطة التي تحقق استفادة كبيرة من الأتمتة، إذ الشيء الجيد أنّ برامج الأتمتة تتيح تتبع أنشطة المبيعات، وتقسيم الزبائن إلى تصنيفات مختلفة. مثلاً تصنيف الزبائن إلى: زبائن غير مهتمين، زبائن لديهم رغبة للشراء، زبائن يُتواصل معهم الآن، صفقات مغلقة بنجاح، صفقات مؤجلة. وهكذا، حسب التصنيفات المستخدمة.
يسهّل ذلك المتابعة مع الزبائن والاستفادة من التصنيفات لضمان التواصل مع المتوافق منهم. إلى جانب ذلك، يمكن الاستفادة من برامج الأتمتة في جمع البيانات عن الزبائن، وهو ما يمكن استثماره في التخطيط لعمليات البيع التالية.
4- أنشطة الحسابات
المثال الأخير لأنشطة الأتمتة هي أنشطة الحسابات، وهي أنشطة مهمة لضرورة ضمان صحة الحسابات، فلا يمكن ترك هذا الأمر لأي أخطاء من العنصر البشري، بل لا بد من التأكد من دقة الحسابات باستمرار. لذا، تستخدم برامج الأتمتة بصورة رئيسة في الحسابات داخل الشركة.
ختاماً، تعد الأتمتة جزءًا رئيسًا من مستقبل بيئة العمل، وهو ما يترتب عليه ظهور كثير من البرامج التي يمكن استخدامها في هذا المجال. لذا، من المهم التفكير في الطريقة المناسبة لاستثمار هذه البرامج لصالحك، مع ضرورة تأهيل العناصر البشرية التي تعمل معك، لمعرفة كيفية استخدامها بالكفاءة المناسبة، وهو ما سيعود بالنفع على مشروعك بكل تأكيد.
المصادر: